- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2019-05-25
الرجال الذين التقيتهم في شباط قالوا إنه في تشرين الثاني 2018 كل واحد منهم وصل في الصباح إلى حاجز بيت لحم كالعادة «وحين اختبار الحاسوب تبين فجأة أنه ممنوع. الجندي قال عليك العودة». جميعهم قالوا «طوال حياتنا عملنا في إسرائيل منذ سن صغيرة» وتساءلوا «طوال حياتنا لم نفعل أي شيء (ولم نكن متورطين في أعمال ضد الاحتلال ـ الكاتبة) وفجأة في عمر الستين هل سنبدأ في فعل ذلك؟». أو بصيغة أخرى «أولادنا لم يفعلوا أي شيء وغير متورطين في شيء فلماذا يمنعون دخول الأب؟». أحدهم قال «نحن من الجيل الذي لديه أصدقاء في إسرائيل (في الفترة التي سبقت سياسة الإغلاق والفصول التي تشكلت بموازاة عملية أوسلو ـ الكاتبة) ويريدون زيارتهم». شخص آخر قال إنه عندما طلب مرافقة مريض إلى مستشفى في شرقي القدس لم يسمحوا له لنفس سبب المنع.
لقد حددنا أن نلتقي في مكان علني، في ساحة كنيسة المهد. جميعهم رفضوا في البداية الكشف عن أسمائهم وبعد ذلك وافقوا. ولكنهم طلبوا أن تبقى الأسماء سرية. أحدهم قال إن هناك ألف شخص على الأقل مثلهم. لقد اتعبوهم في مقابلات مع ممثلي إدارة التنسيق والارتباط في مكاتبها في غوش عصيون. طلبوا منهم تقديم طلب خاص لإلغاء المنع (بالعربية، استرحام)، أعطوهم أرقام هواتف للاتصال والاستيضاح. لقد فقدوا الوقت والأمل ولم يتغير أي شيء. «كان هناك من تم إلغاء منع دخولهم. فلماذا لا يتم الإلغاء عنهم»، تذمروا. في تلك الفترة نشاط «محسوم ووتش» سجل المزيد من الحالات المشابهة لأشخاص بالغين تحولوا إلى ممنوعين من الدخول فجأة. التفسير الذي سمعته من الإدارة المدنية حول الخطوة العقابية التي اتخذت ضد هؤلاء البالغين هي أنه مسموح لهم العبور عبر الحواجز فقط بعد الثامنة صباحاً، بعد أن يخف ضغط العمال. رغم المنع المعروف للجميع، إلا أنهم انطلقوا مبكراً وزادوا الضغط في ساعات حاسمة. الافتراض أنهم كانوا في الطريق إلى «العمل الأسود» الذي لا يبلغ فيه المشغل عنهم. أو أنهم أملوا أن يجدوا مشغلاً أو مقاولاً كهذا، لكن الإعفاء من تصريح الدخول الشخصي ليس بديلاً عن تصريح الدخول القائم على عمل ممأسس حسب القانون، قالوا في الإدارة المدنية.
ليس صدفة أن المشكلة ثارت في الأساس في حاجز بيت لحم المعروف أيضاً باسم «معبر 300» ومعبر قبة رحيل. خلال سنوات من التقارير والصور من هذا الحاجز، اتضحت حالة وضع مخجلة لآلاف العمال الذين ينتظرون طوال ساعات قبل بزوغ الفجر في مسار ضيق طويل (نصف كم تقريباً) ومسور مثل قفص من أجل أن يستطيعوا المرور والوصول في الوقت إلى العمل في إسرائيل. القضبان ارتفعت بعد أن حاول عدد من المنتظرين تسلقها من أجل الوصول إلى مقدمة الطابور. التقارير المتراكمة والشهادات الموثقة لم تغب عن أنظار المسؤولين عن الحواجز وعلى رأسهم وحدة منسق الأعمال في المناطق.
هذه هي العناصر التي وصفها حانوخييف عدة مرات بتجربة العبور وآفي وصفها بالثورة. إذا كان العمال الفلسطينيون تجمعوا في السابق في الرابعة فجراً في معبر قلنديا وفي الثالثة فجراً في بيت لحم وخرجوا بعصبية وبإهانة من نقاط العبور في الخامسة والنصف أو السادسة والسابعة صباحاً، يمكنهم اليوم المجيء بعد حوالي ساعة ونصف، وهذا يعني المزيد من ساعات النوم والقليل من التعب في العمل، وسيقل التأخير للوصول إلى العمل. هكذا يستطيع العمال العودة مبكراً من مواقع البناء ومن المستوطنات، كما أشار رئيس قسم الارتباط والتنسيق آفي.
لقد تمت إضافة مسارات انتظار وعبور في مدخل المعبر نفسه وهي أوسع. فضاء الفحص نفسه غير مقسم إلى أقفاص مهينة ومسيئة في مظهرها. المسارات الضيقة والمسورة تم استبدالها بمسار واسع والفصل بين الداخلين والخارجين في بيت لحم، ومسارات مسورة بجدران في قلنديا التي تؤدي إلى مبنى كبير مزود بمراوح للتهوية في السقف، الذي تتم فيه عملية الفحص. من ناحية جمالية ـ معمارية التغيير واضح: لم تعد هناك رسالة تقول إن السلطات الإسرائيلية ترى في العابرين معتقلين عديمي الهوية والإحساس، الذين يقادون مثل الأبقار إلى الذبح أو الحلب (هذا الوصف الفلسطيني)، بل تعامل بين مقدم الخدمة والحاصل عليها. أيضاً حتى لو أن التغيير نفذ من أجل تحسين الصورة، خاصة في الحاجزين اللذين يصل إليهما الكثير من الأجانب ويكتبون عنهما، فإن هذا التغيير مرحب به.
أما وجود رجال الحماية المسلحين والقضبان التي لم تتم إزالتها (خاصة في حاجز قلنديا) فتبدو أقل عدائية بسبب الطابع المدني في نقاط العبور الجديدة. بدون احتساب زمن الانتظار في الطابور خارج نقطة العبور، المرتبط بعدد المنتظرين ووقت العبور، منذ لحظة دخول العمال إلى الفحص وحتى خروجهم منه، يمكن أن يمر فقط 6 ـ 10 دقائق. هذا يحدث بفضل إضافة آلات لفحص الأغراض، وبالأساس بفضل البوابات الذكية على نمط مطار بن غوريون: 27 بوابة كهذه وضعت في قلنديا و28 بوابة في بيت لحم.
هذه المنشآت التي تقرأ البيانات الشخصية وضعت في معابر أخرى في الضفة في 2018، وتقوم بوضع البطاقة الممغنطة التي تصدرها الإدارة المدنية عليها، إضافة إلى بطاقة الهوية التي تصدرها السلطة الفلسطينية، ويتم العبور. بسرعة. هنا غياب الاتصال الإنساني يخفف نفسياً ويسرع العملية.
في الماضي كان واجباً على من يعبرون الحواجز إظهار بطاقات الهوية والتصاريح أمام رجال الشرطة العسكرية في غرفة الفحص. ورجال الشرطة لم يكونوا دائماً جاهزين للعمل، أو أحياناً كانوا يقومون بفحص مطول للتصريح من خلال الزجاج السميك، وأحياناً يتحدثون بشكل فظ أو لم يتحدثوا، بل كانوا يمضغون العلكة أمام العامل الذي يريد الإسراع إلى عمله، أو أمام المريض الذي لديه دور للفحص الطبي. وكل نصف دقيقة من الفحص البطيء تتمثل بعدد مضاعف من العمال، وهكذا يزداد طول العملية، وحتى لو أن كل رجال الشرطة العسكرية عملوا في مواقع الفحص، وعلى الأغلب ليس جميعهم كانوا يكونون في مواقعهم.
حتى يوم أمس (الخميس) 383.200 فلسطيني من الضفة الغربية كانت لديهم بطاقات ممغنطة. في منتصف شهر آذار كان عددهم 382.000. في الأسابيع الماضية لاحظوا في إدارة التنسيق والارتباط أن كثيراً من البالغين طلبوا وحصلوا على هذه البطاقات التي تضمن العبور السريع لهم. ومن ليس لديه بطاقة كهذه يذهب إلى مكان فحص ويقدم بطاقة هويته، مثل أبناء شرقي القدس الذين يمرون في حاجز قلنديا وسكان الضفة الذين لا يذهبون كثيراً إلى إسرائيل.
إن الحوسبة تمكن جهات مختلفة من معرفة عدد الخارجين. في إدارة التنسيق والارتباط يواصلون تخطيط طرق أخرى من أجل تسهيل العبور: جسر علوي في قلنديا، ونظام إعلان محوسب يوجه المارين في المعبر إلى المسار الفارغ، وهكذا.
الأحد الماضي، عبر الـ 13 حاجزاً إلى إسرائيل 120.060 شخصاً، في قلنديا مر حوالي 10 آلاف، وفي بيت لحم 16 ألفاً. ومن الجميل الأمل بأنه على الأقل في حاجزين ألا يعاني المارون من هذه الحواجز، ومع ذلك، يبقى العامل الإنساني. «عندما يريدون.. يبطّئون»، قال لي عامل عند خروجه من معبر بيت لحم، وكان يقصد رجال الشرطة العسكرية الذين يفحصون ويشغلون البوابات التي تفصل بين مراحل الفحص. وقد تبين أن قوله صحيح بعد فترة عندما تجولت في المكان مع رئيس إدارة التنسيق والارتباط. الساعة كانت الثامنة والربع ومكان فحص واحد كان فيه شخص على فرض أن عدد المارين انخفض جداً. ولكن في هذا المسار تم وقف الفحص لسبب ما. وفي الخلف تجمع كثير من المنتظرين، امرأة توجهت إلى رئيس هيئة التنسيق والارتباط الذي يرتدي الزي العسكري وكانت البندقية على كتفه، واحتجت على تقديم الخدمة. فاتصل بجهة ما، وخلال بضع دقائق اختفى الطابور. ما الذي سيحدث لو لم يكن هذا الرئيس في المكان، هذا ما سنتركه لنساء «محسوم ووتش» من أجل الفحص.
عميره هاس
هآرتس 24/5/2019