يبدو أنه عام الإنجازات الثقافية الفلسطينية، فقبل أشهر حاز الشاعر الفلسطيني غسان زقطان على جائزة «غريفين»، وزقطان هو الأول عربيا الذي يحصل على هذه الجائزة. كذلك حصل المغني محمد عساف على لقب «محبوب العرب»، وهاني أبو أسعد الذي حصل على جائزة عالمية في مهرجان «كان» السينمائي عن فيلمه «عمر»،وحاليا تتداول الآراء حول اسم فلسطيني في ميدان الفن التشكيلي هو محمد الديري، القادم من غزة للمشاركة ببرنامج للهواة (Arabs Got Talent).
زقطان وعساف والديري، فلسطينيون يبدعون بمجالاتهم المختلفة، والتي يجمعها برأي محايد هو قضية شعب يؤكد ذاته، يثبّت هويته، ويحافظ عليها من محاولات المحي المتعمدة في أكثر من صعيد. القضية الفلسطينية بكل تشعباتها وتناقضاتها ووضوحها وغموضها، تصبح كماء صاف في كأس زجاجي شفاف، حين يعالجها الفن ويعبر عنها.
الفن أصدق من عبر عن قصة الأرض الفلسطينية، وشعبها، المشتت، والذي ما زال مقيما في فلسطين، وليست المعاناة وحدها من أثمرت فنا متقدما ومتطورا ومنافسا (إن صح التعبير)، ولكن ضيق صدور الناس، والفنانين منهم، من غياب الحلول السياسية لقضية لم تزل منذ 65 عاما، لا أجرؤ لأقول تراوح مكانها، ولكنها لم تحقق تقدما ملموسا على صعيد تحقيق المطالب، فأصبح الفن هو المركب الذي ينقل من الناس وإلى الناس، ويخاطر في كل شيء، ليقول للجميع نحن موجودون، ولن نموت.
الفن الذي أنتجته الشعوب في مراحل تحررها الوطني، لم يمت، ولم يسمح له بالموت، أو حتى النوم، لأنه فن كان هدفه تخليد قيمة الحياة، والاستمرار. ومثله الفن الفلسطيني، الذي يسجل تاريخا طويلا من النضال، منذ ما قبل النكبة عام 1948. وربما هذه الحالة بالذات، استمرار النضال عبر الفن، حتى خلال الثورة الفلسطينية المسلحة، منذ انطلاقتها عام 1965، جعل الشعب الفلسطيني شعبا متمردا، لا يستمع إلا لنداء الحقيقة التي يحتاجها نضاله، ومثل هذه الطبيعة في الشعوب ستنتج فنا حرا، مهما تمت محاولة التضييق عليه، سيتخلص من القيود وينطلق، قائلا مقولته، لو كانت النتيجة قطع رأس.
هي ميزة الفلسطيني برأيي، التمرد، لأجل الحياة، اللامساومة، ربما هي صفة الفنانين عادة، ولكن يبدو أن الفلسطيني متمرد بطبعه، لما مرّ عليه من صعاب لم يتخلص منها بعد، فكان ابن المخيم في غزة مغنيا عبقريا في صوته حسب الكثيرين، وزقطان صوتا شعريا دخل العالمية، دون مراءاة لجهات راعية، ومواقف يقدمها على حساب شعبه ووطنه، وأبو أسعد الذي قدم عبر سينماه، صورة الفلسطيني الحقيقية خارج الدعاية الإسرائيلية التي يحاول الاحتلال ترويجها للمجتمع الغربي، والديري الذي أذهل الجميع حين نحت ببراعة الواثق على جدار جبصيني، صورة صاحب أغنية «يا ابني بلادك قلبك اعطيها وغير فكرك ما بيغنيها».
أيهم السهلي

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف