- تصنيف المقال : الجالية الثقافي
- تاريخ المقال : 2019-06-03
وفي هذا الحوار، يحكي خوليو بيريث ديل كامبو، أستاذ مادة البيولوجيا، عن الصعوبات التي واجهها تصوير الفيلم، والتهديدات التي تلقاها، خاصة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، من طرف صهاينة، وصلت حد تهديده بالقتل رفقة أفراد أسرته.
كما يتحدث، ابن تالابيرا دي لاراينا (1983)، عن الرقابة التي تعرض لها الفيلم بضغط من اللوبي الصهيوني، وصلت حد محاولة حذف ترشيحه من جوائز غويا… ومنع الفيلم من العرض في إحدى كنائس مدريد، بأمر من الكاردينال أسورو وحذف مشاركته في مهرجانات سينمائية.. ولا يتردد البيولوجي، الذي حمله عشقه للسينما إلى دراستها، عبر التخصص في الفيلم الوثائقي، في البوح بأحاسيسه التي تركها جانبا قصد التركيز على أخذ أحسن مادة فيلمية لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان، التي ينهجها المحتل الإسرائيلي في قطاع غزة. ولا يخفي إعجابه بمقاومة أبناء غزة، حيث يصفهم بالطيبين الكرماء و«أصحاب الأم» في انتصارهم على المحتل، كما جدد دعوتهإلى وقف التعاون، اقتصاديا وثقافيا، مع الدول التي تنتهك حقوق الإنسان كما هو الحال في دولة الاحتلال والمملكة العربية السعودية.. هنا نص الحوار:
□ تولدت فكرة الفيلم، بعد قصف قطاع غزة، حيث أن كاميرات وسائل الإعلام بدأت تحول وجهتها نحو أماكن ذات جاذبية أكبر للاهتمام ..فما كنا نريده هو تصوير مخلفات القصف الأخير، الذي تعرض له قطاع غزة.. لذلك قررنا حزم حقائبنا والتوجه إلى هناك، لكي نكون من بين الأشخاص القلائل الذين سيوثقون ذلك مباشرة، وفتح المجال لأبناء غزة للتعبير عن ما يجرى هناك.
■ مالذي يعنيه لك لقب غويا ؟
□ في الحقيقة شعرت بفرح عارم، إنه حلم أن تكون في ليلة توزيع جوائز غويا وسط كبار المراجع السينمائية من مخرجين وممثلين. لم نكن نفكر في ذلك، خاصة في الموضوع الذي اخترناه وطريقة معالجته، أننا سنفوز بلقب غويا،
لقد كانت لحظة لا تصدق عندما فوجئنا بتتويج فيلم «غزة»، كان ذلك حلما رائعا جعلنا نتذكر نضالنا ضد الرقابة، ضد الخصاص المالي، نضالنا ضد الكل، حتى نتمكن من إخراج مادة نظنها مهمة، ولنحقق هدفنا المتمثل في جعل الوثائقي مشاهدا وفي المتناول، فخلال حفل غويا تم تسجيل رقم قياسي في مشاهدة الفيلم، ترجم إلى ثمانية لغات، ووصل عدد المتابعين إلى 20مليونا، فيما تمكن مليون مشاهد من رؤية الفيلم.
■ هل واجهتم مشاكل عند تصوير الفيلم الوثائقي؟
□ لقد واجهتنا عدة مشاكل أثناء وبعد تصوير الوثائقي، خاصة عند مرحلة توزيع الفيلم.. ويرجع ذلك إلى الرقابة التي قامت بها جمعيات صهيونية، حيث تمكنت من حذف مشاركاتنا في عدة مهرجانات، وقاموا بتهديد عارضي الفيلم، كما حاولت شطب ترشيحنا من جوائزغويا، بل حتى الكاردينال أوسورو في مدريد قام بمنع عرض الفيلم في كنيسة سان كارلوس بوروميو بباييكاس، أما الصعوبات التي اعترضتنا عند التصــــوير فتمثلـــت في الرقابة الإسرائيلية التي تمكنا من تجاوزها بفعل دهائنا…
■ صاحب الفيلم الكثير من الجدل في إسبانيا ..كما واجه رقابة عند عرضه في الكنيسة الكاثوليكية في مدريد من طرف الكاردينال كارلوس أوسورو. ما هي الدوافع التي قدمها الكاردينال لمنع العرض؟
□ لقد صرح الكاردينال أوسورو بأن منعه لعرض الفيلم ناتج عن تعرضه لضغوط من جمعيات يهودية داعمة لإسرائيل… ولم يعط المزيد من التوضيحات .
■ هل كانت هناك مشاهد لم تتمكنوا من تصويرها؟
□ هناك مجموعة من المشاهد التي لم نتمكن من تصويرها، فقط هذه عينة صغيرة، بل جزء من وجهة نظر شخصية لأشخاص عانوا من مخلفات القصف، ورصد للإبادة التي يتعرض لها مدنيون عزلا في قطاع غزة. بالتأكيد هناك عدة أشياء لم نتمكن من تصويرها لأنها كانت خارج إمكانياتنا وأعتقد أن هذه الشهادات التي قدمناها تقدم عينة لما عاناه الناس خلال سبعين عاما على يد الإسرائيليين.
■ كيف تلقى الإسرائيليون الفيلم ..وهل واجهتم أي تهديدات على الشبكات الاجتماعية أو من جماعات صهيونية؟
□ لم أتلق أي تهديد مباشر من أي منظمة، لكنني واجهت سيلا عارما من التهديدات، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي من طرف صهيونيين وصلت إلى حد تهديدي بالقتل رفقة أفراد أسرتي. إنه شيء مرعب أن تقوم بتصوير فيلم وثائقي عن انتهاكات حقوق الإنسان، التي تطال مدنيين عزلا وما يعانونه وتتلقى تهديدات من كل الأصناف… ما يمكن فعله في نظري هو تحديد هؤلاء الأشخاص، فأن يصل بهم الأمر بتهديد مخرج سينمائي أو فنان، فإنهم في الواقع يعبرون عن مستواهم…فهم لا يترددون في قتل الفلسطينيين وقمعهم فكيف لا يتورعون عن تهديدي وقذفي بمختلف النعوت.
■ جزء من وسائل الإعلام، في إسبانيا كذلك تبث وتنشر إعلانات سياحية إلى الأراضي المحتلة برأيك كيف يمكنك مواجهة هذا الموقف؟ ألا ترى أن المعركة إعلامية أيضا؟
□ أنا مقتنع جدا بأن المعركة بالأساس إعلامية، ومن هنا أهمية الفيلم لأنه نجح في كسر حاجز الدعاية الإسرائيلية، حيث تقوم بتلميع صورتها من خلال حضورها في اليورو فيجن، طواف إيطاليا.. أو مشاركتها في سائر الأنشطة الرياضية أو الثقافية في أوروبا، وتتوفر على قوة هائلة للدعاية والتسويق، حتى تتمكن من جعل الأعمال الوحشية، التي ترتبكها يوميا تبدوعادية. هدفنا كان يتمثل في كسر الحاجز وتمكين العالم من مشاهدة ما يقع هناك.. وجعل الناس يتساءلون بكل بساطة لماذا قلنا ما قلناه في حفل جوائز غويا، لماذا نحن ضد تنظيم الأوروفيزيون في إسرائيل، أو أي نشاط ثقافي.. وكذلك ساهمنا في فتح نقاش دولي حول ذلك.
أنا مقتنع جدا بأن المعركة بالأساس إعلامية، ومن هنا أهمية الفيلم لأنه نجح في كسر حاجز الدعاية الإسرائيلية، حيث تقوم بتلميع صورتها.
■ في حفل غويا وجهت رفقة زميلك دعوة للشعب الإسباني لمقاطعة اليورو فيجن،هي مبررات ذلك؟
□ ينبغي للشعب الإسباني أن لا يتغاضى عما يقع في فلسطين وعلى المجتمع الدولي أن لا يقبل الدول التي يتم فيها انتهاك حقوق الإنسان.. فهذه المسألة ليست وليدة اليوم، بل لها مرجع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن غير المقبول أن تكون دولة منتهكة لحقوق الإنسان تماما كما يقع مع دولة الاحتلال، وأن تقوم المجموعة الدولية بالتعاون معها اقتصاديا وثقافيا. نعم لليور فيجن كنشاط ثقافي ذي أهمية كبيرة، لكن يجب ألا ينظم في دول لا تحترم حقوق الإنسان كما هو الحال في إسرائيل، أو المملكة العربية السعودية ودول أخرى، حيث يتم يتم قطع رؤوس المثليين وجلد النساء.. وأعتقد أن حقوق الإنسان أكبر من كل هذا. نعم هناك تجربة فريدة في جنوب إفريقيا، حيث تقاطع الدول التي تنتهك حقوق الإنسان وكانت تجربة جد متقدمة في ذلك، وهذا ما يجب أن نفعله في إسبانيا وباقي دول العالم.
■ بالنسبة للفلسطيني الذي لا يستطيع السفر إلى غزة … كيف تصف له حال مدينته؟
□ من الصعب جدا أن أصف لفلسطيني كيف هي أرضه، رغم أنه لا يستطيع الذهاب إليها.. إنني مجرد ملاحظ أجنبي يراها من الخارج. لكن انطلاقا من تجربتي يمكنني تحديدها بأنها أرض غنية من ناحية الثقافة، وأهلها طيبون وكرماء.. فرغم ما تمر به البلاد من معاناة فالغزيون لهم أمل هائل في حل قريب ..إنها مثال للمقاومة لا توصف لشعب يقول لن يقدروا على مواجهتنا، لن نترك أرضنا …وهي أيضا مثال لكل أولئك الذين يشتغلون على حقوق الإنسان، حيث سيتعرفون على نضال شعب في مواجهة الاستبداد الإسرائيلي.
■ هل هناك تعليق أو موقف مؤثر ما زلت تحتفظ به في ذاكرتك وقت عروض الفيلم في إسبانيا؟
□ صعب جدا أن أختار تعلـــيقا من التعليقات التي توصلت بها …لقد كانت تعليقات مختلفة ومؤثرة، لكن ما تزال عالقة في ذهني تعليقات أشخاص غادروا غزة منذ سنوات ..وعند مشاهدتهم للفيلم، رأوا حيهم مدمرا وبدؤوا في البحث عن أقاربهم وجيرانهم ومنازلهم …وكيف أجهشوا في البكاء.
■ كيف استقبلت نظرة سهيل وما هو الإحساس الذي تركته فيك؟
□ انتابني حزن هائل عند معاينة حالة الصدمة التي يعاني منها سهيل، نظرته وهو في حالة صدمة رهيبة، قبل أيام علمنا بأنه لا يزال على حالته، إنه مثال حي لمعاناة سكان غزة.
■ كيف تم تصوير تلك النظرة الرهيبة بدون إغلاق عدسة الكاميرا؟
□ لم نغلق عدسة الكاميرا لأن هدفنا واضح، ويتمثل في أخذ أحسن مادة ممكنة حتى يتسنى لنا إدانة الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان في قطاع غزة، وعن تصوير النظرة الرهيبة لسهيل، فأنا لست صخرة، طبعا أثرت فيّ النظرة، لكن في تلك اللحظة كان الهدف هو تصوير اللقطة، وكل ما يمكن أن نصوره هناك، لأنه يشكل وسيلة أساسية لمساعدة سكان غزة.. ومسؤوليتنا ليست التعاطف مع سهيل، بل تصوير ما أمكن وبجودة عالية..