في محاولة لتكريس اعتبار نفسها «الدولة المسؤولة عن حماية الملاحة البحرية في مضيق هرمز والخليج»، سيطرت إيران (19/7)، على ناقلة النفط «ستينا إيمبيرو» التي ترفع علم بريطانيا واقتادتها إلى أحد موانئها المحلية، في خطوة وصفتها لندن بأنها «خطيرة» و«عملٌ عدائي»، وحذر وزير خارجيتها، جيرمي هانت، من «عواقب خطيرة ما لم يتم حلّ المسألة بسرعة»، واستدعت بسببها القائم بالأعمال الإيراني، ونصحت على إثرها سفنها بتجنب المضيق.
وقد شكل احتجاز هذه الناقلة حلقة إضافية في مسلسل التصعيد في المنطقة المستمر منذ أشهر بين طهران والغرب، والذي بدأ في التدهور إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقّع مع طهران، ثم أخذت مفاعيله وتداعياته تظهر مع دخول عقوبات أميركية مشدّدة جديدة على إيران حيز التنفيذ في بداية أيار/ مايو الماضي، قبل أن تدفع واشنطن أخيراً بعدة قطع بحرية إلى المنطقة، على خلفية التوتر والتصعيد الناشب بينها وبين إيران.
«عملية عسكرية في مياه الخليج»
وتزامن الحادث الجديد مع إعلان السعودية الموافقة على استقبال قوات أميركية على أراضيها للمرة الأولى منذ عام 2003، بهدف تعزيز ما سميّ بـ«الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها»، وكذلك إعلان القيادة المركزية الأميركية عن تحضيرها لعملية بحرية في منطقة الخليج العربي أطلقت عليها اسم «غارديان»، بهدف ضمان ما وصف بـ«أمن وسلامة الملاحة البحرية في المياه الدولية في جميع أنحاء الخليج العربي ومضيقي هرمز وباب المندب وخليج عمان»، وذلك على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج»، في إشارة إلى احتجاز ناقلة النفط البريطانية.
وأعلنت لاحقاً عن «نقل وحدة عسكرية إلى السعودية»، من أجل ما أسمته «حماية مصالح الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط». ووفقاً للقيادة المركزية، ستنسق الولايات المتحدة تحركاتها في إطار هذه العملية مع حلفائها، بما في ذلك الدول الخليجية، من أجل ما وصف بـ«ضمان حرية الملاحة في المنطقة وحماية الطرق البحرية الحيوية».
وأقرّ الحرس الثوري الإيراني باحتجاز الناقلة، إثر خرقها «القواعد البحرية الدولية» في مضيق هرمز، الذي يعدّ أهم ممر مائي لتجارة النفط، تمرّ من خلاله ثلث كميات النفط المنقولة بحراً في العالم. وكانت طهران تعهدت منذ أسابيع بالرد على احتجاز البحرية الملكية البريطانية للناقلة «غريس 1» التي كانت محملة بالنفط الإيراني قرب جبل طارق في الرابع من الشهر الجاري. واعتبر مسؤول إيراني أن «الرد بالمثل على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية خطوة صحيحة وتتطابق مع القانون الدولي».
وعلى «تويتر»، دافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن احتجاز السفينة، مؤكداً أنه «على العكس من القرصنة في مضيق جبل طارق، ما قمنا به هو فرض احترام القانون البحري». وأضاف أن «إيران هي الضامن للأمن في الخليج وفي مضيق هرمز. وعلى بريطانيا التوقف عن مساعدة الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة».
إعادة العقوبات
وبعد أن أكّدت لندن ردّها على الخطوة الإيرانية في «شكل مدروس وقوي» ، عرضت الحكومة البريطانية (22/7)، على مجلس العموم البريطاني خيارات متعددة للرد على احتجاز الناقلة. ولكنّ جميع التصريحات الصادرة عن السياسيين البريطانيين أكدت بأن الأوضاع لن تصل الى حد المواجهة العسكرية في الخليج. وفي هذا الصدد، اعترف وزير الدولة لشؤون الدفاع البريطاني توبياس إلوود، بأن قدرات التدخل البريطانية محدودة.
وذكرت وسائل إعلام بريطانية إنّ لندن ستتبع كل الطرق الدبلوماسية الممكنة، وبأنها تعمل عن كثب مع شركائها في الولايات المتحدة وأوروبا رداً على الخطوة الإيرانية. وأشار بعضها إلى أنها «تستعد لقرارات اقتصادية وعقوبات صارمة ضد إيران». وإلى أنها قد تدعو الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى «إعادة العقوبات التي سبق أن رفعت عن إيران عام 2016 عقب توقيع الاتفاق النووي مع القوى العظمى».
وكانت كلٌّ من فرنسا وألمانيا أدانت احتجاز الناقلة البريطانية، وهما مع بريطانيا من الدول الست الموقعة على الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015، قبل أن تنسحب منه واشنطن وتعيد العلاقات الهشة أصلاً بين إيران والغرب إلى دائرة التوتر والتصعيد.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف