تعيش القيادة الفلسطينية في رام الله حالة من الإنتظار للزيارة القادمة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة، وذلك في ظل مواصلتها التنسيق مع الأردن التي يزورها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقاء الملك الأردني عبد الله الثاني في قمة بينهما اليوم الأربعاء لتنسيق المواقف ما بين الطرفين بشأن الأفكار الأمريكية المطروحة حاليا للوصول لاتفاق سلام مع "إسرائيل" على أساسها.
ويدور في الكواليس الفلسطينية أن كيري استطاع إحداث اختراقات حقيقية في ملفات المفاوضات المطروحة وأنه استمع لوجهة النظر الفلسطينية بشأنها، وأن عباس بانتظار اقترحات أمريكية مكتوبة بشأن ملفات الأمن والحدود والقدس واللاجئين الذين يصر الرئيس الفلسطيني على حق العودة لـ 200 ألف منهم لداخل الخط الأخضر فيما وافقت "إسرائيل" على عودة 80 ألف لاجئ من الجيل الأول والثاني للنكبة الفلسطينية التي حدثت عام 1948.
وتحدثت مصادر فلسطينية في اجتماعات مغلقة لها الثلاثاء بأن كيري حمل موافقة "إسرائيلية" على عودة 80 ألف لاجئ من الجيل الأول والثاني لداخل "إسرائيل"، ولمس لدى القيادة الفلسطينية تفهما بشأن استحالة عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948.
وحسب ما يدور خلف الكواليس فإن ملف اللاجئين من أكثر الملفات التي تبشر محادثات كيري بإمكانية الوصول بشأنه لحلول وسط بموافقة فلسطينية ومباركة عربية على حد قول المصادر، رغم مطالبة عباس من "إسرائيل" زيادة عدد اللاجئين المقرر السماح لهم بالعودة للأراضي المحتلة عام 1948 ليصل عددهم إلى نحو 200 ألف لاجئ، إلا أن تلك القضية ما زالت قيد البحث بين الطرفين الفلسطيني والأمريكي.
وتتداول الأوساط السياسية الفلسطينية القضايا التي طرحها كيري، وخاصة قضية القدس الشرقية التي ترفض "إسرائيل" الإعتراف حتى الآن بها كعاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة، وتصر على أنها بشطريها الشرقي والغربي عاصمة موحدة للشعب "الإسرائيلي"، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي لطلب تأجيل بحث قضية القدس لحين بحث مستقبلها مع الدول العربية المعنية، في إشارة للجنة المتابعة العربية للسلام المقررة أن تلتقي بكيري خلال الأيام القادمة في باريس، إضافة للأردن كصاحب ولاية دينية وإدارية على الأماكن المقدسة في المدينة.
وحسب ما يدور خلف الكواليس الفلسطينية فإن كيري اقترح ترتيبات إقتصادية تجرى بشأن منطقة الأغوار على أن تكون القوات المرابطة على تلك المنطقة الحدودية قوات أمريكية أردنية مع مراكز أمنية "إسرائيلية" للمراقبة على طول تلك الحدود، وذلك في ظل شبه موافقة فلسطينية مقرونة بالحصول على الموافقة الأردنية.
وحسب أفكار كيري فإنه سيتم إقامة مطار للفلسطينيين في منطقة الأغوار على أن يتم نقل مطار قلنديا الواقع جنوب رام الله للسيطرة الفلسطينية للشروع في تشغيله كمطار ثاني للفلسطينيين بالضفة الغربية.
ويقع ذلك المطار الواقع تحت الإحتلال "الإسرائيلي" ما بين مدينتي رام الله والقدس ويعتبر مطارا صغيرا إلا أنه بإمكانه أن يستقبل طائرات ركاب صغيرة في حين يكون المطار الرئيس لدولة فلسطين في منطقة الأغوار. وحسب ما يدور في الأوساط السياسية الفلسطينية فإنه رغم التباعد في المواقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أن هناك اعتقادا لدى القيادة الفلسطينية بأن ما يقوم به كيري من جهود تعتبر فرصة يجب اغتنامها وتحقيق تقدم على صعيد الحل السياسي مع اسرائيل حتى وإن اقتضى الأمر الإستمرار بالمفاوضات عاما آخر اذا ما جاء وزير الخارجية الأمريكي في زيارته القادمة بمقترحات مكتوبة تفضي لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 مع تبادل للأراضي على طرفي الحدود لحل مشكلة الكتل الإستيطانية في الضفة الغربية وتأمين ممر آمن ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن المقرر أن يعود كيري إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية الأسبوع المقبل، على أن يلتقي يوم السبت المقبل لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في باريس لبحث ما طرحه من أفكار في مفاوضات السلام.
وكان كيري أنهى الإثنين جولته العاشرة للمنطقة وشملت زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن والسعودية، وذلك بهدف دفع مفاوضات السلام بين الجانبين للأمام.
وفيما تعيش المنطقة حالة من الإنتظار للزيارة القادمة لكيري الذي يواصل مساعدوه لقاءاتهم مع الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل لاتفاق إطار للوصول لاتفاق سلام نهائي قال عباس ليلة الثلاثاء خلال مشاركته للمسيحيين الشرقيين احتفالاتهم بأعياد الميلاد ببيت لحم بأن إسرائيل ستكون جزءا من السلام الذي سيعم العالمين العربي والإسلامي في حال التوصل إلى تسوية سلمية معها .
ووصف عباس خلال عشاء الميلاد الذي أقيم ليلة الثلاثاء في كنيسة المهد ببيت لحم الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في سبيل السلام بالجبارة، إلا أن لوزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون رأي آخر حيث قال ‘لا يزال الحديث عن التوقيع على اتفاقية بعيد وما يجري الحديث عنه اليوم تفاهمات لتمديد المفاوضات’.
وجاءت تصريحات يعالون الثلاثاء لدى زيارته قيادة ما يسمى في الجيش الإسرائيلي ‘قيادة منطقة المركز′ أي الضفة الغربية، ذكر فيها: إن من يعتقد بأننا اليوم نخوض مفاوضات الحل النهائي فهو مخطئ، لقد اعتقد البعض بأنه يمكن التوصل للحل النهائي خلال 9 شهور، لكننا اليوم نخوض مفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق إطار لتمديد المفاوضات، لتقريب وجهات النظر والتي تحتاج لأكثر من شهرين من المفاوضات .
وأضاف يعالون أنه يوجد فجوات كبيرة في المواقف بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، وتقف مسألة الإعتراف بدولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي على رأس هذه القضايا. وجاءت تصريحات يعلون رغم أن وزير الخارجية الأمريكي هدد بأن بلاده ستخفف انغماسها في عملية السلام حال فشلت الجهود في التوصل الى اتفاق إطار نهاية شهر آذار المقبل.
وجاء ذلك خلال لقاء كيري قبل مغادرته المنطقة الإثنين بزعيم المعارضة في إسرائيل اتسحاق هيرتسوغ، والذي أبلغه فيه سعي واشنطن للتوصل الى اتفاق إطار حتى نهاية آذار القادم، وفي حال فشلت هذه الجهود فإن الولايات المتحدة سوف تخفف جهودها في عملية السلام.
واشارت مصادر إسرائيلية الثلاثاء بأن عودة كيري لإسرائيل فجر الإثنين عقب زيارته للسعودية للقاء زعيم المعارضة الإسرائيلية وحثه على ضمان دعم الائتلاف الحكومي الإسرائيلي برئاسة نتنياهو للوصول لاتفاق سلام مع الفلسطينيين تشير الى أن هناك تقدما حقيقيا حدث على مسار المفاوضات.
وقد أكد هيرتسوغ لوزير الخارجية الأمريكي وجود غالبية في الكنيست الإسرائيلي تؤيد العملية السلمية مع الفلسطينيين، وذلك في حين أكد ‘يائير لبيد’ رئيس حزب ‘هناك مستقبل’ الذي يعتبر أحد أقطاب الحكومة الإسرائيلية الثلاثاء بأن هناك تقدما حصل على صعيد محادثات السلام مع الفلسطينيين.
ونقلت صحيفة ‘يديعوت أحرنوت’ عن لبيد قوله ‘إن هناك تقدماً حقيقياً في المفاوضات الجارية وهناك فرصة حقيقية وهي أقرب على ما يبدو من أي وقت مضى’، مطالباً كافة الأحزاب الإسرائيلية إلى اغتنام تلك الفرصة وعدم تفويتها.
وفي ذلك الإتجاه ذكرت صحيفة ‘معاريف’ الإسرائيلية الثلاثاء أن كيري أبلغ رئيس المعارضة في اسرائيل اتسحاق هرتسوغ خلال اجتماعهما الاثنين، بأن نتنياهو وعباس قد قدما ‘تنازلات شجاعة وملموسة خلال الإتصالات الجارية حاليا’ ، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أوضح أن واشنطن قررت مواصلة الجهود المكثفة سعيا للتوصل الى اتفاق إطار بين إسرائيل والفلسطينيين حتى شهر آذار /مارس المقبل، والعمل على ترتيب لقاء بين نتنياهو وعباس فور التوصل الى تفاهم حول اتفاق الإطار بين الجانبين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف