- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2019-12-23
بنّت الإدارة الأمريكية مؤخرًا، وعلى لسان وزير خارجيتها مايكل بومبيو، موقفًا مفاده أنّ إنشاء مستوطنات إسرائيلية في الضفّة الغربية، لا يتعارض في حدّ ذاته مع القانون الدولي[1]. وهو ما يعني أنّ المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة الغربية هي قانونية من وجهة نظر هذه الإدارة. ولم يكن ما أعلنه بومبيو مرتجلًا، أو في سياق الردّ على سؤال، بل كان مُعدًّا سلفًا على جدول الإيجاز الصحفي، الذي تضمّن جملة من البيانات، تعلّقت بإيران والعراق والمستوطنات الإسرائيلية، وغيرها من البلدان والقضايا.
طغت قضية المستوطنات الإسرائيلية على مجمل الأسئلة التي وجّهها الصحفيون للوزير الأمريكي عقب إيجازه الصحفي، الأمر الذي يعني أنّ هذه القضية كانت الأهم من بين جملة القضايا والموضوعات الأخرى. وفي حين لم يكن الإعلان الأمريكي مفاجِئًا، بالنظر إلى سلسلة مواقف وقرارات أخرى شبيهة سابقة تتعلق بالقضية الفلسطينية، أو بالصراع العربي الإسرائيلي عمومًا، فإنّ الإعلان الأمريكي استدعى ردود فعل واسعة، جميعها مخالفة للقرار الأمريكي، باستثناء الترحيب الإسرائيلي بطبيعة الحال.
تقرأ هذه الورقة طبيعة الإعلان الأمريكي، وموقعه بين سلسلة المواقف السابقة المشابهة، وأهداف هذه الإدارة من هذا الإعلان، وغيره من الإعلانات الأخرى ذات الصّلة، وردود الفعل عليه.
الإعلان شكلاً ومضمونًا
تجدر الإشارة إلى الصيغة التي قُدِّم فيها الإعلان، بصفته مُعبِّرًا عن موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومحاولًا القول إنّ إعلان إدارة ترامب لم يكن تحوّلًا كاملًا في مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، على اعتبار أنّ مواقف هذه الإدارات من قضية الاستيطان الإسرائيلي، ومخالفته للقانون الدولي، لم تكن منسجمة. فبينما رأت إدارة الرئيس كارتر في عام 1978، وبشكل قاطع، أنّ إنشاء “إسرائيل” للمستوطنات المدنية يتعارض مع القانون الدولي، فإنّ إدارة الرئيس ريغان، وفي عام 1981، لم توافق على ذلك الموقف، وأعلنت أنّها لا ترى عدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية. وقد كانت هذه المقدّمة من بومبيو، لتبرير الموقف، والادعاء بأنّ التحوّل الحقيقي خلقته إدارة أوباما، حينما أعلن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، في كانون أول/ ديسمبر 2016، وفي نهاية ولاية الإدارة السابقة، عدم مشروعية المستوطنات الإسرائيلية، مخالفًا، حسب بومبيو، تقاليد الإدارات التي سبقته، التي، وإن رأت في الاستيطان عقبة أمام السلام، إلا أنّها رأت في الوقت نفسه أن النقاش القانوني حولها لا يُفيد عملية السلام.[2]
أرادت إدارة ترامب القول إنّها لم تخترع موقفًا جديدًا، بقدر ما أنّها عادت لتبنّي موقف إدارة ريغان، وأنّ معاكستها لقرار إدارة أوباما إنّما هو تصحيح للسياسة الأمريكية، واستعادة لنهج الإدارات السابقة على إدارة أوباما، والتي لم تكن ترى فائدة في مناقشة الوضع القانوني للمستوطنات الإسرائيلية.
تبرز الأبعاد الانتخابية في هذه المبرّرات، وذلك بمغازلة التيّارات التقليدية في الحزب الجمهوري عبر محاولة استعادة إرث ريغان المركزي في تاريخ السياسة الأمريكية عمومًا. لا تبدو هذه المغازلة في تبنّي موقفه من المستوطنات الإسرائيلية فقط، وإنّما أيضًا باستدعاء فكرة التشابه في الانقلاب على الإدارة السابقة، بما يُعبّر عنه ذلك من تصوّرات البناء والقوّة والعظمة الأمريكية. فكما استعادت إدارة ريغان مكانة الولايات المتحدة وقوّتها بعد إدارة كارتر، فإنّ إدارة ترامب تفعل الشيء نفسه بعد إدارة أوباما، علما أن مخالفة إدارة أوباما، هي لازمة ثابتة في خطاب الإدارة الحالية.
بيد أنّه، وإضافة إلى أجواء الانتخابات الأمريكية، والإجراءات المتّخذة من قبل الديمقراطيين لمحاكمة ترامب وعزله، وبالتالي احتياج الأخير إلى دعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ الأجواء السياسية الإسرائيلية ليست بعيدة عن هذا الإعلان، الذي يمنح بنيامين نتنياهو دعمًا لتشكيل الحكومة في مواجهة منافسه بني غانتس، زعيم حزب “أزرق أبيض”، أو يمنحه أفضلية دعائية في حال ذهبت “إسرائيل” إلى انتخابات ثالثة مبكّرة[3]، لا سيما وأن نتنياهو سبق له في السياق الانتخابي الإسرائيلي أن وعد بضمّ غور الأردن وشمال البحر الميت حال فوزه في الانتخابات[4]، وذلك في الوقت الذي كان ينوي فيه إعلان ضمّ الضفّة الغربية، لولا معارضة رئيس الشاباك ورئيس أركان الجيش، اللذين ألمحا إلى أنّ قرارًا كهذا ينطوي على عدم مسؤولية، ومن شأنه أن يقود إلى مخاطر كبيرة[5]. إضافة إلى أن نتنياهو كان قد تعهّد، وفي السياق نفسه، بضمّ مستوطنات مدينة الخليل.[6]
وفي الوقت الذي يواجه فيه نتنياهو اتهامات بالفساد وملاحقات قضائية[7]، ويستعصي عليه تشكيل حكومة إسرائيلية، يأتيه الدعم من حليفه الأمريكي، وتحديدًا الرئيس دونالد ترامب، الذي يواجه خطر العزل. وبينما لا يُستبعد أن ينطوي الإعلان الأمريكي على خطوة استراتيجية، فإنّ هذه الإدارة، وعلى مستوى نصّ الإعلان ومضمونه، قد تبنّت الدعاية الإسرائيلية بشكل كامل.
لقد أحال الإعلان الأمريكي الأمر القانونيّ برمّته إلى المحاكم الإسرائيلية، باعتبار أنّ النظام القضائي الإسرائيلي يتيح فرصة للطعن بالنشاط الاستيطاني، وتقييم الاعتبارات الإنسانية المرتبطة به. وعليه، فإنّ الطرف الوحيد الذي يمكنه أن يحكم على قانونية أيّ منشأة استيطانية، من وجهة النظر الأمريكية، هو القضاء الإسرائيلي، أي قضاء الدولة الاستعمارية التي أنشأت هذه المستوطنات، فهي مسألة إسرائيلية صرفة، تتعلق بالوقائع والظروف على الأرض. وهذا الخطاب هو عينه خطاب بنيامين نتنياهو، الذي رحب بالخطوة الأمريكية، وتطابق خطابه مع خطاب الإدارة الأمريكية، أولًا من جهة اعتبار الوقائع القائمة هي الحاكمة على الأمر برمّته. وثانيا من جهة حديث نتنياهو عن “الحق التاريخي في يهودا والسامرة”، وحديث الإدارة الأمريكية عن مركّب “التاريخ والوقائع والظروف الفريدة من نوعها، التي نشأت بعد إقامة المستوطنات المدنية في الضفة الغربية”. وثالثا من جهة التوافق على أن المحاكم الإسرائيلية هي الوحيدة التي يمكنها تحديد شرعية الاستيطان الإسرائيلي. وأخيرًا تطابق الخطابان في أن الحلّ بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يمكن إنجازه عبر أحكام قانونية دولية، وإنما من خلال عملية تفاوضية.[8]
وفي حين أظهر إعلان بومبيو وتعقيب مكتب نتنياهو تطابقًا تامًّا في المبررات والصياغات، وكشف عن تنسيق كامل، وربما صياغة إسرائيلية للإعلان الأمريكي، فقد ذهبت كيلي كرافت، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، إلى مستويات أبعد في الدعاية لـ “إسرائيل”، ومن منطلقات غير ذات صلة، وذلك حينما قَرَنَتْ جدّية الولايات المتحدة في اعترافها بشرعية المستوطنات الإسرائيلية، بكون “إسرائيل”، حسب قولها، منارة للديمقراطية في منطقة لا يُقرّ فيها قادة آخرون، من حماس إلى إيران، بحقها في الوجود. وبينما أشارت كيلي كرافت إلى سعي جيران “إسرائيل” لتدميرها، فقد هاجمت جرأة المجتمع الدولي في جعلها، أي “إسرائيل”، موضوعًا لانتقاداته “القاسية”، مؤكّدة على دعم الولايات المتحدة لـ “إسرائيل”، الآن وفي المستقبل.[9]
الإعلان الأمريكي.. الجذور والدوافع
ما سبق يوضح الأسباب الآنية للبيان الأمريكي الجديد بخصوص المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة الغربية، وتعمّده دعم بنيامين نتنياهو في أزماته السياسية والقضائية، ومعركته الانتخابية، وتطابق مضمونه وصياغته مع تعقيب نتنياهو عليه، ومع وعود نتنياهو الانتخابية. هذا فضلًا عن الأسباب الخاصّة بترامب، من حيث اقتراب الانتخابات الأمريكية، وجهود عزله برلمانيا. بيد أنّ مسار الخطوة الأمريكية أوسع من هذا الدافع الآني، فهي تهدف أولًا إلى فرض صفقة على الفلسطينيين، تستند إلى الوقائع لا إلى الحقوق والتسويات العادلة، وهو ما كان واضحًا في المبررات التي ساقها بومبيو لشرعنة المستوطنات. ثم إن الخطوة الأمريكية تهدف إلى تعزيز مكانة اليمين الإسرائيلي، حليف إدارة ترامب.
ففي قرار هو الأخطر من بين سلسلة تلك القرارات، وفي كانون أول/ ديسمبر 2017، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”، ووقّع الرئيس الأمريكي ترامب قرارًا بنقل سفارة بلاده من “تل أبيب” إلى القدس، وهو ما شرعت به بالفعل في العام التالي في ذكرى النكبة الفلسطينية، الأمر الذي ترك دلالة معنويّة واضحة. ودون أي مواربة، أعلنت أن قرارها يهدف إلى إخراج القدس من المفاوضات[10]، أيْ أنّها تمنح الوقائع الاستيطانية والسياسية الإسرائيلية قوّة سياسية دولية، وتفرض موقفًا دوليًّا جديدًا يتطابق مع السياسات الإسرائيلية.
ثمّ في آب/ أغسطس 2018، أوقفت الولايات المتحدة تمويلها الكامل لـ “وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى/ الأونروا”[11]. وأغلقت في أيلول/ سبتمبر 2018 مكتب منظمة التحرير في واشنطن نهائيًّا، بحجة سعي السلطة الفلسطينية إلى فتح تحقيق جنائيّ ضد “إسرائيل” أمام المحكمة الجنائية الدولية.[12]
وفي آذار/ مارس 2019، وفي بيان رسمي من البيت الأبيض موقّعٍ باسم ترامب، اعترفت الولايات المتحدة بمرتفعات الجولان جزءًا من “إسرائيل”، معلّلة ذلك بحاجة “إسرائيل” لحماية أمنها من سوريا، ومن التهديدات الإقليمية الأخرى[13]. وهو الأمر الذي دفع نتنياهو لإعلان توقعاته بصدور قرار أميركي قريبًا، يعترف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية[14]، ممّا أثار مخاوف فلسطينية وعربية ودولية[15]، وهو ما يمكن القول إنّه قد حصل بالفعل الآن، على اعتبار أن المستوطنات تشكّل حيّزًا واسعًا من جغرافيا الضفّة الغربية.
وبالنظر إلى حديث بومبيو عن “الوقائع والظروف الفريدة من نوعها، التي نشأت بعد إقامة المستوطنات المدنية في الضفة الغربية”، فإنّه يمكن القول إنّ القرار الأمريكي يشمل كلّ الوقائع ذات الصلة بالمستوطنات، كمجالها الأمني، والطرق المؤدّية إليها. وتأسيسًا على هذه العبارة اللافتة، وما دامت هذه الإدارة موجودة بتحالفاتها الراهنة في المنطقة، فإنه من المتوقع أن تتسع قراراتها لتشمل الضفّة كلّها، أو أجزاء واسعة منها، وهو ما يمكن فهمه من تصريح سابق لبومبيو، قال فيه إنّ الإعلان عن الخطّة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط قد يستغرق عشرين عامًا[16]، وهو ما يعني أنّ السياسات الأمريكية المنتهجة من هذه الإدارة، هي مواكبة السياسات الإسرائيلية في الواقع، أي الاعتراف بالإجراءات الإسرائيلية، والدفاع عنها في المحافل الدولية، وتغطيتها بقوّة الولايات المتحدة، وجعلها أساسًا لأيّ تسوية مع الفلسطينيين، في حال كان ثمّة إرادة بالفعل لفرض تسوية من هذا النوع.
وعلى أيّ حال، فإنّ القرارات الأمريكية التي أشير إليها فيما سبق، والتي تخصّ القدس، واللاجئين الفلسطينيين، ومكتب منظمة التحرير، والجولان السوري المحتلّ، وأخيرًا المستوطنات في الضفّة الغربية، لم تكن القرارات الوحيدة من الإدارة الأمريكية الحالية. فقد حرصت الولايات المتحدة على حماية “إسرائيل” داخل المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، سواء عبر استصدار قرارات لصالح “إسرائيل”، كتقديم مشروع قرار لإدانة حركة حماس[17]، أو في الهجوم على المؤسسة الدولية التي لم تزل تُصدر قرارات منحازة للفلسطينيين من وجهة نظر “إسرائيل” والإدارة الأمريكية. كما سعت الولايات المتحدة لفرض وقائع فيما يتجاوز جغرافيا الصراع إلى قضية اللاجئين، كسعيها لإعادة تعريف مفهوم اللاجئ الفلسطيني، وبالتالي تقليص أعداد اللاجئين[18]، وغير ذلك من إجراءات وقرارات داعمة لـ “إسرائيل”، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تكريس وقائع جديدة، تكون أساسًا لأي معالجة للقضية الفلسطينية.
استندت الإدارة الأمريكية في كلّ ذلك إلى الوقائع على الأرض، وكان بومبيو صريحًا في إعلانه أنّ الوقائع هي أساس الرؤية الأمريكية، بمعنى أنّه يمكن لـ “إسرائيل” فرض الوقائع التي تُريد، ثم تصير هذه الوقائع أمرًا نهائيًّا، وهو الأمر الذي ينهي مشروع حلّ الدولتين تمامًا، ويفضي إلى تكريس الإرادة اليمينية الإسرائيلية، الرامية إلى استكمال أرض “إسرائيل” الواحدة على كامل حدود فلسطين التاريخية.
ومما يُعزّز من صحّة هذا الاستنتاج، أنّ الإدارة الأمريكية، وبالرغم من وقفها دعم السلطة الفلسطينية، استمرت في تقديم مساعدات مالية للأجهزة الأمنية الفلسطينية[19]. وبالرغم مما قيل عن وقف الولايات المتحدة تمويلها للأجهزة الأمنية الفلسطينية، فإنّ “إسرائيل” سعت إلى استمرار هذا الدعم[20]، وأدخلت، وبتمويل أمريكي، عربات مصفّحة لصالح الأجهزة الأمنية الفلسطينية[21]، مما يعني أنّ دور السلطة، بالنسبة للرؤية الإسرائيلية الأمريكية، أو على الأقل بالنسبة لليمين الإسرائيلي وإدارة ترامب، لا يتجاوز الوظيفة الأمنية، مع إنهاء دورها السياسي الطامح في الارتقاء إلى دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967. وقد استخدمت إدارة ترامب في ذلك كلّه، الابتزاز المالي، وإرهاب الدبلوماسية الدولية، والحصار السياسي، وتجاوُز القانون الدولي، وتجنيد عدد من الدول العربية لدمج “إسرائيل” في علاقات طبيعية معها، ومحاولة أخذ مواقف جديدة من القيادة الفلسطينية تنقلب بها على مواقفها التقليدية.
المواقف المختلفة إزاء الإعلان الأمريكي
الموقف القانوني والإدانات الدولية
دأبت الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الأوروبي، على إدانة سياسات “إسرائيل” الاستيطانية، لمخالفتها القانون الدولي، وإعاقتها إحراز سلام عادل وشامل، حيث تنطبق معاهدة جنيف الرابعة، والقانون الإنساني الدولي على الضفّة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. فقد نصّت المادة (49) من معاهدة جنيف الرابعة، على أنه “لا يجوز لدولة الاحتلال أن تُرحّل، أو تنقل جزءًا من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”[22]. كما أنّ “إسرائيل” والولايات المتحدة كانتا قد وقعتا على هذه الاتفاقية، علما أن الضفّة الغربية ومدينة القدس، تُعدان أراضي محتلة وفق قرارات مجلس الأمن، كالقرار 242.[23]
وكان مجلس الأمن قد أصدر عدة قرارات نصت على أنّ المستوطنات الإسرائيلية، ليس لها شرعية قانونية، وتُشكّل إعاقة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل. منها قرار رقم (446) لعام 1979، الذي دعا “إسرائيل”، باعتبارها القوة المحتلة، إلى الالتزام بمعاهدة جنيف الرابعة لعام 1949، وإلغاء إجراءاتها السابقة، والامتناع عن القيام بأيّ عمل يؤدّي إلى تغيير الوضع القانوني، والطبيعة الجغرافية، ويؤثّر ماديًّا على التكوين الديمغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967[24]. وكذلك قرار رقم (452) لعام 1979، الذي أكّد على عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية[25]. وقرار مجلس الأمن رقم (465) لعام 1980، الذي نفى الشرعية القانونية عن الإجراءات الإسرائيلية، التي تهدف إلى تغيير أوضاع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس[26]. وكذلك قرار مجلس الأمن رقم (471) لعام 1980، الذي يُعرّف “إسرائيل” بأنها قوّة محتلّة، ويؤكد فشلها في تقديم الحماية الكافية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وفقًا لبنود معاهدة جنيف الرابعة[27]. وكذلك قرار رقم (904) لعام 1994، الذي عاد وأكّد على انطباق معاهدة جنيف الرابعة على الأراضي التي احتلتها “إسرائيل” في حزيران 1967، بما فيها القدس، واصفًا “إسرائيل” بأنّها السلطة القائمة بالاحتلال.[28]
وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت فتوى في عام 2004، أكّدت فيها أن المستوطنات التي أقامتها “إسرائيل” في الأراضي المحتلة تُعدّ انتهاكًا للقانون الدولي[29]. وعاد مجلس الأمن في عام 2016، وأصدر قرارًا أكّد فيه على مجمل قراراته السابقة، فأكد أنّ من واجب “إسرائيل” القوّة القائمة بالاحتلال، أن تتقيـد تقيـدًا صارمًا بالالتزامات والمسـؤوليات القانونيـة الملقـاة علـى عاتقهـا بموجـب اتفاقيـة جنيـف الرابعـة، وأدان جميـع التـدابير الراميـة إلى تغـيير التكـوين الـديمغرافي، وطـابع الأرض الفلسـطينية المحتلـة منـذ عـام 1967، بمـا فيهـا القـدس الشـرقية، والـتي تشـمل، إلى جانـب تـدابير أخرى، بناء المسـتوطنات وتوسـيعها، ونقـل المسـتوطنين الإسـرائيليين، ومصـادرة الأراضـي، وهـدم المنـــازل، وتشـــريد المـــدنيين الفلســـطينيين، مؤكّدًا أنّ ذلك كلّه يمثّل انتهاكًا للقانون الدولي والقرارات ذات الصلة.[30]
وعلى ضوء ذلك، عادت الأمم المتحدة والصليب الأحمر للتأكيد على كون المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما زالت تمثل انتهاكا للقانون الدولي[31]. وكان المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل قد أكد أنّ “تغير الموقف السياسي لدولة ما، لا يُعدّل القانون الدولي القائم، ولا تفسير محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن له”[32]. في حين قال إيوان واتسون، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، “إن سياسة المستوطنات التي تنتهجها “إسرائيل”، تناقض البنود الرئيسية للقانون الدولي الإنساني، أو قانون الاحتلال، وتخالف نصه وروحه”. وأكد أنّ “الإعلان الأمريكي الأخير، لا يغير موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الأمر”.[33]
بالرغم من ذلك، فشل مجلس الأمن في إصدار قرار، أو بيان صحفي، يدين فيه الإعلان الأمريكي، بعد جلسة عقدها لهذا الغرض[34]. إلا أنّ الدول الـ 14 الأعضاء في مجلس الأمن، من أصل 15 دولة، أجمعت على معارضة القرار الأميركي. وعقب انتهاء جلسة مجلس الأمن، تلا نائب المندوب الألماني يوجن شولز بيانًا باسم الدول العشر المنتخبة في المجلس، وهي ألمانيا، وبلجيكيا، وكوت ديفوار، وجمهورية الدومينكان، وغينيا الاستوائية، وإندونيسيا، وبيرو، وبولندا، وجنوب إفريقيا، والكويت، شدّد فيه على عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال رياض منصور، المراقب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إن موقف كلّ من روسيا والصين خلال الجلسة جاء مؤيدًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والشرعية الدولية.[35]
أما الاتحاد الأوروبي، فقد أكد أنّه لا يزال يؤمن بأن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني بموجب القانون الدولي، ويقلل فرص التوصل إلى سلام دائم، ودعا “إسرائيل”، وعلى لسان فيدريكا موجيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، لإنهاء كل النشاط الاستيطاني في ضوء التزاماتها كقوة محتلة. ومع أن موقف الاتحاد الأوروبي يمثّل الدول الأوروبية، إلا أن بعض تلك الدول أصدرت بصورة منفردة بيانات تتبنّى الموقف نفسه، كألمانيا[36]، وإسبانيا[37]، وغيرهما.
كما أصدرت الدول الأوروبية التي تملك عضوية حالية في مجلس الأمن، وهي فرنسا وألمانيا والمملكة المتّحدة وبلجيكا وبولندا، بيانًا مشتركًا، قبل جلسة مجلس الأمن المشار إليها، قالت فيه إنّ كلّ نشاط استيطاني هو غير قانونيّ بموجب القانون الدولي، ويُقوّض قابليّة حلّ الدولتين وأفق السلام الدائم، وأكّدت فيه أنّ موقفها من سياسة الاستيطان الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقيّة، واضح ولم يتغيّر[38].
وكانت محكمة العدل الأوروبية، وقبل البيان الأمريكي، قد ألزمت “إسرائيل” بتمييز مصدر منتجاتها المُصدّرة إلى الاتحاد؛ لبيان إن كان مصدرها المستوطنات أم لا، وذلك لأسباب أخلاقية، كما قالت المحكمة، ولاعتبارات تتعلق بالالتزام بالقانون الدولي.[39]
وفي إطار الإدانات الدولية لموقف واشنطن من المستوطنات الإسرائيلية، أصدر الفاتيكان بيانا هاجم فيه موقف واشنطن الأخير. وإذا كان من غير المعتاد أن ينشر الفاتيكان ردًّا مباشرًا على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلا أنّ إعلان إدارة ترامب أثار ردود فعل من عدة مجتمعات دينية، أصدرت بيانات تنتقد إعلان إدارة ترامب، من بينها الاتحاد من أجل اليهودية الإصلاحية، والمجلس الوطني للكنائس[40]، ورابطة الكنائس السويدية.[41]
أما الدول الإسلامية، فقد أصدر بعضها بيانات رفضت فيه إعلان الولايات المتحدة، كتركيا التي قالت إنّه لا توجد أيّ دولة فوق القانون الدولي، وإنّ التصريحات التي تتضمن فرض الأمر الواقع، لن تكون لها أيّ صلاحية، واصفة الإعلان الأمريكي بأنّه مثال جديد ومتهور لشرعنة الانتهاكات الإسرائيلية للقوانين الدولية[42]. وكذلك ماليزيا التي قالت إنّ الموقف الأمريكي يتناقض مع جميع القرارات الدولية القائمة[43]. وأندونيسيا التي قالت إنّ المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وإنّ البناء الاستيطاني هو عملية ضمّ للضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، وعقبة أمام جهود السلام.[44]
ردود الفعل الفلسطينية والعربية
رفضت جامعة الدول العربية الإعلان الأمريكي، وقالت إنّه باطل ولاغٍ، وليس له أي أثر قانوني، وإنه أظهر استهتارًا غير مسبوق بالمنظومة الدولية[45]. وكان ذلك عقب اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، عقد في القاهرة[46]. وعلى نحو منفصل، أدانت الدول العربية الإعلان الأمريكي. فقد أكدت مصر على دعمها للفلسطينيين، وعلى موقفها من عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية، ومخالفتها للقانون الدولي[47]. وأعلنت المملكة العربية السعودية رفضها التامّ لتصريحات واشنطن بشأن المستوطنات الإسرائيلية[48]. وأكدت المملكة الأردنية الهاشمية على عدم شرعية المستوطنات، وحذّرت من تداعياتها الخطيرة.[49]
فلسطينيًّا، أعلنت الرئاسة الفلسطينية أنّ الإعلان الأمريكي باطل ومرفوض ومدان، ويتعارض كليًّا مع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية الرافضة للاستيطان، وقرارات مجلس الأمن، قائلة إنّ الإدارة الأمريكية فقدت تمامًا كلّ مصداقية، ولم يعد لها أيّ دور في عملية السلام، ومحمّلة هذه الإدارة، المسؤولية الكاملة عن أيّ تداعيات لهذا الموقف، الذي وصفته بالخطير[50]. وفي سياق الخطوات العملية، قالت الرئاسة الفلسطينية إنّها بدأت بعقد سلسلة اجتماعات طارئة، لاتخاذ الإجراءات والآليات لمواجهة القرارات الأمريكية، معلنة أنّها ستتحرك على المستوى الداخلي، بعقد اجتماعات للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة فتح، وفصائل العمل الوطني، والتنظيمات الشعبية والمجتمع المدني. وعلى المستويين العربي والدولي، ستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وسوف تتواصل مع الأحزاب العربية والعالمية، والمنظمات الدولية، بما في ذلك تحريك الملفات لدى المحكمة الجنائية الدولية.[51]
وعلى صعيد منظمة التحرير الفلسطينية، دعا المجلس الوطني الفلسطيني لتقديم شكوى إلى محكمة العدل الدولية ضدّ إدارة ترامب[52]، ودعا برلمانات العالم واتحاداته، لمواجهة التمرد الأمريكي على القانون الدولي[53]. بينما قالت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إنّ الخطوة الأمريكية تهدف إلى تكريس تحالف أمريكي صهيوني، يستهدف القضية الفلسطينية برمتها.[54]
الجبهة الديمقراطية قد انتقدت اجتماع اللجنة التنفيذية الذي سبقت الإشارة إليه، على اعتبار أنّه تشاوريّ غير مخوّل باتخاذ أيّ قرارات، وطالبت السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع المخابرات الأمريكية، والشروع بتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، بما في ذلك سحب الاعتراف بـ “إسرائيل”، ووقف التنسيق مع قوات الاحتلال، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية، ورسم خطط عملية للانفكاك الاقتصادي عن “إسرائيل”، وطيّ صفحة أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي.[63]
أما حركة فتح، فقد وصفت الإدارة الأمريكية بالصهيونية، وقراراتها بالإرهاب السياسي[55]، ودعت إلى سلسلة فعاليات سمّتها “أيام الغضب”، بدأت في 26 تشرين ثاني/ نوفمبر[56]، حيث تم تعليق دوام المدارس الفلسطينية، وإخراجها في مظاهرات رافضة للقرار الأمريكي[57]. وقد أصيب عشرات الفلسطينيين جراء قمع الاحتلال للمسيرة التي توجّهت من مدينة رام الله إلى محيط حاجز “بيت إيل” العسكري، المقام على المدخل الشمالي لمدينتي رام الله والبيرة. وشارك رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية بهذه المسيرة، ووصف أثناءها الإعلان الأمريكي بوعد بلفور جديد[58]، وأعلن عن التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ضدّ القرار الأمريكي بشأن شرعنة الاستيطان.[59]
كما أعلنت حركة حماس موقفها الرافض للإعلان الأمريكي، الذي وصفه رئيس المكتب السياسي للحركة بالمجزرة السياسية الخطيرة، داعيًا الموقف الفلسطيني الرسمي إلى مغادرة مربع الاستنكار إلى مربع المواجهة الفعلية، عبر استراتيجية وطنية جامعة، تغادر مربع “أوسلو”، وترتكز إلى الموروث النضالي للشعب الفلسطيني. وداعيًا في الوقت نفسه الدول العربية، إلى وقفة جادّة، تنهي حقبة التردد في اتخاذ القرارات الضرورية.[60]
أمّا حركة الجهاد الإسلامي، فقد وصفت الإعلان الأمريكي بالاستعماري والعدائي، والفاقد لأي شرعية، واعتبرته دليلًا على دعم الولايات المتحدة للاحتلال والإرهاب، وأكدت أنّ الردّ يكون بتصعيد المقاومة ضدّ الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وإنهاء الانقسام، وتوجيه كل الطاقات الشعبية والوطنية لمواجهة الاحتلال.[61]
واعتبرت الجبهة الشعبية الإعلان الأمريكي دليلًا إضافيًّا على عداء الإدارة الأمريكية للشعب الفلسطيني وحقوقه، وتشريعًا صريحًا لنهب الأرض الفلسطينية، وتشجيعًا على استمرار الاحتلال لها، وتعدّيًّا على القانون الدولي. ودعت الجبهة إلى وقف ما سمتها بالأوهام، التي لا زالت تراود الذين يراهنون على دور أمريكي فيما يُسمّى بعملية سياسية لحل الصراع.[62]
في حين قال مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إنّه لم تعد قيمة للاتفاقيات القائمة، ولا لاتفاقية أوسلو، التي مزّقتها “إسرائيل”.[64]
خلاصة
بعد هذا العرض، يمكن القول إن القرار الأمريكي الأخير بالاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة الغربية، وعدم مخالفتها للقانون الدولي، لا يخلو من أسباب خاصّة موضعيّة، تتمثل في رغبة الإدارة الأمريكية في دعم حليفها بنيامين نتنياهو، لمواجهة أزماته السياسية والانتخابية والقضائية، وكذلك في رغبتها في الحصول على دعم اللوبي الصهيوني في أزمة إجراءات عزل ترامب، واقتراب الانتخابات الأمريكية. بيد أنّها في جوهرها هي حلقة من سلسلة طويلة، كان أخطرها اعتراف ترامب قبل عامين بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”، ثم اعترافه بشرعية السيادة الإسرائيلية على الجولان السوري، في خطوة فسرها كثير من المراقبين، بأنها تمهيد للاعتراف بشرعية المستوطنات، أو ضمّ الضفّة الغربية.
من الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية، تستند في قراراتها، على الوقائع التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فهي تعتبر أيّ إجراء إسرائيلي بأنه إجراء شرعي، ما دام قد صار أمرًا واقعًا، الأمر الذي يجرّد العملية السلمية من أيّ معنى لها، ويجعل المفاوضات بلا أيّ قيمة، ما دام المنطلق هو موقف الاحتلال، لا موقف الطرفين، بالرغم من اعتقاد هذه الإدارة، أنّ عزل الجانب القانوني يجعل العملية السلمية تسير بشكل أفضل. لذا، فإن اتجاهات هذه الإدارة واضحة، وهي فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين. وبالتالي، فما هو متوقع لاحقًا من الإدارة الأمريكية، والإجراءات الإسرائيلية، هو فرض مزيد من الوقائع، وصولًا إلى تطبيق كامل للرؤية الإسرائيلية، وبما ينهي أيّ حقوق سياسية للفلسطينيين، وهو ما يمكن فهمه من تصريحات سابقة لبومبيو، قال فيها إنّ طرح الخطة الأمريكية قد يستغرق عشرين عامًا.
وفي مقابل الرفض الدولي الكاسح للقرار الأمريكي، فإنّ الموقف الفلسطيني الرسمي لم يرْق إلى خطورة الحدث، وكان أضعف من ردّ الفعل الذي أعقب القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”. واقتصر موقف القيادة الفلسطينية على الإعلان عن سلسلة الاجتماعات التي سبقت الإشارة إليها، ولم تتخذ أيّ قرار جديد بخصوص العلاقة مع الاحتلال، علمًا بأنّ الرئيس محمود عبّاس، سبق له وأن أعلن وقف العمل بالاتفاقات مع “إسرائيل”، دون أن ينعكس ذلك على أرض الواقع. وهنا تجدر الإشارة إلى سلسلة قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، والتي نصّت على وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، ولكن دون أن تُطبّق.
وعلى مستوى الفعل الميداني، لم تستطع منظمة التحرير وحركة فتح، تنظيم فعاليات جادّة ردًّا على القرار، باستثناء اللجوء إلى وزارة التربية والتعليم، التي علّقت الدوام جزئيًّا، لحشد الطلاب والتلاميذ فيما دعته “يوم الغضب”. وإذا كان هذا يكشف عن عدم الجدّية في الحديث المستمر عن تفعيل المقاومة الشعبية، فإنّه يرجع بالدرجة الأولى إلى السياسات التي أضعفت الحركة الوطنية، وعزلت الجماهير عن القيام بدورها التاريخي في مواجهة الاحتلال. وبالتالي، والحال هذه، فإنّ السلطة الفلسطينية لم تتخذ أيّ تحوّلات في مسارها، أو علاقاتها الوطنية، لمواجهة هذه التحديات الخطيرة المتتابعة، التي تهدف إلى تصفية الحقّ الفلسطيني تمامًا.