- تصنيف المقال : تقارير
- تاريخ المقال : 2020-01-14
تقبل سلطان عمان هيثم بن طارق التعزية من رئيس حركة حماس إسماعيل هنية والوفد المرافق له، وفي موضع آخر، تقبل الرجل التعزية من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والوفد المرافق له، وفدان فلسطينيان في مسقط، يلتقيان مع السلطان، ولا يلتقيان مع بعضهما، وهذا دليل على عمق الانقسام في الساحة الفلسطينية، ودليل على صعوبة ردم الهوة بين فريقين سياسيين يمثلان وطناً واحداً وبرنامجين.
استقبال وفد حركة حماس خطوة إيجابية من سلطان عمان، تؤكد احترام الرجل لغزة وأهلها، ولاسيما أن وفد السلطة الفلسطينية الذي يقف على رأسه محمود عباس تجاوز غزة وتنظيماتها، وضيق وفد المرافقين له على المقربين منه، وهذا ما أدركه سلطان عمان، حين قرر استقبال وفد حركة حماس، وهو يعرف خطورة الانقسام، ومأساة التمثيل المتعدد.
فهل أخطأت حركة حماس في تقديم واجب العزاء بوفد مستقل عن السلطة الفلسطينية؟
أم هل أخطأت السلطة الفلسطينية حين تجاهلت حركة حماس، واستثنت قيادتها من المشاركة في تقديم واجب العزاء؟
سأفترض أن هذا الموقف قد حدث في حياة الرئيس أبو عمار، وسمع أن وفداً مستقلاً من حركة حماس قادم إلى مسقط للتعزية، هل كان سيترك أبو عمار وفد حركة حماس يطعن في تمثيله للشعب الفلسطيني، أم كان سيدعو إسماعيل هنية وزياد النخالة أمين عام حركة الجهاد للانضمام إلى وفد فلسطيني موحد، يقدم واجب العزاء معاً، لتبدو فلسطين كلها في خندق الولاء، ولا تترك مجالاً لشماتة الأعداء؟
كانت فرصة سياسية رائعة لقيادة السلطة الفلسطينية كي تضم تحت جناحها حركة حماس، وتخرج إلى العالم بوفد مشترك، وأزعم أن إسماعيل هنية سيكون فرحاً وسعيداً، وهو يلبي دعوة السيد عباس لمشاركته وفد التعزية، وسيكون سعيداً أكثر وهو يعقد لقاءً مغلقاً مع محمود عباس، يتباحث معه في سبل مواجهة العدوان الإسرائيلي، وستكون سلطنة عمان أكثر سعادة من الطرفين الفلسطينيين وهي تحتضن على ترابها العربي لقاء قادة حركتي فتح وحماس!
فلماذا لم يتحقق اللقاء؟ لماذا لم يجتمع الرجلان؟ لماذا لم يتقدما معاً بوفد فلسطيني مشترك، ليظهر الفلسطينيون أمام نتانياهو موحدين متفقين متناغمين متعاونين فيما بينهما، ينسقان مع بعضهما خطوات المرحلة القادمة، فهما أحوج إلى التنسيق مع بعضهما من حاجتهما إلى التنسيق مع نتانياهو؟
لماذا؟ إنه السؤال الذي يقتحم مخيلة الشعب الفلسطيني، بعد ان طاف أرجاء الوطن العربي، لماذا لم يلتق رئيس حركة حماس مع رئيس حركة فتح؟ ولماذا لم يصطحب محمود عباس إسماعيل هنية، ويرافقه، ويأتي معه إلى غزة، ليستكمل اللقاء مع بقية التنظيمات الفلسطينية؟ أسئلة لا تجد لها جواباً إلا على عتبات البيوت الباكية، وفي شوارع غزة والضفة الغربية، أسئلة لا تحتاج إلى تفكير عميق بقدر حاجتها إلى تسلل روح الوطنية والثقة إلى مفاصل العمل السياسي الفلسطيني.
لقد جاءت الفرصة في مسقط، ولكن الساسة أضاعوا الملقط، وهم يلوحون للوطن بمنديل التنظيم الذي طار مع الريح، واختلط بغيمة الأحزان التي احتشدت في سماء مسقط، ولم تسقط مطر الرحمن، لتظل أرض فلسطين جائعة لأنعام المصالحة، وعطشى لمعزوفة التغيير التي تخضب الوجدان، وتمزق نسيج الشيطان.