- الكاتب/ة : هآرتس – بقلم جدعون ليفي
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2020-04-17
هآرتس –
“ إن دولة انسانية كانت ستطلق سراح كبار السن والنساء والقاصرين كبادرة حسن نية ازاء تفشي الكورونا، لكن اسرائيل ترفض فعل ذلك حتى ضمن صفقة، وحتى كرد على وقف حماس لاطلاق النار واطلاق البالونات الحارقة “.
اجهزة التنفس الاصطناعي لغزة مقابل معلومات – ذروة الوضاعة. اذا كان في اسرائيل ما زالت هناك أي ذرة من مشاعر الانسانية تجاه سكان غزة، على الاقل في فترة الكورونا، فهي كانت ستلغي فورا كل المحظورات وتسمح بتقديم مساعدة طبية واقتصادية غير محدودة للقطاع. واذا كانت ستظهر تسامحا اكثر وقدر اقل من التحدي، فهي كان يمكنها التوصل الى صفقة لتبادل الاسرى والجثث مع حماس.
ولكن في اسرائيل التي انقلب فيها كل شيء بسبب الكورونا، فقط بقي هناك أمر واحد على حاله، مغلق وفظ: الحصار على غزة. كل العالم تغير باستثناء السجن الكبير الذي فيه ينتظرون بذعر تفشي الوباء في ظل وجود 65 جهاز تنفس وبدون اجهزة فحص لاكثر من مليوني شخص ومع وجود ابواب مغلقة مفاتيحها توجد في أيدي السجان الاسرائيلي.
هذه هي ذروة الوضاعة: في يوم الاثنين الماضي نشرت “هآرتس” بأن حماس يمكن أن تقدم معلومات عن المفقودين مقابل اجهزة التنفس. مصادر اسرائيلية سارعت الى نفي مجرد التفكير بأن هذه الاجهزة سيتم نقلها الى غزة. وفي اعقاب ذلك نفت حماس النبأ. ولكن ازاء مشهد العنوان، “معلومات مقابل اجهزة تنفس”، لم يمكن بالامكان تجنب الدلالات التاريخية للنبأ.
لقد ذكرني هذا العنوان بعنوان “يهود مقابل شاحنات”، صفقة اسرائيل كستنر. لا، هذا ليس نفس الشيء، بل أبعد من ذلك. غزة غير معرضة لكارثة، بل فقط كارثة انسانية أبعادها تزداد في ايام الوباء. ولكن اذا كان هناك شخص ما في اسرائيل خطر بباله اجراء مفاوضات بشأن توفير اجهزة تنفس لغزة ووضع شروط معينة لنقلها، فان المقارنة القاسية تصبح أمر لا يمكن منعه.
في غزة يوجد فقط 65 جهاز تنفس، لأنها مسجونة منذ 15 سنة تقريبا على أيدي اسرائيل. حقيقة أن جنرال اسرائيلي يقرر ماذا يدخل اليها، وبالاساس ما لا يمكن احتمال دخوله، تصرخ حتى عنان السماء. من أين جاء الحق لهذا الجنرال الاسرائيلي كي يقرر كم من اجهزة التنفس سيكون لغزة؟ وأين الشر في ذلك؟ عندما تريد تركيا مساعدة غزة فان اسرائيل تضع العقبات. بدلا من أن تسارع وتقدم لها القليل من اجهزة التنفس التي سرقها الموساد من العالم، حسب الاقوال المتبجحة لرؤسائه، وبدلا من الطلب من العالم “لا تنسوا غزة” – فان غزة تختنق مع وجود 65 جهاز تنفس، التي هي فقط مثال على ضائقتها.
في الخلفية توجد صفقة تبادل الاسرى والجثث. شخص ما اعتقد أنه في ظل وجود الكورونا يمكننا ابتزاز صفقة. غزة اوقفت اطلاق النار منذ تفشي الوباء. حتى أنه لا توجد بالونات. اسرائيل كان يجب عليها أن ترد ببادرة حسن نية. ولكن في اسرائيل بادرة حسن النية هي اشارة على الضعف.
إن سؤال من هو الزعيم الاكثر انسانية، بنيامين نتنياهو أم يحيى السنوار، هو سؤال مفتوح. نتنياهو مثل أسلافه مسؤول عن التنكيل بعدد اكبر من بني البشر. الذخر الوحيد الذي يوجد في أيدي السنوار هو مدنيين وجثتين. السنوار يريد اطلاق سراح القليل من آلاف أبناء شعبه المسجونين في اسرائيل، عدد منهم سجناء أمنيين، أو الذين فرضت عليهم عقوبة قاسية. هو يريد أن يطلق في البداية سراح كبار السن والمرضى والنساء والقاصرين والـ 55 سجين الذين اعادتهم اسرائيل الى السجن بصورة فضائحية بعد صفقة شليط، انتقاما على اختطاف الفتيان الثلاثة، كخضوع لشروط المستوطنين.
دولة انسانية كانت ستطلق سراح كل هؤلاء بدون شرط، كبادرة حسن نية ازاء الكورونا. اسرائيل غير مستعدة في هذه الاثناء لاطلاق سراحهم حتى في صفقة، حيث أنه يجب علينا أن نري حماس من هو الاكبر ومن هو الاقوى.
بقي علينا فقط أن نفكر بضائقة سكان غزة العاجزين، وبخوفهم من الوباء الذي ليس هناك أي رد عليه في غزة، وبالضائقة النفسية والاقتصادية المتفاقمة. في بداية الشهر الحالي قرر الجنرال الاسرائيلي منع نقل معدات اتصالات وحواسيب الى القطاع، وهي معدات حيوية جدا في ايام الوباء، بذريعة أن معدات مشابهة سرقت في غزة. اسرائيل ايضا عادت ورشت جوا الحقول قرب الجدار. الرياح حملت المواد السامة الى مخيمات اللاجئين ومعها النوايا الاسرائيلية المسمومة اكثر، الى أحياء اليأس والضائقة والخوف.