- الكاتب/ة : بقلم: عاموس هرئيل
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2020-05-18
هآرتس -
تصريح ملك الأردن، الملك عبد الله، الذي قال فيه “نفحص كل الاحتمالات” رداً على إذا ما قامت إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، يعكس قلق كبيراً في عمان إزاء الخطوات التي يدرسها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وقد سبقت تصريحات عبد الله في المقابلة مع الصحيفة الألمانية الأسبوعية “دير شبيغل” تصريحات مفصلة وأكثر شدة، التي نقلت في الأشهر الأخيرة من عمان إلى تل أبيب. إن خوف الأردن المتعلق بخطوات فرض السيادة في الضفة الغربية أو بضم غور الأردن، جرى التعبير عنه أيضاً عبر رسائل لأجهزة الأمن الإسرائيلية وفي محادثات مع شخصيات في “أزرق أبيض”. إن شخصيات مهنية في جهاز الأمن تعتقد أن الضغط الداخلي على الملك قد يؤدي إلى إلغاء اتفاق السلام.
تخاف العائلة المالكة من اندلاع مظاهرات واسعة ضد الملك في أرجاء الأردن، ومن احتجاج منظم لحركة الإخوان المسلمين في المملكة. تعامل الأردن بشكل جيد حتى الآن مع فيروس كورونا، ولكن الوضع الاقتصادي بقي صعباً وبقيت مكانة الملك مضعضعة جداً إزاء الأزمة التي بدأت حتى قبل تفشي الوباء في العالم.
وقال الملك عبد الله في المقابلة، إن “الضم سيؤدي إلى مواجهة كبيرة بين الدولتين”. وقال إن هذا ليس الوقت المناسب لمناقشة حل الدولة الواحدة للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي تقود إليه خطوات الضم. ودعا دول المنطقة إلى التركيز على النضال المشترك ضد كورونا.
طُرحت إمكانية الضم في السنة الماضية قبل طرح خطة السلام الأمريكية على خلفية ثلاث جولات انتخابية متتالية في إسرائيل. فحص نتنياهو إمكانية الإعلان عن ضم غور الأردن في أيلول 2019 عشية الانتخابات الثانية، ثم تراجع عن ذلك في اللحظة الأخيرة،بتأثير المشاورة الهاتفية التي سمع فيها تحذيرات رئيس الأركان افيف كوخافي ورئيس الشاباك نداف ارغمان من التداعيات على العلاقات مع الأردن والسلطة الفلسطينية وإمكانية اندلاع تصعيد عنيف في المناطق.
نوقشت هذه المسألة ثانية عند طرح المبادرة التي يسميها الرئيس الأمريكي صفقة القرن في كانون الثاني الماضي. الاتفاق الائتلافي بين الليكود و”أزرق أبيض” نص على أنه يمكن لنتنياهو الدفع قدماً بالضم للتصويت والمصادقة بدءاً من الأول من تموز المقبل. ولكن مؤخراً عادت الإدارة الأمريكية إلى إعطاء إشارات على أن الضم يجب أن يتم في إطار المباحثات بشأن مبادرة السلام وبالتنسيق مع واشنطن.
المتحدثة بلسان وزارة الخارجية الأمريكية قالت لمراسلين إسرائيليين على خلفية زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو في إسرائيل الأسبوع الماضي بأن “عملية الضم الإسرائيلية يجب أن تكون جزءاً من المباحثات بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس مبادرة السلام”. وخلال ذلك، يستعد الاتحاد الأوروبي إلى إمكانية تجميد مشاريع مشتركة مع إسرائيل رداً على خطوات ضم أحادية الجانب. ويتوقع أن يصدر الاتحاد غداً بياناً تحذيرياً لإسرائيل بشأن الضم.
الجنرال احتياط عاموس جلعاد، رئيس مؤتمر هرتسليا، قال للصحيفة، أمس، بأن المس بالعلاقات مع الأردن سيكون ضربة للأمن القومي في إسرائيل. الأردن يوفر لنا الهدوء على الحدود الشرقية ويبعد التهديدات عن إسرائيل، وهذا الضم سيضر بعلاقتنا معه وسيكون خطوة سياسية من دون أي فائدة استراتيجية، وأنا متأكد من أن قيادة الجيش الإسرائيلي تدرك ذلك”.
تسخين في الضفة
دون علاقة مباشرة مع مسألة الضم، ثمة تسخين واضح وتوتر في الضفة الغربية. في سلسلة أحداث قتل جندي إسرائيلي، العريف عميت بن يغئال، بسبب حجر رشقه فلسطينيون أثناء عملية اعتقالات في قرية يعبد قرب جنين، وأصيب جندي آخر بإصابة بالغة في عملية دهس في الخليل وقتل السائق الذي نفذ الدهس، وهو فتى فلسطيني عمره 15 سنة، وقتل فتى آخر بنفس العمر بنار الجنود في حادثة أخرى في الخليل، وأصيب ثلاثة فلسطينيين بنار الجنود بعد قيامهم بتشغيل عبوة بدائية في منطقة رام الله.
ازدياد عدد الأحداث ينسب إلى اجتماع عدة عوامل مؤثرة. ربما ترتبط الأمور أيضاً بانخفاض حجم الانشغال بكورونا بعد النجاح النسبي الذي سجلته السلطة حتى الآن، وكذلك إسرائيل والأردن، في صد الفيروس. ولكن إضافة إلى كورونا والمخاوف المستقبلية فيما يتعلق بالضم، هناك الوضع الاقتصادي في الضفة.
زاد الفيروس من شدة الأزمة الاقتصادية هناك لأنه جمد معظم النشاطات الاقتصادية. معدل العمال الفلسطينيين العاملين في المستوطنات وداخل الخط الأخضر هبط بالتدريج مع شل الاقتصاد الإسرائيلي. في البداية، اتفق على بقاء عمال فلسطينيين في إسرائيل، للعمل في فرعي البناء والزراعة، ولكن عدداً منهم عاد إلى بيته في الضفة بعد خوف السلطة من تفش شديد لكورونا قد ينتقل إلى الضفة بعدوى العمال الماكثين في إسرائيل.
وأضيف إلى الصعوبات الاقتصادية عامل ضغط آخر، وهو قرار إسرائيل تجميد عوائد أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة كجزء من الصراع الطويل الذي تديره حكومة نتنياهو ضد التمويل الذي تقدمه الحكومة الفلسطينية في رام الله للسجناء الأمنيين المسجونين في إسرائيل.
تأثير دومينو في سيناء
إن الأزمة الاقتصادية التي أثارها فيروس كورونا سرعت عمليات في جهاز الأمن الأمريكي المتعلقة بتقليص نشاطات لا ترى إدارة ترامب أنها حيوية. بدأت التقليصات حتى قبل تفشي الفيروس في الولايات المتحدة في نهاية السنة الماضية، كجزء من استراتيجية الدفاع القومي وتحويل الاهتمام إلى المنافسة مع الصين.
رئيس الهيئة المشتركة للقوات الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، قال في الكونغرس بأن كل مهمة سيتم فحصها حسب درجة ارتباطها بالاستراتيجية الأمريكية. في العام 1981، قال: “لقد تم وضعي في سيناء كجزء من القوة متعددة الجنسيات. فهل ما زالت هذه المهمة ذات علاقة؟”.
450 جندياً أمريكياً فقط يخدمون في سيناء، نصفهم من الجيش والباقون قادمون من الحرس الوطني، ولكن قراراً أمريكياً لسحب قواتها من هذه القوة التي تشكلت من أجل الإشراف على تطبيق اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر قد يسبب انهيار القوة كلها ويؤدي إلى انسحاب دول أخرى.
اليوم، ثمة جنود من 13 دولة منها كولومبيا والأورغواي وإيطاليا والتشيك وفيجي، يخدمون في القوة الموجودة في سيناء. يفترض الأمريكيون أن دولاً أخرى ستملأ الفراغ الذي سيتركونه خلفهم إذا ما قرروا الانسحاب، ويقدّرون أيضاً بأن العلاقة بين إسرائيل ومصر قوية بما فيه الكفاية، والتعاون الأمني بينهما وثيق جداً إلى درجة أن انسحابهم لن يؤدي إلى ضرر حقيقي.
العميد (احتياط) اساف اوريون من معهد بحوث الأمن القومي، رافق نشاطات القوة متعددة الجنسيات عن كثب من خلال وظيفته رئيساً للواء العلاقات الخارجية والاستراتيجية في هيئة الأركان. وقال اوريون للصحيفة بأن جهاز هذه القوة ساعد أكثر من مرة على تهدئة النفوس بعد عمليات وقعت على الحدود المصرية، مثل العملية في عين نتفيم في 2011 عندما أرادت مصر زيادة قواتها في سيناء لمحاربة إرهابيي المنظمات الجهادية المتطرفة. وافقت إسرائيل على تجاوز الملحق الأمني في اتفاق السلام، لأن العملية تمت من خلال إشراف ووساطة أمريكية”.
وحسب قوله، التوفير العسكري والمالي الذي سيحققه الأمريكيون سيكون ضئيلاً، 450 جندياً من بين المليون جندي تقريباً في سلاح البر فقط. في مصر هناك التزام استراتيجي بالسلام مع إسرائيل إلى جانب تطلع مستمر لتجسيد السيادة في سيناء بواسطة حضور عسكري، من خلال تآكل القيود التي فرضتها الاتفاقات على ذلك. العلاقات الأمنية بين إسرائيل ومصر وصلت إلى ذروة كل العهود، لكن لا يعني ذلك أن القوة متعددة الجنسيات أصبحت زائدة واستنفدت نفسها، بل بفضلها نجحوا في التغلب على الصعوبات وتطوير تعاون بينهم إلى هذه المستويات العالية. قوة المراقبين متعددة الجنسيات هي قصة نجاح نادرة غير متكافئة، التي يثمر فيها استثمار عسكري مقلص نتائج استراتيجية كبيرة. وقرار بهذا الشأن يجدر اتخاذه من خلال رؤية عسكرية أو أمنية، بل وعلى أعلى مستوى سياسي واستراتيجي في الولايات المتحدة.
في الأسبوع الماضي أرسل 12 سناتوراً وأعضاء في الكونغرس رسالة إلى بومبيو ووزير الدفاع مارك اسبر، دعوا فيها إلى مواصلة المشاركة الأمريكية في القوة في سيناء. “في شرق أوسط غير متوقع، يعد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل مرساة للاستقرار”، كتبوا في الرسالة.
“القوة متعددة الجنسيات كانت حيوية من أجل حماية الاتفاق”، كتب المشرعون الأمريكيون. “الإشرافعلى القوة والوساطة لها تضمن أن انعدام الاتفاق بين الطرفين سيتم حله بصورة دبلوماسية ومتحفظة. الفضل المنسوب للقوة يستند بدرجة كبيرة إلى الدور القيادي للولايات المتحدة، بما في ذلك نشر الجنود الأمريكيين في سيناء”.
وحسب قولهم: “سيكون من الخطأ الكبير سحب القوات الأمريكية من سيناء. يجب على الولايات المتحدة أن تحافظ على دعم كاف للمنظمة يعزز الاستقرار الإقليمي بواسطة دورها في الحفاظ على السلام. والفشل في ذلك سيؤدي إلى شرق أوسط أقل استقراراً”.