- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2014-04-19
الحديث عن وجود سبب فلسطيني في الحراك الحزبي والسياسي في إسرائيل يعني أن العامل الفلسطيني تجاوز تصنيفه كموضوع في هذا الحراك، إلى حضور فاعل ومؤثر فيه
الموقف من انتخابات كنيست مبكرة يرتبط بحسابات كل طرف من أطراف المشهد السياسي والحزبي والإسرائيلي. فمن يجد مصلحة له في هذه الانتخابات سيلقي بكامل ثقله من أجل انجاح هذا الخيار
تتفاقم يوما بعد آخر الأزمة الائتلافية لحكومة نتنياهو، وتتعالى اصوات التهديد في حزب «البيت اليهودي» بالانسحاب، في حين أعلن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، أنه لن يخوض الانتخابات في كتلة مشتركة مع حزب الليكود.
وقد هدد رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت (14/4) بالانسحاب من الحكومة، وأثار ذلك موجة تبادل اتهامات مع الليكود ، وتبعه وزير الاستيطان أوري اريئيل الذي صرح في مقابلة مع موقع «واينت» (15/4) بأن الساحة السياسية الإسرائيلية تنجرف نحو الانتخابات.
إنفراط عقد «الليكود بيتنا»
ومع إعلان وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان بأنه لن يخوض الانتخابات المقبلة في كتلة مشتركة مع الليكود، أعلن الوزير الليكودي السابق الذي يحظى بشعبية كبيرة داخل الليكود موشي كحلون عودته للمعترك السياسي ونيته إقامة حزب جديد يخوض الانتخابات القادمة. ومنح الاستطلاع الذي نشرت نتائجه يوم أمس كحلون 10 مقاعد، ويوجه بذلك ضربة قوية لحزبه الأم (الليكود)الذي يخسر 9 مقاعد. وقال ليبرمان في أعقاب نشر نتائج الاستطلاع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه لا يستبعد إيجاد صيغة تعاون وشراكة مع كحلون. لكنه قلل في الوقت ذاته من جدية تهديدات حزب البيت اليهودي بالانسحاب وقال«لا أتوقع أن ينفذ بينيت تهديداته، لكننا في الحقيقة غيرمنفعلين من هذه التهديدات».
وإذا ما نفذ حزب البيت اليهودي تهديده بالانسحاب فإن الخيارات أمام نتنياهو محدودة للحفاظ على ائتلافه، فخيار ضم حزب العمل يواجه بمعارضة شديدة داخل حزبه، حيث أعلن 6 من كبار مسؤولي الليكود معارضتهم لتلك الخطوة ونيتهم العمل على إفشالها، فيما يبدو خيار ضم حزب «شاس»غير واقعي بسبب حالة التنافر بينه وبين حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يئير لبيد.
تبكير الانتخابات ؟
ومن غير المستبعد أن تؤدي الأزمة الحالية إلى تبكير موعد الانتخابات، ورغم أن نتائج الاستطلاعات تشير إلى أن معسكر اليمين سيحافظ على أغلبية داخل الكنيست، فإن حزب الليكود سيتضرر كثيرا ويخسر 10 مقاعد الأمر الذي من شأنه إضعاف بنيامين نتنياهو والتشكيك في إمكانية احتفاظه بزعامة المعسكري اليميني الذي تنهشه الخلافات.
وستحمل الاسابيع القادمة مستجدات على هذا الصعيد، ورغم أن محللين يرون أن التهديدات بالانسحاب من الحكومة هي لعبة تبادل أدوار بين أقطاب الائتلاف الحكومي فيما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين، إلا أن محللين آخرين أشاروا إلى أن رائحة الانتخابات بدأت تنتشر داخل الكنيست، ومهما حاول نتنياهو إطالة أمد ولايته يبدو أنه سيجد نفسه في خضم معركة انتخابية جديدة غير متوقعة النتائج.
السبب الفلسطيني
لطالما كان السبب الفلسطيني هامشيا في الحراك الحزبي الإسرائيلي، وهذا لا يعني أن الملف الفلسطيني كان غائبا عن هذا الحراك. فالهروب من الاستحقاقات التي تفرضها أحيانا بعض محطات التسوية تكون على الغالب سببا في تبكير الانتخابات العامة في إسرائيل، عندما يدرك «الحزب الحاكم» أن باستطاعته الهروب من مسؤولية هذه الاستحقاقات دون أن يخسر موقعه على رأس المشهد السياسي والحزبي في إسرائيل. هذا ما فعله كل من أريئيل شارون في العام 2003، وبنيامين نتنياهو في العام الماضي.
لكن الحديث عن وجود سبب فلسطيني في الحراك الحزبي والسياسي في إسرائيل يعني أن العامل الفلسطيني تجاوز تصنيفه كموضوع في هذا الحراك، إلى حضور فاعل ومؤثر فيه ، وخاصة عندما يتحرك الجانب الفلسطيني سياسيا وديبلوماسيا في الاتجاه الصحيح ويرافقه حراك شعبي منظم في إطار فعاليات نضالية موجهة ضد الاحتلال وذراعه الاستيطانية.
في هذا المجال، يمكن القول إن التحرك الفلسطيني باتجاه الأمم المتحدة وتوقيع جزء من طلبات الانتساب إلى عضوية مؤسساتها، قد وضع حكومة نتنياهو في حالة من التوتر والارتباك.
احتمالات الانتخابات المبكرة
تالت مصادر فلسطينية واسعة الإطلاع إن الحديث عن انتخابات إسرائيلية مبكرة وجديته يرتبطان بعوامل عدة. أبرز هذه العوامل هو الموقف من التسوية ومآلاتها. وتضيف المصادر أنه منذ نشوء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي عقب انتخابات الكنيست العام الماضي، تشكلت مساحة واسعة من المواقف المشتركة بين أطراف الائتلاف حول الملف الفلسطيني وسبل التعامل معه.
وتشير المصادر إلى أنه مع قرار الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين القدامى، تم التوافق بين مكونات الحكومة على ترحيل الإفراج عن فلسطينيي الـ48 إلى الدفعة الأخيرة لسببين: الأول تأجيل الخلاف حول الإفراج عنهم من حيث المبدأ إلى آخر فترة المفاوضات. والثاني طرح الموضوع لاحقا كعقدة إسرائيلية داخلية ينبغي على المفاوض الفلسطيني أن يدفع ثمن حلها وتفكيكها ليضمن أمام الفلسطينيين أنه أنجز تحرير جمع الأسرى القدامى دون استثناء.
من هذه الزاوية، تقول المصادر إنه إذا وافق المفاوض الفلسطيني على دفع ثمن معتبر يذيب اعتراضات «البيت اليهودي» وغيره فإن الأمور ستمضي بشكل هادئ على جبهة المفاوضات في حال تم تمديدها، أما غير ذلك فهناك خياران إسرائيليان متكاملان.
الأول: اللجوء إلى الاغراءات التي وردت في صفقة بولارد بخصوص إطلاق سراح 400 أسير فلسطيني إضافة إلى الدفعة الأخيرة من الأسرى القدامى بمن فيهم أسرى الـ48 شرط إبعادهم وشطب الجنسية الإسرائيلية عنهم.
كل ما سبق مقابل موافقة المفاوض الفلسطيني على رزمة الشروط الإسرائيلية من تمديد للمفاوضات إلى الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل إلى الموافقة على شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
الثاني: يتوقف على مدى الإلحاح الأميركي بشأن الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى كون هذه المسألة تضمنتها تفاهمات كيري وتم وفقها استئناف المفاوضات.
فإذا ألحت واشنطن على هذا الأمر، فإن مشهد التجاذبات الإسرائيلية الداخلية تجاه ملف الأسرى تكون من حيث المبدأ رسالة كافية للقول بأن اطلاق سراحهم سينهي الاستقرار السياسي والحكومي في إسرائيل. فإذا لم تكف هذه الرسالة، فإن الموقف من انتخابات كنيست مبكرة يرتبط بحسابات كل طرف من أطراف المشهد السياسي والحزبي والإسرائيلي. فمن يجد مصلحة له في هذه الانتخابات سيشكل مع الموافقين على هذا الخيار معسكرا موحدا يلقي بكامل ثقله من أجل انجاحه وتمريره في الكنيست.