- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2014-05-20
لم يعد هناك ما يعيق تشكيل "الحكومة العباسية" الجديدة، بعد أن أعلن طرفي "الأزمة – المصالحة" أنهما اكملا كل الاجراءات الخاصة بها، ولم يتبق سوى عودة الرئيس محمود عباس ليختار من الأسماء المرشحة من يراهم مناسبين لحكومته وقدرتهم على "السمع والطاعة" لبرنامجه السياسي والتنفيذي، واعلانها في نهاية الاسبوع، حسب تصريحات أصحاب الملف التفاوضي..ولذا لم يعد السؤال هل تتشكل الحكومة أم لا تتشكل، فتلك أصبحت قضية من وراء الجدل العام، الذي انطلق الى مرحلة أخرى تتناول ما سيكون من الحكومة وما لها من افعال وما ينتظرها من عقد تقف في طريقها..
وبدأ نايف حواتمة، القيادي التاريخي في الحركة الوطنية الفلسطينية، النقاش مبكرا، مستبقا بحدسه السياسي ورؤيته الفكرية ملامح التكوين لحكومة عباس الجديدة، فاعتبرها، بداية أنها ليست "حكومة توافقية وطنية"، بل هي "حكومة فتحاوية – حمساوية"، وهذه الملاحظة تشكل مفتاحا جوهريا للمشهد الفلسطيني القادم، والذي بدأ بأن استغلت فتح بعض فصائل منظمة التحرير لتكون في "صورة الافتتاح" للمصالحة في منزل رئيس حركة حماس بغزة اسماعيل هنية، ثم فجأة توارت تلك "الصور الوحدوية" لتعود مجددا صور "القطبية الثنائية"، وكأن الحكومة المقبلة لا شأن لها الا بفصيلي الإنقسام، وليست حكومة لعموم الشعب الفلسطيني في "بقايا الوطن"..
وملاحظة حواتمة في هذا الجانب تشكل أول رسالة بأن القادم الحكومة لا يحمل "الخير السياسي" لعموم الشعب، بل هو فعل انقسامي جديد بمظهر وحدوي..ولذا يمكن تسجيل أن حواتمة يضع يده على خطر استمرار الانقسام بمظهر مختلف..
ولا تتوقف مخاوف حواتمة "المشروعة" عند التشكيل "الانقسامي" لحكومة فتح – حماس بل في تجاوز الطرفين روح التوافق الوطني عند الحديث عن الانتخابات العامة، وعمل الطرفان على دحر الانتخابات بعيدا عما كان متفق عليه، ولم يتم الالتزام بتوقيتها الزمني حسب ما هو مفترض، وهو هنا يحذر ان لا تكون الانتخابات مؤجلة الى حين ترتيب طرفي الانقسام لأوضاعهما الحزبية الخاصة، دون اهتمام بمصالح الشعب وقواه الأخرى، ولم يفته التنويه بأهمية ان قانون الانتخابات يجب أن يكون ضمن رؤية التمثيل النسبي الكامل، باعتبار "الوطن – الضفة والقطاع والقدس دائرة انتخابية واحدة"، وهو ما لم يتم تناوله بين مفاوضي فتح – حماس..
أما المسألة الجوهرية التي توقف أمامها نايف حواتمة، ويمكن اعتباره "المفتاح" الأبرز للمستقبل القادم، وهي القضية الأمنية، تشكيلا وتركيبا ورسالة، القوات الأمنية في الضفة الغربية تختلف تكوينا ورسالة وهدفا عن تلك الموجودة في قطاع غزة، بل أن التشكيلات المسلحة تعتبر في الضفة الغربية خارجة على القانون، ولا يسمح لأي تشكيل بالعمل مهما كانت مسمياتها، او انتماءها السياسي، فالرئيس عباس وأجهزته الأمنية تحرم تواجد أي جناح عسكري، في حين ان هناك أجنحة وكتائب عسكرية لغالبية الفصائل الى جانب بعض من "مشتقات عسكرية بمسميات خاصة" متواجدة في قطاع غزة، بهدف استمرار المقاومة كما تقول تلك الفصائل..
والمفارقة التي تبرز هنا، حيث يجب أن يكون هناك مقاومة مباشرة ضد قوات الاحتلال في الضفة الغربية، تعتبر الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية خارج القانون، فيما قطاع غزة ، والمفترض ان تكون المقاومة به بشكل مختلف، حيث لا تواجد مباشر داخل القطاع، يستمر تواجدها وضرورة الحفاظ عليها، وهنا هل حقا المسألة تتعلق بـ"المقاومة" أم بحسابات أخرى خارج النص الاتفاقي، ولن يقف الأمر عند هذه المسألة وحدها، بل هناك ما هو أكثر تعقيدا يتصل بمفهوم "العقيدة الأمنية" لقوات الأمن "الموحدة"، بل ووظيفتها أيضا، حيث لا تزال قوى الأمن الفلسطينية التابعة للرئيس عباس وحركة فتح، لها عقيدة أمنية تتسق مع وظيفتها كجهاز أمني جزء من حالة كيانية وليست جزءا من حالة فصائلية، ولذا مهمامها وأهدافها تختلف كليا عما تقوله حماس وايضا الجهاد واجنحة عسكرية أخرى، من حيث أن الأمن مرتبط بالمقاومة..
واستكمالا لذلك تحرم حماس موضوع "التنسيق الأمني" بين القوات الأمنية وقوات الاحتلال، رغم انها تفعل جزءا منه في المنطقة العازلة، فيما "التنسيق الأمني" جزء من وظيفة الأجهزة في الضفة، وفقا لاتفاقات سابقة، رغم أن ذلك لم يعد شرطا بعد أن انتهت المرحلة الانتقالية وعدم التزام دولة الاحتلال بمقابل ذلك "التنسيق الأمني"، حيث هو جزء من اتفاق مرتبط باعادة انتشار القوات الاحتلالية في الضفة وليس اتفاقا دائما ومجانا، ولكن تلك مسألة نقاشية أخرى، الا أن طرفي الحكومة مختلفان جوهريا في دور ومهام وطبيعة القوى الأمنية..
ملاحظات سريعة تطرق لها نايف حواتمة ربما تشكل مساهمة من "خارج الصندوق" لطرفي "الأزمة" قبل فوات الآوان..هل يفكر بها من له علاقة أم كما هي العادة لا قيمة لرأي غيرهما..وندخل مرحلة "وافق شنن طبقه"!