كانت المرأة القروية العاقر تُجبّن الجبنة، وتدعو ربها أن يرزقها بنتاً بدرية الوجه مثل قرص الجبنة الذي كان بين يديها، وحقّق الله أمنيتها، وسمّت البنت (جُبينة) ودلّلتها ووضعت في معصمها خرزة زرقاء..
إلا أن فرحة المرأة انقصفت حين خطف (النور) جبينة التي تنقّلت من سيد إلى آخر حتى انتهى بها المطاف راعية إوز في حقل أمير في بلدة بعيدة، كانت ترعى وهي تغنّي غناء حزيناً، فسمع الأمير الشاب غناءها ذات يوم فاستوقفه وانجذب إلى الشابة.
وهكذا انتقلت (جُبينة) من الحقل إلى القصر زوجة للأمير، وبعد زمن قالت (جُبينة) لزوجها: البلاد اشتاقت لأهلها، ولبّى زوجها رغبتها، وحملها على هودج، وزوّدها بالطيب والهدايا، وسار الموكب بجبينة حتى أشرفت على عين القرية، وفوجئت بأن لا ماء في العين، وقالت لها امرأة: من يوم ما غابت جبينة نشفت العين، وفيما هي تنظر إلى العين، تدفّق الماء الحبيس في قلب الأرض الكسيرة القلب، وانتشر الخبر: (عادت جُبينة) حتى بلغ الأم الضريرة، التي ما إن تلمّست الخرزة الزرقاء حتى رجع النور إلى عينيها..
ولكنّ (جُبينة) لم ترجع، في الواقع لم تزل في منفاها في مخيم ناءٍ، تنتقل من سيد إلى سيد، وما يزال ماء النبع في قلب الأرض الكسيرة، وأم جبينة تنتظر أن يضعوا في كفها المشقّقة الخرزة الزرقاء فيرتدّ إليها بصرها..
محمد أبو عزة

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف