- الكاتب/ة : محمد ياغي
- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2014-07-25
إذا كانت دولة الإحتلال تقوم اليوم بتدمير غزة على رؤوس ساكنيها من أطفال ونساء ورجال بهدف الحفاظ على حصارها لغزة الممتد منذ سبعة سنوات، فما هي تكلفة وقف الاستيطان في الضفة أو إنهاء الإحتلال لها؟
المقاومة في غزة لا توجد لها مطالب سياسية في هذه الحرب، جميع مطالبها المعلنة إنسانية: رفع الحصار، فتح المعابر، ترك المزارعين يزرعون أرضهم بسلام ، وترك الصيادين يصطادون السمك من بحرهم بأمان، والسماح بدخول مواد البناء، والقليل من الكهرباء والدواء. المطلب الوحيد الذي له علاقة بالسياسة هو الإفراج عن أسرى خرجوا بإتفاق وتم إعادة إعتقالهم.
قرأت للبعض بأنه متفائل بأن هذه الحرب قد تجبر إسرائيل على إعادة التفكير في سلوكها تجاه السلطة الفلسطينية وقد تؤدي الى فتح مسار تفاوضي جدي ينهي الاحتلال ويحقق الأمن لإسرائيل. صواريخ المقاومة، القتلى في اواسط جيش الاحتلال، انعدام الامن لمدن الداخل الإسرائيلي ومستوطناتها في الضفة، جميعها في اعتقاد هؤلاء كفيلة بأن تغير "الحجر" وتقنعه بأن الأمن ممكن بالخلاص من الإحتلال وعبر التفاوض مع قيادة فلسطينية مستعدة للقبول بكل ما يحفظ أمن إسرائيل.
ينسى هؤلاء أن كل هذا الجحيم الذي ينزل على غزة اليوم سببه رغبة دولة الاحتلال في الاحتفاظ بسيطرتها على "وصلة الكهرباء" وماسورة مياه الشرب لغزة. لا توجد دولة في العالم على استعداد للقيام بحرب من أجل ذلك.. لكنها إسرائيل.
غزة ستكسر حصارها بدمها لأن أقصى ما تريده اليوم هو "وصلة الكهرباء" التي تحرمها منها إسرائيل. وعندما تضع إسرائيل هذه "الوصلة" في ميزان الربح والخسارة ستجد أن التخلي عنها أفضل لها. مقابل توفير الأمن لجبهتها الداخلية وتوفير أرواح جنودها سترفع إسرائيل في نهاية المطاف الحصار. هي تعلم ذلك، لكن قبل قيامها به هي تريد إلحاق أكبر قدر من الدمار حتى تجبر "المقاومة" على الإنشغال لسنوات طويلة في عملية الإعمار وبناء شبكات صرف صحي وترميم شبكات الكهرباء والطرق. المكاسب واضحة بالنسبة لها، والتخلي عن وصلة الكهرباء لا يوجد فيه خسائر خصوصاً إذا كانت التهدئة طويلة نسبياً.
في الحرب رسالة للفلسطينيين في الضفة: لن تحصلوا على شيء أكثر مما سنعطيه لكم، ولن نعطيكم شيئاً لأنكم لا تمتلكون ما نبادله معكم. بمعنى إذا كانت غزة تمتلك توفير الأمن لإسرائيل وعلى إستعداد لمبادلته اليوم مقابل الحصول على القليل من مياه الشرب، ماذا تمتلك الضفة لتبادله من أجل وقف المستوطنات، وإنهاء الاحتلال، وإسترداد القدس الشرقية، وتوفير حل مقبول لقضية اللاجئين؟
هذا هو السؤال المركزي الذي يجب التفكير فيه اليوم. الوهم سيكون بأن يتم تسويق فكرة أن إسرائيل ستتعلم من درس غزة بقبول الجلوس على مائدة مفاوضات حقيقية لانهاء الصراع. إسرائيل إحتاجت لحرب إستنزاف دامت ثمانية عشر عاماً حتى إقتنعت أن إنسحابها من لبنان هو أفضل لها. وخاضت حربا مدمرة مع حزب الله قبل أن تصل لقناعة بأن الأفضل لها إخراج آخر أسير لبناني وعدم إعطاء حزب الله ذريعة لمهاجمة جنودها. وستحتاج الى هذه الحرب اليوم مع غزة لتقتنع بأن رفع الحصار هو أفضل لها. لكن ماذا سيقنعها بأن الأفضل لها هو الانسحاب من الضفة؟
لا توجد لدي إجابة كاملة ومقنعة على هذا السؤال. لكن تجارب إسرائيل تخبرنا بحقيقة واحدة بأنها لا تبادل شيء لديها إذا لم يكن لدى الطرف الآخر شيء تحتاجه هي. ما دامت دولة الإحتلال تشعر بأن إحتلالها لا يكلفها شيئا فهي ليست في حاجة للتفكير في إحتلالها.
الخيارات هنا عديدة ولا أشعر بأن من حقي الحديث عنها، لكني سأدعي بأن حاجة الضفة لغزة أكبر من حاجة الأخيرة لها. لماذا؟ لأن غزة اليوم تمتلك ما يمكنها أن تبادله مع دولة الإحتلال. صحيح بأن الحرب اليوم تدور على رفع الحصار، وصحيح أيضاً بأن أية هدنة مترتبة على ذلك قد تكون طويلة، لكن غزة ستبقى تمتلك وستعزز ما لديها من مصادر قوة وستكون مبادلتها القادمة أكبر من "رفع حصار."
أنظروا الى حزب الله. إسرائيل أنجزت هدنة طويلة معه، لكن الهدنة لم تكن في صالحها تماماً. إسرائيل اليوم أجبن من أن تفتعل حربا مع لبنان لأنها تدرك بأن تدميرها للضاحية الجنوبية من بيروت سيقابلة دمار هائل في تل أبيب وهو ما يخلق "سلاماً" بين الطرفين رغم الكراهية الكبيرة بينهما ورغبة كل طرف في تدمير الآخر.
مختصر الكلام. قوة إسرائيل تكمن في العمل على الإبقاء على الشعب الفلسطيني ممزقاً وبلا مصادر قوة ضاغطة عليها. ومصلحة الفلسطينيين تكمن في تعميق وحدتهم وتطوير مصادر قوتهم، وغزة هنا هي في القلب من كل ذلك.
المقاومة في غزة لا توجد لها مطالب سياسية في هذه الحرب، جميع مطالبها المعلنة إنسانية: رفع الحصار، فتح المعابر، ترك المزارعين يزرعون أرضهم بسلام ، وترك الصيادين يصطادون السمك من بحرهم بأمان، والسماح بدخول مواد البناء، والقليل من الكهرباء والدواء. المطلب الوحيد الذي له علاقة بالسياسة هو الإفراج عن أسرى خرجوا بإتفاق وتم إعادة إعتقالهم.
قرأت للبعض بأنه متفائل بأن هذه الحرب قد تجبر إسرائيل على إعادة التفكير في سلوكها تجاه السلطة الفلسطينية وقد تؤدي الى فتح مسار تفاوضي جدي ينهي الاحتلال ويحقق الأمن لإسرائيل. صواريخ المقاومة، القتلى في اواسط جيش الاحتلال، انعدام الامن لمدن الداخل الإسرائيلي ومستوطناتها في الضفة، جميعها في اعتقاد هؤلاء كفيلة بأن تغير "الحجر" وتقنعه بأن الأمن ممكن بالخلاص من الإحتلال وعبر التفاوض مع قيادة فلسطينية مستعدة للقبول بكل ما يحفظ أمن إسرائيل.
ينسى هؤلاء أن كل هذا الجحيم الذي ينزل على غزة اليوم سببه رغبة دولة الاحتلال في الاحتفاظ بسيطرتها على "وصلة الكهرباء" وماسورة مياه الشرب لغزة. لا توجد دولة في العالم على استعداد للقيام بحرب من أجل ذلك.. لكنها إسرائيل.
غزة ستكسر حصارها بدمها لأن أقصى ما تريده اليوم هو "وصلة الكهرباء" التي تحرمها منها إسرائيل. وعندما تضع إسرائيل هذه "الوصلة" في ميزان الربح والخسارة ستجد أن التخلي عنها أفضل لها. مقابل توفير الأمن لجبهتها الداخلية وتوفير أرواح جنودها سترفع إسرائيل في نهاية المطاف الحصار. هي تعلم ذلك، لكن قبل قيامها به هي تريد إلحاق أكبر قدر من الدمار حتى تجبر "المقاومة" على الإنشغال لسنوات طويلة في عملية الإعمار وبناء شبكات صرف صحي وترميم شبكات الكهرباء والطرق. المكاسب واضحة بالنسبة لها، والتخلي عن وصلة الكهرباء لا يوجد فيه خسائر خصوصاً إذا كانت التهدئة طويلة نسبياً.
في الحرب رسالة للفلسطينيين في الضفة: لن تحصلوا على شيء أكثر مما سنعطيه لكم، ولن نعطيكم شيئاً لأنكم لا تمتلكون ما نبادله معكم. بمعنى إذا كانت غزة تمتلك توفير الأمن لإسرائيل وعلى إستعداد لمبادلته اليوم مقابل الحصول على القليل من مياه الشرب، ماذا تمتلك الضفة لتبادله من أجل وقف المستوطنات، وإنهاء الاحتلال، وإسترداد القدس الشرقية، وتوفير حل مقبول لقضية اللاجئين؟
هذا هو السؤال المركزي الذي يجب التفكير فيه اليوم. الوهم سيكون بأن يتم تسويق فكرة أن إسرائيل ستتعلم من درس غزة بقبول الجلوس على مائدة مفاوضات حقيقية لانهاء الصراع. إسرائيل إحتاجت لحرب إستنزاف دامت ثمانية عشر عاماً حتى إقتنعت أن إنسحابها من لبنان هو أفضل لها. وخاضت حربا مدمرة مع حزب الله قبل أن تصل لقناعة بأن الأفضل لها إخراج آخر أسير لبناني وعدم إعطاء حزب الله ذريعة لمهاجمة جنودها. وستحتاج الى هذه الحرب اليوم مع غزة لتقتنع بأن رفع الحصار هو أفضل لها. لكن ماذا سيقنعها بأن الأفضل لها هو الانسحاب من الضفة؟
لا توجد لدي إجابة كاملة ومقنعة على هذا السؤال. لكن تجارب إسرائيل تخبرنا بحقيقة واحدة بأنها لا تبادل شيء لديها إذا لم يكن لدى الطرف الآخر شيء تحتاجه هي. ما دامت دولة الإحتلال تشعر بأن إحتلالها لا يكلفها شيئا فهي ليست في حاجة للتفكير في إحتلالها.
الخيارات هنا عديدة ولا أشعر بأن من حقي الحديث عنها، لكني سأدعي بأن حاجة الضفة لغزة أكبر من حاجة الأخيرة لها. لماذا؟ لأن غزة اليوم تمتلك ما يمكنها أن تبادله مع دولة الإحتلال. صحيح بأن الحرب اليوم تدور على رفع الحصار، وصحيح أيضاً بأن أية هدنة مترتبة على ذلك قد تكون طويلة، لكن غزة ستبقى تمتلك وستعزز ما لديها من مصادر قوة وستكون مبادلتها القادمة أكبر من "رفع حصار."
أنظروا الى حزب الله. إسرائيل أنجزت هدنة طويلة معه، لكن الهدنة لم تكن في صالحها تماماً. إسرائيل اليوم أجبن من أن تفتعل حربا مع لبنان لأنها تدرك بأن تدميرها للضاحية الجنوبية من بيروت سيقابلة دمار هائل في تل أبيب وهو ما يخلق "سلاماً" بين الطرفين رغم الكراهية الكبيرة بينهما ورغبة كل طرف في تدمير الآخر.
مختصر الكلام. قوة إسرائيل تكمن في العمل على الإبقاء على الشعب الفلسطيني ممزقاً وبلا مصادر قوة ضاغطة عليها. ومصلحة الفلسطينيين تكمن في تعميق وحدتهم وتطوير مصادر قوتهم، وغزة هنا هي في القلب من كل ذلك.