السيف أصدق إنباء من الكتب.. وبالمثل المقاومة أصدق إنباء من المساومة. حتي لو كانت المقاومة بسكاكين المطابخ.. تلك حكمة التاريخ.
وهذا أحد قوانين النصر في أي صراع مصيري ممتد. مثل الصراع العربي- الصهيوني وقد اهتم "عقلاء" الصهاينة ومؤرخوهم ومفكروهم في دراساتهم عن حروب الفرنجة التي تسمي بالحروب الصليبية بدور المقاومة المستمرة العربية- الإسلامية علي مدي أكثر من قرنين في تقويض أركان الممالك الصليبية. وكيف تقبل العرب المسلمون بعامة تحمل أعباء هذه المقاومة المستمرة. التي إن توقفت قتالا أحيانا. فإن الصراع لم يتوقف بوسائل أخري لذلك حذر هؤلاء الصهاينة وكتاباتهم معروفة ومترجمة إلي العربية من ارتكاب خطيئة الحرب المستمرة من ناحية ومن انقطاع المدد البشري والمادي من الكيان الاستعماري الأم- أي من أوروبا وأمريكا وأما رجال السياسة الصهاينة والإسرائيليون فقد سعوا في الوقت نفسه إلي تفتيت قوي المقاومة العربية- الإسلامية بل ومحاولة التحالف أو علي الأقل التهادن مع بعض الكيانات العربية- الإسلامية القائمة في ذلك الوقت ومع ذلك فإن الخط الفكري العام في الفضاء العربي- الإسلامي ظل خط الجهاد والدعوة إلي القتال وما نسميه بلغة العصر المقاومة. وكأن شعارهم هو: المقاومة مستمرة من هنا كان المسمي الصهيوني. منذ بدايته. إلي بث دعوة مناقضة في الصف العربي والفلسطيني وهي أن المقاومة غير مجدية. بل إن عائدها هو الخراب والدمار. وأن نتيجتها هي أن يلد العرب للموت. وأن يبنوا للخراب وكي يتقوا هذا ويتجنبوه عليهم صرف النظر عن المقاومة وقبول ما يجود به عليهم أبناء عمهم الصهاينة! وفي سبيل بث هذه الأفكار الخبيثة والمدمرة استأجر الصهاينة وامتلكوا صحفا في أهم الأقطار العربية واستمالوا أقلاما وكسبوا عقولا.. ولكن هذا كان استثناء واستثناء محدودا. وهو الاستثناء الذي يثبت القاعدة كما يقولون.
الكرامة وأنبل الظواهر
ومنذ ثلاثية الرئيس السادات المشئومة أي الزيارة والكامب والمعاهدة. تداخلت واختلطت أوراق في الصراع العربي- الصهيوني خاصة منذ تحدث رحمه الله عن آخر الحروب ومن أن أوراق اللعبة بنسبة 99% في أيد غير عربية وعن سقوط الحائط النفسي وغير ذلك من الأفكار التي أصبحت من مسلمات "الساداتية العربية" التي تكاد تكون مدرسة سياسية وحدها. التي أثبت الزمن بطلانها وقد يكون من المجدي والمفيد هنا اليوم أن نستعيد وقائع محددة حول المقاومة وضد المقاومة.
** بعد عدوان يونيو 1967 مباشرة وفي ضوء دروسه المستفادة أكد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة. وفي ضوء هذا رأي أن المقاومة الفلسطينية- وكانت في بداياتها الأولي "أنبل ظواهر" ما بعد النكسة.
** في الفترة نفسها تقريبا. وصف "موشي دايان" وزير حرب العدو المقاومة بأنها مثل البيضة في يده يستطيع أن "يفعصها" في أي وقت وقد أثبتت التجربة أنه كان من الواهمين وتأكد هو نفسه من ذلك في 21 مارس 1968 في معركة الكرامة التي كانت أول وأكبر نصر للمقاومة 1968 في معركة الكرامة التي كانت أول وأكبر نصر للمقاومة حتي ذلك التاريخ. وأول هزيمة للجيش الذي قيل إنه لا يقهر.. استمرت المقاومة وتصاعدت. ومرت بتجارب كثيرة وارتكبت كثيرا من الأخطاء ولكنها بقيت عصية علي الذبح. وثبت أنها وجدت لتنتصر.
السادات و"علقة" المقاومة
** في مذكراته عن "السلام الضائع في كامب ديفيد" يروي محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية بعد استقالة الوزير إسماعيل فهمي. واقعة ذات دلالة خطيرة عند الاجتياح الإسرائيلي في مارس 1978 لجنوب لبنان. ومن أجل ضرب المقاومة الفلسطينية يقول كامل إن الغزو الإسرائيلي قوبل ببسالة وشجاعة منقطعة النظير "فقتل وجرح من القوات المعتدية المئات.. ولم ينجح الغزو الإسرائيلي في نهاية الأمر في تحقيق أحد أهدافه الرئيسية بالقضاء علي المقاومة الفلسطينية يومئذ اتصل إبراهيم كامل بالرئيس السادات تليفونيا أكثر من مرة لكن دون جدوي. وفي الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر اتصل السادات تليفونيا بوزير الخارجية وسألني في صوت ملؤه التثاؤب عن السبب الذي طلبته تليفونيا من أجله عدة مرات في الصباح فأجبته بأن الأمر يتعلق بالهجوم الإسرائيلي علي لبنان فقال السادات ضاحكا: "هل أعطوهم العلقة ولا لسه"؟ ولم يخطر ببالي ما يقصده فقلت متسائلا: "افندم"؟ فقال: "يعني أدبوهم ولا لسه"؟ وفهمت أخيرا أنه يقصد إن كان قد تم للإسرائيليين تلقين الفلسطينيين درسا بسبب العملية التي قام بها الفدائيون داخل إسرائيل منذ أيام ويعلق السفير محمد إبراهيم كامل علي هذا فيقول: "كان الدم يندفع إلي شرايين رأسي وأن أجيبه "لقد حدث العكس. ولقن الفلسطينيون الإسرائيليين درسا.. وكان يستمع لكلامي بشيء من الدهشة" "صفحة 215 و216 من طبعة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق. وهي من أسف بدون تاريخ أما طبعة كتاب الأهالي فقد صدرت في يناير 1987 وردت هذه الواقعة في الصفحتين 215 و216 أيضا هناك طبعة أخري صدرت عن مركز الأهرام للترجمة والنشر في 2002 "انظر ص176-177".
بوابة مصر الشرقية
من أسف أننا اليوم وفي مواجهة العدوان الإسرائيلي الجديد علي الشعب الفلسطيني في غزة لا نزال نقرأ ونسمع ونشاهد في الصحف والإذاعات والفضائيات كلاما يكاد يردد أصداء كلام الرئيس السادات في 1978 وهو كلام يردده وبكل أسي من يتمنون لو أن الإسرائيليين أعطوا الفلسطينيين "علقة"!! من أسف أن من يرددون هذا الكلام الأخرق يظنون أنهم يدافعون عن مصر ويذودون عن مصالح مصر والعكس علي طول الخط هو الصحيح ثم يزيد هؤلاء الطين بلة فيصفون صواريخ المقاومة بأنها "فشنك" وأنها خاصة في الأيام الأولي من الرد علي العدوان وأن الإسرائيلي لم تقتل فرخة في إسرائيل ثم يتباكون علي أحوال الشعب المشرد في غزة ويعددون من يسقط من شهدائه ومصابيه!
ولعلم هؤلاء فإن القضية هنا واليوم وأمس وغدا ليست هذا الفريق أو ذاك من فصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا أنها ليست حماس ولا من هم مع حماس ولا من هم وراء حماس القضية أولا وأخيرا كانت وستبقي هي فلسطين التي هي دهليز مصر وبوابتها الشرقية مما جعلها عبر الصراع ضد العدو الصهيوني وضد أي عدو آخر قضية مصرية ومصيرية لمصر. لا تستطيع أن تتخلي عنها أو تساوم علي حقوقها أو تفرط في أرضها أو تتجاهل شعبها لا يوجد مصري وطني وشريف يفعل غير هذا الصهاينة يدركون هذا ويعون جيدا "درس مؤتمر الرملة" الذي قرر فيه الفرنجة أن "مفتاح القدس في القاهرة" من هنا فإن "مصر المصرية" إن صح هذا التعبير أي مصر العربية مصر الشعب والوطن كانت وستبقي نصيرا وظهيرا وسندا ومؤازرا لشعبها الشقيق في فلسطين وهي في الوقت نفسه أكبر وأكبر من أي فصيل فلسطيني سواء كان اسمه حماس أو غير حماس.. ليت هؤلاء الفرقاء يدركون من جانبهم أن أي فصيل فلسطيني بحق لا يمكن أن تقطع شعرة معاوية مع مصر وهنا وبأصرح عبارة وأوضحها ليت حماس تتعلم من الجهاد فتضع فلسطينيتها فوق وقبل إخوانيتها في هذا مصلحتها ومصلحة فلسطين الشعب والأرض والقضية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف