- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2014-07-31
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدول التي يخدم عدد من حملة جنسيتها في صفوف القوات المسلحة الإسرائيلية إلى المسارعة بسحبهم بعد تسجيل الجيش الإسرائيلي لانتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان ومجازر حرب في الهجوم الذي يشنه على قطاع غزة منذ 20 يوما؛ نظرا لاحتمال أن يكون هؤلاء الجنود 'عرضة لاقتراف جرائم حرب'.
وقال 'الأورومتوسطي' في تقرير له يوم الاثنين الماضي ، إنه كان أصدر تقريراً في نوفمبر 2013 كشف فيه عن وجود مئات الأوروبيين والأمريكيين والكنديين وحملة جنسيات دول أخرى من الذين 'يتطوعون' للخدمة العسكرية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، ضمن قوات خاصة، شاركت في قتل المدنيين الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة، منوّهاً إلى أن هناك برنامجا في إسرائيل تسمح لأي شخص يهودي 'وليس بالضرورة إسرائيلي' للخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي.
وأضاف أن تقديرات مصادر مختلفة بينها الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن هناك أكثر من 6000 جندي يحملون جنسيات مختلفة منهم على الأقل 2000 أميركي يقاتلون الآن في جبهات عدة في الجيش الإسرائيلي؛ معظمهم على جبهة غزة.
وذكّر بأن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت في وقت سابق عن أن جنديين أمريكيين قتلا في اشتباكات في غزة يوم الأحد 21 تموز، وهما الجندي 'ماكس شتاينبرغ'، 24 عاماً، وهو من ولاية كاليفورنيا وكان يعمل في لواء جولاني في الجيش الإسرائيلي، و'نسيم شون كرملي'، 21 عاماً، وهو من ولاية 'تكساس' وكان يقاتل أيضاً في لواء جولاني.
وفي السياق ذاته أشار المرصد إلى بعض التقارير التي تشير لسقوط جنود يحملون جنسيات أخرى، موضحا أن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن أيضا عن مقتل الجندي جوردان بن سمحون، عمره 22 عاما، والذي يحمل الجنسية الفرنسية ويقيم في ضاحية ليون وسط فرنسا، وعمل في لواء غولاني وقتل في معارك بالشجاعية بقطاع غزة الاثنين الماضي.
وذكر الأورومتوسطي أن هناك عشرات من الأجانب الملتحقين بالجيش الإسرائيلي كانوا قد شاركوا أيضاً في الحربين السابقتين اللتين شنتهما القوات الإسرائيلية على غزة في كانون أول (ديسمبر 2008) وتشرين ثاني (نوفمبر 2012).
وقال المرصد الأورومتوسطي، والذي يتخذ من جنيف مقراً له: في ضوء اقتراف الجيش الإسرائيلي لهذه الجرائم المروعة، وقمعه القاسي للكفاح الفلسطيني ضد السيطرة الاستعمارية، وفي ضوء اعتبار المشاركة في هذا القمع أو دعمه بأية صورة -حسب ما نص عليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم( (3103 مخالَفةً لميثاق الأمم المتحدة، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولإعلان منح البلاد والشعوب المستعمرة استقلالها، فإن على تلك الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المجندون الإسراع في منعهم من الاستمرار في هذا العمل'.
وعبر الأورومتوسطي عن خشيته، أن يكون تجنيد هؤلاء الأفراد قد تم بدافع تحقيق مغانم شخصية من خلال تعويض مادي كبير يقدَّم لهم، وهو ما يتوافق مع التعريف الذي وضعته المادة (47) من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف (1977) للشخص الذي يعد مرتزقاً.
وقال إن المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة حظرت على الدول تجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم أو تدريبهم، وأوجبت عليها حظر هذه الأنشطة، مضيفا أن الاتفاقية عرفت المرتزق بأنه شخص يُجنَّد للاشتراك في عمل من أعمال العنف يرمي إلى تقويض السلامة الإقليمية لدولة ما، أو بغرض مقاومة الممارسة الشرعية لحق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير، ويدفعه لذلك مغنم مادي.
وذكر المرصد أن هذه القوانين تلقي بالمسؤولية على كل من إسرائيل والدول التي ينتمي إليها هؤلاء الجنود لوقف هذه الصورة من صور التجنيد بكل السبل ومهما كانت الأسباب أو الدوافع لذلك، والقيام بمحاسبة هؤلاء الأفراد ومن نظّمهم، خصوصاً في ظل ارتكاب الجيش الإسرائيلي لمجازر مروعة في حربه الدائرة على قطاع غزة واستهدافه الواسع للمدنيين بصورة غير مبررة.
ومن جانب آخر قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي نجم عنه حتى الآن مقتل أكثر من 1350 فلسطينياً، 82% منهم مدنيون، وإصابة أكثر من 7000 آخرين، غدا يمثل تهديداً للأمن والسلم العالميين.
وأشار المرصد في هذا الخصوص، في بيان صادر عنه اليوم الاربعاء، الى الاعتداء الإسرائيلي المتكرر على منشآت الأمم المتحدة في قطاع غزة، والتي كان آخرها القصف الذي تعرضت له إحدى مدارس وكالة 'الأونروا' في منطقة جباليا شمال قطاع غزة الساعة 4:40 من فجر اليوم، وأسفر في إحصاء أولي عن مقتل 15 فلسطينياً، معظمهم من الأطفال، وإصابة 90 آخرين، نتيجة سقوط خمس قذائف مدفعية إسرائيلية بشكل مباشر على إحدى الغرف الصفية أثناء نيام النازحين فيها وفق الإفادات التي جمعها المرصد.
وقال المرصد الحقوقي الدولي إن هذا الاعتداء على إحدى منشآت الأمم المتحدة، يأتي في ضوء معرفة الجيش الإسرائيلي المسبقة بأن هذا المكان يأوي قرابة 3300 نازح من مدنيِّي قطاع غزة الذين كانت صدرت لهم تعليمات من الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلهم، وتوجهوا إلى مدارس الأونروا طلباً للأمان. مشيراً إلى أن 'الأونروا كانت قد أخطرت الجيش الإسرائيلي بالموقع الدقيق للمدرسة وبإحداثيتها وبأنها تأوي آلاف النازحين 17 مرة متتالية خلال الأيام الماضية، آخرها كان قبل استهداف المدرسة بوقت قصير'.
ونوّه الأورومتوسطي إلى أن هذه هي المرة السادسة التي تتعرض فيها إحدى مدارس وكالة الأونروا لقصف إسرائيلي مباشر، مشيراً إلى أن قرابة 100 منشأة تابعة للأونروا تعرضت لأضرار منذ الأول من حزيران 2014، الأمر الذي تسبب بوقوع أعداد كبيرة من المدنيين الذين جاؤوا ليحتموا في تلك البنايات قتلى وجرحى، كما قتل حتى الآن 5 من الموظفين التابعين للوكالة. واعتبر المرصد الأورومتوسطي أن هذه الحوادث تعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وهي تعطي مؤشراً واضحاً على أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الناس في غزة بسياسة العقاب الجماعي وأنه ليس هناك من مكان آمن لأولئك الآلاف من المدنيين الأبرياء.
وعدّ الأورومتوسطي تمادي الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على منشآت تابعة للأمم المتحدة، وعلى قصف المدارس التي تعج بالمدنيين، إنما جاء بسبب عدم اتخاذ مجلس الأمن ووكالات الأمم المتحدة المعنية الإجراءات الصارمة تجاه هكذا انتهاكات، منوّها إلى الالتزام القوي الواقع على المجتمع الدولي وأطراف النزاع باحترام حرمة وقدسية منشآت الأمم المتحدة ومراكز إيواء النازحين من المدنيين.
وفي ضوء ذلك؛ اوصى المرصد بدعوة مجلس الأمن إلى التحرك العاجل للجم الاحتلال الإسرائيلي عن انتهاكاته المستمرة بحق المدنيين ومنشآت الأمم المتحدة، باعتبار ذلك يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، سنداً للمادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة، ودعوة مجلس الأمن إلى فتح تحقيق في الانتهاكات المذكورة آنفاً، وإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. ودعوة فلسطين إلى سرعة الانضمام إلى المحكمة لضمان عدم إفلات مجرمي الحرب من العقاب.
كما دعا المرصد، الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا سيما دول العالم المعنية بحقوق الإنسان إلى تفعيل دورها من خلال 'الاتحاد من أجل السلم' إذا فشل مجلس الأمن في اتخاذ الدور المنوط به.
كما دعا الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف إلى التداعي لعقد اجتماع طارئ والقيام بدورها بموجب المادة (149) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي نصت على أنه 'ما أن يتبين انتهاك الاتفاقية، يتعين على أطراف النزاع وضع حد له وقمعه بأسرع ما يمكن'. ودعوتها -أيضاً- إلى تفعيل مساءلة إسرائيل أمام محاكمها الوطنية، مستخدمة مبدأ الولاية العالمية وفق المادة 146 من الاتفاقية.
ودعا المرصد ايضا، الأمين العام للأمم المتحدة، السيد 'بان كي مون'، إلى إدراج إسرائيل في 'قائمة العار'، سنداً لدعوة مجلس الأمن اعتبار 'شن الهجمات، أو التهديدات المتكررة بشن الهجمات على المدارس والمستشفيات، وكذلك على الأشخاص المحميين خاصة ما يتصل بالمدارس والمستشفيات، مبرراً يدفع إلى إدراج الدولة التي تقوم بمثل هذه الأفعال في قائمة العار التي يعدها الأمين العام للأمم المتحدة'.
كما دعا المجتمع الدولي، ولا سيما الأطراف الفاعلة في المنطقة، إلى اتخاذ إجراءات سريعة وملموسة لوضع حد لهذا الدمار المستمر. والاحتلال الإسرائيلي إلى احترام قدسية وحيادية وحرمة المنشآت التابعة للأمم المتحدة وأماكن إيواء النازحين، وتجنيب المدنيين ويلات الحرب.