ظلت المبادرة المصرية الأساس الوحيد لمفاوضات وقف اطلاق النار في القاهرة، لكن الخلاف في شأن التعبيرات اللغوية المستخدمة في كل بند من بنود الاتفاق المقترح بقي سيد المشهد طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية. وقبل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي المبادرة المصرية أساساً للمفاوضات، لكن عندما بدءا التفاوض على التفاصيل اختلفا أشد الاختلاف، ما أطال فترة المفاوضات على هذا النحو.
وقال عزت الرشق ممثل حركة «حماس» في الوفد المفاوض «واجهتنا مشكلة كبيرة في اللغة المستخدمة، واللغة هنا تعني الشيء وتعني نقيضه، فعندما نقول: فتح المعابر للأفراد والسلع وفق آليات يُتفق عليها لاحقاً بين السلطة وإسرائيل، فهذا قد يعني أنه فعلاً سيجري الاتفاق لاحقاً على ذلك، وقد يعني أيضاً، وهذا هو المرجح، عدم الاتفاق، وبالتالي بقاء الحال كما كانت عليه قبل الحرب وسقوط ألفي شهيد».
وتبادل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي خلال أيام المفاوضات الطويلة التي كانت تبدأ في الصباح الباكر وتنتهي في آخر الليل، أو حتى عند الفجر، عشرات الصيغ المكتوبة لاتفاق مقترح، لكن لم يقبل أي من الطرفين صيغة الآخر. وحاول الجانب المصري في هذه الأثناء صياغة أرضية مشتركة بين الجانبين، لكن كل جانب كان يحمل المقترح المصري، ويذهب إلى قيادته، ويعود بعد قليل ومعه صياغات جديدة مقترحة.
ونصح الوفد المصري الجانبين قبول الاقتراح كما هو لأن قيام طرف بتغيير شيء فيه سيدفع الطرف الآخر إلى تقديم تغييرات ما يعيق التوصل إلى اتفاق.
ووافق الجانب الإسرائيلي على فتح المعابر أمام الأفراد والسلع، لكنه وضع جملاً تفيد بوجود قيود على بعض الفئات من البشر والسلع ذات الاستخدام المزدوج، المدني والعسكري، مثل الإسمنت والمعادن والكيماويات، ما جعل الجانب الفلسطيني يرفض. وقاوم الجانب الإسرائيلي بشدة محاولات الجانب الفلسطيني تثبيت حق قطاع غزة في إقامة ميناء بحري ومطار حتى عندما وافق الجانب الفلسطيني على تأجيل بحث هذين الموضوعين، إلى جانب مواضيع حيوية أخرى، إلى فترة لا تقل عن شهر من التوصل إلى وقف اطلاق النار. واشترط الجانب الاسرائيلي الموافقة على بحث المطار والميناء بموافقة الجانب الفلسطيني على بحث نوع السلاح من غزة.
ومن الأمور التي شملها التأجيل الأسرى الذين اُعيد اعتقالهم بعد أن تحرروا في صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل التي تسميها «حماس» صفقة «وفاء الأحرار» وتسميها إسرائيل «صفقة شاليت»، وكذلك تأجيل موضوع أسرى ما قبل أوسلو وجثث الجنود القتلى التي وقعت بين أيدي فصائل المقاومة أثناء الحرب في غزة. وعرض الجانب الإسرائيلي، في المقابل، صيغاً لغوية غامضة مثل يجري بعد شهر بحث موضوع جثث الجنود والأسرى وأموراً أخرى يجري الاتفاق عليها بين الطرفين.
وقال عضو الوفد قيس عبد الكريم «زرع الإسرائيلي في كل بند جملة أو بضع كلمات تفقده معناه وتبقي اليد الإسرائيلية العليا في تقرير مصير قطاع غزة». وحوّلت التعديلات الإسرائيلية المقترحة المطلب الفلسطيني من رفع الحصار إلى تخفيف الحصار، وفق قول السفير الفلسطيني في القاهرة جمال الشوبكي.
وفي محاولة لمنع حدوث انهيار امس بعد تجدد الاشتباكات في غزة، قدم الوفد الفلسطيني مبادرة اخيرة تمثلت في قبول المبادرة المصرية مع تعديل بعض الكلمات، لكن الجانب الاسرائيلي الذي انسحب من المفاوضات لم يرد على الاقتراح. وتضمن العرض الفلسطيني فتح المعابر الحدودية وفق الاتفاقات السابقة الموقع عليها بين منظمة التحرير واسرائيل، وقبول تاجيل بجث القضايا الصعبة مثل المطار والميناء الى ما بعد شهر. وربما يشكل العرض الفلسطيني الأخير فرصة لجهود مصرية اخرى قادمة متوقعة في الأيام القليلة القادمة...
محمد ضراغمة/امد

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف