يبدو أن خبر غرق المهاجرين الفلسطينيين على شواطئ ليبيا، ومصر، وإيطاليا، وغيرها، بات خبراً عادياً في وسائل الإعلام، تجلدت مشاعرنا ازاده، ولم نعد نصاب بأي رد فعل نحوه.
في البدء، كان المهاجرون من سوريا، على ضوء الأحداث الأليمة، التي أصابت البلد العربي الشقيق، وطالت، من ضمن ما طالت، مخيماته، خاصة مخيم اليرموك، ودرعا، وحندارات، وسبينه، وغيرها. وأمام انسداد سبل الحل، وتعثر رجوع اللاجئين إلى المخيمات التي هجروا منها، تحت وطأة الاقتتال ودخول المسلحين إليها، بدأ الفلسطينيون، كما بدأ سوريون، يبحثون عن الحل الفردي، في الهجرة إلى تركيا واليونان، والأردن، ولبنان، ومصر، والجزائر، على أن تكون هذه البلاد محطة انتقال إلى مكان لجؤ دائم. وقد حفزهم على هذا العمل، صعوبة العيش في المآوي الخاصة بالمهجرين، وغياب الدعم اللازم من المؤسسات الفلسطينية خاصة م.ت.ف. الممثل الشرعي والوحيد، للشعب الفلسطيني، وهشاشة المجتمع المدني الفلسطيني في سوريا، وغياب روافعه الاجتماعية من مؤسسات مدنية واتحادات شعبية ونقابات مهنية، وجمعيات نسائية وشبابية، وسواها.
صارت الهجرة هي السبيل الوحيد، كما يتصور المهجرون، إلى الخلاص. لكن هذه الهجرة أودت بحياة العشرات منهم، الذين قضوا غرقاً في البحر، وتلاعبت بهم الأمواج، وشاهدنا جثث العشرات منهم تنتشل، بين نساء وعجائز ومسنين وأطفال، وصار البحر هو الفوبيا الذي يشكل هاجساً وكابوساً لدى الفلسطينيين.
بعد كارثة سوريا، حلت كارثة غزة، فإلى جانب العدد المرتفع، والمرتفع جداً من الشهداء والجرحى والمعاقين، ارتفع عدد النازحين والعاطلين عن العمل. ولا نبالغ إذا ما قلنا أن نسبة العاطلين عن العمل في القطاع تجاوز الخمسين بالمئة. خاصة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات. القطاع محاصر، بالاحتلال والحصار الإسرائيلي. ومحاصر بالاحتراب الإعلامي والانقسام السياسي بين فتح وحماس. ومحاصر كذلك بأزمة مشروع أوسلو، وغياب المشروع الوطني الموحد. لذلك وجد الشباب في غزة، أن الحل يكمن في الهجرة.
وكما في سوريا كذلك في غزة وجد من يستغل مأساة اللاجئين الفلسطينيين، ويوفر لهم الهجرة إلى الموت مقابل أجور مالية عالية، تقاس بآلاف الدولارات.
نحن أمام مأساة وطنية من الطراز الأول، ندعو اللجنة التنفيذية في م.ت.ف. باعتبارها القيادة اليومية للشعب الفلسطيني لتحمل مسؤولياتها نحو شعبها، والبحث عن حلول ناجحة وناجعة لآلاف اللاجئين الفلسطينيين المهددين بالهجرة مرة أخرى، لكن إلى الموت هذه المرة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف