ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل في تقرير لها للصحفي والكاتب الأمريكي توماس فريدمان أن الحرب الأخيرة كانت بمثابة حرب دينية بين إسرائيل والفلسطينيين وأن الكثير من الجنود كانو يصلوا قبل الحرب والكثير منهم من المتدينيين المتطرفين وأثنى على الأنفاق وعلى براعة العمل بها وتحدث عن أحد قادة الكتائب وهو قائد كتيبة غفعاتي عندما طلب المساعدة من الله ضد الغزيين الإرهابيين حسب وصفه .
وقال فرديمان أنّه في بداية هذه الحرب، أعلن الكولونيل أوفير وينتر، قائد كتيبة غفعاتي وهو أحد أهّم الضباط الإسرائيليين على جبهة غزة، للجنود التابعين له في إيفاد رسمي وجّهه لقادة الكتائب والسريات في 9 تموز، أنّ التاريخ اختارنا لنكون رأس الحربة في القتال ضدّ العدو الغزاويّ الإرهابيّ حسب تعبيره، الذي يعتدي على قوات دفاع إله إسرائيل، ويسبّها ويلعنها، قائلا: كم هذا مُرعب.
وجاء في الرسالة أيضًا، كما أفاد الموقع نفسه، لقد خططنا وأعددنا لهذه اللحظة ونأخذ المهمة على عاتقنا بالتزام وتواضع كامل، ولأننا مستعدون للمجازفة وتعريض حياتنا للخطر لحماية عائلاتنا وشعبنا ووطننا بعد ذلك ذكر وينتر صلاة (شيما)- وهي صلاة يهودية يُقسم فيها المصلي يمين الولاء للإله الواحد، ويدعو لإله إسرائيل بجعل طريقنا ناجحًا بينما نقف ونحارب من أجل شعبك، شعب إسرائيل، ضد العدو الذي يلعن اسمك.
ووصف ميكي غيتزين، المدير التنفيذي لمنظمة (يسرائيل حوفشسيت- إسرائيل حرة)، وهي منظمة تدعو للحرية الدينية، الرسالة بأنها مثيرة للغضب.
وقال غيتزين هذا يحوّل الصراع من صراع ضدّ الإرهاب إلى حرب دينية ضدّ كل من يسكن غزة، وأضاف أنّ هناك ظاهرة دخول لغة دينية إلى الجيش وهي آخذة بالاتساع ووصفها بأنها خطيرة للغاية.
وأضاف: أتوقّع من قيادة الجيش الإسرائيليّ أنْ تتذكر أن الجيش الإسرائيليّ هو جيش الشعب وليس ميليشيا دينيّة.
ورأى الصحافيّ اليهوديّ الأمريكيّ، توماس فريدمان، أنّه منذ مطلع الألفية الثانية، اعتمدت إيران وعميلاها وهما حزب الله، ومؤخرًا حركة حماس، إستراتيجيّة ثلاثيّة الأركان حيال إسرائيل، وتابع قائلاً إنّ الركن الأوّل يقوم على حرب غير متوازية القوة، تُستخدم فيها بشكل أساسيّ الصواريخ الرخيصة بهدف شلّ القرى والمدن الإسرائيلية، وزعم أنّ نظام القبة الحديدية الإسرائيلّي نجح في إبطال مفعول هذا السلاح، وبالتالي، لم تتسبب صواريخ حماس بأيّ ضرر يذكر.
أمّا الركن الثاني، وقد ظهر للمرة الأولى في حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، فيقوم على اختباء مقاتلي حماس ومُطلقي الصواريخ بين سكّان المناطق المكتظة في غزة، لإقحام إسرائيل في حرب لن تتمكّن فيها من هزم حركة حماس أوْ إحباط عزيمتها، إلا إذا واجهت خطر اتهامها باقتراف جرائم حرب.
ولفت أيضًا إلى أنّه في الواقع، لن ينفي أحد صراحةً الأمر، ولكن يكفي أنْ تدرس تفاصيل هذه الحرب، الحرب الأخيرة على غزّة، لتفهم أنّ إستراتيجيّة الردع التي تعتمدها إسرائيل تقوم على عدم السماح لحماس أو حزب الله بالتفوق علينا، وأنا لا أعتقد أن إسرائيل كانت تستهدف المدنيين في غزة، لا بل أرى أنّها حاولت تجنّبهم، ولكنّ في النهاية، لم تُردع إسرائيل بحجة احتمال التسبب بإصابات مباشرة بالغة بين المدنيين لأنّ حماس استعملتهم كطُعم لارتكاب جرائم حرب، وقد فعلت إسرائيل كل ما هو ضروريّ لتثبت لمقاتلي حماس بأنّهم لن يتفوقوا عليها جنونًا في هذه المنطقة.
وأضاف أنّ كلّ ما حصل بغيضًا جدّاً، ونحن لسنا في اسكندينافيا، ويقوم الركن الثالث في إستراتيجيّة إيران، حزب الله وحماس على ضرورة أن تُبقي إسرائيل فلسطينيي الضفة الغربيّة تحت الاحتلال إلى الأبد، لأنّ دوام الاحتلال الاستيطانيّ ضروريّة لنزع شرعية إسرائيل وعزلها عن الساحة الدوليّة، لا سيّما بالنسبة إلى جيل الشباب في الغرب، ولتحريض المسلمين ضدّ إسرائيل، والحقيقة أنّ حماس حققت نجاحًا باهرًاً على هذا الصعيد.
وإستطرد قائلاً: لقد شاهدنا ذلك بوضوح في قرار إدارة الطيران الفيدراليّة بوقف الرحلات إلى إسرائيل لفترة وجيزة، بعد وقوع صاروخ واحد فقط من صواريخ حماس على مسافة كيلومتر ونصف من المطار، إنّها بالتحديد الرسالة التي أرادت حماس إيصالها: إنْ كنّا قادرين بصاروخ واحد يُطلق من غزّة على إقفال مطاركم، وهو شريان الحياة الذي يصلكم بالعالَم، فتصوّروا ما الذي سيحصل لو انسحبتم من الضفة الغربية المجاورة، من الآن فصاعِداً، سيُستعمل حظر إدارة الطيران الفيدرالية كحجّة رئيسيّة كي لا تتخلى إسرائيل يومًا عن الضفة الغربية.
وثمّة ركن آخر، أضاف الصحافي اليهوديّ الأمريكيّ، هو أنفاق حماس وما كشفته من أمور: لقد زرت أحد هذه الأنفاق خلف حدود غزة، على مقربة من مستوطنة "عين هشلوشا- العين الثالثة" ، فشاهدتُ على امتداد عدّة كيلومترات تقريبًا، جدرانًا وسقفًا من الخرسانة الجاهزة، وكان المكان مزوّدًا بالتيار الكهربائيّ وبسكك حديديّة، لكنّ أكثر ما لفتني هو البراعة في إنجاز هذا العمل، والطريقة الممتازة لتصميم قطع الخرسانة ورصفها.
وأوضح فريدمان أنّه تطلّب بناء النفق سنوات عديدة وملايين الدولارات، واستخدام موارد هائلة كان يفترض أنّها مخصصة للطرقات المدنية والمباني والمدارس.
وحسب فريدمان : كان الهدف من النفق واحدًا، وهو طبعًا ليس تصدير الفاكهة، إنّما نقل المقاتلين إلى داخل المستوطنة، وما أكثر عددهم فيها ولا بدّ لي من القول إنني ذُهلتُ أمام التفاني الكبير الذي تطلّبه حفر هذا النفق، فاليوم، تكمن القوة الفعليّة بين أيادي القوى الوطنيّة الدينيّة في المنطقة، فيتّخذ الصراع بالتالي طابعاً دينيًّا متزايدًا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف