- تصنيف المقال : موقفنا
- تاريخ المقال : 2014-11-25
إن تكرار عمليات الدهس التي قام بها فلسطينيون ضد جنود ومستوطنون يهود في القدس هي عبارة عن رد لعمليات دهس سابقة ليهود ضد أطفال فلسطينيون، ورد على اقتحام المقدسات الفلسطينية وتدنيس المستوطنين لباحات الأقصى والتنكيل اليومي للفلسطينيين على الحواجز الإسرائيلية الكثيرة، ونقاط التفتيش في كل مكان في الضفة الغربية والقدس. إن هذه العمليات أثلجت صدور الأمهات الثكلى والآباء الفلسطينيين المكلومين على أولادهم الذين قتلوا وجرحوا واعتقلوا على يد الجيش الإسرائيلي، إن هذه العمليات رد فعل عفوي وطبيعي على الجرائم التي ترتكب على أيدي المستوطنين والجيش الإسرائيلي وسط قناعة بان العرب والنظام العربي عاجز ولن يفعل أو يقدم شيء...
عندما حرق المستوطنون الطفل " محمد ابو خضير"، انتفضت غزة، واتسعت دائرة ردود الفعل الفلسطيني الإسرائيلي في غزة حتى وصلت إلى مستوى الحرب، أيضا،، ان المردود لا يذهب سدا، فان مشاهد القتل والقصف والدمار المروع في غزة و التي عرضتها وسائل الإعلام والقنوات كان لها ابلغ الأثر في عقول وقلوب وضمائر الفلسطينيين في كل فلسطين ، بما يشمل القدس، وان الشاب الذي يقوم بدهس جنود ومستوطنين تكون تلك المشاهد ماثلة أمام ناظريه، مترسخة في قناعاته وعقله الباطني، وتدفعه للتضحية من اجل الرد على هذا الارهاب الصهيوني المنفلت من عقاله ، لان الإنسان الفلسطيني لا يرضى بضيم ولا يعيش بدون كرامة ، هذه المعادلة لا يزال لا يفهمها الاسرائيليين أو يتجاهلونها.
إن مباركة الفصائل الإسلامية لتلك العمليات، و الترحيب الكبير والتعاطف الواسع من الأهالي والمدن الفلسطينية والإعلام الفلسطيني والعربي لتلك العمليات سيشجع كثير من الشباب في القدس، ومناطق تماس أخرى مع إسرائيليين لتنفيذ مثل هذه العمليات في القريب. هذه العمليات – التي سجلت عجزا إسرائيليا- تعتبر بمثابة الفكرة الأولية والشرارة الأولى لتنفيذ كثير من هذه العمليات التي ليس لها أي حل إسرائيلي . لن تنفع قبة حديدية ولا أجهزة الأمن والاستخبارات، ولا بنادق ولا أي سلاح أمام سيارة كبيرة عريضة تسير بسرعة 120 كيلو في الساعة في إحدى الشوارع يقودها فلسطيني قرّر ان يستشهد فداءا لفلسطين ودفاعا عن شعبها وتنعطف " تنحرف فجأة" لكي تأخذ في طريقها "غير مأسوف عليهم" أربعة أو خمسة أو عشرة أشخاص من الارهابين الصهاينة إلى مثواهم الأخير..
إن هذه العمليات جزءا من الثمن العالي الذي سيدفعه الإسرائيليون نتيجة ما شنوه من حروب على غزة وأهلنا في كل فلسطين،وهي نُذر للبركان القادم
منذ سنوات يتعرض سكان القدس والضفة الغربية لاعتداءات المستوطنين ، وقد احرق اعضاء تدفيع الثمن المتطرفين واتباع كاهانا ومعهم بن جبير واريه ايلداد واوري ارئيل وميري ريجيف وموشيه يعلون والحاخام جليك وموشيه فيغلين وثلة من المأفونين وغلمان التلال ، لقد احرقوا الاشجار وخلعوا الزيتون ودنسوا المساجد ومزقوا المصاحف ودمروا الكنائس وضربوا رعاة الغنم وانتشروا في الجبال كالجراد في موجة ارهابية منظمة تحت اشراف الحكومة الاسرائيلية-انه ارهاب الدولة ، وكان سكان الضفة يستغيثون بالعالم، ولكن لم يسمع نداءهم احد.
سنوات والفصائل والسلطة والمؤسسات الدولية واليسار الاسرائيلي ومؤسسات حقوق الانسان تحذر من جرائم المستوطنين وارهابهم، وقد طغوا وبغوا ورفضت حكومة نتانياهو مواجهتهم ولا حتى محاكمتهم ، وشاهد الفلسطيني الذي أراد ان يعيش بهدوء للحظة من الزمن ، رأى كيف ان المحاكم الاسرائيلية تحكم على اي مستوطن يقتل فلاحا فلسطينيا بالعمل في مؤسسات المجتمع لمدة شهرين وغرامة عدة دولارات . شاهد الفلسطيني كيف لا يتم اعتقال مستوطني الخليل والذين يقودهم الارهابي بن جبير حتى وان احرقوا منازل الفلسطينيين وقتلوا الاطفال في يوم العيد . وشاهد المواطن كيف تقوم شرطة اسرائيل ووزراء حكومة نتانياهو بمنح النياشين وشهادات التقدير لكل شرطي يقتل فلسطيني ويمتدحونه على شاشات التلفزيون.
البركان بمفهوم الغضب الشعبي بدأ في القدس ، ولم يقف عندها بل امتد الى جميع البؤساء والمظلومين في المثلث والجليل وعكا ومدن الضفة وغزة ، وبعيدا عن كلام المنظّرين على شاشات التلفزيون فان الواقع هنا مختلف ، بشكل اعمق من التحليلات السياسية .
حماس اعتقدت ان الضفة ستقوم بانتفاضة ثالثة ضد السلطة ، والسلطة اعتقدت ان جماهير غزة ستثور ضد حماس ، وفشل الشاباك والموساد مرة اخرى في فهم الواقع . وغضبت القدس ، بطلقة واحدة من مسدس غاضب في صدر الحاخام جليك قامت الدنيا ولم تقعد وبدأ تدفيع الثمن يأخذ دورته العكسية. .
فالحرب الاخيرة غيّرت الفلسطيني وجعلته اقرب الى القدس من اي وقت مضى ، وكان على القادة ان يفهموا ان هذا الجيل الذي رمى نفسه في البحر بحثا عن الهجرة ، مستعد لفعل اي شئ ، من اجل الحرية.
ونقول لنتنياهو وحكومته،وللشاباك والموساد وامان وكل اجهزة امن الاحتلال وجيشه عليهم ان يعوا جيدا.ان كل العالم لن يستطيع ايقاف جيل يبحث عن الحرية،الا من خلال منحه الحرية والكرامة والانسانية .وان تدخلات نتنياهو جاءت متأخرة جداً. فالفهم بأن التوتر حول الحرم سينتقل الى عنف أوسع بات قائما منذ أكثر من سنة. فمن شارك في الاجتماعات الحساسة التي بحثت في ذلك في السنوات الأخيرة يقولون ان نتنياهو، الوزراء وقادة جهاز الامن تلقوا من رجال الاستخبارات المختلفة المرة تلو الاخرى تحذيرات شفوية وخطية من أن في الحرم تطور خطير. فعندما يتنافس الوزير اوري ارئيل، نائبة الوزير تسيبي حوتوبيلي، نائب رئيس الكنيست موشيه فايغلين ورئيسة لجنة الداخلية ميري ريغف فيما بينهم في التصريحات ، فإن الفلسطينيين يفهمون جيدا عمق المؤامرة الحكومية الهادفة الى تحطيم الوضع الراهن بالنسبة لصلاة اليهود في الحرم. ونقول لهم انكم لا تلعبون بالنار مع بضعة اعواد ثقاب بل تلعبون بالنار بالمشاعل .
أن استهداف القدس الشرقية والمسجد الأقصى ، استيطانا وتهويدا ، ليس بالأمر الجديد ، فهو متواصل منذ 1967. الجديد في الأمر وصول عمليات الاستيطان والتهويد في القدس والأقصى والضفة الغربية بشكل عام لمستوى غير مسبوق في حجمه وفي استفزازه لمشاعر الفلسطينيين واستهتاره بالسلطة الفلسطينية ، وفي تجاوزه لكل المواثيق والأعراف والاتفاقات الدولية والثنائية ، مع انكشاف حقيقة النوايا الإسرائيلية بفصل القدس عن الضفة الغربية مع تكريسها عاصمة أبدية لدولتهم . الاحتقان الشعبي بدأ في مدينة القدس جراء قرار حكومة نتنياهو استباحة المدينة استباحة شاملة وإذلال وقهر مواطنيها على رؤوس الاشهاد .
الطرف المسؤول عن انتاج العنف وتحويل الصراع إلى صراع ديني هو حكومة نتنياهو واقطابها من وزراء واعضاء كنيست وجنرالات امن وشرطة الذين يتجاهلون كل الاسباب الحقيقية للاحتجاجات والانفجارات الشبابية، هؤلاء الذين تنكروا لأي عمل سياسي من شأنه تقليص الاحتلال ووقف التوسع، وأهالوا التراب على كل المساعي السياسية الدولية للبحث عن حل، واعلنوا أن مهمتهم المركزية هي تجريد الشعب الفلسطيني من ابسط حقوقه الوطنية والمدنية وإرجاعه إلى عصر العبودية الغابر.
حكومة بمعظم اقطابها تخلع ثوب العلمانية وترتدي "الكيباه" وتنضم إلى "أمناء جبل الهيكل" لحسم السيطرة على المسجد الاقصى واقتسامه.
هؤلاء هم من قاموا بإشعال الحريق الجديد وصبوا الزيت على النار كلما اوشكت على الهمود. انها القدس ايها الاغبياء...انه الاقصى ايها المجرمون الارهابيون.
انتم فتحتم الابواب فسيأتيكم الجواب... وانتم بدأتم المأساة فكيف ستنهوها؟.
بقلم:مدير الموقع