رغم انه من المبكر جدا الحديث عن معالم أو تفاصيل الخارطة السياسية التي قد تنتج عن الانتخابات الإسرائيلية أو الحراك الحزبي والسياسي الذي يسبق هذه الانتخابات لكن يبدو أن نتنياهو قد ضبط اليمين بأحزابه غير الجاهزة داخليا لخوض الانتخابات المبكرة .

وتسبب تقديم الانتخابات الإسرائيلية بهذه الصورة والسرعة حالة من السيولة الحزبية عموما وداخل معسكر اليمين اليهودي خصوصا ففي حين شهد معسكر " اليسار – الوسط " ولادة حلف أو تحالف حزب العمل برئاسة "اسحاق هرتصوغ " وحزب " الحركة "برئاسة وزيرة القضاء المقالة "تسيفي ليفني" بما يضمنه هذا الاتفاق من مبدأ التناوب على رئاسة الوزراء وضمان ستة أعضاء من حزب " الحركة " على القائمة المشتركة مرتبين ما بين الرقم 2 إلى 25 .

ويشهد معسكر اليمين انقسامات بعضها بات واقعا ويكاد الكثير من التهديد بالانشقاق والانفصال وخوض الانتخابات بأحزاب وقوائم جديدة تأكل من كتف الليكود وأحزاب اليمين ما يهدد بتشتيت أصوات اليمين وبالتالي فتح الباب أمام فرصة ولادة " حزاب" أو كتل برلمانية صغير تجيد الابتزاز السياسي والمالي .

داخل البيت الليكودي يواجه نتنياهو تحديات داخلية ليست بالسهلة فبعد ان حقق نجاحا استهلاكيا عبر موافقة "مؤتمر الحزب" الذي عقد في مستوطنة "ارئيل" على إجراء الانتخابات الداخلية لرئاسة الحزب والقائمة وأعضاء القائمة في يوم انتخابي واحد هو 31/12 وكذلك نجاحه في تمرير المواقع "المضمونة " على قائمة الحزب الانتخابية حمل اليوم " الاثنين" لنتنياهو بشائر غير مريحة بعد أن قبلت محكمة الحزب الالتماس الذي قدمه منافس نتنياهو الأبرز داخل الليكود "موشه فيغلين " ورفضت قرار مؤتمر الحزب وألغت المواقع المضمونة على القائمة الانتخابية وفصلت يوم انتخاب رئيس القائمة على يوم انتخاب أعضاء القائمة ما يعني أن نتنياهو في حال رفضت المحكمة الحزبية الاعتراض الذي قدمه المعسكر الذي يمثله سيواجه انتخابات داخلية مفتوحة مجردا من سلاح "الرشوة السياسية " عبر منح مواقع مضمونة على القائمة لشخصيات حزبية محورية تعتبر مفتاحا من مفاتيح المعسكرات الحزبية، ما يعني انه سيخوض انتخابات من الصعب عليه ضمان نتائجها أو حتى اتجاهها العام في ظل تنامي قوة معسكر اليمين المتطرف والمستوطنين داخل مؤتمر الليكود هذا المعسكر الذي يعتبر " فيغلين" من أهم رموزه وقادته .

ولم تكن الأحزاب اليمينية والمتدينة بعيدة عن الهزات الداخلية فباتت حركة "شاس " المتدينة على أبواب أنشاق أضحى في حكم المؤكد بعد ان فشل اجتماع الفرصة الأخيرة الذي عقده اليوم مجلس حاخامات الحركة في التقريب بين رئيسها " ارئيه "درعي" والقائد البارز فيها "الي يشاي" الذي حزم أمره وفقا للتقارير على الانشقاق وخوض الانتخابات ضمن قائمة مستقلة منافسة لحركة "شاس" وتنافسها على ذات الجمهور الانتخابي تقريبا ما يعني احتمالية حدوث شرخ ليس فقط في بنية حركة "شاس" بل قد يصل الى شق صفوف كتلتها الانتخابية التي ضمنت لها على مدى السنوات الماضية عددا مستقرا نسبيا من أعضاء الكنيست .

ومن المتوقع أن يعلن " ايلي يشاي" قريبا جدا عن انسحابه الرسمي من حركة " شاس" وإقامة حزبا جديدا لخوض الانتخابات .

تحديا اخر برز على الساحة اليمينية يتمثل في قرار وزير المواصلات السابق وكذلك وزير الرفاه في الحكومات السابقة وعضو حزب الليكود " موشه كحلون" الذي سبق له ان انسحب من الليكود تشكيل حزب جديد يحمل اسم "كلنا" لخوض الانتخابات ضمن معسكر الوسط حسب تصنيفه لنفسه طارحا حزبه ونفسه بديلا منطقيا لنتنياهو الذي لم يخف خشيته من شعبية " كحلون " داخل الوسط الليكود خصوصا والساحة اليمينية " الوطنية " عموما.

وعيش حزب "البيت اليهودي" حالة من التجاذب التي لم تستقر حتى الان على اتجاه معين خاصة في ظل تواصل جهود رئيس هذا الحزب "نفتالي بينت " الرامية الى منع انشقاقه وخروج مكون أساسي من مكوناته ممثلا بحزب "الاتحاد الوطني- المفدال" برئاسة اوري ارئيل الذي هدد بالانشقاق وهناك تقارير متواترة عن إمكانية تحالفه مع المنشق عن حركة "شاس" ايلي يشاي" .

واجتمع " نفتالي بينت " مع رئيس حزب المفدال "اوري ارئيل" يوم أمس الأحد لمدة ساعتين لبحث الخلافات ومحاولة منع الانشقاق ورغم وصف مقربي "بينت" اجواء اللقاء بالايجابية وتأكيدهم على تحديد اجتماع أخر لاستكمال النقاش سارع عضو حزب " البيت اليهودي" يوني شتفون" الانسحاب من الحزب والانضمام إلى حزب "ايلي يشاي" الجديد .

وقال مصدر مقرب من "اوري ارئيل" بان تحقيق اتفاق مع "نفتالي بينت" أو عدم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق سيؤثر بكل تأكيد على ما يجري داخل حركة "شاس" التي تواجه خطر انشقاق "ايلي يشاي" الذي منحته اخر استطلاعات الرأي 7 مقاعد في حال خاض الانتخابات ضمن حزب جديد مستقل عن " شاس" مؤكدين في ذات الوقت بان المفاوضات مع "بينت " لم تصل حتى ألان إلى لحظة الانفجار .

وتؤكد المصادر الحزبية والسياسية الإسرائيلية وجود اتصالات حثيثة لبلورة قائمة بديلة لحركة "شاس" تكون اكثر يمينية وقالت "حريدية طائفية لكناه اوسع تمثيلا لليهود الشرقيين" .

وفي هذا السياق هناك قناعة تامة لدى مؤيدي وزير الداخلية السابق "ايلي يشاي" بان اتحادا ووحدة مع اليمين سيمنحهم 7 مقاعد في الكنيست القادمة بدلا من 4 مقاعد في حال خاضوا الانتخابات ضمن قائمة منفردة .

وأخيرا يسعى "يشاي" ويركض خلف أصوات الناخبين ضمن الجمهور التقليدي واليميني الذي سيترك "شاس" التي باتت تميل نحو "الحريدية " والتزمت بعد أن تولى أمرها رئيسها الحالي "ارية درعي" حسب تعبير المقربين من "يشاي" .

وفي سياقات التحالفات المتوقعة مع ضرورة ملاحظة وجود الكثير من التصريحات والتهديدات التي تصب في خانة المناورات السياسية والحزبية بما جعل التمييز بينها وبين التصريحات الصادقة أمرا في غاية العسر والصعوبة أعلن رئيس حزب " إسرائيل بيتنا " افيغدور ليبرمان يوم أمس " الأحد " عدم استثنائه من دائرة التحالفات مع وزير الجيش الحالي " بوغي يعلون " ونتنياهو وما بينهما دون إن يستبعد اليوم التحالف مع حزب العمل لكنه استبعد في مطلق الأحوال إمكانية التحالف مع "يائير لبيد ". وفي مفاجأة من العيار الثقيل أعلن ليبرمان يوم أمس أيضا عدم استبعاده التنافس على رئاسة الوزراء قائلا "يوجد لدى المعسكر الوطني أكثر من مرشح لرئاسة الحكومة" وذلك في تلميح اقرب للتصريح يتعلق برؤيته لنفسه ناضجا من الناحية السياسية والقضائية بعد تبرئة ساحته من الملاحقات القانونية المختلفة لدخول معترك المنافسة على رئاسة الوزراء ما يترك نتنياهو أمام خصم لا يستهان به.

والغائب الأكبر عن هذه الساحة المتحركة والسائلة هو رئيس حزب "يش عتيد" يائير لبيد الذي تحول في ليلة وضحها بالنسبة لأحزاب السياسية كالعنزة الجرباء افردها القطيع حيث أعلنت جميع الأحزاب المؤثرة تقريبا عدم استعدادها لمجرد بحث التحالف معه .

وفي خطوة استباقية سارع " لبيد" إلى طرح "خطته السياسية " كان عبارة عن نسخة غير منقحة لخطة وبرنامج "ليبرمان " السياسي وذلك فيما بدا كمحاولة يائسة لاسترضاء ليبرمان الذي سارع وأعلن بأنه لن يتحالف بمطلق الأحوال مع "لبيد" وكذلك كان مصير الشائعة التي راجت عن إمكانية إقامة تحالف بين لبيد – كحلون – ليفني " حيث سارعت أطراف هذه المعادلة إلى التنصل من "لبيد" وحزبه لتصل حالة البراءة والتنصل من ارث "لبيد" الى حلفيه السابق رئيس حزب البيت اليهودي" بينت " الذي أعلن بان التحالف مع " لبيد" كان خطا ولن يتكرر .

وأخيرا هناك وكعادتها في كل معركة انتخابية حديث عن توحيد الأحزاب العربية ضمن قائمة واحدة لخوض الانتخابات التي تجري في ظل قانون رفع نسبة الحسم إلى 3:25% ما يعني نظريا خروج بعض هذه الأحزاب من المنافسة في حال لم تتحد وتشكل قائمة موحدة .

هذه قراءة مبدئية وسريعة في المشهد الحزبي الإسرائيلي مع ضرورة التأكيد على سرعة تغير المعطيات ووجود الكثير من الإشاعات والتصريحات التي تقع في سياقات المناورة السياسية إضافة إلى طول الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات المقررة في 17/3/2015 وهي فترة ليست بالقصيرة في واقع السياسة الإسرائيلية ودهاليز الانتخابات والتحالفات وسوق المصالح المتناقضة والمتوافقة بين مكونات وشخوص هذه الأحزاب والقوى السياسية .

عن وكالة معا الاخبارية

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف