- الكاتب/ة : رئيس تحرير الموقع
- تصنيف المقال : موقفنا
- تاريخ المقال : 2013-04-27
انتصر الاسير سامر العيساوي بإرادته وأمعائه الخاوية على عنجهية وصلف السجان. إنتصر سامر لأنه إمتلك الإرادة، ورفض كل أشكال المساومة على حريته، وعندما قلنا بأن صفقة الوفاء للأسرى رغم انها شكلت إنتصاراً إلا أنها مهدت الطريق لشرعنة الإبعاد، حيث ان 40% من الأسرى المحررين في الصفقة جرى إبعادهم قسرا الى غزة والخارج، والان يعيد سامر إتجاه البوصلة وتجليس الهرم، برفضه الخروج والتحرر إلا لمسقط رأسه في القدس.
وهذا دليل حي على أن الإرادة تصنع المعجزات، وليت المفاوض الفلسطيني يتعلم من سامر، فبدل الإستجابة للشروط والإملاءات الإسرائيلية والأمريكية بالعودة المتكررة الى طاولة المفاوضات العبثية، بدون تحقيق أي إنجاز يذكر، وانا على قناعة تامة لو أن السلطة الفلسطينية ومفاوضيها تمترسوا خلف مواقفهم ورفضوا العودة لتلك المفاوضات العبثية إلا بإطلاق سراح الأسرى القدماء والمرضى والأطفال والنساء، ووضع جداول زمنية لتحرير بقية الأسرى، لما وصلنا الى أن يستشهد المزيد من أسرانا في سجون الإحتلال وزنازينه.
والان بعد الإنتصار البطولي الذي حققه سامر في أشرس واطول ملاحم البطولة والفداء في معارك الأمعاء الخاوية، فإنه آن الاوان لكل أبناء الحركة الأسيرة، ان يجروا عملية تقييم شاملة لأوضاعهم في سجون الإحتلال، عملية يكون على رأس جدول أعمالها، بأنه آن الاوان لتوحد الحركة الأسيرة، ومركزة قراراتها وتوحيد أداتها التنظيمية الوطنية، لكي تحمي وتدافع عن وجودها وتصون منجزاتها ومكتسباتها، وتمنع التعدي على حقوقها، ولكي تشكل صمام امان يقيد سلوك السلطة ويمنعها، من العودة الى المفاوضات، قبل أن يستعيدوا حريتهم، حتى لو إضطرهم الأمر الى خوض اضراب مفتوح عن الطعام ضد ذلك، فلم يعد من المقبول أو الجائز العودة لتلك المفاوضات بدون تحرر الأسرى القدماء ووضع جداول زمنية لتحرر بقية الأسرى.
وكذلك على الحركة الأسيرة، ان لا تترك الإحتلال وإدارة مصلحة سجونه واجهزة مخابراته، تتفرد بالأسرى، فمعركة أي أسير يجب ان تكون معركة مجموع الأسرى،وكذلك بالقدر الذي تكون فيه الحركة الأسيرة متوحدة وقوية ومتماسكة، فإنها تستطيع ان تتحقق الإنجازات والإنتصارات،وعليها ان تلفظ الإنقسام الى غير رجعة،وان لا تسمح له بالتسلل الى اوساطها، فالانقسام هو بمثابة السرطان الذي يفتك بالحركة الأسيرة، ويسمح للاحتلال أن ينفذ من خلاله ويتغلل في أوساطها ،من أجل ان يضعفها ويبقيها مشتتة ومفرقة وضعيفة ومفككة، وبما يمنعها من النهوض والتوحد لحماية وجودها والدفاع عن منجزاتها ومكتسباتها.
سامر أثبت بشكل قاطع وملموس بأن خيار الصمود والمقاومة والثبات على الموقف والمبدأ وإمتلاك الإرادة،هي العوامل الهامة والأساسية في تحقيق أي انتصار، وكذلك هذا دليل قاطع على أن الشعب بحاجة الى قيادة وطنية موحدة بحجم تضحياته، قيادة تستثمر هذه التضحيات من أجل شعبها وحقوقه فقط وعندها ستزداد حدة شعبنا ليقف الى جانب قيادته ويستبسل في نضاله من اجل التحرر والاستقلال.
ان استمرار الانقسام وتلك الاصوات التي تريد تطويع الشعب وفق مصالحها وإمتيازاتها، لا تعبر عنه، بل هي لا تحترم قرارات مؤسساتنا الوطنية.
صمود الأسير البطل سامر العيساوي، يجب بالضرورة ان يبنى عليه، وان يكون مقدمة لرسم إستراتيجية جديدة للتعاطي مع كافة قضايانا، فلا يجوز الإستمرار بنفس الطريقة والآليات في معالجة تلك القضايا، ولا يحق لأحد ان يدعي إمتلاكه للحقيقة الكاملة، فالمشروع الوطني هو ملك الجميع، ولا يحق للبعض العبث فيه، وإستخدامه من اجل المقامرة والتجريب، كما انه لا يحق لاي كان ان يتفرد بالقرارات المصيرية، او الدوس والقفز على المؤسسات الشرعية، فالأساس الأول للوحده يقول من هو شريك في الدم والتضحية والنضال،هو شريك في القرار ورسم الإستراتيجية.
الآن سامر حقق إنتصاراً غير مسبوق، وبالتالي هذا الإنتصار، يجب أن لا يكون من أجل ان يتسلق عليه البعض ممن كانوا يمنون النفس بعدم صمود سامر وتراجعه عن إضرابه المفتوح، والان ياتون لكي يستعرضوا بطولاتهم وصولاتهم وجولاتهم، هذا الإنتصار يجب ان يكون درساً للجميع، بأن ما كان مقبولاً سابقاً أو مارسه البعض، بقبول إبعاد ونفي الأسرى، لن يكون مسموحاً من الان فصاعداً، فهذا ملف يجب ان يغلق الى غير رجعة، فنحن خبرنا الإحتلال جيداً، فهو لا يلتزم بأية إتفاقيات ويعتبر نفسه فوق القانون الدولي، وهناك من يوفر له الحماية والمظلة من أية قرارات او عقوبات تتخذ بحقه او تفرض عليه في المؤسسات الدولية، وما زالت تجربة إبعاد مبعدي كنيسة المهد ماثلة امامنا، وكذلك مبعدي صفقة وفاء الأحرار، حيث لم يعد احد منهم،رغم إنتهاء مدة الإبعاد المتفق عليها للعديد منهم، وحتى المناضل عبد الله داود الذي توفي في الخارج، لم يسمح بعودته حتى في كفن.
وختاماً نقول كل التحية لسامر العيساوي، الذي إستطاع بإرادته وصموده أن يصنع فجراً لحرية قادمة، وهذا درساً لنا جميعاً بأن الإنتصار ممكن تحقيقه، ولكن بحاجة الى إرادة وصمود وثبات على الموقف والمبدأ، وهو كفرد إستطاع ان يحقق صموداً وإنتصاراً، فكيف إذا ما توحد الموقف والجسد الفلسطيني، ووضعنا مصالحنا الوطنية فوق مصالحنا الحزبية، فهذا كفيل ان يجعلنا نحقق المزيد والكثير من الإنتصارات، وفي المقدمة منها تحرير أسرانا من سجون الإحتلال، والتي اول ما تتطلب موقفاً حازماً وثابتاً، بانه لا عودة الى المفاوضات إلا بوضع جداول زمنية محددة ملزمة لنيل حريتهم، وان يتم تفعيل برامج وآليات عمل، وبأنماط جديدة على كل المستويات رسمية وشعبية دائمة، بحيث تحول قضية الأسرى الى قضية نضال وكفاح شعبي متواصل وضاغط على الإحتلال والمجتمع الدولي من اجل إطلاق سراح اسرانا من سجون الإحتلال.