- تصنيف المقال : تقارير
- تاريخ المقال : 2020-08-22
على مدى عقود، شكل الشباب والطلبة العرب عنوان النضال العربي، وكانوا وقود ومفجرو الثورات والانتفاضات ومفاصل التحول الرئيسية في النضال العربي، وشكلوا الطلائع المتقدمة في حركات التحرر الوطني من أجل الاستقلال ومواجهة الاحتلال والعدوان، وفي الثورة على التبعية، وخاضوا صراعاً طويلاً ليكونوا رمزاً للنضال من أجل الحرية في العالم، ورأس الحربة في وجه المشروع الصهيوني في المنطقة العربية.
وشكلت فلسطين العنوان الرئيسي في نضالات الشباب والطلبة العرب، والهمت فيهم الروح الثورية الرافضة للظلم والقهر والاستعمار، ومن الجامعات العربية انطلقت مسيرة وشرارة الكفاح الطلابي العربي المشترك دفاعاً عن فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني بعد نكبة العام 1948.
مسيرة طويلة من النضال والتضحيات، معمدة بدماء العديد من الشهداء من الطلبة العرب الذين سقطوا دفاعاً عن فلسطين في العديد من المحطات النضالية، حيث امتزج الدم الفلسطيني بالعربي في محاور النضال والمواجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي .
وخلال الانتفاضات الفلسطينية المتتالية، لا ننسى مشاهد الجدران والبوابات الحديدية للجامعات في العواصم العربية التي كانت تهتز وتخترقها أصوات الحناجر الطلابية الملتهبة بهتافاتها لفلسطين والانتفاضة، والأمواج الطلابية الهائلة التي كانت تجوب شوارع العواصم ويصدح صوتها الداعم لفلسطين والرافض للتطبيع مع الاحتلال.
لقد أعطى الجزائريون طلاباً وشعباً درساً لكل شعوب العالم بأن إعلان المجلس الوطني الفلسطيني قيام الدولة الفلسطينية من الأراضي الجزائرية في نوفمبر 1988، هو حقيقة راسخة في قلوب الجزائريين المؤمنين بأن فلسطين سترجع حتماً للشعب الفلسطيني لأنه صاحب الأرض والحق.
ولاننسى مشهد المدرجات والملاعب الرياضية الجزائرية التي تتزين دوماً بالعلم الفلسطيني، إلى جانب ما أقدم عليه جمهور المنتخب الجزائري ولاعبي المنتخب انفسهم قبل سنوات حين تلاقى المنتخبين الشقيقين الفلسطيني والجزائري بمباراة ودية في ملعب الخامس من يوليو/ الأولمبي بالجزائر، ولأول مرة أيضاً في تاريخ اللعبة الأكثر شعبية في العالم يتمنى المناصر انهزام فريقه في عقر داره، ويبحث عن العلم الفلسطيني في كل مكان ليحمله بجانب العلم الجزائري، ليبعث برسالة قوية إلى كل العالم أن الجزائر ،حكومة وشعباً ، تبقى وفية للفلسطينيين وحقوقهم العادلة.
هذا هو حال الجزائر وشعبها، والذي ينطبق أيضاًعلى العديد من شعوب منطقتنا العربية وشبابها وطلابها الذين ما زالت تسكنهم فلسطين وتسكن وجدانهم وضميرهم، ولنا في المشاهد العديدة للطلبة في الجامعات العربية التعبير الصادق عن هذه الروحية المتجذرة في وجدان الطالب العربي، حيث رأينا كيف واجه الطلبة العرب في العديد من الجامعات بالعواصم العربية المحاضرين الداعمين والمطبعين مع الاحتلال، إلى جانب العديد من المشاهد الأخرى التي جسدها الطلبة العرب بالجامعات الاوروبية والأجنبية، حيث طرد الطلاب العرب بمؤازرة المتضامنين من الطلبة الأجانب العديد من الشخصيات الاسرائيلية، وهم يصرخون بوجههم« الحرية لفلسطين». اضافة الى الدور الكبير للطلبة العرب ونضالهم المتواصل لفرض المقاطعة على الاحتلال الاسرائيلي ومواجهة كل اشكال التطبيع معه.
وتنشط في العديد من الجامعات وخصوصاً في الجامعات الأمريكية حركة ««BDS ، حيث يرفع الطلبة العرب شعار مقاطعة الاحتلال ورفض التطبيع معه، ويقومون بالنشاطات التي تفضح ممارساته العنصرية، وقد استطاعوا بنضالاتهم المتواصلة تحقيق العديد من النجاحات في هذا الشأن، وتمكنوا من فرض المقاطعة وعزل العديد من المحاضرين والفنانين والأكاديميين الإسرائيليين أو الداعمين لهم في الجامعات الأجنبية والعربية.
الطلبة العرب ما زالوا أمام تحدي المواجهة لكل محاولات طمس القضية الفلسطينية، وعلى عاتقهم يقع اليوم مسؤولية كبرى لإفشال كل مخططات التطبيع المتدحرجة، والعمل على تعزيز ثقافة المقاطعة بعيداً عن الأصوات التي تحاول أن توهمنا بعدم جدواها، وأن نسعى لتعميمها بشكل أكبر في المدارس والجامعات، والمشاركة الفاعلة في لجان المقاطعة ومواجهة التطبيع على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية.