- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-03-21
بقلم: يوسي بيلين
مفاجأة انتخابات الكنيست العشرين ليست أن بنيامين نتنياهو سيشكل الحكومة القادمة، بل الفجوة بين «الليكود» والمعسكر الصهيوني – 6 مقاعد لم تتوقعها الاستطلاعات. كان واضحا أن كل حزب من الحزبين الكبيرين سيحصل على عدد مشابه من المقاعد، كذلك الكتلتان الكبريان ستحصلان على 50 مقعداً وأقل من 61، وهكذا ستُجبران على اقامة حكومة مشتركة لليسار واليمين مع أو بدون مناوبة أو أن يقرر «كلنا» (كحلون) تأييد واحدة من الكتلتين ويعطيها اغلبية بسيطة.
لكن المعركة الانتخابية أُديرت وفقا لقانونين، أحدهما ألغي والثاني لم يتم قبوله بعد: الذي ألغي هو قانون الانتخاب المباشر، كانت تلك انتخابات بين هرتسوغ ولفني وبين نتنياهو، وهذا لم يتم قبوله بعد. ذلك القانون الذي يلزم الرئيس أن يلقي مهمة تشكيل الحكومة على الحزب الاكبر في الكنيست. وقد عمل الحزبان كل ما في استطاعتهما من اجل ضمان أن المصوتين في كتلتيهما يفضلونهما على باقي الاحزاب الصغيرة في الكتلة من اجل أن يرشح الرئيس من يقف على رأس الحكومة. كلاهما نجح. المعسكر الصهيوني أخذ اصواتا كثيرة من «يوجد مستقبل» و»ميرتس»، و»الليكود» أخذ اصواتا كثيرة من «البيت اليهودي» و»شاس» المنقسمة. لم يكن ذلك انتقالا مهما بين الكتلتين، ولم تحظ أي كتلة بالاغلبية، ويمكن لقرار افتراضي من كحلون أن يجعل الرئيس يلقي مهمة تشكيل الحكومة على هرتسوغ، الامر الذي لن يحصل بسبب الفجوة في المقاعد.
اذا كانت هذه هي الصورة وسيحصل كحلون على وزارة المالية فسيقف نتنياهو أمام معضلة غير سهلة تنبع، ضمن امور اخرى، من تصرفه خلال اشهر الحملة الانتخابية ولا سيما في الاسابيع الاخيرة. لقد شخص جيدا التحدي السياسي الذي يقف أمامه، وعمل كل ما في استطاعته لينقل لـ «الليكود» اصواتا من نظرائه في كتلة اليمين. لقد فاجأ بانسحابه من خطاب بار ايلان ومن تعهده بأنه في فترة ولايته القادمة لن ينسحب من «المناطق»، مبررا ذلك بالتغيير الذي حدث في الوضع (وكأنه في العام 2009 كان لدينا هدوء واستقرار، و»حماس» لم تكن احتلت غزة ولم تهدد بالسيطرة على الضفة الغربية). لقد عاد وتحدث عن الحاجة الى اقامة حكومة يمين، وتعهد بأن حليفه سيكون نفتالي بينيت، بصورة معاكسة تماما لما حدث قبل سنتين عندما حاول منع ضم «البيت اليهودي» لحكومته، خلافا لاعترافه بأن خطأه الكبير في العام 1996 كان اقامته لحكومة يمينية وعدم فهمه الحاجة لاقامة حكومة أوسع تضم أجزاء من الوسط – يالسار. كل ذلك الى جانب زياراته المستمرة والمغطاة اعلاميا الى المستوطنات واقواله القاسية فيما يتعلق بالاموال الطائلة التي جندت، حسب اقواله، لاسقاطه، وأقواله الخطيرة فيما يتعلق بخصوص الجمهور العربي الذي يتدفق على صناديق الاقتراع، ومشاركته الشخصية في التجمع الذي أقامته دانييلا فايس، السبت الماضي.
لقد خشي نتنياهو من الاستطلاعات، وتصرف وظهره الى الحائط، وعمل قطيعة مع ادارة اوباما من جهة ومع اوساط مهمة في المجتمع الاسرائيلي من جهة اخرى. الآن وهو ينوي العودة للمرة الرابعة الى مكتب رئيس الحكومة فان أمامه صورة اشكالية أكثر من التي رآها قبل الحملة الانتخابية: اقامة حكومة يمين «نقية» ستمنحه رضا لحظيا، لكنها تضع أمامه تحديات صعبة جدا في المستقبل القريب.
كما أن العالم في السابق لم يقبل ادعاءات نتنياهو بأنه طالما العالم العربي ليس ديمقراطيا فان على اسرائيل أن تطلب لنفسها حزاما مهماً من الاراضي في كل اتفاق مع جهة عربية. هكذا فان العالم لا يقبل الزعم بأن خطر المنظمات الاسلامية المتطرفة لا يسمح لاسرائيل بالتنازل عن «المناطق». بالعكس، لقد قال العالم لنا بأن حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني سيُمكن من تعزيز التحالف ضد الارهاب في المنطقة، بتعاون واضح بين الدول العربية المعتدلة وبين اسرائيل القوية. العالم بالتأكيد لا يقبل استمرار الاستيطان، وليس هناك حكومة يمين لن تواصل البناء في المستوطنات واقامة مستوطنات جديدة مع أو بدون غطاء «أحياء جديدة». استمرار الاستيطان في كل أرجاء الضفة بدون عملية سياسية وبدون مشاركة جسم معتدل داخل الحكومة سيكشف نتنياهو للانتقادات وللمقاطعة.
رئيس الحكومة موجود في معضلة بين حكومة يمين صغيرة يكون فيها معتمدا على كل حزب عضو فيها، وجزء من المشاركين فيها يمقته بصورة شخصية، وستعرضه في العالم كزعيم يميني متطرف، وبين محاولة اقامة حكومة وحدة وطنية تجبره على التراجع عن الاقوال التي نثرها في الحملة الانتخابية، لكنها ستُسهل عليه التعامل مع العالم.
من اجل موازنة الانضمام الى حكومة مشتركة سيطلب معسكر السلام عددا من المطالب لن تجعل حياة نتنياهو سهلة، لكن اذا تمت الاستجابة لها فلن يكون سهلا على الوسط – اليسار رفضها. من جهة نتنياهو سيكون ذلك ادارة ظهر للاحزاب الصغيرة التي لاحقها لكسب ودها في الاسابيع الاخيرة، لكن يمكن ألا يكون أمامه امكانية سياسية أكثر نجاحا من أن يعرض على هرتسوغ التعاون. لا يدور الحديث هنا عن وزارات ولا عن ضريبة صفرية بل حول امكانية السير في طريق سياسي مشترك، وإصلاح العلاقات مع الفلسطينيين واوباما وربما مع تركيا وتحويل اسرائيل من دولة تقوم بردات فعل الى دولة مبادرة.
ربما كان ذلك غير ممكن، وربما في الحقيقة هناك هوة سحيقة بين الجانبين، كما قال نتنياهو خلال الحملة الانتخابية. لكن اذا فهم الجميع أن فكرة الدولة اليهودية الديمقراطية مُعرضة للخطر وأن اسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها بأن تكون «شعبا معزولا» فسيكون هذا حلا معقولا أكثر من الاحتمالات الاخرى.
عن «اسرائيل اليوم»
مفاجأة انتخابات الكنيست العشرين ليست أن بنيامين نتنياهو سيشكل الحكومة القادمة، بل الفجوة بين «الليكود» والمعسكر الصهيوني – 6 مقاعد لم تتوقعها الاستطلاعات. كان واضحا أن كل حزب من الحزبين الكبيرين سيحصل على عدد مشابه من المقاعد، كذلك الكتلتان الكبريان ستحصلان على 50 مقعداً وأقل من 61، وهكذا ستُجبران على اقامة حكومة مشتركة لليسار واليمين مع أو بدون مناوبة أو أن يقرر «كلنا» (كحلون) تأييد واحدة من الكتلتين ويعطيها اغلبية بسيطة.
لكن المعركة الانتخابية أُديرت وفقا لقانونين، أحدهما ألغي والثاني لم يتم قبوله بعد: الذي ألغي هو قانون الانتخاب المباشر، كانت تلك انتخابات بين هرتسوغ ولفني وبين نتنياهو، وهذا لم يتم قبوله بعد. ذلك القانون الذي يلزم الرئيس أن يلقي مهمة تشكيل الحكومة على الحزب الاكبر في الكنيست. وقد عمل الحزبان كل ما في استطاعتهما من اجل ضمان أن المصوتين في كتلتيهما يفضلونهما على باقي الاحزاب الصغيرة في الكتلة من اجل أن يرشح الرئيس من يقف على رأس الحكومة. كلاهما نجح. المعسكر الصهيوني أخذ اصواتا كثيرة من «يوجد مستقبل» و»ميرتس»، و»الليكود» أخذ اصواتا كثيرة من «البيت اليهودي» و»شاس» المنقسمة. لم يكن ذلك انتقالا مهما بين الكتلتين، ولم تحظ أي كتلة بالاغلبية، ويمكن لقرار افتراضي من كحلون أن يجعل الرئيس يلقي مهمة تشكيل الحكومة على هرتسوغ، الامر الذي لن يحصل بسبب الفجوة في المقاعد.
اذا كانت هذه هي الصورة وسيحصل كحلون على وزارة المالية فسيقف نتنياهو أمام معضلة غير سهلة تنبع، ضمن امور اخرى، من تصرفه خلال اشهر الحملة الانتخابية ولا سيما في الاسابيع الاخيرة. لقد شخص جيدا التحدي السياسي الذي يقف أمامه، وعمل كل ما في استطاعته لينقل لـ «الليكود» اصواتا من نظرائه في كتلة اليمين. لقد فاجأ بانسحابه من خطاب بار ايلان ومن تعهده بأنه في فترة ولايته القادمة لن ينسحب من «المناطق»، مبررا ذلك بالتغيير الذي حدث في الوضع (وكأنه في العام 2009 كان لدينا هدوء واستقرار، و»حماس» لم تكن احتلت غزة ولم تهدد بالسيطرة على الضفة الغربية). لقد عاد وتحدث عن الحاجة الى اقامة حكومة يمين، وتعهد بأن حليفه سيكون نفتالي بينيت، بصورة معاكسة تماما لما حدث قبل سنتين عندما حاول منع ضم «البيت اليهودي» لحكومته، خلافا لاعترافه بأن خطأه الكبير في العام 1996 كان اقامته لحكومة يمينية وعدم فهمه الحاجة لاقامة حكومة أوسع تضم أجزاء من الوسط – يالسار. كل ذلك الى جانب زياراته المستمرة والمغطاة اعلاميا الى المستوطنات واقواله القاسية فيما يتعلق بالاموال الطائلة التي جندت، حسب اقواله، لاسقاطه، وأقواله الخطيرة فيما يتعلق بخصوص الجمهور العربي الذي يتدفق على صناديق الاقتراع، ومشاركته الشخصية في التجمع الذي أقامته دانييلا فايس، السبت الماضي.
لقد خشي نتنياهو من الاستطلاعات، وتصرف وظهره الى الحائط، وعمل قطيعة مع ادارة اوباما من جهة ومع اوساط مهمة في المجتمع الاسرائيلي من جهة اخرى. الآن وهو ينوي العودة للمرة الرابعة الى مكتب رئيس الحكومة فان أمامه صورة اشكالية أكثر من التي رآها قبل الحملة الانتخابية: اقامة حكومة يمين «نقية» ستمنحه رضا لحظيا، لكنها تضع أمامه تحديات صعبة جدا في المستقبل القريب.
كما أن العالم في السابق لم يقبل ادعاءات نتنياهو بأنه طالما العالم العربي ليس ديمقراطيا فان على اسرائيل أن تطلب لنفسها حزاما مهماً من الاراضي في كل اتفاق مع جهة عربية. هكذا فان العالم لا يقبل الزعم بأن خطر المنظمات الاسلامية المتطرفة لا يسمح لاسرائيل بالتنازل عن «المناطق». بالعكس، لقد قال العالم لنا بأن حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني سيُمكن من تعزيز التحالف ضد الارهاب في المنطقة، بتعاون واضح بين الدول العربية المعتدلة وبين اسرائيل القوية. العالم بالتأكيد لا يقبل استمرار الاستيطان، وليس هناك حكومة يمين لن تواصل البناء في المستوطنات واقامة مستوطنات جديدة مع أو بدون غطاء «أحياء جديدة». استمرار الاستيطان في كل أرجاء الضفة بدون عملية سياسية وبدون مشاركة جسم معتدل داخل الحكومة سيكشف نتنياهو للانتقادات وللمقاطعة.
رئيس الحكومة موجود في معضلة بين حكومة يمين صغيرة يكون فيها معتمدا على كل حزب عضو فيها، وجزء من المشاركين فيها يمقته بصورة شخصية، وستعرضه في العالم كزعيم يميني متطرف، وبين محاولة اقامة حكومة وحدة وطنية تجبره على التراجع عن الاقوال التي نثرها في الحملة الانتخابية، لكنها ستُسهل عليه التعامل مع العالم.
من اجل موازنة الانضمام الى حكومة مشتركة سيطلب معسكر السلام عددا من المطالب لن تجعل حياة نتنياهو سهلة، لكن اذا تمت الاستجابة لها فلن يكون سهلا على الوسط – اليسار رفضها. من جهة نتنياهو سيكون ذلك ادارة ظهر للاحزاب الصغيرة التي لاحقها لكسب ودها في الاسابيع الاخيرة، لكن يمكن ألا يكون أمامه امكانية سياسية أكثر نجاحا من أن يعرض على هرتسوغ التعاون. لا يدور الحديث هنا عن وزارات ولا عن ضريبة صفرية بل حول امكانية السير في طريق سياسي مشترك، وإصلاح العلاقات مع الفلسطينيين واوباما وربما مع تركيا وتحويل اسرائيل من دولة تقوم بردات فعل الى دولة مبادرة.
ربما كان ذلك غير ممكن، وربما في الحقيقة هناك هوة سحيقة بين الجانبين، كما قال نتنياهو خلال الحملة الانتخابية. لكن اذا فهم الجميع أن فكرة الدولة اليهودية الديمقراطية مُعرضة للخطر وأن اسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها بأن تكون «شعبا معزولا» فسيكون هذا حلا معقولا أكثر من الاحتمالات الاخرى.
عن «اسرائيل اليوم»