الأزمة بين رئيس الولايات المتحدة براك اوباما وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي نشبت من جديد بكل شدتها فور الانتخابات في اسرائيل، تحتدم كل يوم. ففي مؤتمر صحفي في البيت الابيض قال اوباما أمس انه يوجد بيني وبين نتنياهو "خلاف حقيقي على السياسة" في كل ما يتعلق بالحاجة الى اقامة دولة فلسطينية. واضاف بان لهذا الخلاف مضاعفات على السياسة الامريكية من المسيرة السلمية الاسرائيلية – الفلسطينية.
وقال اوباما ان "الموضوع ليس علاقات شخصية. فنحن نؤمن بان الدولتين هو الطريق الافضل للحفاظ على أمن اسرائيل وهذا لا يزال موقفنا. اما لنتنياهو فيوجد نهج آخر... وهذا موضوع يتعلق بالاستيضاح كيف الخروج من الخلاف المعقد على السياسة والذي له آثار واسعة النطاق على دولتينا وعلى المنطقة باسرها".
في الاسبوع الذي انقضى منذ الانتخابات في اسرائيل لم يمر يوم دون تصريح انتقادي من مسؤول كبير في الادارة الامريكية ضد المواقف التي عرضها نتنياهو في حملة الانتخابات – سواء اقواله ضد اقامة دولة فلسطينية أم "تحذيراته" في موضوع الارتفاع في نسب تصويت مواطني اسرائيل العرب.
وأول أمس فقط كان هذا رئيس طاقم البيت الابيض، دنيس مقدونو، ولعله الرجل الاكثر قربا من اوباما، الذي هاجم نتنياهو في خطاب القاه في مؤتمر لوبي اليسار المؤيد لاسرائيل جي ستريت في واشنطن. فقد قال مقدونو انه "لا يمكن التظاهر بان هذه الاقوال (من جانب نتنياهو ضد الدولة الفلسطينية، ب.ر) لا تقل. اسرائيل لا يمكنها أن تسيطر عسكريا على شعب آخر الى الابد... الاحتلال ابن خمسين سنة يجب أن يصل الى نهايته".
وعلى الرغم من محاولات الايضاح والانتظار من نتنياهو، يبدو انهم في البيت الابيض غير مقتنعين بالاقوال. ففي مؤتمر صحفي عقده أمس أوضح اوباما بانه هو والناخبون في اسرائيل على حد سواء نصدق ما قاله نتنياهو في حملة الانتخابات. واضاف الرئيس الامريكي بانه حتى عندما حاول نتنياهو اصلاح أقواله والايضاح بانه لم يقصد بان الدولة الفلسطينية لن تقوم "أبدا"، فانه وضع شروطا لا يمكن للفلسطينيين ان يفوا بها في المستقبل المنظور.
"لا يزال لا يبدو ان ثمة احتمالا لاطار ما يتحقق فيها هذا (اقامة دولة فلسطينية، ب.ر)... لا يمكننا ان نتظاهر بان شيئا ما كفيل بان يحدث عندما ببساطة لا يكون موجودا أو أن نقيم الدبلوماسية الامريكية على شيء ما لن يحصل".
وردا على ادعاءات نتنياهو بان الوضع الامني لا يسمح باقامة دولة فلسطينية في هذا الوقت، قال اوباما ان أحدا لم يتخيل اتفاق سلام بعد يوم من التوقيع عليه تقام بين ليلة وضحاها دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل. واوضح بان كل اتفاق كان سيتضمن ترتيبات امنية لاسرائيل ويطبق على مراحل على مدى فترة زمنية طويلة. "لقد كانت المسألة هي مسألة مجرد الفرصة التي تمنح الفلسطينيين املا في ان تكون لهم ذات يوم دولة خاصة بهم. من الصعب توقع كيف سيحصل هذا في ضوء تصريحات نتنياهو".
وسُئل اوباما اذا كان سينظر في امكانية تأييد قرار في موضوع الدولة الفلسطينية في مجلس الامن في الامم المتحدة، ولكنه شدد على أنه فقط بعد أن تقوم الحكومة الجديدة في اسرائيل ستنفذ الادارة الامريكية تقويما متجددا لسياستها من المسيرة السلمية الاسرائيلية – الفلسطينية للسنوات القريبة القادمة. ومع ذلك اوضح بانه لن يكون تقويم من جديد للعلاقات مع اسرائيل وان المساعدات الامنية، العسكرية والاستخبارية لاسرائيل ستستمر كالمعتاد ودون عراقيل.
يعتقد رئيس الوزراء نتنياهو ورجاله بان هجوم البيت الابيض في الموضوع الفلسطيني في الاسبوع الاخير لا ينبع من الرغبة في دفع المسيرة السلمية الى الامام، بل يرتبط بالذات بالمفاوضات على الاتفاق النووي مع ايران والذي سيصل في الاسبوع القادم الى لحظة الحسم. ويشدد موظفون اسرائيليون على أن نتنياهو مقتنع بانه اوباما يحاول تعطيل تأثيره في الكونغرس في الموضوع الايراني من خلال الهجمات ضده في الموضوع الفلسطيني.
وهكذا ايضا يفسرون في القدس ما نشر أمس في "وول ستريت جورنال" في أن اسرائيل تجسست زعما على فريق المفاوضات الامريكي لمحادثات النووي مع ايران ونقلت المعلومات التي جمعها الى اعضاء في الكونغرس في محاولة لتحريضهم ضد الاتفاق المتبلور وبالتالي احباطه.
وحسب التقرير فقد كشف البيت الابيض "التجسس" الاسرائيلي عندما اعترضت الاستخبارات الامريكية مكالمة هاتفية بين مسؤولين اسرائيليين تضمنت تفاصيل ما كان يمكن لها أن تنكشف الا من خلال قدرة وصول الى المحادثات السرية التي دارت مع الامريكيين. وقال مسؤولون اسرائيليون للصحيفة انهم حصلوا على المعلومات في اعقاب التجسس على مسؤولي النظام الايراني او من المحادثات مع طاقم المفاوضات الفرنسي والبريطاني، وليس نتيجة للتجسس على المسؤولين الامريكيين.
اما مسؤولو الادارة الامريكية – بدء بالرئيس اوباما وانتهاء بالناطقين بلسان البيض الابيض ووزارة الخارجية في واشنطن – فرفضوا أمس تناول التقرير في "وول ستريت جورنال" واوضحوا بان اسرائيل كانت ولا تزال حليفة استراتيجية وان الولايات المتحدة ستبقى تضعها في الصورة في موضوع المحادثات مع ايران. وقال اوباما في المؤتمر الصحفي أمس "اطلعنا الكونغرس والاسرائيليين على الوضع. اذا حققنا اتفاقا نشعر أننا واثقين منه، فسنعرضه على الجميع. اذا كان اتفاق، فهذا سيكون اتفاقا جيدا لاسرائيل والمنطقة باسرها".
في القدس نفوا التقرير في "وول ستريت جورنال". فقد صرح وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون أمس بان اسرائيل لم تتلقى أي شكوى رسمية من الادارة الامريكية عن الادعاءات بتجسس اسرائيلي مزعوم ضد الولايات المتحدة.
"لا يوجد وضع ولن يكون وضع تتجسس فيه اسرائيل على الامريكيين. فقد حل على هذا حظر متشدد من جانب كل القيادات السياسية في اسرائيل"، قال يعلون في لقاء مع نشطاء من الليكود في نيشر. "لا يوجد أي ضرر في شبكة العلاقات الامنية – الاستخبارية مع الولايات المتحدة. احد ما يحاول ان يثير الشقاق والنزاع. خسارة أنه تدخل روح سيئة الى القنوات السرية التي تدور فيها شبكة علاقاتنا هذه".
وفي ديوان رئيس الوزراء ايضا نفوا الامر واشاروا الى أن "هذه الاتهامات غير صحيحة على الاطلاق. اسرائيل لا تتجسس على الولايات المتحدة وهذه الاتهامات العابثة تستهدف التشكيك بالعلاقات القوية بين الولايات المتحدة واسرائيل والتعاون بين الدولتين في مجالات الامن".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف