- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-04-05
(أ ف ب) لوح ابيض بسيط واقلام حبر قابل للمحو كما في اي صف مدرسي او اجتماع، تلك كانت الاسلحة السرية للمفاوضين الايرانيين والاميركيين للتوصل الى اتفاق اطار حول الملف النووي.
فبعد عام ونصف العام من المفاوضات المكثفة وعمل شاق استمر ثمانية ايام بلياليها، خرجت مجموعة الدول الست الكبرى وطهران برعاية الاتحاد الاوروبي، بوثيقة مرحلية تحدد "معايير" لتسوية مشكلة الملف النووي الايراني. وهذه الوثيقة تحدد ملامح ما يفترض ان يكون عليه النص النهائي الذي يفترض ان يوقع بحلول 30 حزيران/يونيو.
لكن وكما يحدث في كل مفاوضات بالغة الحساسية، كان الجانب الاميركي بقيادة وزير الخارجية جون كيري ومديرته السياسية ويندي شيرمان يخشيان حتى اللحظة الاخيرة ان ينهار كل شىء قبيل بلوغ النهاية.
وخلال الليالي الاخيرة التي شهدت مفاوضات مكثفة، استعدت طائرة جون كيري التي كانت تنتظر في جنيف، ثلاث مرات لاعادة الوفد الاميركي الى واشنطن غاضبا.
وقال دبلوماسي اميركي روى للصحافيين اللحظات الاخيرة من المفاوضات التي جرت في جلسات مغلقة "الامر اشبه بلعبة الجبال الروسية من صعود وهبوط. كنا نقترب من الهدف ثم نرحل بعيدا ثم نتوقف...".
وبدون ان يدخل في التفاصيل، اعترف كيري الخميس لشبكة "سي ان ان" أن "الامر كان صعبا جدا ومركزا جدا وفي بعض الاحيان ساد الانفعال وحتى العدوانية".
لكن في اليومين الاخيرين شعر الاميركيون ان معالم الاتفاق ترتسم. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية "اصبحنا نعرف انه لدينا القطع. لكن تجميعها قضية اخرى".
وويندي شيرمان التي تشرف بدقة على ملف النووي الايراني الشائك، هي صاحبة فكرة اللوح الابيض واقلام الحبر القابل للمحو لتجسيد ما سمته "مكعب روبيك" يجب حله.
ففي فندق بوريفاج في لوزان، كان اللوح الابيض يتبعها على عجلاته الصغيرة من غرفة الى غرفة حيث كانت تجري مفاوضات شاقة مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف. وقال الدبلوماسي الاميركي "كان يجب التأكد اننا كنا نرى الامور بشكل واحد نحن والايرانيون".
واضاف ان فكرة اللوح اثارت اعجاب الايرانيين "لانه لو فعلنا ذلك على الورق لكان يجب نقل الوثائق الى طهران". ومع ذلك نقل كيري لنفسه نسخة على ورق لتقدم المفاوضات.
وتابع الدبلوماسي ان حالة هلع سادت في صفوف الوفود عندما استخدم احد المفاوضين قلم حبر غبر قابل للمحو لخط حسابات تندرج في اطار السرية الدفاعية. وقد احتاج الامر لعملية فرك شاقة لازالة كل المعطيات السرية.
وحدث الاختراق ليل الاربعاء الخميس وكانت ليلة طويلة لكيري وظريف اللذين تحادثا من الساعة 21,00 الى الساعة السادسة صباحا. وتوصل مفاوضو البلدين الى حلول وسط.
وحسب الصيغة الاميركية للاتفاق الاطار، تتعهد ايران بخفض عدد اجهزة الطرد المركزي التي تسمح بتخصيب اليورانيوم وتحتفظ بستة آلاف مقابل 19 الفا حاليا بينها عشر يتم تشغيلها. وسيتم التخلص من كل مخزون اليورانيوم المخصب الذي تملكه ايران تقريبا (98 بالمئة).
اما مفاعل اراك للمياه الثقيلة الذي يثير قلق الغربيين، فسيعاد تحديد وظيفته بشكل يسمح بتوقفه عن انتاج البلوتونيوم المادة الاخرى التي تسمح بانتاج قنبلة، وسيخضع لعمليات تفتيش صارمة تقوم بها الامم المتحدة، وفق الصيغة الاميركية.
اما الاميركيون فقد وافقوا على الابقاء على الف جهاز للطرد المركزي في موقع فوردو مع انه لن يبقى فيه مواد انشطارية لمدة 15 عاما على الاقل.
وقال المسؤول في وزارة الخارجية الاميركية "قبلنا بامور صعبة بالنسبة لنا. مجرد وجود جهاز واحد للطرد المركزي في فوردو امر صعب".
وبعد التوصل الى الاتفاق، كان يجب التفاهم على طريقة اعلانه للعالم.
وتم الاتفاق على ان يقدم ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني اعلانا مقتضبا ومشتركا، ثم يعقد ظريف وكيري مؤتمرا صحافيا كل على حدة.
وبعد ذلك نشرت وزارة الخارجية الاميركية بسرعة صيغتها "لمعايير" الاتفاق في اربع صفحات. ولاحظ الصحافيون على الفور الفروق بين النصين اللذين قال الدبلوماسي الاميركي انهما "لا يتعارضان".