- تصنيف المقال : القضية الفلسطينية في القانون الدولي
- تاريخ المقال : 2020-12-09
تنقسم المعاهدات الدولية الى قسمين، المعاهدة الدولية الثنائية بين دولتين والمعاهدات الدولية المتعددة بين اكثر من دولة، حيث ان النوعين من هاتين المعاهدتين يجب ان تسجل في الامم المتحدة عندما تكتمل شروطها، لكن الامم المتحدة تستثني تسجيل المعاهدات او الاتفاقيات فيما يخص القروض، الهبات، والتفاهمات والبروتوكولات، وبما ان اتفاقية اوسلو هي اتفاقية تفاهمية وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية مع الجانب الاسرائيلي كونها شخصية قانونية دولية لها حق ابرام الاتفاقيات، فلم يتم تسجيل هذه الاتفاقية في الامم المتحدة.
وقد شاعت في الحرب العالمية الاولى المعاهدات السرية عبر التحالفات التي وقعت عليها الحكومات، الى ان ظهرت في اوروبا حركة لمكافحة سرية العلاقات الدولية حيث اصرت على ان يتضمن الدستور مادة يحظر بموجبها اي اتفاق لم يوقع عليه البرلمان الاوروبي، اما الحركة الثانية فقد الحقت بعصبة الامم بموجب المادة 18 التي حظرت الدبلوماسية السرية وبطلان معاهداتها السرية وعدم قدرتها على النفاذ ما لم تسجل في الامانة العامة لعصبة الامم، على الرغم من ذلك لم تتوقف المعاهدات السرية التي ظهرت في الحرب العالمية الثانية، حيث ادرجت الجمعية العامة للامم المتحدة عقوبة عدم تسجيل المعاهدات في الامم المتحدة بحسب المادة 102 وحسب قواعد الجمعية العامة.
شملت عقوبة عدم تسجيل المعاهدات على عدم قدرة النقاش بها امام اي جهة من الامم المتحدة، واهمها مجلس الامن ومحكمة العدل الدولية حيث ترفض تفسير اي اتفاقية غير مسجلة او حتى الاضطلاع عليها.
وطالما ان اتفاقية اوسلو لا تودع في الامم المتحدة لتسجيلها، يجوز فسخها دون ابلاغ اي جهاز دولي بها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وان كانت احادية الجانب.
ومن هنا نرى موقف المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فيما يخص اوسلو، اثر اعلان رئيس السلطة الفلسطينية بأنه حل من جميع الاتفاقيات مع الاحتلال، بأن التفكك من هذه الاتفاقيات لن يؤثر على مجريات التحقيق.
ويجوز الانسحاب من المعاهدات او الاتفاقيات الثنائية بإبلاغ الطرف الاخر كتابيا وان كان من جانب واحد، وبدون رضا طرف الاخر، على الرغم من ذلك فقد حددت اتفاقية اوسلو مدة انتهائها عام 1998 دون تحقيق بنودها الكاملة، وبما ان المعاهدات التي تتضمن مدة زمنية محددة لا يجوز الانسحاب منها الا برضا الطرف الاخر، فإن اتفاقية اوسلو قد انتهت مدتها منذ 1998 دون تحقيق اهدافها، لذلك فهي منتهية من حيث المدة الزمنية ما يؤدي الى بطلانها دون طلب الانسحاب.
الا انه يبقى هناك ثغرة في القانون الفلسطيني، ان المشرع لم يحدد السلطة المختصة بالتصديق او التوقيع على المعاهدات ولم يحدد قيمتها القانونية، وقد اصدر مجلس الوزراء القرار 51/2004 بتاريخ 12/4/2004 المنعقد في رام الله، حيث اشار هذا القرار الى توقيع الاتفاقيات الثنائية وقد نص في المادة الاولى: " يمنع توقيع اي اتفاقية دولية ثنائية من قبل اي جهة رسمية فلسطينية الا بعد مصادقة مجلس الوزراء".
اما المعاهدات الشارعة اي التي يبرمها غالبية اشخاص القانون الدولي العام فهناك فراغ قانوني بشأنها، ومن الناحية العملية يوقع عليها رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية والذي هو اليوم شخصا واحدا، مع وجوب عرضها على المجلس التشريعي وذلك عرف قانوني واذا لم يقرها البرلمان فلا تعتبر قانونية. بينما المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اتخذ قرارات الغاء الالتزام باتفاقية اوسلو، لكن لم يتخذ تنفيذ آليات ذلك، وعليه فإن الاعلان والاعلام عند الانفكاك يجب ان يتواصل وان تتخذ قرارات تطبيقية تعبر عن ذلك، مثلا اعتقال ومحاكمة اي جندي للاحتلال او مستوطن يرتكب مخالفة او جريمة في اراضي الدولة الفلسطينية بمحاكمته امام المحاكم الفلسطينية، وليس الاكتفاء باعتقاله وتسليمه الى سلطات الاحتلال، وغيرها من الاجراءات المتكرر اعلانها بنتائج الحوارات للقيادات الفلسطينية لاستعادة الوحدة بين القوى جميعها.
وقد اعتبرت المحكمة الدستورية في رام الله بالدعوى 5/2017 الصادرة بتاريخ 12/03/2018 ان المعاهدات الدولية اسمى من التشريع العادي وادنى من الدستور.
فمن هنا يجب على البرلمان الفلسطيني حسم هذا الامر وذلك بتعديل القانون الاساسي الفلسطيني واضافة فقرة " يعتبر باطلا كل اتفاق او انضمام لاي معاهدة دولية او غيرها تجريه السلطة الفلسطينية سواء كانت الاتفاقيات ثنائية او متعددة دون موافقة البرلمان عليها". وبعد اضافة هذه المادة تعتبر اوسلو باطلة، وبما انها غير مسجلة في الامم المتحدة، فلا يجب للانسحاب منها ابلاغ الامم المتحدة بذلك.