كثر في الفترة الاخيرة استخدام تعريف معاداة السامية الذي تم إقراره من قبل التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)، ويجري اعتماده في الكثير من الجامعات وبعض المؤسسات الحقوقية، ما يستوجب الأمر دحض هذا التعريف بناء على القانون الدولي، بهدف كشف زيف هذا التعريف الذي تستغله اللوبيات الصهيونية كذريعة لتمرير إجرامها وسياساتها الاستعمارية التوسعية للتمادي بالإجرام متحصنة بهذا التعريف وبقانون معاداة السامية.

يعتبر تعريف معاداة السامية الذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) هو لتمييز اليهودي عن غيره من المنتمين للديانات الأخرى، وهو بحد ذاته مخالف للقانون الدولي، كون حقوق الانسان مكفولة في العديد من الاتفاقيات الدولية، وتعتمد على مبدأ المساواة بين الاديان دون تمييز أي دين على دين آخر أو عرق على عرق اخر. فاليهودي بالقانون الدولي متساوٍ في الحقوق والواجبات مثله مثل أي فرد منتمي لديانة أخرى، وبل تخصيصه بقانون معاداة السامية وتحديدا بالتعريف الذي تم وضعه من قبل التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) هو لمنح اليهودي سمة تعلو عن غيره وهذا ما يؤكده "التوراة" الذي يعتبر أن الشعب اليهودي هو شعب الله مختار.

يعتبر تعريف معاداة السامية الذي تم وضعه من قبل الاتحاد الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) تمييزا لليهودي عن غيره من الافراد المنتمين لمختلف الديانات وهذا ما يخالف: الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 الذي يشير بمادته الاولى عن المساواة بين البشر على اختلاف اللون والجنس واللغة والدين والعرق، والمادة 7 منه التي تؤكد على المساواة بينهم امام القانون وعلى الحماية دون اي تمييز او تحريض، وكذلك اتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها عام 1948 التي تشير بمادتها الثانية على عدم التمييز والتساوي بين كل القوميات والعرقيات، اما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966، فتعهدت الدول بموجبه على حقوق الجميع على اختلاف عرقهم وديانتهم كما ورد ذلك في الفقرة 1 من المادة 2، وقد نصت ايضا في المادة 27 على حماية الاقليات الاثنية والدينية، وكذلك تعهدت الدول بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد الدولي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966 على ممارسة الحقوق المنصوص عليها كافة دون اي تمييز بسبب العرق او اللون او الدين، بالاضافة لما ورد في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري وفقا للفقرة 1 من المادة 1، واتفاقية حقوق الطفل عام 1989 بموجب المادة 2 في الفقرة 1، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري ضد المرأة عام 1979 كما تنص المادة 1 من الاتفاقية ذاتها، واعلان القضاء على جميع اشكال التعصب والتمييز القائمين على اساس الدين او المعتقد عام 1981 بموجب الفقرة 1 من المادة 1، وكذلك اعلان حقوق الاشخاص المنتمين الى اقليات قومية او اثنية والى اقليات دينية ولغوية عام 1992.

وهناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي لا يسعنا ذكرها كالميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب 1981، الميثاق الافريقي لحقوق الطفل ورفاهه 1990، الاتفاقية الاميركية لحقوق الانسان 1969، البروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان فـي مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ١٩٨٨، اتفاقية البلدان الأمريكية لمنع العنف ضد المـرأة والمعاقبـة عليـه والقضاء عليه، ١٩٩٤، اتفاقية البلدان الأمريكية للقضاء على جميع أشـكال التمييـز ضـد ١٩٩٩ ،المعوقين، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ١٩٥٠، الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعـام ١٩٦١ والميثـاق الاجتمـاعي الأوروبي (المنقح)، ١٩٩٦، والاتفاقية الإطارية لحماية الأقليات الوطنية، ١٩٩٤.

كل هذه الاتفاقيات تجمع على المساواة بين البشر مهما كان انتماؤهم الاثني، العرقي، الديني... وتجمع على حظر التمييز بينهم في حالات الطوارئ، وعلى عدم التمييز بينهم، وهناك العديد من السوابق القضائية في هذه القضايا التي تشمل الاهانات العنصرية، وحرية الرأي والتعبير والتنقل والاقامة، والمساواة أمام القانون، وكفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واحترام الحياة الاسرية والطقوس الدينية، واستحقاقات الضمان الاجتماعي، اكتساب المواطنة، اللغة، التمويل للمدارس الدينية، الملكية العقارية...

فلماذا لا يلتجئ الاتحاد الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) للاتفاقيات الدولية التي تضمن وتكفل حقوق اليهودي مثله مثل أي فرد منتمٍ لديانة او عرق أخرى؟ ان الاصرار على تخصيص اليهودي بقانون معاداة السامية وتحديدا بالتعريف الذي تم وضعه من قبل الاتحاد الدولي لذكرى الهولوكوست (IHRA) يهدف بشكل مباشر الى التعتيم على جرائم الحرب المرتكبة من قبل الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والقانون الدولي، ويهدف الى إسكات الاصوات المنتقدة لسياسات دولة الاحتلال الاسرائيلية التمييزية العدائية من خلال اعتبار "إسرائيل" نفسها فوق القانون الدولي والقرارات الدولية وما يؤكد على ذلك، التعريف الذي تم وضعه من قبل الاتحاد الدولي لذكرى الهولوكوست (IHRA) الذي يعتمد على مبدأ التمييز بين الاديان والعرق من خلال تخصيص اليهودي بقانون عن غيره، الذي يشير بشكل واضح على عدم إيمان هذا الاتحاد (IHRA) بالقانون الدولي، وإلا لطالب بتطبيق القانون الدولي والاتفاقيات الدولية المذكورة سابقا التي كفلت حق اليهودي بالتساوي مع الاخرين وليس بتخصيص اليهودي بقانون دون سواه.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف