- تصنيف المقال : الدائرة العربية
- تاريخ المقال : 2021-04-13
تعرض الصحفي الفلسطيني ومراسل التلفزيون العربي في إسبانيا معاذ حامد للتحقيق من قبل ضابط مخابرات إسرائيلي في العاصمة الإسبانية مدريد قبل عدة أيام. وكشف الصحفي حامد بحسب ما أورد التلفزيون العربي، أن عملية التحقيق والابتزاز تمت في مقرات المخابرات الإسبانية وبالتواطؤ من قبلها مع الموساد الإسرائيلي؛ حيث بين أن جهاز الحرس المدني الإسباني استدعاه في اتصال هاتفي للحضور إلى مقر أمني تابع للجهاز وسط مدريد، ليتبيّن لاحقا أن ضابطاً من الموساد الإسرائيلي موجود في المقر وينوي التحقيق معه. ووفقا للمصدر فإن الضابط الإسرائيلي سأل حامد عن تفاصيل وردت في تحقيق صحفي أعده ونشره في موقع وصحيفة “العربي الجديد” في ديسمبر/ كانون أول الماضي، وكان التحقيق قد سلّط الضوء بالوثائق على محاولة جهاز المخابرات الإسرائيلي الإيقاع بعدد من الفلسطينيين في أوروبا وتجنيدهم للتجسس لصالحه في تركيا على تحركات وأنشطة الفلسطينيين من جاليات ولاجئين مقيمين هناك بحكم أن البلد يسهل إقامتهم وبحثهم عن فرص عمل على عكس الحال في الدول العربية المحيطة بفلسطين ودول الطوق التي تمثل ركيزة اللجوء الفلسطيني والتي يتعرض فيها اللاجئ الفلسطيني لشتى صلوف الظلم والتضييق والملاحقات، في ظل تعاط أمني معهم ولا سيما في أعقاب ثورات الربيع العربي.
حامد بين أن السفارة الفلسطينية رفعت شكوى قضائية للسلطات الإسبانية في الحادثة، وأبدت جاهزيتها لأي مساعدة قانونية وغير ذلك.
وفقا لما يراه كثيرون فإن ما تعرض له الزميل الصحافي معاذ حامد في إسبانيا يعتبر أما خطيرا جدا ولا يسكت عنه إطلاقا، بل يمثل الخلاصة لكل ما يتعرض له الفلسطينيون والصحفيون والناشطون العرب من قمع ومراقبة استخبارية وتواطؤ ضد حرياتهم وقضاياهم من قبل الجميع قريب وبعيد وبالتوافق…
كما إن هناك جملة أسئلة واستنتاجات وإجابات غير مباشرة لكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان كثير من اللاجئين والمهاجرين الفلسطينيين والناشطين وفئات كثيرة بعد هذه الحادثة:
أولا: حين يسأل معاذ عن أنشطة الفلسطينيين في تركيا بحكم أنها بلد إسلامي وتسهل على الفلسطينيين المواطنين واللاجئين عملية الإقامة فيها وتستقبل آلاف الشباب الفلسطيني من شتى المناطق داخل فلسطين وخارجها وآلاف المهجرين الفلسطينيين من سوريا فهذه إجابة واضحة صريحة عن الأسباب التي تكمن وراء منع هؤلاء الفلسطينيين من دخول كل الدول العربية في ذات الوقت ولأسباب يقال إنها تتعلق بطبيعة وثائقهم .. الحقيقة أن السبب الجوهري لهذا التضييق هو الضغط الإسرائيلي، فالموساد الصهيوني الذي يمكنه التحكم والمشاركة أمنيا ومخابراتيا بوزارات سيادية في إسبانيا وغيرها يسهل عليه فعلها في سوريا لبنان والأردن ومصر لتدمير حياة هؤلاء الفلسطينيين…
ثانيا: ما جرى يجيب ببساطة شديدة عن شكل الحياة البائسة المتوقع للفلسطينيين والعرب تحت الضغط الأمني الشديد المطبق ضدهم من أنظمتهم في بلادهم وأسباب تضييق سبل عيشهم والدوافع وراء لجوئهم خارجا وكيف تدار اللعبة ضدهم، ويكشف كيف أن مخابرات العرب مجتمعة تعمل تحت إمرة المشغل ذاته القادم من تل أبيب لقتل أي أمل بالحرية والأمان والحياة الكريمة لهؤلاء الناس داخل بلادهم أو في المنافي القريبة والبعيدة في حال معارضتهم للقمع والاستهداف، ويبين كيف تعمل على تجنديهم ومحاولة حرفهم بإغراءات مادية وبدمج بين الترغيب والترهيب للعمل لصالحها ضد قضيتهم وقضايا أمتهم، مستثمرة عوامل متناقضة عديدة تحيط بهم.
ثالثا: ما حدث يعيد إلى الأذهان بشكل رئيسي حادثة اغتيال عمر النايف في سفارة فلسطين ببلغاريا ويكشف حجم التواطؤ الغربي مع الاحتلال الإسرائيلي عبر السماح له بالعربدة ضد الفلسطينيين داخل أوروبا نفسها، كما يضع إشارات تعجب واستفهام على الدور المنوط بالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وجهاتها القنصلية وقنواتها الدبلوماسية وكيف أن كثيرا من تلك الاستهدافات الأمنية للفلسطينيين تجري إما بالتواطؤ مع جهات فلسطينية رسمية أو دون تحمل الأخيرة أدنى مسؤولية عن حياة هؤلاء الأشخاص.
رابعا: إن من يريد فض الضغط المخابراتي الغربي والإسرائيلي والعربي عن الفلسطينيين عليه أولا أن يفض ضغط المخابرات الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة وأجهزتها وانتهاكاتها ضد الفلسطينيين هناك وكذلك تعاونها وتطبيعها أمنيا واستخباريا مع أنظمة عربية تقتل الفلسطينيين وتعذبهم في سجونها كما هو الحال في سوريا ومصر حيث باتت السلطة الفلسطينية ومعظم الفصائل الفلسطينية هناك مصدر ضغط مخابراتي وتخاذل وشركاء في آلة القتل والتهجير ضد اللاجئين الفلسطينيين بمثقفيهم وناشطيهم وعامتهم أيضا.
خامسا: ما حصل خطير على مستقبل أي نشاط فلسطيني وعربي إعلامي سياسي أو اجتماعي داخل هذه الدول الغربية، ويعكس بوضوح لا مراء فيه كيف تتركب الأمور لدى هذه الدول بشكل مخابراتي موتور ضد أي حالة فلسطينية أوعربية أو حتى إسلامية تنشط على أراضيهم، أو حتى في بلاد العرب والمسلمين، مع احتمالية تعرض الناشطين والإعلاميين للخطر الشديد على أراضي الغربيين وضمن منظوماتهم التي تدعي الحرية والأمان أز تسهيل تعريضهم للخطر والقلق، فهذان الأخيران، أي الحرية والأمان غير مسموح بهما بشكل مثالي لهذه الفئة حتى في الغرب المتحضر إلا حين يدور الناشط والصحفي في فلك الموساد ومشاريع المخابرات والتجنيد والأجندات.
سادسا: حين يتم التعامل مع صحفي مقيم في دولة أوروبية بهذه الطريقة المخابراتية التي تشبه ما يحدث للفلسطينيين في فرع فلسطين عند نظام الأسد ولصحفيين وناشطين عرب في أفرع الأمن العربية فلا داع للبحث عن الأسباب وراء اغتيال وإخفاء جثة جمال خاشقجي وعشرات بل ربما مئات عمليات الاغتيال لشخصيات فلسطينية وعربية في دول عربية وغربية وحول العالم عبر التاريخ الحديث، من دون وجود أي محاسبة أو متابعة حقيقية لهذه الجرائم المرتكبة ضدهم، سواء كان الفاعل الموساد أو نظاما عربيا ومتواطئين آخرين.وفي هذه الحالة يتوجب على الصحفيين الأوروبيين والغربيين أنفسهم نبذ مايحدث لأنه يستهدف حريتهم ومهنتهم ونشاطهم بطبيعة الحال ويمثل فضيحة سياسية أيضا بالنسبة لدولهم وحكوماتهم، كما يطرح مناظرة داخلية في الغرب حول حقيقة حرية العمل الصحفي في هذه الدول.
لا مجال بعد كل ما حدث سوى لتوحيد الجهود وإعلان تضامننا مع بعضنا بعضا حتى لا يتم كما جرت العادة الاستفراد بكل فلسطيني وعربي واستهدافه على حدة، والاكتفاء بالتفرج عليه حال تصفيته بدل دعمه ونصرته وإن كان على المستويين المعنوي والدعائي. كما إن خروج الصحفيين والناشطين واللاجئين السياسيين في هذه الحالة وإفصاحهم عما يتعرضون له من مخاطر أمام وسائل الإعلام أمر مهم للغاية لوضع المسؤولية المباشرة على الجناة حال التعرض لأي خطر؛ وكشف الحقيقة ووضع الجميع عند مسؤوليته.
كل التضامن والتحية لمعاذ حامد وجميع الأحرار في هذا العالم الذي يضيق ذرعا بهم كل يوم.