- تصنيف المقال : حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات BDS
- تاريخ المقال : 2021-04-20
كثير منا ينظر إلى إقتصاد دولة الإحتلال الإسرائيلية بأنه إقتصاد متقدم لا يضاهيه أو ينافسه أي إقتصاد عربي بسبب تقدمها في التكنولوجيا والإنتاج... ولكن يغفل الكثير عن المشكلات الإقتصادية التي تعانيها دولة الإحتلال الإسرائيلية، أولها صعوبة تأمين أسواق لتصريف منتجاتها، وهذا ما يقلقها فعليا خصوصا الأسواق العربية المجاورة لها، هذا بالإضافة إلى ندرة الموارد المائية، وعجز الميزان التجاري، وارتفاع الإنفاق العسكري...
تعتبر دولة الإحتلال الإسرائيلية أن الطريق الوحيد لفك الحصار الإقتصادي عنها، هو التطبيع الإقتصادي مع الدول العربية، بعد أن شهد التطبيع السياسي الفشل على مستوى الشعوب، وذلك بهدف الخلاص من أزمتها الإقتصادية واعتمادها على الغرب وعلى المساعدات والمنح الأميركية لها.
من هنا، توجهت بعض الأنظمة العربية الرسمية إلى التطبيع الإقتصادي بعد إقرارها بفشل التطبيع السياسي وعدم إمكانية نجاحه في الوقت الحالي، رغم موقف شعوب تلك الدول الرافضة للتطبيع، خصوصا بعد إدراكه أن السلام مع إسرائيل لم يحقق الرخاء للشعوب في الدول العربية التي وقعت مع إسرائيل إتفاقيات "سلام"، لذلك أقدمت كل من السودان والإمارات على إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، وأقدمت الإمارات بعد توقيع إتفاقية أبرهام على فتح مجال المشاركة الإسرائيلية في المناقصات الحكومية العامة من جهة، والشركات في القطاع العام والخاص، بالإضافة للشراكة التي أقيمت بين بنك "هبوعليم" الإسرائيلي وبنك أبو ظبي، ومحاولة تصدير الإمارات للبضائع الإسرائيلية إلى الكويت... ولم يقتصر الأمر على الإمارات فحسب، بل أقدمت المغرب على توقيع إتفاقية بين رجال الأعمال المغاربة وبين رجال الأعمال الإسرائيليين، وكذلك توقيع شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت" مع البحرين إتفاقية بملايين الدولارات لتحسين الموارد المائية في البحرين، دون أن نغفل عن تصدير التمور الإسرائيلية إلى الدول العربية والأجنبية، إعتمادا على تزوير علامة المنتج والتلاعب بأسمائها.
كما يجب التأكيد، أن التطبيع الإقتصادي لا يخلو من العمل الإستخباراتي الإسرائيلي، فقبل إعلان التطبيع ومنذ العام 2008، وقعت هيئة المرافق والمنشآت في أبو ظبي عقدا مع شركة "أي جي تي" انترناشونال السويسرية والمملوكة من "ماتي كوتشافي" رجل الأعمال الإسرائيلي، وذلك بهدف شراء معدات مراقبة للبنية التحتية الحيوية بما في ذلك منشآت النفط والغاز، كما زودت الشركة ذاتها شرطة الإمارات نظام مركزي للمراقبة الأمنية عام 2016.
وقد تعاونت الإستخبارات الإسرائيلية مع السعودية عام 2012 لحماية أمن ومعلومات شركة أرامكو السعودية، حيث تم خرق هذه الأجهزة بإستعمال فيروس يدعى "شمعون" لتعطيل إنتاج النفط السعودي، كما قامت إسرائيل بالتجسس على التطبيق الفوري للواتس اب، عبر مجموعة "أن أس أو" لإختراق التطبيق ومراقبة الصحفيين والناشطين الحقوقيين وبيعها للسعودية، وفي العام 2018، اشترت الإمارات من الشركة ذاتها للتجسس على معارضيها وخصومها، ما جعل منظمة العفو الدولية تدعو إلى عدم منح تصاريح وترخيص لعمل هذه الشركة الإسرائيلية في عام 2020.
وعليه، فإن المسار الإقليمي لصفقة القرن الأميركية، الهادف إلى تطبيع العلاقات بين دولة الإحتلال الإسرائيلية والدول العربية، وعلى وجه الخصوص الدول الخليجية، يهدف إلى فك الحصار الإقتصادي عن الأسواق والبضائع الإسرائيلية لفتح أسواق جديدة لها، ومنح الرئة الإقتصادية الإسرائيلية مصدر إنعاش عربي، تقيلها من عزلتها الإقتصادية الآخذة بالتفاقم خاصة مع تنامي حركة المقاطعة الثقافية والفنية والأكاديمية ..إلى آخره، وهذا ما يؤكد على فعالية فرض الحصار الإقتصادي العربي والعالمي على حكومة الإحتلال الإسرائيلية، لإجبارها على الرضوخ للقانون الدولي، والإستجابة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها دولته المستقلة كاملة السيادة، بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.