- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-04-25
مدد الرئيس الإسرائيلي، رئوبين ريفلين، قبل أيام، المهلة المـمنوحة لرئيس الحكومة المكلف، بنيــامين نتانياهو، لتشكيـــل الحكومة لمـــدة أسبـــوعين آخرين، يمتدان حتى السابع من أيار (مايو) القادم. وذلك فـــي أعقاب انقضاء المهلة الأولى (28 يوماً)، وفشله في حل ما واجهه من أزمات، عصفت بمفاوضات تشــكيل ائتلاف حكومي جديد. حيث نقـــل عنه قوله أنه بحاجة للتمديد «من أجل تشكيل حكومة مستقرة يمكنها مواجهة كافة التحديات».
ويواجه نتانياهو الذي يسعى لتشكيل حكومة يمين، تستند إلى 67 عضو كنيست، تتشكل من «كولانو» و«الحاريديم» و«البيت اليهودي» و«يسرائيل بيتينو»، الكثير من العراقيل، في حين شهدت الأزمة مع حزب «البيت اليهودي» تصعيداً تمثل في تهديد رئيس الحزب نفتالي بينيت، بالانسحاب من المفاوضات الائتلافية، إذا لم تجرِ الاستجابة لمطلبه الحصول على حقيبة الأديان، التي يرفض تسليمها للحارديم، ويسعى للاحتفاظ بها للمعسكر الصهيوني القومي، وكتب بينيت في حسابه على «تويتر» أن «انتزاع حقيبة الأديان من جانب واحد من الصهيونية الدينية (التي يمثلها «البيت اليهودي») ومنحها إلى حزب «شاس» (الحاريدي) سيضعان نهاية للمفاوضات الائتلافية مع البيت اليهودي».
من هنا رأى محللون، أن بينيت وضع بتصريحه هذا، تهديداً وإنذاراً أمام نتانياهو، الذي اتفق مع الأحزاب الحريدية على معظم بنود اتفاق انضمامهم للحكومة. في وقت يتنافس الحاريديم والصهيونية الدينية على وزارة الأديان، للسيطرة على جهاز التوظيف والتأثير على انتخاب ذوي المناصب الدينية.
وفي غضون ذلك، أغلق رئيس حزب «كولانو» موشيه كحلون، الباب أمام إمكانية تشكيل حكومة تستند إلى 61 عضو كنيست، بتأكيده في رسالة لنتانياهو، على أنه لن يوافق على هذا الخيار. وأكّد فيها معارضته لتشكيل حكومة ضيقة تستند إلى 61 عضو كنيست، لأنها ستكون غير مستقرة، ولن يكون بمقدورها ضمان إقرار الإصلاحات التي يعتزم تنفيذها، لا سيما في مجال حل أزمة السكن.
وفي حال استمرت الأزمة التي تحيط بالمفاوضات الائتلافية بين «الليكود» وحزبي «البيت اليهودي» و يسرائيل بيتينو»، فإنه من غير المستبعد أن يتخلى نتناياهو، في المرحلة الأولى عن ضم هذا الأخير، ويقوم بعرض حكومة تستند إلى 61 عضو كنيست، وفق ما ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» التي ذكرت، أنه لا يستبعد في المرحلة الأولى إمكانية الاحتفاظ بحقيبة الخارجية، واستكمال المفاوضات مع «يسرائيل بيتينو» أو مع «المعسكر الصهيوني» بعد عرض الحكومة.
وأضافت الصحيفة أن «الليكود» يستعد لسيناريو أن يقوم نتانياهو بعرض حكومة مقلصة، تتشكل من 61 عضو كنيست مع انقضاء المهلة الممنوحة له في السابع من أيار(مايو) القادم. ووفق هذا السيناريو ستضم الحكومة حزب «كولانو» و«يهوديت هتوراة» و«شاس» و«البيت اليهودي». على أن يكثف «الليكود» المفاوضات مع «البيت اليهودي»، وأوضحت الصحيفة أن نتانياهو لا يعتزم منح رئيس الحزب نفتالي بينيت حقيبة الخارجية، ويتوقع أن يعرض عليه حقيبة اقتصادية متوسطة وحقائب أخرى ثانوية كتعويض. لكنها أكّدت أن نتانياهو معني بضمان أغلبية لوزراء «الليكود» في الحكومة وفي المجلس الأمني السياسي المصغر(الكابينيت). مشيرة إلى أنه سيبقي لحزب «الليكود» حقيبة الأمن، القضاء، الأمن الداخلي وربما الخارجية.
لكن ما يبدو أن ما تواجهه المفاوضات الائتلافية من عقبات وعراقيل، أو حواجزها المانعة، ما تبلور مؤخراً، من تحالف بين بينيت وليبرمان، في مقاربة عامة تحاول وعلى غرار التحالف الذي أبرم عام 2013 بين رئيس حزب «ييش عتيد»، يائير لابيد، ورئيس حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، ممارسة المزيد من الضغوط على نتانياهو. حيث جاء الكشف عن تشكيل هذا التحالف بالتزامن مع إعلان رئيس المعسكر الصهيوني، يتسحاق هرتسوغ، بأنه سيكون في المعارضة. ما يعني إغلاقه الباب أمام خيار حكومة الوحدة، حتى ولو موقتاً، ويقلص من مساحة المناورة لدى نتانياهو ويضعه رهينة لأطماع بينيت وليبرمان.
وقالت القناة الإسرائيلية الثانية أنه في إطار هذا التحالف الذي وصفته بأنه «تحالف المنبوذين»، تنازل بينيت عن حقيبة الخارجية لمصلحة ليبرمان، في مقابل دعم مطلبه الحصول على حقائب وزارية أخرى، والعمل على منع نتانياهو من تشكيل حكومة وحدة مع المعسكر الصهيوني. كما أنه يهدف إلى تعزيز موقفيهما التفاوضي مع «الليكود»، على أن يسعى ليبرمان لمساعدة بينيت في الحصول على حقيبة الأديان، التي يطالب بها أيضاً رئيس حزب «شاس» أرييه درعي.
ومن شأن هذا التحالف أن يوجه ضربة للمفاوضات بين «الليكود» و «شاس»، إذ إن هذا الأخير يمكن أن يستوعب التنازل عن وزارة الداخلية، لكنه سيكون من الصعب عليه التنازل أيضاً عن حقيبة الأديان، ما يعني الزج بالمفاوضات إلى أزمة جدية.
ومع بدء سريان المهلة الثانية لنتانياهو، يجري تداول تقديرات إعلامية تفيد بأن مهمته تبدو أصعب مما بدت له عشية فوزه في الانتخابات، فقد أنجز حتى الآن حوالى نصف المهمة، والنصف الثاني سيكون أكثر صعوبة، ومن الممكن أن يؤدي إلى انفجار يتبعه البحث عن حلول بديلة، أو حلفاء بديلين.
بعد ذلك وفي سياق المفاوضات الشاقة، أمام نتانــــياهو ثلاث مهمات، لا تقل الواحدة صعوبة عن الأخرى: الاتفاق مع رئيــــس «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، ومـــن ثم الاتفاق مع رئيس حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، وإرضاء أعضاء حزبه بمناصب وزارية كافية. هذا في وقت تشهد العلاقات بين نتناياهو وبينيت توتراً وقطيعة، ويدعي بينيت أن نتانياهو تعهد له قبل الانتخابات بمنحه حقيبة الأمن، وهذا ما أكده أيضاً تقرير للقناة الإسرائيلية الثانية. فضلاً عن ذلك لا ينسى مسؤولو «البيت اليهودي» أن نتانياهو توجه قبل الانتخابات لناخبي «البيت اليهودي»، طالباً دعمهم متعهداً منح بينيت ما يريد من حقائب وزارية، بغض النظر عن عدد المقاعد التي يحصل عليها، على اعتبار أن الأهم هو فوز «الليكود» في الانتخابات.
وكان رد «الليكود» على ما كشفته القناة الثانية مستفزاً للبيت اليهودي، فقد قال مسؤول في «الليكود»، أن عدد المقاعد التي حصل عليها بينيت، لا يؤهله للحصول على إحدى الحقيبتين الوزاريتين، الأمن أو الخارجية. وأدت تلك التصريحات إلى زيادة السخط في «البيت اليهودي».
علاوة على كل هذا، ما أوردته صحيفة «هآرتس» من أن «الليكود» يدرس عرض تناوب على وزارة الخارجية بين ليبرمان وبينيت، إذ إن ليبرمان يعتبر بقاءه في وزارة الخارجية تنازلاً، كما أن مطالب بينيت أكبر بكثير من نصف فترة في وزارة الخارجية. الأمر الذي قد يودي بالخلافات مع ليبرمان وبينيت إلى أن تكون عامل تفجير للمفاوضات، وإذا لم يحصل ذلك، فسيواجه نتانياهو معارك داخل حزبه، وقد يضطر لإجراء تعديلات على القانون لزيادة عدد الوزراء ونواب الوزراء في الحكومة القادمة، وفق ما ذكرت القناة الإسرائيلية العاشرة.
أخيراً... وخارج عوامل الشد والجذب الداخلية، ورغم أنه من المؤكد أن ائتلاف نتانياهو الجديد، لن يتجاوز «الخطوط الحمر» لليمين التقليدي، أو اليمين الديني المتطرف، فقد ذكر أن هناك ضغوطاً أميركية على نتانياهو لتشكيل حكومة وحدة مع «المعسكر الصهيوني»، إذ أشارت بعض الصحف الإسرائيلية إلى أن جهات يهودية من خارج إسرائيل، نصحت بالسير في هذا الاتجاه، وذلك على خلفية أن وجود هرتسوغ في الحكومة، وزيراً للخارجية، قد يساعد في تخفيف حدة العزلة الإسرائيلية، وقد يكون عاملاً مساعداً لتحسين علاقات إسرائيل الدولية، ومواجهة مساعي مسلسل الضغوط الأوروبية لفرض عقوبات اقتصادية، وحملات مقاطعة إسرائيل على مستوى العالم. وهذه رغبة من لا يرغب في أن يزداد صلف نتانياهو وعنجهيته، واستمراره بالتلويح بغطرسة القوة، حتى في مواجهة أبرز حلفائه الاستراتيجيين، إلى جانب قوى «المصالح غير المؤتلفة» التي يسعى لإشراكها في حكومته الائتلافية.