- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-04-27
شرعت مصر بـ "إجراءات وقائية" لمنع حفر الأنفاق أسفل الحدود مع قطاع غزة، تمثلت باستخدام آليات جديدة ومتطورة لكشف الانفاق وضخ المياه من باطن الأرض للتسبب بانهيارها، في ذات الوقت أجرت مصر تنيسقا مع إسرائيل لادخال المدفعية الثقيلة وطائرات مقاتلة من طراز أفـ 16 إلى سيناء لأول مرة منذ توقيع اتفاق كامب ديفد عام 1979.
وأفاد مراسل معا نقلا عن مصدر أمني مصري رفيع أن الجيش يستعين بخمسين ماكينة لضخ المياه وحفار عملاق ومعدات ثقيلة للتعامل مع الأنفاق الممتدة من شمال منفذ رفح البري وحتى منطقة صلاح الدين الحدودية مع قطاع غزة.
وقال مراسلنا انه شاهد ماكينات ضخ المياه تقف في صف طويل على طول الحدود، كما خرجت منها انابيب وجهت إلى عمق الأرض بهدف سحب المياه الجوفية لاستغلالها اشباع التربة بالمياه لخلخلتها والتسبب بانهيار الانفاق.واوضحت مصادر أمنية أن الاجراءات المصرية وقائية لمنع حفر انفاق جديدة، قبل انجاز القناة المائية، مشيرة إلى أن الحفار الكبير يكشف عن النفق ويعمل على الوصول إلى عمقه ثم يتم تفجيره وبعد ذلك غمر المكان بالمياه التي تضخها الماكينات من باطن الأرض.ويصل عمق الحفار إلى 30 مترا تحت الأرض، لكن السلطات المصرية اكتشفت انفاقا على عمق 50 مترا مما دفعها لاستكشاف باطن الأرض للتوصل إلى السبل المثلى للتعامل مع الانفاق الموجودة على أعماق كبيرة من خلال جلب معدات حفر أضخم من الموجودة.واكدت المصادر الأمنية أن السلطات المصرية تضع يدها الآن على مئات فتحات الانفاق داخل نطاق المنطقة العازلة الاولى بعمق 500 متر، وتتبع مسار تلك الفتحات في باطن الارض للوصول الى جسم النفق ومن ثم تفجيره لتدمير الدعائم الاسمنتية ثم غمره بالمياه.ويشرف على العمليات والاجراءات الوقائية مهندسون عسكريون واساتذة وعلماء في مجال الجيولوجيا والحفر، كما استعانت السلطات المصرية بخرائط الأقمار الصناعية لكشف الانفاق تحت الارض على طول الشريط الحدودي، علاوة على استخدام احدث وسائل الكشف عن المتفجرات، وزرع كاميرات استكشافية تحت الارض واجهزة استشعار حديثة.وكشفت المصادر الامنية أن خطة مصر لمكافحة الانفاق ترتكز على مرحلتين متزامنتين، الاولى: اخلاء الشريط الحدودي من السكان بعمق 5 كم داخل الاراضي المصرية، وقد أخلت مصر حتى الان الشريط الحدودي بعمق كيلو متر واحد فقط، على مرحلتين الاولى بعمق 500 متر أخلت خلالها 850 منزلا ودفعت تعويضات لاصحابها قدرت بقرابة 570 مليون جنيها، وقامت القوات المسلحة بتفجير منازل المرحلة الاولي بالكامل وسوت المباني بالارض تماما.بينما اخلت مصر المرحلة الثانية من الشريط الحدودي بعمق 500 متر إضافية ضمت 1220 منزلا جرى اخلاؤها بالكامل وجري تفجيرها وتسويتها بالأرض وتبقى فقط 48 بناية حكومية بينها عدد من المساجد والمدراس يجري تفجيرها حاليا، لتبدأ مصر بإخلاء المرحلة الثالثة بعمق 500 متر أخرى حتى تصل إلى عمق 5 كم، لتضمن مصر بذلك السيطرة على الانفاق ذات الاطوال الكبيرة والتي ظهرت مؤخرا بضبط انفاق اطوالها وصلت الى 3 كم داخل العمق المصري.تتوقع السلطات المصرية ان يتم حفر انفاق من الجانب الفلسطيني يصل طولها الى 4 كم داخل الاراضي المصرية ولكن من الصعب حفر انفاق يصل طولها 5 كم، وبذلك تكون السلطات المصرية قد اخلت مسافة تمكنها من كشف الانفاق بأقصى حد.وترى مصر أن المرحلة الثانية من "الاجراءات الوقائية" على الشريط الحدودي والمتمثلة بحفر قناة مائية ستمكنها من التصدي لأية مفاجآت على صعيد حفر الانفاق وامكانية تجاوزها الاربعة كيلو مترات.
مدفعية ثقيلة ومقاتلات بالتنسيق مع اسرائيل
وأوضحت المصادر الامنية أن "الاجراءات الوقائية" الحالية على حدود قطاع غزة برفح تجري وسط اجراءات أمنية مشددة وتتعامل قوات الجيش مع اية محاولات من قبل مسلحين للاقتراب من خط الحدود لمراقبة الاجراءات التي ينفذها الجيش المصري لغلق الانفاق بكل حزم.
وقالت المصادر الأمنية إنه خلال 72 ساعة الماضية تسللت خلية مسلحة مكونة من 50 عنصرا جنوب معبر رفح البري وحاول المسلحون الاقتراب من تمركز فوج حرس الحدود بجوار المعبر الا ان طائرات الاباتشي قصفت التجمع، وتكرر الامر في اليوم التالي ورصدت القوات المسلحة تجمع 17 عنصرا مسلحا من تنظيم "أنصار بيت المقدس" وعناصر جنائية ومهربي انفاق يحاولون التعرف على ما يجري على خط الحدود، الا ان الطائرات الحربية قصف المكان الذي تواجدوا فيه.وكشفت مصادر أمنية أن مصر أجرت تنسيقا مع إسرائيل خلال الايام القليلة الماضية لادخال الجيش المصري مدفعية ثقيلة الى رفح والشيخ زويد لاول مرة منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل، كما نسقت مع اسرائيل لإدخال الطائرات الحربية الاف 16 لاول مرة لضرب العناصر "الارهابية".القناة المائية الجديدة ومصادر مياههاكشفت مصادر أمنية مصرية أن السلطات المصرية ستبدأ بشق القناة المائية بطول 13 كم على حدود قطاع غزة برفح عقب الانتهاء من "الاجراءات الوقائية" الحالية ربما عقب مرور شهرين أو ثلاثة اشهر من الان، وتحديدا عقب الانتهاء من حفر المجرى الملاحي لقناة السويس الجديدة لتتفرغ بعدها مصر لحفر القناة بنفس أدوات الحفر المستخدمة بقناة السويس.وكانت الدراسات الاولية لشق القناة المائية على حدود قطاع غزة قد بينت أن القناة ستعتمد على مياه البحر الابيض المتوسط، ولكن الدراسات العلمية التي اجراها علماء مصريون بالمنطقة خلال الشهور الماضية اثبتت فشل التجربة لأن القناة المائية اذا اتصلت بالبحر الابيض المتوسط فإن ذلك يشكل خطرا من ناحيتين، اولاهما: أن تواصل مياه البحر اندفاعها في القناة المائية التي ستحفر بطول 13 كم مما سيتسبب بحالة من النحر وتآكل التربة، وثانيهما: أن مياه البحر المالحة ستشكل خطرا على مياه الابار الجوفية العذبة بين مصر وقطاع غزة.ويعتمد الجانبان الفلسطيني والمصري علي مياه الابار الجوفية في الشرب والزراعة، كما طالب الجانب الفلسطيني من نظيره المصري الحفاظ على ابار المياه الجوفية برغم ان هذه الابار قد تأثرت بالسلب جراء الصرف الصحي العشوائي لقطاع غزة.ورجحت مصادر مصرية أن يتم ملء القناة بالمياه العذبة عن طريق عشرات ماكينات الري التي بدأت بنصبها على الحدود مع قطاع غزة، فيما لا زالت الدراسات العلمية المصرية مستمرة للوصول الى انسب حل لغلق الانفاق.وتابعت المصادر الامنية أن مصر رصدت ميزانية كبيرة لغلق الانفاق واخلاء المنطقة من السكان بعمق 5 كم وتشييد مدينة رفح الجديدة على اطراف مدينة الشيخ زويد لتستوعب جميع المواطنين من سكان مدينة رفح، وقد تم البدء بوضع استراتيجية مدينة رفح الجديدة التي ستبنى على بعد 5 كم من مدينة رفح الحالية بعد اخلاء المدينة بالكامل.كما يجري التخطيط لبناء المدينة بشراكة بين الحكومة المصرية والقطاع الاستثماري الخاص الوطني وستراعى في مدينة رفح الجديدة الاحتياطات الامنية مع بناء منطقة صناعية وزراعية وتجارية بجانب صيد الاسماك، وقد تم اعداد نماذج للبيوتالمزمع انشاؤها في مدينة رفح الجديدة، على ان يتم بناء كل منزل على مساحة 300 متر منها 150 مترا للبناء نفسه و150 مترا اخرى تستخدم كحديقة ولتربية المواشي، مراعاة لطبيعة حياة البدو كي يتوفر لهم ذات الطابع الذي كان سائدا في مدينتهم القديمة.وقد اطلع محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور اهالي المنطقة الحدودية الذين اخلوا منازلهم والحاليين على نماذج البيوت بمدينة رفح الجديدة وقد رحب المواطنون بنموذج المدينة الجديدة المزمع انشاؤها قريبا.