.jpeg)
- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2021-07-23
لم تحقق جميع حملات تشجيع الإقبال على المنتجات الوطنية النجاح المطلوب أو الأهداف المتوخاه، والدليل على ذلك هو مواصلة الإقبال ولو بدرجات متفاوتة على المنتجات غير الوطنيه، او المنتجات المستوردة سواء أكانت من إسرائيل أو من غيرها، وما زالت رفوف محلات التسويق الكبيرة تمتلئ بالمنتجات غير المحليه، وما زال التجار يستوردونها وما زال المستهلك الفلسطيني يقبل عليها، وهذا يشمل المنتجات الغذائيه والادويه والأدوات والأجهزة وغير ذلك.
ورغم مجالات التطور الكبيرة التي حققتها المنتجات الوطنيه، سواء من ناحية النوعية أو الإنتاج الكمي أو حتى في مجالات التسويق، ما زال المستهلك الفلسطيني، أو جزء مهم من المستهلكين الفلسطينيين يقبلون على المنتجات الخارجية بأنواعها، ولا يعتبرون المنتجات الوطنية أولويه، هذا رغم كل الحملات والنداءات المتكررة من اجل دعم والإقبال على المنتجات الوطنيه، وحتى رغم أن هناك منتجات وطنية ومنها الأدوية يتم تصديرها بنجاح الى دول عديدة في العالم، عربيه وغير عربيه، وبالتالي لماذا ما زال المستهلك الفلسطيني ليس قريبا أو لا يعطي الأولوية للمنتج الوطني اذا كانت الاسعار متقاربه، وما هي الجهات المسؤولة عن ذلك.
هذا رغم التوجه الحكومي الرسمي والشعبي للابتعاد عن المنتجات أو البضائع الإسرائيلية التي تشكل النسبة الأكبر من ايراداتنا وبالتالي من استهلاكنا، وبالتالي التوجه نحو المنتج الوطني، حيث تبرز صناعات وطنية شكلت معلما هاما وتطورت خلال السنوات الماضيه، من حيث الجوده والنوعيه، ومنها الصناعات الغذائية والصناعات الدوائيه، التي لا يمكن للمستهلك الفلسطيني الاستغناء عنهما، وبالإضافة الى صناعات أخرى تتعلق بالإنشاءات والخدمات والتكنولوجيا وغيرهما.
ومن أجل ان ينجح الاقبال على وتشجيع المنتجات الوطنيه، فإن ذلك من المفترض أن يبتعد عن الجانب العاطفي الانفعالي الذي اعتاد عليه، وبأن تتخذ استراتيجية الأولوية للمنتجات الوطنية عدة أمور وجوانب، من أهمها الحاجة الى وجود مرجعية او اطار وطني شامل يقف ويتابع الاستراتيجية وليس فقط الشعارات الرنانة التي اعتدنا عليها، وينسق الخطوات، ويدرس الظروف والبدائل، ويحدد المعيقات والمشاكل، ويعمل على وضع الأسس الموضوعية لضمان استمرار الإقبال على المنتج الوطني، وهذا الإطار من المفترض ان يعمل على أرضية الفوائد والإيجابيات التي يمكن ان تؤدي إليها حملات تشجيع المنتجات الوطنية للناس، سواء على صعيدالفرد، اي المستهلك الفلسطيني، او التاجر او القطاع الخاص او القطاع العام، أو حتى على صعيد الاقتصاد بشكل عام، من إنتاج وتشغيل وبطالة وتصدير وما الى ذلك.
ومنها كذلك التوجه الى المستهلك أو المواطن الفلسطيني، والذي هو اللبنة الاساسية لنجاح هذه الحملات، كما هو كان وسوف يكون حجر الأساس لنجاح حملات اخرى، في الماضي او في المستقبل، هذا المواطن، من المفترض ان يتم التواصل معه بشكل فعال،سواء من اجل توعيته او إقناعه بأهمية وفوائد هذه الحملات، وبأن يتم التبيان له أهمية ذلك من النواحيالمختلفة، أو حتى ارشاده للبدائل المتوفرة، تلك البدائل التي هو في حاجة اليها، اي البدائل التي يتم تصنيعها محليا،سواء أكانت هذه البدائل منتجات غذائية او دوائية او مستحضرات تجميل ومواد بناء وانشاءات او خضار او فواكة وما الى ذلك.
وكذلك التوجه الى التاجر أو المستوردين من التجار، و إعلامهم بوجود البدائل الوطنية التي تتمتع بالجودة والسلامة والسعرالمناسب، والذي يمكنهم من إحضارها وعرضها في محلاتهم ومن ثم بيعها الى المستهلك اوالزبون، الذي اعتاد على يتعامل معهم، واذا حدث وان قمت بزيارة الى محلات تجارية في إحدى المدن او القرى الفلسطينية ، فأنك سوف تجد بضائع خارجية من انواع مختلفة،وإذا سألت التجار او الموردين عن ذلك‘ فسوف تكون الإجابة بعدم وجود بدائل، او بضعفالجودة، او بأستمرارية طلب المستهلك للبضائع الاجنبيه، او حتى بعدم اقتناع التاجر بجدوى أو فعالية او اهمية حملات الإقبال على المنتجات الوطنية.
ولكي ينجح المنتج الوطني كبديل، ومن ثم يبقى او يستديم كبديل للمنتج الاجنبي، من المفترض ان يكون ذلك على اسس صحيحة، وأهمها التركيز على الجودة اوالنوعية، اي كفاءة وفائدة المنتج اسوة بالمنتجات المستورده، وبالاضافة الى الجودة او النوعية، التركيز كذلك على سلامة او على امان او على عدم خطورة المنتج الوطني ، ولتحقيق ذلك كان من المفترض العمل المتواصل من قبل الجهات المعنية، لترسيخ هاتان الصفتان للمنتج الوطني، اي الجودة والسلامة، في أذهان المستهلك الفلسطيني، والتاجر الفلسطيني والمنتج وصاحب القرار.
وبالطبع هناك المؤسسات او الجهات والدوائرالرسمية، أي دوائر القطاع العام، او دوائر السلطة، والتي هي من ضمن القطاعات الحيوية لنجاح حملات تشجيع المنتجات الوطنية وبشكل عملي، تلك الجهات التي من المفترض ان تساند او ان تدعم وتواكب ذلك، ومن ثم توفر له الغطاء السياسي والقانوني والعملياتي، وتلك الجهات هي التي تراقب وتفتش وتوفر الالية اللازمة للمتابعة، وهي الجهات التي تمنح التراخيص و تراقب وتضبط المعابر وتتأكد من الالتزام بالمواصفات والشروط.
ومن الامور الاخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي موضوع الاسعار، او التلاعببالاسعار، وبدون رقابة او اخذ الاعتبار لوجود رقابة، سواء من حيث رفعها، او ربما من حيث تخفيضها واغراق السوق بمنتجات إسرائيلية مثلا باسعار رخيصة لإبعاد المستهلك عن المنتجات الوطنية، كما يبدو انه حدث في حالات معينة في الماضي، من خلال إغراق السوق الفلسطيني بالخضار والفواكه الاسرائيلية، والادعاء انه لا يوجد بديل او كمية كافية من الإنتاج الوطني المشابة، وبالتالي من المفترض ان تعمل الجهات الرسمية والشعبية وبحزم في هذا الصدد لكي لا تحدث عملية اغراق الاسواق و منتجات أجنبية مختلفة
وبالإضافة إلى السوق المحلي، ولكي تصل المنتجات الفلسطينية الى الأسواق الخارجية وتنافسوا تنجح ، فيجب ان تلبي مواصفات وشروط تلك الأسواق، وهذا على سبيل المثال ، و لتصدير منتجات زراعية فلسطينية إلى أسواق أوروبية او أمريكية، يتطلب إجراء الفحوصات الضرورية لبقايا المبيدات والمواد الكيميائية في المحاصيل الزراعية ومنتجات التصنيع الغذائي ، واتباع المواصفات فيما يتعلق بالتعبئة والتغليف والتخزين وما إلى ذلك، وهذا يعني وجود المختبرات المؤهلة والمعتمدة لإجراء الفحوصات، ويعني كذلك وجود الكفاءات المدربة والمعدة للقيام بذلك، وهذا يعني كذلك توفر المصداقية والنزاهة و الاعتراف بذلك من الجهات المستوردة، والأهم كذلك وجود الجهة التي ترعى وتدعم إستراتيجية التصدير وفتح أسواق جديدة.
ومن أجل منافسة مستدامة من المنتجات الوطنيه، من المفترض ان تعمل كافة الأطراف ذاتالعلاقة، سواء أكانت جهات رسمية او مؤسسات شعبية، الى تشكيل اطار يحوي خبراء و مختصين وناشطين، يعمل على وضع أسس علميه، تكفل الاستمرار والاستدامة والتوسع في حملات تشجيع المنتجات الوطنية وبأن تشمل هذه الأسس توفير البدائل، والتركيز على جودة المنتجات المحلية، ومراقبة الاسعار، وإعطاء الافضلية للمنتج الوطني، واجراء الفحوصات المخبرية، والتركيز على مواصفات وطنية تحمي المنتج المحلي، وكذلك تفعيل التواصل مع المستهلك ومع التاجر ومع المورد او المستورد.


