- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2015-06-06
بقلم: جدعون ليفي واليكس ليباك
من هنا الى هناك، تُبنى ليشم بسرعة. في الوقت الذي يوجد فيه من يتسلى بحل الدولتين، وفي الوقت الذي يعتبر فيه كل توجه فلسطيني يائس الى مؤسسة دولية، «أحادي الجانب» ومُخلا بالاتفاق، تبني اسرائيل بسرعة ملحوظة المزيد من المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية. هذا بالطبع لا يعتبر خطوة أحادية الجانب، عشرات من البيوت الإسمنتية مأهولة، والمئات ستُبنى ويتم بناؤها حاليا، في الوقت الذي نتحدث فيه عن أمور اخرى، ويُستكمل التواصل الجغرافي من الشاطئ حتى اريئيل، ومن هناك الى مفترق تفوح، «معاليه افرايم» وغور الأردن. خط مباشر وواضح لتقسيم الضفة الغربية، خط مباشر وواضح لوضع عصا اخرى في عجلة الفرصة الاخيرة الضعيفة لإقامة الدولة الفلسطينية.
بعد فترة قصيرة سيتم استكمال بناء هذه المستوطنة، وسيدخل الى شققها الـ 600 بضعة آلاف من المستوطنين. اريئيل وبناتها سيتم الاعتراف بها ايضا ككتلة استيطانية، وسيكون هناك اجماع اسرائيلي على ضرورة عدم إخلائها الى الأبد، وبالتالي موت الدولة التي لم تولد أبدا – فلسطين.
أهلا بالقادمين الى مستوطنة ليشم. عند الاقتراب من موقع البناء الضخم فإنك تتخيل أنه تُبنى هنا مدينة واسعة: عشرات الجرافات الضخمة، ضجة كبيرة، حديد وجنازير، يصعدون ويهبطون، الكثير من الغبار، يحفرون، يقومون بتسوية الجبل الذي سيصبح أيضا مستوطنة. على التلال المحيطة توجد مستوطنات (عاليه زهاف، فدوال، اريئيل والمناطق الصناعية بركان واريئيل غربا)، والى جانبها تختبئ بخجل القرى الفلسطينية التي تمت مصادرة اراضيها: كفر الديك، بروقين، دير بلوط ورفات.
ثمة طرق ترابية تؤدي الى موقع البناء، حيث يسكن الى جانبه المستوطنون الأوائل. بدأ الاولاد يلعبون في الحديقة الجديدة. حينما يكبر هؤلاء الاولاد فلن يتحدث أحد معهم عن الدولة الفلسطينية أو عن المستوطنات. ولن يروي لهم أحد أن مستوطنتهم أقيمت على اراض فلسطينية، من أجل قتل الفرصة الاخيرة للحل السياسي. سيكبرون في مجتمع ديني قومي، مع اربعة اتجاهات هواء ومكان مصمم ومخطط جيدا، وسيعتبر مركز البلاد، ليس بعيدا عن الخط الاخضر المنسي – تل ابيب ومطار بن غوريون يوجدان في الأفق.
بيوت هذه المستوطنة أحادية المنظر. ثمة أعلام وطنية ترفرف في واجهتها، وسيارات صغيرة ومتوسطة من أصل ياباني وكوري تقف أمام البيوت البرجوازية الصغيرة تلك. سيأتي الناس للعيش هنا بسبب الايمان والفكرة، وايضا بسبب «مستوى الحياة». ويتم بناء الشارع السريع الى القدس بسرعة فائقة.
لمحة تاريخية: كانت بداية ليشم عبارة عن حي فيه 19 فيلا توقف البناء فيها لاسباب غير معروفة – هناك أكثر من رواية حول ما حدث – ومنذ ذلك الحين كان البناء مهجورا. تدرب الجيش الاسرائيلي في هذه البيوت في الانتفاضة الثانية. وعندما استؤنف البناء على التل فوق صف الفيلات المهجورة في العام 2010 تم الحديث عن حي عالي زهاف، وتوسيع مستوطنة قائمة، حتى لا تحدث ضجة، رغم أنه كان عبارة عن اقامة مستوطنة منفصلة كلياً.
اسرائيل مخادعة، فهي لا تبني «مستوطنة جديدة» بل فقط توسع ما هو قائم. لكن اللافتات تقود الى «ليشم» وليس الى «عالي زهاف».
تُبنى هذه المستوطنة بمبادرات فردية، والشارع الذي يتجه إليها يُبنى على اراض فلسطينية خاصة، وقد تدخلت محكمة العدل العليا للحظة في هذا الامر، لكن البناء مستمر بدون ازعاج.
الى جانب المستوطنة الجديدة توجد آثار دير سمعان التي تعود للقرن الثاني للميلاد، في العهد الروماني والبيزنطي. لا يوجد الكثير من المواقع الأثرية مثل هذا الموقع. كل شيء موجود هنا هو مستودعات مياه قديمة وفسيفساء ضخمة ومطاحن للقمح وساعة شمسية وحظيرة خيول وبقايا كنيسة وخطوط مياه تحت ارضية وقباب حجرية وأعمدة رخام. بقايا من الحياة القديمة الرائعة.
الارض القريبة من موقع البناء، بما في ذلك الموقع الأثري، تعود لفارس الديك (35 سنة)، وهو استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في جنين، ويعمل في جمعية تطوير الصحة العامة. يسكن في كفر الديك، وهي القرية القريبة التي يبلغ عدد سكانها 6 آلاف، وقد تمت مصادرة اغلبية أراضيها، وأُعلنت أراضي دولة من اجل اقامة «ليشم».
لا توجد اماكن بناء في كفر الديك. نحو 100 عائلة تركت القرية، وهي تسكن في رام الله. كان لفارس الديك كرم زيتون تبلغ مساحته 25 دونما، زرعه والده قبل 35 سنة، وفي العام 1996 صادرت الدولة جزءا من ارضه وأعلنته كموقع أثري، دير سمعان. الآن يوجد موقع بناء ضخم في جانب ما تبقى من كرمه، يغطي اشجاره بالغبار ومواد البناء. اشجار زيتون بيضاء، هذا ما تبقى. لا يمكن قطف الزيتون هنا بعد الآن. ارضه محاطة من جميع الاتجاهات بالمستوطنات، وعندما ستمتلئ «ليشم» بالسكان، فمن المشكوك فيه أن يسمحوا له بالوصول الى ارضه، والديك يعرف ذلك. تفصل «ليشم» ايضا بينه وبين ارض اخرى تعود لعائلته، التي لا يصل إليها تقريبا بسبب المسافة الطويلة التي سيضطر الى قطعها متجاوزا «ليشم». فلاحون من القرية القريبة منها يقومون بحراثتها لصالحه.
أحد اصدقاء الديك من بريطانيا وصل، مؤخراً، لزيارته في القرية، ولم يصدق بعد غياب خمس سنوات ما رأته عيناه. يقول الديك إن بناء «ليشم» هو اصبع تضعه اسرائيل في قلب الضفة الغربية من اجل تقسيمها. «يريدون توحيد كافة المستوطنات في المنطقة في وحدة واحدة وتحويل القرى الفلسطينية التي داخلها الى سجن كبير مفاتيحه موجودة في يد اسرائيل». وقد قال، هذا الاسبوع، أيضا: «اذا أرادوا سيفتحون لنا، ونحن نصل الى اراضينا، واذا لم يريدوا فلن يفتحوا لنا. على الاغلب هم لن يفعلوا ذلك. وتتحول كفر الديك من قرية الى معسكر لأنه لا يوجد المزيد من الاماكن للبناء. عندما يتحدث نتنياهو وعباس عن تبادل الاراضي فهما يتحدثان عن ارضي». لكن الديك يعلم ايضا أن الحديث الذي يدور عن تبادل الاراضي ليس سوى كلام في الهواء.
عن «هآرتس»
من هنا الى هناك، تُبنى ليشم بسرعة. في الوقت الذي يوجد فيه من يتسلى بحل الدولتين، وفي الوقت الذي يعتبر فيه كل توجه فلسطيني يائس الى مؤسسة دولية، «أحادي الجانب» ومُخلا بالاتفاق، تبني اسرائيل بسرعة ملحوظة المزيد من المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية. هذا بالطبع لا يعتبر خطوة أحادية الجانب، عشرات من البيوت الإسمنتية مأهولة، والمئات ستُبنى ويتم بناؤها حاليا، في الوقت الذي نتحدث فيه عن أمور اخرى، ويُستكمل التواصل الجغرافي من الشاطئ حتى اريئيل، ومن هناك الى مفترق تفوح، «معاليه افرايم» وغور الأردن. خط مباشر وواضح لتقسيم الضفة الغربية، خط مباشر وواضح لوضع عصا اخرى في عجلة الفرصة الاخيرة الضعيفة لإقامة الدولة الفلسطينية.
بعد فترة قصيرة سيتم استكمال بناء هذه المستوطنة، وسيدخل الى شققها الـ 600 بضعة آلاف من المستوطنين. اريئيل وبناتها سيتم الاعتراف بها ايضا ككتلة استيطانية، وسيكون هناك اجماع اسرائيلي على ضرورة عدم إخلائها الى الأبد، وبالتالي موت الدولة التي لم تولد أبدا – فلسطين.
أهلا بالقادمين الى مستوطنة ليشم. عند الاقتراب من موقع البناء الضخم فإنك تتخيل أنه تُبنى هنا مدينة واسعة: عشرات الجرافات الضخمة، ضجة كبيرة، حديد وجنازير، يصعدون ويهبطون، الكثير من الغبار، يحفرون، يقومون بتسوية الجبل الذي سيصبح أيضا مستوطنة. على التلال المحيطة توجد مستوطنات (عاليه زهاف، فدوال، اريئيل والمناطق الصناعية بركان واريئيل غربا)، والى جانبها تختبئ بخجل القرى الفلسطينية التي تمت مصادرة اراضيها: كفر الديك، بروقين، دير بلوط ورفات.
ثمة طرق ترابية تؤدي الى موقع البناء، حيث يسكن الى جانبه المستوطنون الأوائل. بدأ الاولاد يلعبون في الحديقة الجديدة. حينما يكبر هؤلاء الاولاد فلن يتحدث أحد معهم عن الدولة الفلسطينية أو عن المستوطنات. ولن يروي لهم أحد أن مستوطنتهم أقيمت على اراض فلسطينية، من أجل قتل الفرصة الاخيرة للحل السياسي. سيكبرون في مجتمع ديني قومي، مع اربعة اتجاهات هواء ومكان مصمم ومخطط جيدا، وسيعتبر مركز البلاد، ليس بعيدا عن الخط الاخضر المنسي – تل ابيب ومطار بن غوريون يوجدان في الأفق.
بيوت هذه المستوطنة أحادية المنظر. ثمة أعلام وطنية ترفرف في واجهتها، وسيارات صغيرة ومتوسطة من أصل ياباني وكوري تقف أمام البيوت البرجوازية الصغيرة تلك. سيأتي الناس للعيش هنا بسبب الايمان والفكرة، وايضا بسبب «مستوى الحياة». ويتم بناء الشارع السريع الى القدس بسرعة فائقة.
لمحة تاريخية: كانت بداية ليشم عبارة عن حي فيه 19 فيلا توقف البناء فيها لاسباب غير معروفة – هناك أكثر من رواية حول ما حدث – ومنذ ذلك الحين كان البناء مهجورا. تدرب الجيش الاسرائيلي في هذه البيوت في الانتفاضة الثانية. وعندما استؤنف البناء على التل فوق صف الفيلات المهجورة في العام 2010 تم الحديث عن حي عالي زهاف، وتوسيع مستوطنة قائمة، حتى لا تحدث ضجة، رغم أنه كان عبارة عن اقامة مستوطنة منفصلة كلياً.
اسرائيل مخادعة، فهي لا تبني «مستوطنة جديدة» بل فقط توسع ما هو قائم. لكن اللافتات تقود الى «ليشم» وليس الى «عالي زهاف».
تُبنى هذه المستوطنة بمبادرات فردية، والشارع الذي يتجه إليها يُبنى على اراض فلسطينية خاصة، وقد تدخلت محكمة العدل العليا للحظة في هذا الامر، لكن البناء مستمر بدون ازعاج.
الى جانب المستوطنة الجديدة توجد آثار دير سمعان التي تعود للقرن الثاني للميلاد، في العهد الروماني والبيزنطي. لا يوجد الكثير من المواقع الأثرية مثل هذا الموقع. كل شيء موجود هنا هو مستودعات مياه قديمة وفسيفساء ضخمة ومطاحن للقمح وساعة شمسية وحظيرة خيول وبقايا كنيسة وخطوط مياه تحت ارضية وقباب حجرية وأعمدة رخام. بقايا من الحياة القديمة الرائعة.
الارض القريبة من موقع البناء، بما في ذلك الموقع الأثري، تعود لفارس الديك (35 سنة)، وهو استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في جنين، ويعمل في جمعية تطوير الصحة العامة. يسكن في كفر الديك، وهي القرية القريبة التي يبلغ عدد سكانها 6 آلاف، وقد تمت مصادرة اغلبية أراضيها، وأُعلنت أراضي دولة من اجل اقامة «ليشم».
لا توجد اماكن بناء في كفر الديك. نحو 100 عائلة تركت القرية، وهي تسكن في رام الله. كان لفارس الديك كرم زيتون تبلغ مساحته 25 دونما، زرعه والده قبل 35 سنة، وفي العام 1996 صادرت الدولة جزءا من ارضه وأعلنته كموقع أثري، دير سمعان. الآن يوجد موقع بناء ضخم في جانب ما تبقى من كرمه، يغطي اشجاره بالغبار ومواد البناء. اشجار زيتون بيضاء، هذا ما تبقى. لا يمكن قطف الزيتون هنا بعد الآن. ارضه محاطة من جميع الاتجاهات بالمستوطنات، وعندما ستمتلئ «ليشم» بالسكان، فمن المشكوك فيه أن يسمحوا له بالوصول الى ارضه، والديك يعرف ذلك. تفصل «ليشم» ايضا بينه وبين ارض اخرى تعود لعائلته، التي لا يصل إليها تقريبا بسبب المسافة الطويلة التي سيضطر الى قطعها متجاوزا «ليشم». فلاحون من القرية القريبة منها يقومون بحراثتها لصالحه.
أحد اصدقاء الديك من بريطانيا وصل، مؤخراً، لزيارته في القرية، ولم يصدق بعد غياب خمس سنوات ما رأته عيناه. يقول الديك إن بناء «ليشم» هو اصبع تضعه اسرائيل في قلب الضفة الغربية من اجل تقسيمها. «يريدون توحيد كافة المستوطنات في المنطقة في وحدة واحدة وتحويل القرى الفلسطينية التي داخلها الى سجن كبير مفاتيحه موجودة في يد اسرائيل». وقد قال، هذا الاسبوع، أيضا: «اذا أرادوا سيفتحون لنا، ونحن نصل الى اراضينا، واذا لم يريدوا فلن يفتحوا لنا. على الاغلب هم لن يفعلوا ذلك. وتتحول كفر الديك من قرية الى معسكر لأنه لا يوجد المزيد من الاماكن للبناء. عندما يتحدث نتنياهو وعباس عن تبادل الاراضي فهما يتحدثان عن ارضي». لكن الديك يعلم ايضا أن الحديث الذي يدور عن تبادل الاراضي ليس سوى كلام في الهواء.
عن «هآرتس»