- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2015-07-04
بقلم: فيليب ليفي*
عندما تغلق اليونان بنوكها، وتمنع الأموال من مغادرة البلاد، وتعلق مستقبلها على استفتاء شعبي فهذا يعني أن الأمور ليست على ما يرام. والسؤال المحوري الآن هو: إلى أي درجة من السوء يمكن أن تصل الأمور؟ وللإجابة عن هذا السؤال دعونا نفترض أن اليونان ستترك منطقة اليورو، وهذا غير مؤكد، لأن اليونانيين قد يوافقون على قبول شروط الدائنين الدوليين في الاستفتاء المزمع إجراؤه في الأحد المقبل، لكن وضع اليونان في منطقة اليورو صعب حقاً. ولكن، إذا كان تخلي اليونان عن منطقة اليورو وشيكاً، فما التهديدات التي يشكلها هذا الوضع؟
لنبدأ باليونانيين أنفسهم الذين سنستطلع آراءهم، فعندما يتوقف تدفق التمويل في اقتصاد ما يعاني الأفراد وقطاع الأعمال، بطبيعة الحال. والاقتصاد الحديث يعمل على أساس الائتمان، والناس يخزنون أموالهم في البنوك وليس تحت وسائدهم. وعندما يتوقف النظام المالي عن العمل يتوقف معه الكثير من حركة التجارة اليومية. وهذا سيجعل حياة اليونانيين السيئة الآن أكثر سوءاً في المستقبل، وحتى قبل دخول هذه المرحلة من الأزمة تعاني الأيدي العاملة اليونانية بالفعل من نسبة تفوق 25 في المئة من البطالة.
وسيصاحب خروج اليونان من منطقة اليورو على الأرجح تنصل جزئي على الأقل من ديونها. ومن القضايا المحورية في المفاوضات المتعثرة بين اليونان وأوروبا سؤال ما يتعين فعله مع ديون اليونان المتراكمة التي لم يتم سدادها، وارتفعت إلى ما يقرب من 175 في المئة من الناتج القومي. وتأمل أثينا في إعادة جدولة الديون مع خفض قيمة العملة، وإدخال مجموعة من الإصلاحات قد تضعها على طريق النمو المستدام. ومع الأخذ في الاعتبار ضعف الحكم في اليونان فهذا يبقى مجرد أمل.
وإذا حولنا أنظارنا إلى ما يتجاوز اليونان نفسها، فسنجد أن التأثير المباشر لخروجها من اليورو سيكون في حده الأدنى على الأرجح. واقتصاد اليونان صغير وإنتاجها المحلي الإجمالي يبلغ 240 مليار دولار تقريباً في العام. وهذا يمثل أقل من نصف في المئة من الاقتصاد العالمي. والتنصل من دفع الديون سيكون ضربة لدائني اليونان، وغالبيتهم جهات رسمية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. ودافعو الضرائب الأوروبيون لن يسعدهم، بطبيعة الحال، أن يجدوا مليارات اليورو «غير المسجلة في دفاتر» الإقراض لليونان تظهر كثغرات في دفاتر موازناتهم، ولكن هذا وحده ليس كافياً لإسقاط الاقتصاد الأوروبي كله.
وقد تكون التأثيرات غير المباشرة لترك اليونان لليورو أكثر خطورة. وإحدى الفوائد الكبيرة التي تمتعت بها دول منطقة اليورو تتمثل في المصداقية التي حظيت بها هذه الدول في الأسواق المالية. وقد تصرفت هذه الأسواق كما لو أن عضوية منطقة اليورو تخلّص ليس فقط من مخاطر أسعار الصرف، بل أيضاً من مخاطر العجز عن السداد. وهذا يعني أن الدول صاحبة التاريخ الاقتصادي المثير للقلق استطاعت بفضل انضمامها لليورو الاقتراض بمعدلات فائدة منخفضة. وسيُظهر خروج اليونان من اليورو أن مخاطر أسعار الصرف والعجز عن السداد ما زالت قائمة. وما لم يتيسر إقناع المستثمرين بأن حالة اليونان فريدة من نوعها، فإن دولاً أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا قد تشهد ارتفاعاً أيضاً في أسعار الفائدة، وهذا قد يكون مكلفاً للدول التي تعاني ديوناً كبيرة.
وربما تكون المشكلة الأكبر في رد فعل الناس في ميلانو أو برشلونة، فسيشاهدون سكان أثينا يقفون في طوابير طويلة عند البنوك بلا جدوى للحصول على اليورو، وسيشهدون مدخرات العمر كله باليورو يحل محلها الدراخما الذي قلصت قيمته. وربما يتعلمون درساً هو أن نقل المال من بنوك البلاد المترنحة هو طريقة غير مكلفة للتأمين ضد الانهيار المالي، ومن الأفضل التعجيل بهذا الخيار. وإذا تعلموا هذا الدرس يمكننا أن نشهد قريباً هجوماً على البنوك لسحب الأرصدة. وعلى خلاف اليونان، فحجم اقتصاد إيطاليا وإسبانيا كبير وحدوث سحب للأرصدة من البنوك فيهما ستكون النجاة منه صعبة. وقد عانت اليونان كثيراً في السنوات القليلة الماضية، ولكن ما زال ينتظرها المزيد. وبالنسبة لجيرانها في أوروبا فمشكلاتهم ربما بدأت الآن حقاً بشكل مثير للقلق.
عن «تريبيون نيوز سيرفس»
عندما تغلق اليونان بنوكها، وتمنع الأموال من مغادرة البلاد، وتعلق مستقبلها على استفتاء شعبي فهذا يعني أن الأمور ليست على ما يرام. والسؤال المحوري الآن هو: إلى أي درجة من السوء يمكن أن تصل الأمور؟ وللإجابة عن هذا السؤال دعونا نفترض أن اليونان ستترك منطقة اليورو، وهذا غير مؤكد، لأن اليونانيين قد يوافقون على قبول شروط الدائنين الدوليين في الاستفتاء المزمع إجراؤه في الأحد المقبل، لكن وضع اليونان في منطقة اليورو صعب حقاً. ولكن، إذا كان تخلي اليونان عن منطقة اليورو وشيكاً، فما التهديدات التي يشكلها هذا الوضع؟
لنبدأ باليونانيين أنفسهم الذين سنستطلع آراءهم، فعندما يتوقف تدفق التمويل في اقتصاد ما يعاني الأفراد وقطاع الأعمال، بطبيعة الحال. والاقتصاد الحديث يعمل على أساس الائتمان، والناس يخزنون أموالهم في البنوك وليس تحت وسائدهم. وعندما يتوقف النظام المالي عن العمل يتوقف معه الكثير من حركة التجارة اليومية. وهذا سيجعل حياة اليونانيين السيئة الآن أكثر سوءاً في المستقبل، وحتى قبل دخول هذه المرحلة من الأزمة تعاني الأيدي العاملة اليونانية بالفعل من نسبة تفوق 25 في المئة من البطالة.
وسيصاحب خروج اليونان من منطقة اليورو على الأرجح تنصل جزئي على الأقل من ديونها. ومن القضايا المحورية في المفاوضات المتعثرة بين اليونان وأوروبا سؤال ما يتعين فعله مع ديون اليونان المتراكمة التي لم يتم سدادها، وارتفعت إلى ما يقرب من 175 في المئة من الناتج القومي. وتأمل أثينا في إعادة جدولة الديون مع خفض قيمة العملة، وإدخال مجموعة من الإصلاحات قد تضعها على طريق النمو المستدام. ومع الأخذ في الاعتبار ضعف الحكم في اليونان فهذا يبقى مجرد أمل.
وإذا حولنا أنظارنا إلى ما يتجاوز اليونان نفسها، فسنجد أن التأثير المباشر لخروجها من اليورو سيكون في حده الأدنى على الأرجح. واقتصاد اليونان صغير وإنتاجها المحلي الإجمالي يبلغ 240 مليار دولار تقريباً في العام. وهذا يمثل أقل من نصف في المئة من الاقتصاد العالمي. والتنصل من دفع الديون سيكون ضربة لدائني اليونان، وغالبيتهم جهات رسمية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. ودافعو الضرائب الأوروبيون لن يسعدهم، بطبيعة الحال، أن يجدوا مليارات اليورو «غير المسجلة في دفاتر» الإقراض لليونان تظهر كثغرات في دفاتر موازناتهم، ولكن هذا وحده ليس كافياً لإسقاط الاقتصاد الأوروبي كله.
وقد تكون التأثيرات غير المباشرة لترك اليونان لليورو أكثر خطورة. وإحدى الفوائد الكبيرة التي تمتعت بها دول منطقة اليورو تتمثل في المصداقية التي حظيت بها هذه الدول في الأسواق المالية. وقد تصرفت هذه الأسواق كما لو أن عضوية منطقة اليورو تخلّص ليس فقط من مخاطر أسعار الصرف، بل أيضاً من مخاطر العجز عن السداد. وهذا يعني أن الدول صاحبة التاريخ الاقتصادي المثير للقلق استطاعت بفضل انضمامها لليورو الاقتراض بمعدلات فائدة منخفضة. وسيُظهر خروج اليونان من اليورو أن مخاطر أسعار الصرف والعجز عن السداد ما زالت قائمة. وما لم يتيسر إقناع المستثمرين بأن حالة اليونان فريدة من نوعها، فإن دولاً أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا قد تشهد ارتفاعاً أيضاً في أسعار الفائدة، وهذا قد يكون مكلفاً للدول التي تعاني ديوناً كبيرة.
وربما تكون المشكلة الأكبر في رد فعل الناس في ميلانو أو برشلونة، فسيشاهدون سكان أثينا يقفون في طوابير طويلة عند البنوك بلا جدوى للحصول على اليورو، وسيشهدون مدخرات العمر كله باليورو يحل محلها الدراخما الذي قلصت قيمته. وربما يتعلمون درساً هو أن نقل المال من بنوك البلاد المترنحة هو طريقة غير مكلفة للتأمين ضد الانهيار المالي، ومن الأفضل التعجيل بهذا الخيار. وإذا تعلموا هذا الدرس يمكننا أن نشهد قريباً هجوماً على البنوك لسحب الأرصدة. وعلى خلاف اليونان، فحجم اقتصاد إيطاليا وإسبانيا كبير وحدوث سحب للأرصدة من البنوك فيهما ستكون النجاة منه صعبة. وقد عانت اليونان كثيراً في السنوات القليلة الماضية، ولكن ما زال ينتظرها المزيد. وبالنسبة لجيرانها في أوروبا فمشكلاتهم ربما بدأت الآن حقاً بشكل مثير للقلق.
عن «تريبيون نيوز سيرفس»