- تصنيف المقال : صدى الجاليات
- تاريخ المقال : 2021-12-17
أطلقت الشابة الفلسطينية اللاجئة في لبنان هبة ياسين موهبتها في تصميم الغرافيكس للمرة الأولى عام 2015، حين صممت عملة فلسطينية رغم عدم امتلاكها خبرة كافية في تصميم العملات. أرادت أن تشارك بتصميم فلسطيني يرمز لوطنها في مسابقة أطلقتها إحدى الصحف اللبنانية التي ألغيت في ما بعد لقلة عدد المشاركين.
احتفظت ياسين بالتصميم ونشرته لأول مرة على مواقع التواصل الاجتماعي في أيار/ مايو 2016 تزامناً مع ذكرى النكبة، ليحظى بإعجاب عدد كبير من النشطاء والداعمين للقضية الفلسطينية.
تنحدر هبة من قرية صفورية قضاء الناصرة، وتقيم جنوبي لبنان، اختارت أن تجسد ما حفظته من روايات جداتها والأناشيد الوطنية وما عرفته من معالم التراث والهوية الفلسطينية بتصاميم الغرافيكس، المادة التي درستها في الجامعة، بعد أن أنهت تعليمها الثانوي في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
هي اليوم ترسم الثقافة الفلسطينية والملابس والمدن والمعالم الدينية والتراثية والمأكولات الشعبية وغيرها بطريقة الغرافيكس.
التصاميم تنفي اللجوء
تقول هبة ياسين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: أنا لم امتلك موهبة في الرسم، حتى أنني درست اختصاصي بالصدفة، بعد مشاكل في المنحة الدراسية، لكن صرت مع كل تصميم أقرّب المسافة بيني وبين الوطن فلسطين.
وبما أن "كل الناس لديها أوطان تعيش فيها، إلا الفلسطينيين لهم وطن يعيش فيهم" بحسب ما تؤمن ياسين، لذا فهي تحاول -كما غيرها من الفلسطينيين- بكل السبل المتاحة تقديم ما بوسعها لوطنها.
من خلال تخصصها، تقدم هذه التصاميم الفلسطينية في سبيل التعريف بكل ما يتعلق بفلسطين، من ثقافة، تاريخ، جغرافيا، وبالتأكيد تسليط الضوء على القضية الإنسانية وهي قضية أرض مسلوبة وشعب بعضه مشتت والبعض الآخر يقاوم تحت الاحتلال.
"كل ما أراه أو أسمعه يمكن أن يوحي لي برسمة خاصة لفلسطين. على سبيل المثال، قمت بتحويل لوحات عالمية لرسامين عالميين مثال، لوحات غوستاف كليمت أو فيرمير، حولتها إلى لوحات ذات طابع فلسطيني، كما يمكن أن استوحي من مقطع أغنية ما، خصوصاً الأغنية الوطنية والتراثية الفلسطينية، إضافة لمقاطع من بعض الأفلام أو الصور القديمة الخاصة بالشعوب" بحسب ما تقول.
اللاجئة هبة الممنوعة من فلسطين بحسب قولها تراها في كل تصميم، حين ترسم تفاصيل الثوب التراثي، تراها على حطة الفدائي وزنده، وعلى الشال الفلسطيني".
تختصر ياسين سبب إبداعها بمقولة "الرسم يقربني أكثر للوطن رغم بعدي عنه"، فهي ترسم للناصرة ويافا والقدس، وتغرق في تفاصيل كل مدينة، وتعرف أكثر عن تاريخها ونضالها وعراقتها.
ترحيب بالموهبة
تحب ياسين كل تصاميمها وتستمتع برسمها وإعدادها، لكن التصميم الأقرب لقلبها هو تصميم "دقوا الجدران" الذي رسمته بعد العملية البطولية للأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم من سجن جلبوع رغم مناعة التحصين. التصميم هو بمثابة انعكاس للنضال الكامن داخل كل فلسطيني، لاجئ، أسير، مرابط، الخ.
استوحت التصميم من مشهد من فيلم المخدوعون الذي أانتج عام ١٩٧٢ عن رواية الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني "رجال في الشمس".
وحول دعم الأهل والأصدقاء لإبداعها، تقول ياسين: إن والدها هو من قام بزرع حب فلسطين والتمسك بقضيتها في نفسها، والآن هو أكبر داعم لها، بالإضافة لكلمات الثناء من قبل الأصدقاء والمتابعين ورسائلهم شبه اليومية المعبرة عن حبهم للتصاميم وللصفحة التي تقوم بالنشر عليها، كما يعبرون عن رغبتهم باقتناء بعض اللوحات.
عقيدة هبة الراسخة في رأسها مفادها أن "التعليم والإبداع والتفاني هي سمات تشكل رأس مال اللاجئ الفلسطيني المحروم من وطنه والمنتهكة حقوقه في الوطن والشتات، لا سيما في لبنان. ورغم محاولات إلغاء اللجوء الفلسطيني والمساعي الدائمة لطمس الهوية والتضييق على الفلسطينيين، إلا أنهم لا يزالون يبدعون وينتجون ويقاومون بشتى الوسائل ليقولوا للعالم أجمع "نحن موجودون وفلسطين في قلوبنا أينما حللنا".