- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2015-07-16
يواصل المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي هجومه المنظم ومبادراته العدائية على جبهتي المواجهة ضد الشعب العربي الفلسطيني في منطقتي الاحتلال الاولى عام 1948، والاحتلال الثانية عام 1967، موحداً شعبنا في معاناته، وان اختلفت التفاصيل والاجراءات والعناوين، فالمضمون واحد، ضد شعب واحد موحد، وعلى الارض الانتدابية الواحدة، ومن قبل عدو وخصم متمكن وحد اليمين الاسرائيلي واليمين المتطرف صفوفهما، وأصبحوا في مركز صنع حكومته الاستعمارية التوسعية، وشطبوا فكرة التوصل الى تسوية واقعية مع ممثلي الشعب الفلسطيني وفق اتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل .
في مناطق 67 يسير البرنامج الاستعماري التوسعي الاسرائيلي واضحاً فاقعاً بثقة واقتدار، نحو 1- تهويد القدس وتغيير معالمها، و2- توسيع الاستيطان في قلب الضفة الفلسطينية وتمزيق جغرافيتها وتحويلها الى مناطق محاصرة مفصولة، و3- العمل على أسرلة الغور وتطهير أرضه من أهله وسكانه، و4- تعميق الفصل المكاني والانساني بين المناطق الثلاثة بين القدس والضفة والقطاع، وبين الضفة والقطاع وتعزيز التمايز بينهم سياسياً وقانونياً، و5- بالمجمل جعل الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967 طاردة لأهلها وشعبها عبر افقارهم وحصارهم وتضييق فرص الحياة ومحدودية الخيارات أمامهم .
وفي مناطق 48، بعد أن فشلت سياسة الاسرلة والصهينة والتركيع لهذا القطاع من الشعب العربي الفلسطيني، وفصله عن باقي مكونات الفلسطينيين، انتصر هؤلاء بالحفاظ على هويتهم الفلسطينية، وقوميتهم العربية، ودياناتهم الاسلامية والمسيحية والدرزية، بل وزادت ترسيخاً وقوة مع الوقت وتم ذلك بفعل ثلاثة عوامل متداخلة أولها : رد الفعل الطبيعي للحفاظ على الذات في ظل الهيمنة والحكم العسكري، ويسجل للشيوعيين بقايا عصبة التحرير الوطني الفضل في تعميق وترسيخ الفهم السياسي الوطني والقومي والديني في مواجهات سلطات الحكم العسكري ومحاولات التغييب والتمزيق في وقت مبكر من الخمسينيات وايفاد الطلبة في بعثات دراسية لبلدان المعسكر الاشتراكي ، ثانيها : توسيع الاحتلال عام 1967 ليشمل الضفة والقدس والقطاع، فشكل ذلك سنداً وانفتاحاً لفلسطينيي 48 سياسياً ووطنياً وقومياً، فشد من أزرهم على الرغم من توسيع رقعة الاحتلال، وانتصار مشروعه الاستعماري ليشمل كل فلسطين فشكل هذا العامل السلبي، عاملاً ايجابياً بانفتاحهم لأول مرة على شعبهم الفلسطيني في مناطق 67، فعلموه وتعلموا منه، وثالثها : كان للأردن الدور الايجابي في دعم واسناد خيارات فلسطينيي 48 الوطنية والقومية والدينية من خلال السماح لهم بتأدية فريضة الحج والعمرة عبر جواز السفر الاردني وعبر بعثة الحج الاردنية، وفتح أبواب الجامعات لتعليم أبناء هذا القطاع من الشعب الفلسطيني فتخرجوا من الجامعات الاردنية ويشغلون اليوم مواقع مهنية كمحامين وأطباء ومربين في مؤسساتهم المحلية، وقد أدى الفعل الاردني دوره بانفتاح هؤلاء على العالم العربي فزاد من ثقتهم بأنفسهم .
وفي مقابل ازدياد الوعي الوطني والقومي والديني لدى فلسطينيي 48، زاد حجم التناقض بينهم وبين المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وسياساته واجراءاته في ظل ازدياد وقوة الاتجاهات العدوانية العنصرية لدى مؤسسات صنع القرار الاسرائيلي، وكانت حصيلة هذا التناقض ما فعلوه من اتفاق بين القوى السياسية الاربعة بتشكيل القائمة المشتركة يوم 22/1/2015، وما حققوه في الانتخابات يوم 17/3/2015 بزيادة تمثيلهم، وأهم نتائجه السياسية بروز شعب أخر موحد في برنامجه وارادته وقيادته، ليس يهودياً ويرفض الصهيونية ومشروعها وحلولها، وهي نقلة نوعية في مسار نضال هذا الجزء من الشعب العربي الفلسطيني .
ومقابل ذلك زادت الهجمة السياسية والتشريعية من قبل الاحزاب الصهيونية وزادت شرستها بشكل عنصري بغيظ، وها هو قانون برافر أبرز عناوين العنصرية وأبرز ترجمة لسياساتها، حيث تسعى حكومة نتنياهو لأقراره وجعله سياسة عملية قالبة للتنفيذ مما يولد حالة من التصادم بين الفلسطينيين والاسرائيليين في منطقة النقب وسائر مناطق الجليل والمثلث ومدن الساحل المختلطة .