بدأت مطالب أهالي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، والمهجّرين عن مخيّمهم منذ تسع سنوات، بالبروز للجهات المعنيّة بإعادة الخدمات الأساسية، والبدء بعملية إعادة تأهيل للبنى التحتيّة، بالتوازي مع تسريع منح الموافقات الأمنية للعودة إلى المخيّم من قبل السلطات الأمنية السوريّة.

وتركزّت المطالب لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" لما تعنيه عودة مؤسساتها إلى المخيّم، من تكريس لرمزيّة اليرموك كمخيّم للاجئين الفلسطينيين أولاً، وتوفير الخدمات الأساسية من مدارس ومستوصفات صحيّة، حسبما أكّد اللاجئ من أبناء المخيّم والمهجّر في منطقة صحنايا " إحسان عبد الغني".

يقول "عبد الغني إنّ المخيّم غير صالح للحياة، ولو جرت عمليات تنظيف لشوارعه ورفع للأنقاض، وذلك بسبب حجم الدمار الكبير في الابنية والممتلكات، وغياب كافة مقومات الحياة من مياه وكهرباء وطرق ومواصلات ومنشآت حيوية، تجعل عمليات التنظيف "ليست ذات جدوى" وكذلك تسريع موافقات العودة، وفق قوله.

وكانت السلطات الأمنيّة المسؤولة عن منح موافقات لعودة الأهالي، قد سرّعت بالفعل من مدّة منحها الموافقة منذ الأسبوع الأوّل من شهر كانون الاول يناير من العام 2020 الجاري، حيث باتت تستغرق من نصف ساعة إلى ساعة، عند المفرزة الأمنيّة المخصصة لذلك، بعد تقديم الأوراق المطلوبة، وتنحصر بـ " عقد بيع قطعي او وكالة غير قابلة للعزل، بيان عائلي، بطاقة الأونروا، صور عن بطاقة الهويّة، وبيان يؤكّد السلامة الإنشائيّة للمنزل."

إجراءات يصفها اللاجئ "عبد الغني" الذي يعمل موظفاً حكومياً، بغير الكافيّة، اذا لم تقترن بـ " جهود جديّة لإعادة الخدمات وخصوصاً للمناطق الأقل ضرراً أو الصالحة للسكن." فضلاُ عن متطلبات أخرى، لا تستوي عمليّة العودة وإعادة الحياة إلى المخيّم دونها حسبما يشير أهالي المخيّم.

أمان مفقود

ولا يقتصر مفهوم الخدمات، على البنى التحتية الخدمية والمنشآت الأساسية، دون توفير الأمن للساكنين، بحسب اللاجئ " أبو أحمد شهابي" الذي عاد مؤخّراً إلى منزله وقام بإعادة تأهيل المتطلبات الأساسية فيه.

ويشير شهابي إلى أنّ المخيّم، منطقة مهجورة تماماً، ومعظم أحيائه وشوارعه فارغة وموحشة ومظلمة ليلاً، باستثناء بضعة شوارع جرت إنارتها عبر الطاقة الشمسيّة، فيما تواصل مجموعات اللصوص، " غزواتها" على ما تبقّى من أمور قابلة للسرقة، وباتت تستهدف المنازل المُعاد تأهيلها.

ويعتبر شهابي، أنّ أي ربّ عائلة مهجّر من اليرموك مع عائلته، لا يستطيع إعادة زوجته وأطفاله إلى المخيّم، في ظل الوضهع الراهن. ولفت إلى أنّه لا يترك منزله الذي اعاد تأهيله بالابواب والشبابيك العدد الصحيّة، فارغاً، انما يتناوب على البقاء فيه هو أحد أقاربه كي لا ينهبه اللصوص.

ممكنات عيش غائبة

وعاد إلى مخيّم اليرموك، منذ استعادة قوات النظام السوري سيطرتها عليه بعلميّات عسكرّية مدمّرة عام 2018، نحو 800 عائلة، بحسب أرقام كشف عنها مؤخّراً عضو "لجنة الإشراف على إعادة تأهيل مخيّم اليرموك المهندس محمود الخالد. الّا أنّ الرقم المُشار إليه، يشكك كثيرون ممن استحصلوا موافقات عودة في صحّته.

وفي هذا الصدد، أفادت إحدى اللاجئات من أبناء المخيّم، وتعيش حالة تهجير في لبنان، لموقعنا، أنّ ما يجري الحديث عنه من عودة للحياة والسكان "غير دقيق" مشيرةً إلى أنّ أعداد الساكنين لا تتجاوز العشرات من العائلات، إلى جانب من يزورهم خلال النهار، أو العائلات التي تدخل إلى المخيّم من أجل معاينة منازلها.

وأشارت اللاجئة التي ذهبت إلى سوريا لمعاينة إمكانية عودتها إلى مخيّمها، وطلبت عدم ذكر اسمها، أنّ معظم الساكنين، عمدوا على مدّ أكبال كهرباء لمنازلهم من خارج المخيّم، وهذا الأمر يحتاج إلى تكاليف كبيرة، إضافة إلى "واسطة" حسب قولها، عدا عن تكاليف إعادة التأهيل.

وبما يخص منزلها الواقع في حي العروبة ذو الكثافة السكّانية العالية سابقاً، قالت اللاجئة، إنّه يحتاج إلى إعادة بناء وليس إعادة تأهيل، كغالبية المنازل في الحي المذكور، وتساءلت " اذا كانوا يريدون عودتنا إلى سوريا، لماذا لا يمنحونا تعويضات مالية للبناء، لماذا يقلصون المعونات الماليّة علينا في لبنان، وإلى أين سنذهب؟." في إشارة منها إلى الغاء معونة بدل الإيواء من قبل وكالة "أونروا" للفلسطينيين المهجّرين من سوريا.

وأضافت قائلةً :" سوريا ليس فيها كهرباء ولا ماء ولا مواصلات ولا معيشة، ويريدوننا أن نعود إلى مخيّم اليرموك المدمّر، ويقولون لنا الموافقات صارت سهلة." وأردفت :" الموافقات سهلة، لكن المصاري صعبة، العيشة صعبة، الخدمات معدومة، وكل شيء مدمّر.. حسبي الله ونعم الوكيل.".

تجدر الإشارة، إلى أنّ عمليات إعادة التأهيل الخدميّة في مخيّم اليرموك، خلال 4 سنوات منذ استعادته من قبل قوات النظام، اقتصرت على عمليات تنظيف للشوارع الرئيسيّة وترحيل الأنقاض، وسط مطالب بشمول كافة أحياء المخيّم كالعروبة والتقدّم وجادة المنصورة وسواها، إضافة تأهيل أحد خطوط مياه الشرب، وسط غياب تام للتمديدات، بسبب تدميرها ونهب أساساتها خلال السنوات السابقة.

ويعيش أبناء مخيّم اليرموك حالة تهجير داخلية وخارجيّة متواصلة، يتكبدون فيها عناء دفع الإيجارات، وتوقعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن تظل مستويات التهجير مرتفعة بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث أنّ الوصول إلى مخيّم اليرموك ما يزال محدوداً بسبب ارتفاع نسبة الدمار التي قاربت 70% من عمرانه وبناه التحتية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف