- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2015-07-29
خرقت حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلية الصهيونية الاتفاق الامني السياسي مع الحكومة الاردنية المتضمن عدم السماح للسياسيين بدخول المسجد الاقصى وساحاته، والذي أدى هذا الاتفاق بحينه لعودة السفير الاردني الى تل أبيب، أي أن عودة السفير الذي سبق وأن تم استدعاؤه الى عمان، كانت مشروطة بعدم تسييس المسجد الاقصى الواقع تحت الوصاية الاردنية بموافقة الطرفين أولاً منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية باعتبارها ممثلة الشعب الفلسطيني صاحب السيادة وصاحب الولاية المعترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً واسرائيلياً، وثانياً بموافقة حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلية التي أقرت الدور الاردني في رعاية المقدسات الاسلامية حتى تتم التسوية النهائية للقضية الفلسطينية باستعادة الشعب العربي الفلسطيني حقوقه الكاملة غير المنقوصة بشكل تدريجي متعدد المراحل، وتؤول الولاية والسيادة لصاحبها بعد انتهاء الاحتلال، حيث أعتبرت القدس من قضايا المرحلة النهائية وتخضع لمرحلة انتقالية يتم خلالها احترام الوضع القائم دون أي تغيير واحترام الخصوصيات لأصحاب الديانات بممارسة شعائرهم دون المس والاعتداء والتطاول من طرف على باقي الاطراف .
تطاول الوزير في حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلية، وزير الاسكان أوري أرائييل المعروف بتطرفه مع حزبه المتطرف “ البيت اليهودي “ والمستوطن على أرض الفلسطينيين المصادرة المنهوبة من أرض الضفة الفلسطينية المحتلة عام 1967، ودخوله المسجد الاقصى بحماية جيش الاحتلال، هو خرق لاتفاق سابق تعهدت فيه ومن خلاله حكومة نتنياهو بعدم السماح للسياسيين من الوزراء والنواب بدخول ساحات المسجد الاقصى وعدم اجراء أي تعديلات على المعالم والوضع القائم في القدس ومقدساتها، مقابل قرار الحكومة الاردنية لإعادة السفير الاردني الى سفارته في تل أبيب، آنذاك .
تجديد الخروقات الاسرائيلية للأتفاقات المقرة، وعدم احترام تعهداتها، مستغلة حالة الانحدار في الوضعين العربي والاسلامي وانشغالهم في صراعات بينية، يدلل بشكل متواصل ومنهجي على جوهرية المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، كمشروع استعماري توسعي عنصري عدواني، يجب اعطاء الاولوية بالتصدي والنضال والجهاد ضده بكافة الوسائل المتاحة والمشروعة لردع المستوطنين وردع مشروعهم، وألا يبقى الفلسطيني ابن القدس وحده في معركة المواجهة، وألا يبقى ذلك تحت مشروعية معاهدة وادي عربة والعلاقات المتبادلة ووجود سفارتين، واعادة النظر بمجمل هذا الخيار اذا لم يضمن حماية القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية من الاذى والعبث والتطاول والتغيير ووقف الانتهاكات واجراءات تهويد القدس .
في 3/6/1968 كتب الشهيد فرحان محمد الحسبان ابن مدينة المفرق الملازم في الجيش العربي الاردني، رسالة من موقعه في الغور الى ابنته الطفلة، أنه يتطلع الى الاستشهاد في سبيل المسجد الاقصى بهدف ازالة العار الذي وقع في حزيران 1967، وتشاء الصدف والاقدار أن يستشهد فرحان محمد الحسبان في اليوم الثاني في 4/6/1968، ورسالته لابنته في جيبه مغمسة بطهارة الدم الذي سال منه، مما دفع بالزميل الكاتب والناشط السياسي محمد داودية لوصفها على أنها أشهر الوصايا الاردنية في التاريخ، اذ طلب صاحب الرسالة الشهادة في سبيل المسجد الاقصى وهو ما زال شاباً لديه زوجة شابة، وحصيلة زواجهما ابنة وحيدة بالشهر العاشر من عمرها، لا يجد أعز من المسجد الاقصى كي يستشهد من أجله، ولا يجد أعز من ابنته ليكتب اليها، ولا يجد قضية تستحق الاهتمام أكثر من ازالة العار الذي وقع عام 1967 باحتلال المسجد الاقصى .
ما فعله الاردني ابن عائلة الحسبان، أحد عشائر بني حسن، لا يمكن وصفه بالموقف الشخصي الفردي، بل هو شجاعة ورؤية من شخص حالم يتطلع الى الامام تعبيراً عن وجدانه وعائلته وعشيرته ومعبراً عن موقف جميع الاردنيين وانحيازهم لفلسطين وللفلسطينيين، في مواجهة العدو الوطني والقومي والديني والانساني المشترك، المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي الصهيوني .
يجدد أوري أرئييل فينا اليقظة، ولدينا الوعي، وأمامنا التحدي والاستخلاص أن لا حياة ولا أمن ولا استقرار ولا سلام مع الاحتلال، مع العنصرية، مع الاجنبي الطارئ الذي يفرض برنامجه ومشروعه علينا وضدنا، ولكنه لم يستفد ولم يتعلم من المذابح التي ارتكبها النازيون والفاشيون في أوروبا لأجداده، ولم يستفد ولم يتعلم من تراث اليهود وأمنهم الذي عاشوه وهم مع العرب والمسلمين بأخوة وتعايش وحُسن جوار بعيداً عن التعصب والكره والانغلاق وقبول الاخر .
ما أقوله ليس جديداً، والتحذير لن يتوقفوا أمامه وربما يسخرون منه، ولكن سنواصل التحذير والصراخ حتى يزول الوهم لدينا ويزول مشروعهم الاستعماري عن أرضنا وعن صدورنا ونستعيد كرامتنا، ونزيل العار استجابة لنداء شهيد الجيش العربي ابن المفرق وعشائر بني حسن الشهيد الاردني فرحان محمد الحسبان .