- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-08-11
اعتبر استئناف الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي حدثاً ديبلوماسياً مهماً في القاهرة، فالحوار الذي انقطع منذ العام 2009، تمّ استئنافه مجدّداً، في وقت كان يطبع فيه التوتر العلاقات المصرية ـ الاميركية منذ قرابة عامين. ولذلك، وعلى رغم الحفاوة التي حظي بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في القاهرة، إلا أنها لم تستطع أن تخفي الخلافات التي ما زالت تشوب العلاقات بين الطرفين في عدد من الملفات المختلفة، أبرزها تلك المتصلة بحقوق الانسان والحريات، وعلى وجه الخصوص قضية التعامل مع جماعة «الإخوان المسلمين» المصنفة كمنظمة إرهابية في مصر.
وقد سبق هذه الجولة من الحوار، التيعُقدت في مقر وزارة الخارجية المصرية (2/8)، تسلّم مصر ثماني طائرات من طراز «إف 16»، وهي صفقة عسكرية تأجلت طويلاً بسبب التوتر الذي ساد بين الطرفين منذ سقوط نظام «الإخوان المسلمين»، كما جاء عشية لقاء جمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظرائه الخليجيين في الدوحة، التي استضافت أيضاً لقاءً مميزاً ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية (3/8).
خلاف حول الموقف من الإخوان
وظهر الخلاف جلياً في المؤتمر الصحافي الختامي للوزيرين، حيث ألحّ كيري مراراً إلى ضرورة «شمولية العملية السياسية»، ملمّحاً إلى جماعة «الإخوان»، فيما أكد الوزير المصري سامح شكري على ضرورة التعامل مع الجماعة كمصدر لـ«الذخيرة الفكرية» للجماعات المتطرفة. وأشار كيري في المؤتمر إلى ضرورة «منح المواطنين كافة الفرصة لبناء دولتهم وأمتهم»، والتفريق بين «الإرهابيين الذين يستخدمون العنف من أجل تحقيق غاياتهم، وبين أولئك الذين يحاولون المشاركة سلمياً في الحوار السياسي، حتى وإن قالوا في بعض الأحيان أشياء قد لا تريح النظام». موضحاً أنه «عندما يشعر الناس بالضغط ويُنفى حقهم في التعبير، فهذا يؤدي للعنف والتطرف».
وقد ربط البعض تطور «الحوار الاستراتيجي» بين العاصمتين بموقف كل منهما من «الإخوان المسلمين» وهو الخلاف الأهم بينهما، خاصة أنه قد يترتب عليه خلافات أخرى على الصعيد الإقليمي، فبينما ترفض القاهرة أي دور لـ «الإخوان» في أي من الأزمات الإقليمية (سوريا، ليبيا، اليمن)، فإن واشنطن تتعامل بمرونة أكثر مع المعارضة السورية بمكوّنها «الإخواني»، وأيضاً مع «المؤتمر الوطني الليبي» و«إخوان» اليمن، وهو ما يؤدي الى تباين واضح في وجهات النظر بين العاصمتين حول تلك الملفات.
اتفاق حول القضايا العسكرية والأمنية
وفي ختام هذه الجولة الحوارية، اتفق شكري وكيري على مضاعفة جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، وتعزيز التعاون العسكري بين البلدين. وكان شكري أعلن في افتتاح جلسات الحوار أن هذه الجولة تساهم في «طرح أفكار جديدة تحدد مسار العلاقات مستقبلاً، خصوصاً في المجالات العسكرية والأمنية»، إضافة إلى مجالات الطاقة والاستثمار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والثقافة. وأشار الى ان اللقاء تناول كذلك «الأزمة الليبية ودعم مصر للجهود الأممية في التوصل الى حل سياسي في ليبيا»، بالإضافة الى الاتفاق على «أهمية الحل السياسي في اليمن بما يضمن وحدة أراضيه وسلامته وفقا للقرارات الدولية في هذا الشأن»، وكذلك على «حل سياسي للأزمة السورية والحفاظ على وحدة أراضي سوريا».
أما وزير الخارجية الاميركي فقد أثنى على دور مصر معتبراً أنها «لعبت تاريخياً دوراً مهماً للغاية في المنطقة، وفي العلاقات الدولية، ومن دون شك ستواصل القيام بهذا الدور عالمياً وإقليمياً». واتفق مع شكري على ضرورة «البدء في إعادة بناء عناصر العلاقات المصرية الأميركية». وفي الشأن الاقليمي، شدّد الوزير الأميركي على أنه «في حال تنفيذ إيران للاتفاق النووي بالكامل فستكون المنطقة أكثر أمناً في المستقبل».
وفي تعليقهم على هذا اللقاء، أعرب عدد من المحللين المصريين عن اعتقادهم أنّ «استخدام مصطلح حوار استراتيجي لوصف ما حدث مضللٌ جداً»، وأن «لا علاقة له بالحوار الاستراتيجي، وهو مجرد زيارة عادية وجلسة مباحثات». وأشاروا في هذا الصدد إلى أنه «جرى بالفعل في الثمانينيات والتسعينيات ما يشبه الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن، وكان هناك جدول أعمال واضح، لكن ما جرى (أخيراً) مجرد جلسة مباحثات»!.
ولاحظ البعض أن السلطات المصرية تعمد إلى تضخيم أي حدث يتعلق بها؛ فكل زيارة لمسؤول تعد «نصراً ديبلوماسياً»، وكل صفقة سلاح ينظر اليها باعتبارها «إنجازاً عسكرياً» وكل مشروع يحتسب «معجزة اقتصادية»، حتى أصبح من الصعب تحديد الوزن الفعلي لكل حدث وقيمته؟!.