- تصنيف المقال : تراث فلسطيني
- تاريخ المقال : 2013-05-12
يتجمع أحفاد الحاج أبو العبد النجار (70 عاماً) من مدينة خان يونس حول جدهم وباقي أفراد العائلة حول إناء فخاري كبير، يُعرف عند سكان محافظتي رفح وخان يونس "باللقان".
وتتشابك أيادي الصغار والكبار في هذا الطبق التراثي، وهي تتناول اللقيمات راسمةً صورة جميلة تعبر عن روح المودة والمحبة.
القرصة أو "اللصيمة" أكلة تراثية توارثها الأبناء عن الأجداد، وهي قرص كبير من عجين دقيق القمح يدفن في رماد ساخن، وبعد نضجه يقطع لقيمات صغيرة في الإناء الفخاري الكبير الذي يعرفونه "باللقان".
ويلعب "العجر" وهو "البطيخ بحجمه الصغير قبل احمرار زهرته" دوراً محورياً فيها، إضافةً إلى القرع والباذنجان المشوي، والطماطم وخضار السلطات المعروفة ومقبلاتها، مضافاً إليهم لتران من زيت الزيتون.
وتتميز هذه الأكلة بمذاق عالٍ وفوائد صحية عديدة لاحتوائها على مجموعة من الخضار، رغم ثقلها على المعدة وكثرة دسمها.
يقول الحاج النجار لـ "الرأي"، إن "القرصة" أكلة عرفها منذ الصغر حين كان والده يعدها للضيوف الزائرين، مشيراً إلى أنها تعد وجبة متكاملة تضم أنواعاً كثيرة من الخضار المشوي، يمكن إعدادها في وقت الظهيرة كغداء أو في سهرة ليلية تحت ضوء القمر كوجبة عشاء.
أما عن طريقة تحضيرها، فيشوي صانعوها العجر والقرع والباذنجان ، وذلك بإيقاد كرانيف النخيل وضلوع الصبر الجافة، وبعد أن تطفئ نيرانها الملتهبة وتبقى رمادا يدفن فيها العجين وتأخذ شكلا دائريا كبير الحجم وذلك بناءً على عدد الأشخاص الحاضرين، بحيث تبقى مدفونة ما يزيد عن عشرين دقيقة، ثم تخرج وتنظف من الرماد العالق بها وتقطع بأحجام صغيرة.
ويضيف أبو العبد: "يتم دق الثوم والبصل مع الفلفل الأخضر في "اللقان" الفخاري الكبير، وتقطع الطماطم والخيار، ويضاف إليها الخضار المشوية مع لقيمات القرصة".
ويتابع: "تهرس الخضار جيداً باستخدام اليد مع سكب زيت الزيتون وعجنها فيه، وتزين بمخلالات الطرشي والخيار والليمون وحبات الزيتون المكبوس ورؤوس البصل المشهي".
ويرى المهندس محمد فروانة أن القرصة أكلة موسمية يتناولها سكان خان يونس بحلول فصل الصيف وموسم البطيخ، وتمتاز باجتماع الأهل والأصحاب لتناولها معا في جو بري.
وهذا الطبق محبب للجميع باعتباره طبقاً تراثياً تربطه بماضي الأجداد، ويدفع صانعيه للعمل ضمن فريق واحد من أجل إنجازه، انطلاقاً من جمع الحطب وانتهاءً بتقطيعها.
ويؤكد الحاج أبو أيمن الأسطل أن الفلسطينيين بحاجة ماسة إلى التماسك والترابط وتجميع القلوب لتكون متقاربة ومتآلفة على غرار ما تصنعه الأكلة الفلسطينية التاريخية التي تعبر عن عمق الحب والوفاء للفلسطيني حين يجتمع مع أخيه عليها.