يؤكد عدد من الرؤساء السابقين لجهاز المخابرات العامة في إسرائيل (الشاباك) ومعهم مؤسس حركة «السلام الآن»، قلقهم البالغ على مستقبل إسرائيل نتيجة الإرهاب اليهودي والسكوت عليه أو دعمه.
ويؤكد عضو الكنيست داعية السلام أوري أفنيري أن خطر الخراب يحيق بإسرائيل، مشيرا إلى أن المستوطنين ليسوا «عشبا ضارا» أو هامشيين بل انهم الخطر الحقيقي والمباشر على كل ما بني في هذه البلاد خلال الأجيال الأخيرة. وفي مقال مطول نشرته صحيفة «هآرتس» يرى أن الدولة العبرية اختفت وتسيطر مكانها الدولة اليهودية، لافتا إلى أن هذه ليست اليهودية التي نمت خلال الألفي عام وليست يهودية الطائفة المشتتة التي تحفظت من العنف.
ويتابع أفنيري مؤسس حركة «السلام الآن» نقده «نحن نشهد الآن تحولا نحو اليهودية، اليهودية الجديدة، المتعصبة، العنيفة، والآن القاتلة. يمكن لهذه اليهودية دفن الدولة، كما دفنت الهيكل الثاني. لا يزال من الممكن إنقاذ إسرائيل لكن هذا يحتم يقظة حقيقية علمانية وقومية وشجاعة التغيير قبل الكارثة.
ويستذكر أفنيري أن إسرائيل شهدت «الانقلاب الدراماتيكي خلال حرب 1967 بعدما حدث الانتصار المذهل للجيش العلماني الذي تحول الى احتفال ديني. ويقول ان شعار «حائط المبكى في أيادينا» تحول الى شعار حرب ديني – متزمت. والجمهور اليهودي المتدين الذي كان لا يزال حتى ذلك الوقت مهانا ومتواضعا تحول فجأة الى عدواني ومستبد».
ويشير إلى ظاهرة تلاحم شبيبة التيار الديني – القومي، وشبيبة التيار المتزمت بعدما سادت الكراهية بين المجموعتين، لافتا لتميز المجموعة الأولى اليوم بالتطرف القومي، والثانية بالتطرف الديني.
وعلى غرار ناشطين كثر في إسرائيل يرى أفنيري أن الأعمال «الفظيعة الأخيرة» التي نفذتها هذه المجموعات كان شعارها مكتوبا على الحائط.
وللتدليل على الخطر المتربص بإسرائيل من داخلها يستحضر أمثلة من العالم والتاريخ حيث سيطر فيها رجال «منطقة الحدود» المتعنتون على المركز الضعيف في الدولة. وأشار إلى ان رجال الأطراف اعتادوا الحرب، بينما رجال المركز يبدعون الثقافة.

ويؤكد ثلاثة من رؤساء الشاباك في الماضي، آفي ديختر ويعقوب بيري وعامي ايالون شعورهم بالقلق من تهديد الجماعات الإرهابية اليهودية على مستقبل إسرائيل، ومن مخاطر وقوع اغتيالات سياسية جديدة. ويشيرون لتنامي خطر الإرهاب اليهودي على إسرائيل بسبب العقوبة المتسامحة، والتحريض المتصاعد. وقال الجنرال (احتياط) عامي ايالون انه لو تم تفعيل قانون الإرهاب ضد الإرهابيين اليهود لما وصلت إسرائيل اليوم الى ما وصلت اليه. ويقول انه كان يمكن وقف تحويل الأموال لأولئك الإرهابيين. وأكد بوضوح أن هذه مجموعة منظمة تحظى بدعم سياسي وبقيادة ايديولوجية وتدعم استخدام السلاح.
ويؤيد هذا الرأي رئيس الشاباك السابق ايضا النائب يعقوب بيري فيقول: «لم تنجح دولة إسرائيل بردع هؤلاء الذين نفذوا العمليات. ولكن خلافا لعامي ايالون، اعتقد أن « تدفيع الثمن» ليست تنظيما هرميا سيتم القضاء عليه اذا اعتقلنا رئيسه». واعتبر»ان الحديث يدور حول متعصبين، مهووسين، متزمتين تحركهم الرغبة في تأجيج الصراع».
ويعتقد النائب ديختر بأن الإرهاب اليهودي خمد في السنوات الأخيرة بالذات. وحسب رأيه فإن «الحديث الآن عن إرهاب يهودي يتعامل مع الزجاجات الحارقة، وليس كما في السابق، عندما زرعوا عبوات ناسفة تزن عدة كيلوغرامات تحت السيارات او حافلات الركاب. وزعم أن التحول طرأ على الإرهاب اليهودي بسبب نشاط «الشاباك» والشرطة وبفضل العقوبات. واعتبر أن المشكلة هي انه طالما لا تقع إصابات في الأرواح يكون العقاب متسامحا.
ويختلف رؤساء الشاباك في الموقف من الاعتقال الإداري للمشبوهين بعمليات «تدفيع الثمن». ويقول أيالون «ان الاعتقالات الإدارية هي خطوة تدمر الديمقراطية ويشكك بقدرتها على الردع».
اما بيري فيعتقد ان «وظيفة الاعتقال الإداري هي تحويل المعلومات الاستخبارية الى أدلة قضائية ويؤمن انه عقاب رادع وفي نهاية الأمر سيحقق فائدة».
ويقول ديختر: «هذه أداة تسمح لسلطات تطبيق القانون بمعالجة قاعدة الإرهاب حتى لو لم تتصرف كتنظيم. انها توازن بين رغبة المعتقل بإخفاء المعلومات ورغبة المنظومة بالتحقيق معه».
ويعرب رؤساء الشاباك سابقا، عن قلقهم إزاء إمكانية وقوع عملية قتل سياسي أخرى، خاصة في ضوء التهديدات التي تم توجيهها الى رئيس الدولة رؤوبين ريفلين. ويقول بيري: «القتل السياسي بات مطروحا في مكان ما على الأجندة. هناك عدة مهووسين يقدس الهدف لديها الوسائل. وللأسف فإن تصريحات بعض السياسيين تشجع فقط اولئك المهووسين على أخذ القانون الى أياديهم».
ويرى ديختر ان «الشبكات الاجتماعية تؤجج أجواء التهديد والتطرف، وبعد ان سبق وقتل رئيس حكومة في إسرائيل، فإنه يجب الافتراض أن عملية القتل السياسي تقف خلف عتبة الباب».
ويقول ايالون الذي تسلم رئاسة الشاباك بعد فترة وجيزة من مقتل رابين: «هذا ممكن فعلا في الأجواء الحالية، ومرة اخرى سيتهمون الشاباك ويفصلون رئيس الشاباك وقادة الأقسام». ويتابع «لكن في اللحظة التي يستوعب فيها المجتمع الإسرائيلي بأن المقصود تنظيم إرهابي قام من أجل القضاء علينا، سيسمح بالعمل ضده».
ويقول انه لا يستطيع نسيان آلاف رسائل التأييد التي تلقاها يغئال عمير في السجن أو انه بفعل الضغط العام والضخم قام الرئيس الأسبق حاييم هرتسوغ بتخفيف عقوبة أعضاء التنظيم اليهودي السري حتى اولئك الذين ارتكبوا عمليات قتل فلسطينيين وحكم عليهم بالسجن المؤبد. لقد تحرروا بعد سبع سنوات فقط. ويضيف «ان ما يحول القاتل المنحط الى محارب للحرية هو الضغط العام. وللتدليل على دعم الدولة والمجتمع للجماعات المتطرفة لجأ ايالون للمجاز «كشخص ولد ونشأ في الكيبوتس وعمل في الحقول يمكنني القول بالتأكيد: ان الأعشاب المعدية للإرهاب لا تنمو في المكان الذي يفتقد الى الماء».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف