يُقال أن لقمة العيش "مُرَّة"، وهذا ما ينطبق تماماً على المقدسيين العاملين في شركات الحافلات الإسرائيلية، إذ أن حياتهم عرضة للخطر في أي وقت خلال ساعات عملهم الطويلة، لأنهم قد يتعرضون دون سابق إنذار لاعتداء قاتل من قبل إرهابيين إسرائيليين.

جرائم المستوطنين ضد السائقين الفلسطينيين في القدس، لم تتوقف عند الاعتداء عليهم وإلحاق الأذى الجسدي بهم، بل وصلت إلى حد الإعدام الفوري، كما حصل مع الشهيد يوسف الرموني (32 عاما)، الذي قام المستوطنون بشنقه وهو على رأس عمله في شهر تشرين ثاني من العام 2014.

آخر الاعتداءات بحق السائقين العرب في مدينة القدس، كان يوم أمس الأول، حين اعتدى مستوطن على السائق إيهاب السلايمة الذي يعمل على خط (التلة الفرنسية- المالحة) في شركة "إيجد".

ويقول السلايمة في حديث لـ "القدس"، "عند الساعة الحادية عشرة مساء، طلب مني مستوطن الوقوف في مكان غير مسموح للحافلات الوقوف فيه، فرفضت ذلك لأنني قد اتعرض لمخالفة سير، فحاول المستوطن إيقاف الحافلة غصبا، قاومته وسيطرت على الحافلة، بعدها اعتدى عليّ موجها لكمات نحو رقبتي ويدي ونزل من الحافلة هارباً".

وأضاف: "دائما يتعرض لنا المستوطنون بألفاظ وتصرفات عنصرية، لكن هذه المرة الأولى التي اتعرض فيها لاعتداء جسدي، يبدو أن الأمور تذهب نحو الأسوأ بالنسبة لنا، خلاصة الكلام؛ لا يوجد حماية للسائقين العرب في القدس، نحن غير محميين وحياتنا معرضة للخطر".

ويقول السائق السلايمة إنه أصيب برضوض خفيفة، "لكن هناك حالات أخطر بكثير يتعرض لها السائقون العرب، أحمد الله أن المستوطن لم يكن يحمل آلة حادة، لقد كان عدوانياً وتعمد إيذائي".

وجود حارس أمن مع كل سائق عربي أصبح مطلبا ضرورياً للسائقين لردع الاعتداءات العنصرية. ويضيف السائق السلايمة: "نحن العرب لسنا موحدين، رغم أننا نشكل أغلبية في شركات الحافلات الإسرائيلية المختلفة، إلا أننا لم ننل حقوقنا وضمانات لحمايتنا حتى اليوم، في حال اتخذنا إجراءات تصعيدية بشكل موحد، فأنا متأكد من تحقيق أهدافنا".

وقد تعرض أيضا الشاب إبراهيم العلمي من حي الصوانة، قبل نحو شهر ونصف إلى محاولة قتل نفذها عدد من المستوطنين في "شارع بيت حنينا الجديد"، ما استدعى ذهابه إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات الإسرائيلية، إذ حاولوا خنقه.

بدوره، يقول مراد عطون ممثل السائقين العرب في شركة "كافيم" الإسرائيلية للمواصلات العامة قسم مستوطنة "بيتار عيليت" لـ "القدس"؛ إن الشهر الماضي شهد 4 حالات اعتداء ضد سائقين عرب يعملون في الشركة، إحدى هذه الحالات لم تكن بسيطة.

وتعامل شرطة الاحتلال في مدينة القدس مع حالات الاعتداءات ضد السائقين العرب يتصف بالإهمال وعدم المبالاة، على عكس تعاملهم مع حالات الاعتداء في حال كان السائق يهوديا. ويقول عطون حول ذلك: "هناك عنصرية فاضحة فيما يتعلق بتعامل الشرطة معنا حين نتصل بهم عندما نتعرض لاعتداء أثناء وقت العمل، فإما أن يأتوا بعد فترة طويلة قد تصل إلى 40 أو 50 دقيقة، أو يقولون؛ قدموا شكوى في أقرب مركز للشرطة، هذه عنصرية واستخفاف بحياتنا".

وحسب عطون، فقد طالب السائقون العرب بوضع كاميرات مراقبة في كل حافلة لضمان ردع اعتداءات المستوطنين، إلا أن ذلك لم يحدث بشكل كامل، وما زالت هناك حافلات لا تحتوي كاميرات مراقبة.

وأشار السائق المقدسي وهو من قرية صور باهر جنوب المدينة، إلى أنهم توجهوا أيضا إلى النواب العرب في الكنيست لبحث قضيتهم ومناقشتها، بهدف اتخاذ إجراءات تضمن حماية السائقين العرب في القدس.

ونوه عطون إلى أن المستوطنين يختارون مكان الاعتداء بدقة، إذ أنهم يعرفون أن لا أحد سيتمكن من حماية السائق عند الاعتداء عليه. وقال: "بالإضافة إلى ذلك، لا تتخذ الشرطة الإسرائيلية إجراءات حقيقية بحق المعتدين في حال التعرف عليهم".

السائق أشرف عليوات من قرية سلوان، فضل عدم العمل في مدينة القدس، إذ يرى أن "العمل في حافلات خطوط القدس خطر على حياة السائق، أنا أفضل العمل بمنطقة بعيدة بحيث يستغرقني التنقل لمكان العمل وقتا أطول على أن أعمل في منطقة قد يكون العمل فيها خطر على حياتي أو صحتي، العنصرية تتجسد بأسوأ صورها في القدس".

سائق آخر طلب عدم الكشف عن اسمه يعمل في شركة "إيجد"، يقول إنه يفضل لعب دور "سائق يهودي" حتى لا يتعرض للاعتداء أو لألفاظ عنصرية لا يستطيع تحملها، مشيرا إلى أنه يضع بجانبه دائما قبعة المتدينين اليهود "الكيباه" تحسبا لحالات الطوارئ أو ما شابه ذلك.

وكان عشرات السائقين المقدسيين، استقالوا من عملهم خلال العام الأخير، بعد ارتفاع وتيرة الاعتداء ضدهم، خاصة بعد العثور على الشهيد الرموني مشنوقا في الحافلة التي كان يقودها.

ويشكل السائقون الفلسطينيون في القدس، ما نسبته 70٪ على الأقل من العدد الكلي للسائقين العاملين في شركات المواصلات الإسرائيلية العامة داخل المدينة.


عن القدس دوت كوم

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف