اتّهمت أوكرانيا روسيا بارتكاب جرائم حرب في بلدة بوتشا الواقعة خارج العاصمة كييف، في حين عبّرت ألمانيا وفرنسا ودول أخرى عن استيائها من الصور المنشورة عن قتلى مدنيين، فيما وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن صور الجثث هناك بأنها "مؤلمة للغاية".
وقالت المدعية العامة الأوكرانية إيرينا فينديكتوفا، أمس: إن السلطات الأوكرانية عثرت على 410 جثث في بلدات قرب كييف، في إطار تحقيق عن احتمال ارتكاب القوات الروسية جرائم حرب، لكن شدة المحنة جعلت بعض الشهود الذين أصيبوا بصدمة غير قادرين على التحدث.
وبعد انسحاب روسيا من بعض المناطق حول كييف، قال رئيس بلدية بوتشا، وهي بلدة محررة تقع على مسافة 37 كيلومتراً شمال غربي العاصمة: إن 300 شخص قتلوا على أيدي القوات الروسية أثناء سيطرة مقاتلين شيشانيين على المنطقة.
وقالت المدعية العامة الأوكرانية: إن ممثلي الادعاء لم يتمكنوا من دخول بلدات بوتشا وإيبين وهوستوميل إلا أمس للمرة الأولى، وهم بحاجة لمزيد من الوقت لتحديد نطاق الجرائم.
وأضافت: "نحن بحاجة إلى العمل مع الشهود. الناس يعانون من توتر شديد يجعلهم غير قادرين على التحدث".
وقالت: إنه تم فحص 140 جثة حتى الآن لكنها ستطلب من وزارة الصحة توفير أكبر عدد ممكن من خبراء الطب الشرعي في مستشفى ميداني بمنطقة كييف.
وقال وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي: إنه من الواضح أن مئات المدنيين قتلوا، لكنه لا يرغب في تحديد عددهم، حيث لا تزال الجهود جارية لتطهير المنطقة من الألغام.
ونفت وزارة الدفاع الروسية مزاعم أوكرانيا، ووصفت اللقطات والصور التي تظهر جثث القتلى بأنها "عرض مسرحي من جانب نظام كييف لوسائل الإعلام الغربية".
وقالت الوزارة في بيان: "كل الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها النظام في كييف، ويزعم أنها شاهدة على جرائم الجنود الروس في مدينة بوتشا بمنطقة كييف، هي استفزاز آخر".
ونفت روسيا في السابق استهداف المدنيين، ورفضت مزاعم بارتكابها جرائم حرب في حملتها التي وصفتها بأنها "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.
وحتى قبل بوتشا، اتهمت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون القوات الروسية باستهداف المدنيين بشكل عشوائي، واستشهدوا على ذلك بقصف مستشفى للولادة في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية ومسرح كان مكتوباً عليه أنه مخصص لإيواء أطفال.
وبعد أن قالت أوكرانيا، أول من أمس: إن قواتها استعادت السيطرة على منطقة كييف بأكملها، أثارت صور الجثث في ملابس مدنية، والتي تركتها القوات الروسية المنسحبة وراءها، دعوات من المسؤولين في أوكرانيا وأوروبا لفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا.
وزاد الغضب في أوكرانيا وخارجها من الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما زاد من احتمال فرض مزيد من العقوبات الغربية. وفرضت الدول الغربية بالفعل عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا في إطار سعيها لمعاقبة موسكو على الغزو الذي بدأ في 24 شباط.
وبحسب وزارة الخارجية الأوكرانية، قال دميترو كوليبا وزير الخارجية: "ما زلنا نجمع ونبحث عن جثث، لكن العدد وصل بالفعل إلى المئات".
وأضاف كوليبا: "الجثث ملقاة في الشوارع. قتلوا مدنيين أثناء بقائهم هناك، وعندما كانوا يغادرون هذه القرى والبلدات".
ودعا دول مجموعة السبع إلى فرض عقوبات جديدة "مدمرة" على موسكو، وحث المحكمة الجنائية الدولية على جمع أدلة على ما وصفها بجرائم الحرب الروسية.
وفي أول تعليق علني من روسيا على هذه المزاعم، وصفت وزارة الدفاع في موسكو الصور ومقاطع الفيديو من بوتشا، بأنها "أداء مسرحي آخر من قبل نظام كييف لوسائل الإعلام الغربية".
وأضافت: إنه "في الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة الروسية تسيطر على هذه المستوطنة، لم يتعرض أي مواطن محلي لأي أعمال عنف".
ونفت روسيا في السابق استهداف المدنيين، ورفضت مزاعم بارتكاب جرائم حرب خلال ما وصفته بأنها "عملية عسكرية خاصة" تهدف إلى نزع السلاح و"اجتثاث النازية" في أوكرانيا.
وشاهدت رويترز، أول من أمس، جثثاً في مقبرة جماعية وأخرى لا تزال ملقاة في الشوارع، بينما عرض رئيس بلدية بوتشا أناتولي فيدوروك على الصحافيين، أمس، جثتين بقطع قماش بيضاء مربوطة حول أذرعهما، إحداهما لشخص بدا أنه أصيب بالرصاص في الفم.
وقالت السفارة الأميركية في كييف على "تويتر: إن الصور التي خرجت من بلدة بوتشا الأوكرانية ومناطق أخرى انسحبت منها قوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "مروعة".
وأضافت: "حكومة الولايات المتحدة ملتزمة بمتابعة المساءلة باستخدام كل أداة متاحة. لا يمكننا أن نقف صامتين والعالم بحاجة إلى معرفة ما حدث، وعلينا جميعاً التحرك".
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن صدمته جراء صور الفظائع المرتكبة في بلدة بوتشا إحدى ضواحي العاصمة الأوكرانية كييف.
وقال غوتيريس في بيان: "أنا مصدوم للغاية لصور المدنيين القتلى في بوتشا".
وأضاف: "من الضروري إجراء تحقيق مستقل يؤدي لمحاسبة فعالة"، في استجابة لصور منتشرة على نطاق واسع لمقابر جماعية وجثث ملقاة بشوارع بوتشا، التي انسحبت منها القوات الروسية مؤخراً.
وكان وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ومسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي من بين أولئك الذين أبدوا غضبهم من التقارير الواردة من بوتشا. وقال وزيرا خارجية فرنسا جان إيف لودريان وبريطانيا ليز تراس: إن بلديهما سيؤيدان أي تحقيق في جرائم الحرب تجريه المحكمة الجنائية الدولية.

قتال عنيف في عدة مناطق
وردت أنباء عن قتال عنيف أمس، في عدة مناطق من أوكرانيا.
وقال حاكم منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا: إن القصف استمر طوال الليل والنهار.
وضربت صواريخ مواقع قرب ميناء أوديسا الجنوبي.
وقالت روسيا: إنها دمرت مصفاة نفط يستخدمها الجيش الأوكراني.
وقال مجلس مدينة أوديسا: إن "مرافق البنية التحتية الحيوية" تعرضت للقصف.
وأفاد دميترو لونين حاكم منطقة بولتافا بوسط البلاد بأن مصفاة نفط كريمنشوج الواقعة على بعد 350 كيلومتراً شمال شرقي أوديسا دُمرت في هجوم صاروخي منفصل، أول من أمس.
وقال شاهدان لرويترز: إن دوي انفجارين في مدينة بيلجورود الروسية قرب الحدود مع أوكرانيا سمع، أمس، بعد أيام من اتهام السلطات الروسية للقوات الأوكرانية بقصف مستودع وقود هناك.
وأكدت روسيا أنها نفدت العديد من الضربات الجوية على منشآت عسكرية ومخازن وقود، في منطقتي كييف وميكولايف الأوكرانيتين.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، أمس: إنه تم تدمير مركز تحكم قاعدة جوية في فاسيلكيف بالقرب من كييف.
وأضاف: إن مخازن وقود في إقليم ميكولايف بجنوب أوكرانيا وفي إقليم ريفن بشمال غربي البلاد تعرضت لهجمات صاروخية. وفي وقت سابق، أبلغ عمدة ميكولايف أولكسندر سينكيفيتش عن وقوع عدة هجمات صاروخية.
وكان من المقرر أن تتواصل جهود الإجلاء في مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب شرقي البلاد وبيرديانسك المجاورة، بقافلة من الحافلات يتم تجهيزها بمساعدة الصليب الأحمر.
وتراجعت اللجنة الدولية عن محاولاتها السابقة لدواعي أمنية. بينما حملت روسيا اللجنة الدولية مسؤولية التأخير.
وماريوبول هي الهدف الرئيس لروسيا في منطقة دونباس بجنوب شرقي أوكرانيا، ويوجد عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين هناك منذ أسابيع مع صعوبة الحصول على الطعام والماء.
ولم تكن هناك مؤشرات تذكر على انفراجة في جهود التفاوض على إنهاء الحرب المستمرة منذ خمسة أسابيع، رغم أن كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي قال: إنه من المقرر استئناف المحادثات اليوم، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.
وأوضح ميدينسكي أنه في حين أظهرت أوكرانيا مزيداً من الواقعية من خلال الموافقة على أن تكون دولة محايدة، وأن تتخلى عن الأسلحة النووية، وألا تنضم إلى تكتل عسكري، وأن ترفض استضافة قواعد عسكرية، لم يكن هناك تقدم بشأن مطالب روسيا الرئيسة الأخرى.
وقال عبر "تليغرام": "أكرر مراراً وتكراراً، موقف روسيا من شبه جزيرة القرم ودونباس لم يتغير".
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في العام 2014، واعترفت باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، اللتين أعلنتا من جانب واحد، في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف