بغداد ـ «القدس العربي»: أفاد المجلس النرويجي للاجئين في العراق،الثلاثاء، بأن ثلثي سكان قضاء سنجار، غرب محافظة نينوى الشمالية، لازالوا نازحي، مشيرا إلى أن النزاع والدمار في سنجار، يمنعان العائلات النازحة من العودة، في وقتٍ دعت واشنطن الحكومة الاتحادية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان العراقي في أربيل، إلى تنفيذ بنود «اتفاق سنجار»، معبّرة عن مخاوفها من وجود مسلحين في المدينة «لا يخضعون» للسلطات الاتحادية، حاثّة على إنهاء تواجدهم هناك.
وذكر المجلس، في تقرير له، بأن «التدمير الواسع النطاق للمساكن المدنية وانعدام الأمن والتوترات الاجتماعية يمنع ثلثي المجتمعات النازحة من العودة إلى منازلهم في سنجار شمال غربي العراق».
وأضاف: «بعد ما يقارب خمس سنوات من العملية العسكرية الواسعة النطاق لطرد تنظيم داعش، لا يزال ثلثا سكان سنجار أو أكثر من 193 ألفا من الأيزيديين والعرب والكرد من ضمن النازحين»، لافتاً إلى أن «في وقت سابق من هذا الشهر (أيار/ مارس الجاري) اندلعت اشتباكات في المنطقة مما أجبر أكثر من 10260 شخصاً على مغادرة منازلهم، من ضمنهم من نزح للمرة الثانية أو الثالثة».
وأجرى المجلس النرويجي للاجئين قبل عملية النزوح الأخيرة مسحاً لما يقارب 1500 نازح داخلياً، بالإضافة الى العائدين لتقييم كيفية اتخاذ المجتمعات الإيزيدية والعربية قرارات العودة إلى سنجار. 64٪قالوا إن منازلهم تضررت بشدة، بينما أعرب 32٪ عن قلقهم من أن الوضع الأمني في سنجار سيمنعهم من العودة إلى ديارهم، و70٪ممن شملهم الاستطلاع بينوا أن نقص المساكن وزيادة الإيجارات هما السبب الرئيسي للصراع الاجتماعي مع العائدين، وعلى الرغم من ذلك، فإن 99 ٪ ممن تقدموا بطلبات للحصول على تعويضات حكومية لم يتلقوا أي تعويض عن الممتلكات المتضررة.
وحسب، جيمس مون، مدير مكتب المجلس النرويجي للاجئين في العراق: «لا تزال عائلات من سنجار في حالة نزوح بعد سنوات. ما زال آلاف الأشخاص يعيشون في مخيمات ويحتاجون الى حلول دائمة لتتمكن العائلات من بناء حياة جديدة ومستقبل آمن لهم».
بالإضافة للتصعيد المستمر بين الجماعات المسلحة، فإن تحديات الوصول إلى المساكن والأراضي وحقوق الملكية تشكل عوائق كبيرة أمام المجتمعات النازحة، حيث أن «الافتقار الى المساكن الصالحة للسكن يعيق العودة ويساهم في زيادة التوترات الاجتماعية في المنطقة المتضررة بشدة. أفاد كلا المجتمعان الأيزيدي والعربي بتكرار حوادث إطلاق نار والاعتقالات اغلاق الطرقات».
وأضاف مون: «يريد سكان سنجار العودة إلى منازلهم وإعادة بناء حياتهم بعد سنوات من المأساة وانعدام الأمن والدمار. لكن هذا لا يمكن أن يحدث بدون الاستقرار السياسي والاجتماعي وتعزيز الوصول إلى حقوق السكن والملكية».

واشنطن تحضّ بغداد وأربيل على إنهاء وجود المسلحين في المدينة

ونقل التقرير عن روت نوفا، وهي جدة أيزيدية من سنجار الأحداث الأخيرة التي أجبرتها على مغادرة المنزل والبحث عن الأمان في مخيم في دهوك، قولها: «في كل مكان نسمع إطلاق النار وقذائف الهاون والقنابل. حاولنا إبقاء الأطفال هادئين لكننا كنا خائفين أكثر منهم. وكنا نبكي عندما فررنا ولم نتمكن من إحضار أي شيء معنا باستثناء بطاقات الهوية الشخصية، ولن نتمكن من العودة إلى سنجار ما لم تصبح آمنة ومحمية».
ودعا المجلس النرويجي للاجئين، الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق إلى «إعطاء الأولوية لإعادة تأهيل البنية التحتية واستعادة الخدمات للسماح بالسكن الآمن والأراضي والممتلكات إلى جانب البنية التحتية العامة». كما دعا أيضاً الجهات المانحة الدولية للتنمية إلى «الاستثمار في تعزيز الوصول إلى الإسكان والأراضي وحقوق الملكية لدعم العائلات في تحقيق هدف الحلول الدائمة في سنجار».
وتطرّق السفير الأمريكي في العراق، ماثيو تولر، خلال جلسة مع مجموعة من الصحافيين، في أربيل، إلى الأوضاع الحالية في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، بالأخص في سنجار وسهل نينوى، والتي أدت إلى موجة نزوح عكسية، قائلاً: «نحن نرى أن من الضروري أن تكون هناك إرادة سياسية لحل قضايا مثل قضية المناطق المتنازع عليها والتي تشتمل على جوانب أخرى، اقتصادية، أمنية وسياسية. يجب على العراقيين أن يحلوا هذه المشاكل بأنفسهم في إطار الدستور».
وبشأن الفصائل المسلحة قال تولر: «لا يمكن اعتبار الدولة، دولة طبيعية بوجود أسلحة ومجاميع مسلحة خارجة عن سيطرتها، يمكن رؤية ذلك جلياً في سنجار، لكن ذلك كان موجوداً حتى قبل ظهور داعش، وبعد مجيء داعش سعى قسم كبير من الميليشيات التي كانت موجودة سابقاً لاكتساب الشرعية تحت مظلة الحشد الشعبي». حسب قوله.
ودعا، الحكومة العراقية، إلى أن «تولي اهتماماً كبيراً بهذه المسألة وبالتأكيد ستكون بحاجة للتعامل معها بسياسة حكيمة، بالأخص في التعامل مع الفصائل المسلحة التي توغلت داخل المؤسسات الاقتصادية والأمنية للدولة وتمتلك أسلحة».
ومضى يقول: «بالرغم من أن القائد العام للقوا المسلحة العراقية شدد على تنفيذ بنود اتفاق سنجار، لكن جميع القوات المتواجدة هناك ليست تابعة للمؤسسات الأمنية العراقية، قسم منها يتمثل بالحشد الشعبي أو مجاميع مسلحة أو ميليشيات، لكن يجب أن لا تبقى أية مجموعة مسلحة خارج سلطة الدولة، إذن ستكون هذه قضية رئيسية يجب على الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العمل عليها من أجل فرض سيطرتها على تلك المجاميع».
وتابع: «لا أعتقد أن التدخل الأمريكي في هذه القضية سيكون ذو فائدة، بل من الضروري أن يعالج العراقيون هذه المشكلة بأنفسهم، فهم يدركون جيداً بأنها مثل قنبلة يتوجب إبطالها بحذر شديد».
وحضر الجلسة النقاشية، القنصل العام الأمريكي في أربيل، روبرت بالادينو.
ومن المقرر أن تباشر ألينا رومانوفسكي، مطلع حزيران/ يونيو المقبل، مهامها في إدارة السفارة الأمريكية بعد انتهاء مهام السفير «تولر»، وهي ديبلوماسية أمريكية تملك خبرة 40 عاماً في مختلف الوكالات الحكومية الأمريكية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف