دمشق – أثار الحديث التركي عن تحرك عسكري مرتقب شمال سوريا، ردود أفعال دولية ومحلية، حيث أكدت الأمم المتحدة تمسكها بموقفها المدافع عن سلامة الأراضي السورية ووحدتها، مشددة على أن سوريا «لا تحتاج مزيداً من العمليات العسكرية»، وذلك تعليقاً على إعلان الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، أن تركيا ستشن قريباً عمليات عسكرية جديدة شمالي سوريا.
وفي إحاطته الصحافية اليومية، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن «سوريا لا تحتاج إلى مزيد من العمليات العسكرية من أي جهة»، مضيفاً أن «ما تحتاج إليه سوريا هو حل سياسي، ومزيد من المساعدات الإنسانية. هذان هما الأمران اللذان نعمل عليهما». ورداً على سؤال فيما إذا كانت العملية العسكرية التركية ستشعل تصعيداً آخر أو تزعزع الاستقرار في سوريا، قال دوجاريك «لن نقوم بالتعليق على فرضيات، لكنني سأعيد التأكيد على موقفنا المدافع عن وحدة أراضي سوريا». بينما أعربت وزارة الخارجية الأمريكية، عن قلقها تجاه التصريحات التركية بخصوص شن عملية عسكرية في شمال سوريا، محذّرة من عواقب تلك العملية.

وسط تحذير أممي وقلق أمريكي شديد حول الوضع المتوتر

وردت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، الذي حذر خلال لقاء صحافي تركيا من شن أي عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، مؤكداً أن من شأن مثل هكذا تصعيد أن يعرّض للخطر أرواح العسكريين الأمريكيين المنتشرين في المنطقة.
وأضاف برايس، أن «الولايات المتحدة «قلقة للغاية» إزاء هذا الإعلان، وأضاف: «ندين أي تصعيد، ونؤيد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الراهنة»، و»نتوقع من تركيا أن تلتزم بالبيان المشترك الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2019». وأشار إلى أن بلاده تدرك المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا على حدودها الجنوبية، لكن أي هجوم جديد سيزيد من تقويض الاستقرار الإقليمي وسيعرض للخطر القوات الأمريكية المنضوية في حملة التحالف ضد تنظيم داعش».
ورداً على واشنطن، قالت مصادر أمنية تركية مطلعة، إن الولايات المتحدة وروسيا لم تلتزما بتعهداتهما لأنقرة بسحب عناصر تنظيم «YPG» الكردي ذي الصلة بحزب العمال الكردستاني لمسافة 30 كيلو متراً عن الحدود التركية شمالي سوريا. وأكدت المصادر، أمس، أن التنظيم يواصل استهداف المنطقة الآمنة التي أنشأها الجيشان التركي والوطني السوري شمالي البلاد، وفق وكالة الأناضول.
في موازاة ذلك، أصدر المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، قسد، الأربعاء، بياناً حول التحرك العسكري التركي المرتقب، والتحركات العسكرية للقوات الضامنة لعمليات شمال شرقي سوريا، والتي وصفتها بـ «الاعتيادية». وذكر البيان أن التحركات البرية والجوية للقوى الدولية الضامنة في عين عيسى وكوباني، هي اعتيادية، وذلك «بالتنسيق مع قواتنا في إطار الحفاظ على الاستقرار والالتزام باتفاقية خفض التصعيد بمواجهة أي تصعيد تركي محتمل».
ودعت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) «مجدداً الأطراف الضامنة إلى تفعيل آليات ميدانية وقانونية رادعة أكثر» ضد ما وصفته بـ «العدوان التركي». ويوم الاثنين، أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، أن بلاده ستبدأ باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي تهدف لإنشاء منطقة آمنة في عمق 30 كيلومترا على طول الحدود مع سوريا، ملوحاً بعملية عسكرية ضد «الميليشيات الإرهابية».
وعلقت «قسد» على ذلك بالقول، «لا تغيير استراتيجياً في توزيع وانتشار القوى الدولية الضامنة في مناطق شمال وشرق سوريا». وأضافت، أن «تسخين الأجواء واستعراض القوة من قبل الدولة التركية يأتيان في سياق محاولات ضرب الاستقرار والاستجابة الطبيعية لمحاولات إعادة تنشيط فلول داعش»، مشيرة إلى أنها «تدرس مستوى التهديدات التركية الفعلية والمتوقعة لمناطق شمال وشرق سوريا وتتبادل المعلومات مع القوى الدولية الضامنة».
وفي 9 من أكتوبر / تشرين الأول 2019، أطلقت تركيا عملية «نبع السلام» العسكرية بالتعاون مع الجيش الوطني السوري شمالي سوريا، استناداً إلى حقها الشرعي في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وبهدف القضاء على التنظيمات التي تصنفها على قوائم الإرهاب وتهدد أمن حدودها، حسب وكالة الأناضول. وفي اليوم الثامن من العملية، زار نائب الرئيس الأمريكي آنذاك مايك بنس تركيا، وتعهد بسحب التنظيم الكردي مسافة 20 ميلاً (32 كيلومتراً) جنوباً.
في المقابل تعهدت روسيا، خلال العملية، بسحب عناصر التنظيم من مدينتي منبج وتل رفعت السوريتين، وسحب التنظيم 30 كيلومتراً من الحدود السورية التركية. لكن هذه التعهدات الأمريكية والروسية لم تُنفذ بالرغم من مرور عامين ونصف العام عليها، وفق مصادر أمنية مطلعة تحدثت للوكالة وطلبت عدم الكشف عن هويتها.
وأفادت المصادر بأن التنظيم، الذي يسيطر على ثلث مساحة سوريا، ما يزال موجوداً في المناطق التي من المفترض أن ينسحب منها، بل ويواصل تهديد المنطقة الآمنة. وأوضحت أن التنظيم يستخدم مدن تل رفعت (على بعد 18 كيلومتراً من الحدود التركية) ومنبج (على بعد 30 كيلو متراً) وعين العرب (كوباني) على الحدود السورية التركية كنقاط لاستهداف المدنيين في مدن جرابلس واعزاز ومارع وعفرين وتل أبيض ورأس العين الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري.

«القدس العربي»:

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف