فضح مركز "بتسيلم" الحقوقي الإسرائيلي روتين التعذيب الذي يمارسه "الشاباك" الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه يشمل تقييداً مؤلماً، وعزلاً عن العالم الخارجيّ، وحرماناً من الماء والطعام والنوم ودخول المرحاض.
وقال في تقرير: "في يوم الأحد، 22 آب 2021، جاء يزن الرّجبي (22 عاماً) ومحمد الرّجبي (20 عاماً) إلى المسكوبيّة في القدس بناءً على استدعاء من "الشاباك". فور وصولهما، اقتيدا إلى قسم "الشاباك" حيث جرى التحقيق معهما تحت التعذيب طيلة 42 يوماً. وقد شملت أساليب التعذيب إجلاس كلّ منهما مقيّداً إلى كرسيّ صغير لأكثر من يوم كامل وحرمانهما من النوم المتواصل. كذلك جرى حبس أحدهما داخل خزانة خشبيّة وهو مقيّد وأُبقِيَ هناك لوقت طويل حتى أغمي عليه".
وأضاف: "كما نقل المحقّقون الشابين إلى سجون مختلفة وحبسوهما في زنازين فيها "عصافير" - كما يُلقَّب المتعاونون مع "الشاباك" - قاموا بتهديدهما وعزلهما بهدف استدراجهما إلى الإدلاء بمعلومات أو الاعتراف بالتهم الموجّهة إليهما".
وأشار إلى أن "المحقّقين اتّهموا كلّاً من يزن ومحمد الرّجبي بالمشاركة في مواجهات وقعت في حيّ سلوان في القدس في تمّوز 2021، بينما أنكر الاثنان هذه التهمة. بعد تحقيق دام عشرين يوماً، وبعدما لم يعد قادراً على تحمّل التعذيب، اعترف محمد الرّجبي بأنّه رشق حجراً واحداً. رغم ذلك، أخضع محمد لتحقيق إضافيّ استمرّ 22 يوماً أخرى حاول المحقّقون خلالها إجباره على الإدلاء باعترافات أخرى. أمّا يزن الرّجبي فقد اعترف بأنّه رشق حجرَين وبهذا انتهى التحقيق معه ونُقل بعد 42 يوماً إلى سجن مجدو. وُجِّهت للشابين تهمة المشاركة في أعمال شغب ومحاولة الاعتداء على شرطيّ، وحُكم على كل منهما بالسّجن لمدّة ثمانية أشهر".
وذكر أنه "بعد الإفراج عنهما في آذار 2022، أدلى الاثنان بإفادتيهما أمام بتسيلم".
وقال "بتسيلم": "التحقيق مع يزن ومحمد الرّجبي تحت التعذيب لم يكن بمبادرة شخصيّة من هذا المحقّق أو ذاك، وإنّما هو جزء من نهج التحقيقات الذي يعتمد أسلوب حبس المحقّق معه معزولاً عن العالم في ظروف شديدة القسوة ومُهينة، والتحقيق معه وجهاً لوجه لوقت طويل وسط استخدام العُنف. محققو "الشاباك" يطبقون نهج التحقيقات هذا لكنّ سُلطات أخرى تشارك فيه وتكرّسه عبر إتاحة استخدامه، بضمنها سُلطة السّجون التي توفّر ظروف السّجن القاسية والقضاة الذين يمدّدون فترات الاعتقال على ذمّة التحقيق المرّة تلو الأخرى وسط تجاهُل تامّ لما يتعرّض له المعتقل، وكذلك جهاز إنفاذ القانون الذي يوفّر لمحقّقي الشاباك حصانة تحميهم من المُساءلة القانونيّة".
ونقل عن يزن الرّجبي قوله: "في يوم الأحد الموافق 22.8.2021 نحو السّاعة 6:00 صباحاً، توجّهتُ إلى محطّة الشرطة في المسكوبيّة في القدس بعد أن تلقيتُ استدعاء من "الشاباك". اعتقلوني فورَ وصولي إلى هناك. جلبوا لي ملابس ارتديتها بدل ملابسي ثمّ أدخلوني إلى زنزانة كنت فيها لوحدي. بعد ساعة تقريباً، أخذوني إلى التحقيق. اتّهمني المحقّقون بإطلاق النار على مركبات لحرس الحدود وللشرطة في 9.7.2021 لكنني أنكرت ذلك. أصلاً كنتُ في حيّ الطور في ذلك اليوم حيث ذهبت مع أخي لزيارة صديق لنا ولم أشارك في المُواجهات التي اندلعت في سلوان يومذاك. أصيب في تلك المواجهات شابّ (19 عاماً) من أقاربي في ظهره برصاص الشرطة".
وأضاف: "قلت هذا كلّه للمحقّقين، لكن رغم ذلك واصلوا التحقيق معي حتى السّاعة 23:00. كان هناك 12 محقّقاً يتناوبون على التحقيق معي، 6 يستبدلون 6 في كلّ مرّة. كانوا ينهالون عليّ بالأسئلة دون توقّف وطوال ذلك الوقت كنت جالساً على كرسيّ بينما كانت يداي مكبّلتين إلى الخلف ورجلاي مقيّدتين أيضاً. لم يضربوني أثناء التحقيق لكنّهم كانوا يشتمون عائلتي وأمّي. لم يسمحوا لي بدخول المرحاض ولم يجلبوا لي طعاماً ولا ماء رغم أنّني طلبت منهم ذلك. أحد المحقّقين قال لي: إنّ لديهم أموراً أهمّ من الماء والمرحاض".
وتابع: "في اليوم التالي لم يحقّقوا معي فاسترحت من الجلوس على الكرسيّ. في الصّباح جلبوا لي بيضة مسلوقة وحبة شوكولاتة. كان في الزنزانة صُنبور مياه. الزنزانة نفسُها كانت تكفي للنّوم فقط، إذ كانت صغيرة جداً إلى درجة أنّني كنت مجبراً على طيّ جسمي وقت النوم ولم يكن متسع لمدّ الرِّجلين. لا يوجد فيها متّسع لمدّ الرّجلين. في الزنزانة أيضاً مرحاض "عربي" دون مقعد ومغسلة صغيرة. كان السّقف منخفضاً لدرجة أنني لم أتمكّن من الوقوف منتصباً فكنت مجبراً على الانحناء".
وأشار إلى أنه "في يوم الثلاثاء عند السّاعة 8:30 صباحاً، أخذوني إلى التحقيق مرّة أخرى. عرفت الوقت لأنّ أحد المحقّقين أخبرني به. أجلسوني مرّة أخرى على الكرسيّ مكبّل اليدين إلى الخلف والرّجلين إلى الأمام. بقيت في هذه الوضعيّة لمدّة يومين وهُم يحقّقون معي طوال الوقت ويُمطرونني بالأسئلة. في هذه المرّة أيضاً كان عدد المحقّقين ستّة وكانوا يتناوبون كلّ أربع ساعات. كانوا يضغطون عليّ طوال الوقت كي أعترف بأنّني شاركت في إطلاق النّار في 9.7.2021. قلت لهم: إنّني كنت عند صديق لي في حيّ الطور لدى حصول المواجهات، وإنني تلقيتُ هناك نبأ إصابة أحد أقاربي في المواجهات الجارية في الحيّ ثم نبأ إخلائه إلى مستشفى المقاصد القريب من منزل صديق لي فذهبت إلى هناك فور سماعي النبأ. قلت للمحقّقين: إنّ بإمكانهم فحص كاميرات المراقبة المنصوبة في الشارع".
وقال: "طوال هذه الجولة من التحقيقات، والتي استمرّت يومين، لم يسمحوا لي بالدخول إلى المرحاض فاضطررت إلى التبوّل في ملابسي. كذلك لم يسمحوا لي بتبديل ملابسي فبقيت مع البول والغائط في ملابسي داخل غرفة التحقيق. كان المحقّقون يحفظون مسافة بيني وبينهم بسبب رائحة الغائط ويرشّون العطر في الغرفة. لم يُسمح لي بتبديل ملابسي إلّا بعد أن عُدت إلى الزنزانة وعندئذٍ غسلت جسمي بمياه المغسلة".
وأضاف: "خلال الأسبوع الأوّل من اعتقالي حبسوني في خزانة خشبيّة منخفضة ومغلقة داخل إحدى غرف التحقيق. أجلسوني في الخزانة مقرفصاً ورأسي بين رجليّ المكبّلتين. لم أستطع رفع رأسي. كذلك كانت يداي مكبّلتين إلى الخلف. لا أذكر كم من الوقت أبقوني داخل الخزانة - ربّما ساعتين أو أكثر. عندما فتح المحقّقون الخزانة كنت غائباً عن الوعي. أعتقد أنّ المحقّق يعرف كم من الوقت بالضّبط يمكن للإنسان أن يصمد داخل خزانة كهذه. الأمر أشبه بطنجرة ضغط. من شدّة الضغط شعرتُ بأنّ رأسي يكاد ينفجر وظهري يكاد ينكسر. عندما استفقت رأيت المحقّقين الستّة الذين أدخلوني إلى الخزانة. باشر هؤلاء التحقيق معي فوراً ولكن حول موضوع آخر. في هذه المرّة اتّهموني بأنّني جمعت تبرّعات نقديّة من شبّان في سلوان من أجل شراء مفرقعات في اليوم الذي قامت فيه البلدية بهدم دكّان أحد الأهالي بحجّة البناء غير المرخّص. لا أذكر تاريخ الهدم لكنّني أذكر أنّني كنت في ذلك اليوم في يافا، في مكان عملي. كنّا نعمل في مدّ المواسير في موقع بناء قرب شاطئ البحر. حتى أنّني التقطت صورة "سِلفي" في الموقع نفسه. لم أقل ذلك للمحقّقين لأنّني احتفظت بحقّ الصّمت ورفضت الإجابة عن جميع أسئلتهم".
وتابع: "أثناء التحقيقات جلبوا إلى غرفة الحقيق معتقلاً آخر يُدعى م. ج. (20 عاماً). قال لي: "أنا آسف، قلت لهُم تحت ضغط التعذيب: إنّك شاركت في الأحداث في الصّيف". كان يبكي ويصرخ عندما قال لي ذلك. جلب المحقّقون شابّاً آخر يُدعى ح. ع. (19 عاماً) قال أيضاً لهُم: إنّني جمعت أموالاً لشراء مفرقعات".
وذكر الرجبي أنه "بعد اعتقالي بأسبوعين تقريباً نقلوني إلى سجن مجدو وهناك وضعوني في غرفة مع ستّة أشخاص آخرين. كنت على يقين بأنّهم "عصافير" (متعاونون مع الشاباك) لأنّهم حاولوا ابتزاز اعتراف منّي. في البداية حاولوا ذلك من خلال استدراجي في الحديث وعندما أخفقت محاولتهم تلك أدخلوا إلى الزنزانة تسعة أشخاص آخرين قالوا لي: إنّني أنا نفسي متعاون مع الشاباك وهدّدوني. كان بعضهم يحمل شفرات وحاولوا ترهيبي لكي أعترف. بعد ذلك جاء شخص آخر وناولني دفتراً وهو يأمرني بأن أكتب أسماء الشباب الذين يرشقون حجارة في سلوان. قلت له: إنّني لا أعرف عمّ يتحدّث".
وقال: "بعد أن أمضيت ثلاثة أيّام في الزنزانة مع "العصافير" جلبوني إلى المحكمة لتمديد فترة اعتقالي ثمّ أخذوني إلى سجن عسقلان. هناك أدخلوني إلى غرفة كبيرة كان فيها عدد كبير من المعتقلين. طلب أحد المعتقلين أن أساعده في طيّ الغسيل وبينما كنت أساعده أخذ يستدرجني في الكلام لكي أدلي بمعلومات. أراد منّي أن أعترف بأنّني أطلقت النار على مركبة لحرس الحدود، وبأنّني اشتريت مفرقعات. عندما عدت إلى الغرفة وجدتهم قد أعلنوا أنّني متعاون مع "الشاباك"، لأنّني رفضت أن أقول لماذا اعتقلوني وماذا حدث في غرفة التحقيق. عزلني "العصافير" في غرفة منفردة وقالوا لي: "ستبقى هنا إلى أن تعترف أمامنا بماذا فعلت. نحن نريد أن نحميك". في حمّام الغرفة كانت مياه باردة فقط. احتجزوني هناك لمدّة أربعة أيّام. كنت وحيداً تماماً هناك. أكلت فقط الطعام الذي جلبوه لي لأنّ "العصافير" منعوني من الخروج من الغرفة".
وأضاف: "عندما عدت إلى الزنزانة تقدّم إليّ أحد المعتقلين وناولني هاتفاً. قال لي: إنّه يمكنني التحدّث مع عائلتي، فقلت له: إنّني لا أذكر رقم هاتف والدي ولا رقم هاتف والدتي أو رقم أيّ من إخوتي. في تلك اللحظة ضربني أحدهم على عُنقي بينما كان يقف خلفي. عندما التفتّ تبيّن لي أنّه أحد المحقّقين في المسكوبيّة. لم أفهم كيف ظهر فجأة. يبدو أنّه كان ينتظرني هناك مع "العصافير". قيّد المحقّق يديّ ورجليّ ثمّ اقتادني إلى سيّارة خاصّة وعصب عينيّ بوساطة قطعة قماش. في داخل السيّارة لفّ حزام الأمان حول عُنقي وأقفله. طوال الطريق من عسقلان إلى القدس شعرت بأنّني أختنق. كان في السيّارة شخصان آخران أحدهما كان يجلس إلى جانبي. أثناء السّفر واصل المحقّقون الثلاثة التحقيق معي. قالوا لي: "هيّا اعترف وتخلّص من هذا العذاب"، لكنّني احتفظت بحقّ الصّمت طوال الوقت".
وتابع الرجبي: "أعادوني إلى المسكوبيّة وهناك استمرّ التحقيق. أجلسوني مرّة أخرى على الكرسيّ طوال يوم ونصف اليوم واضطررت مرّة أخرى إلى التبوّل في ملابسي. عند هذا الحدّ قرّرت إنهاء الأمر. قلت للمحقّقين: "أعترف بأنّني ألقيت حجرين خلال مواجهات جرت في المسجد الأقصى ولم أفعل شيئاً آخر سوى ذلك". في تلك اللّحظة انتهى العذاب وتوقّفت التحقيقات وبعد بضعة أيام، بعد 42 يوماً من يوم اعتقالي، نقلوني إلى سجن مجدو. وفي 17.12.2021 حكموا عليّ بالسّجن الفعليّ لمدّة ثمانية أشهر والسجن مع وقف التنفيذ لمدة ستّة أشهر أخرى".
وقال الرجبي: إن "ما تعرضتُ له أثناء التحقيقات كان تجربة قاسية جدّاً ومؤلمة.. كنت معزولاً عن العالم وعانيت من أوجاع في الرأس والبطن والعُنق بسبب الوضعيّات التي قيّدوني بها لساعات طويلة. كنت آكل مرّة واحدة في اليوم، في أحسن الأحوال. بل مرّت عليّ أيّام لم أذق فيها أيّ طعام، ربّما ثلاثة أيّام كهذه. منذ الإفراج عنّي لا أبصر بشكل جيّد".
أما محمد الرجبي، فقال: "اعتقلوني فوراً وأدخلوني إلى زنزانة كان فيها شخص آخر أظنّه كان من العصافير (أي المتعاونين مع "الشاباك") لأنّه كان يحاول أن يستدرجنّي لأبوح بتفاصيل شخصيّة أو باعتراف. في تلك اللّيلة أخذوني إلى التحقيق. كان هناك عشرة محقّقين. اتّهموني بأنّني رشقت حجارة وألقيت مفرقعات وعبوات حارقة نحو مستوطنين في سلوان في 7 و9 تمّوز 2021".
وأضاف: "لم يضربوني خلال التحقيق، كانوا يصرخون عليّ ويشتمونني فقط بينما كنت جالساً على كرسيّ مقيّد اليدين إلى الخلف ومقيّد الرّجلين إلى الأمام. قال لي المحقّق مراراً: "هيّا اعترف وإلّا ستبقى جالساً على هذا الكرسيّ إلى الأبد". حقّقوا معي طيلة عشرين يوماً وفي كلّ جلسة تحقيق كنت أظلّ جالساً على ذلك الكرسيّ طيلة ساعات. كانوا يأتون لي بالطعام مرّة واحدة في اليوم، لدى انتهاء التحقيق. وكان هناك يومان لم أتناول فيهما أيّ طعام لأنّ التحقيق استمر كثيراً. قال لي المحقّق: "نريد إنهاء التحقيق. لا طعام". وحتى عندما أعادوني إلى الزنزانة لم يجلبوا لي شيئاً لآكل. قالوا: إنّ الطعام قد نفد. كنت أعاني من آلام شديدة في المثانة بسبب حصر البول حيث منعوني من دخول المرحاض. التبوّل كان أوّل شيء أفعله في كل مرة كانوا يعيدونني فيها إلى المعتقل وكان ذلك مصحوباً بآلام أكثر شدّة".
وتابع: "بعد تحقيق دام عشرين يوماً بشكل متواصل اعترفت بأنّني رشقت حجراً واحداً. اعترفت لأنّني سئمت وكنت متعباً ومنهكاً. فقد عانيت طوال هذه الأيّام من أوجاع بسبب حرماني من دخول المرحاض ومن الطعام الكافي ومن النوم، إضافة إلى الجلوس مقيّداً لساعات طويلة على الكرسيّ، ربّما عشر ساعات أو 15 ساعة في اليوم".
وأشار محمد الرجبي إلى أنه "بعد أن اعترفت نقلوني إلى سجن مجدو وهناك وضعوني في غرفة "العصافير". وقد حاول هؤلاء استدراجي إلى الإدلاء بمزيد من المعلومات. زعموا أنّهم من "التنظيم" (الذارع العسكريّة لحركة "فتح") وأنّهم يساعدون الأسرى ويُريدون أن يعرفوا كلّ شي عنّي لكي يتمكّنوا من حمايتي داخل السّجن. احتجزوني في تلك الغرفة مدّة يومين. كانوا يهدّدونني بالضرب وكنت أخاف أن يفعلوا ذلك".
وقال: "بعد بضعة أيّام أعادوني إلى المسكوبيّة وهناك استأنفوا التحقيق معي وأنا "مشبوح" على الكرسيّ كلّ يوم، مثلما فعلوا في جولة التحقيقات الأولى. أمطرني المحقّقون بالمزيد والمزيد من الأسئلة وكنت أقول لهُم كل الوقت: "لقد اعترفت بأنّني رشقت حجراً واحداً. هذا كلّ ما لديّ لأقوله". في تحقيقات الجولة الثانية هذه كانوا يسمحون لي بدخول المرحاض حين أطلب ذلك، ليس فور الطلب وإنّما بعد مضيّ ساعة أو ساعتين على الأكثر".
وأشار محمد الرجبي إلى أنه "بعد انتهاء فترة التحقيقات الثانية نقلوني إلى سجن مجدو. حكموا عليّ بالسّجن لمدّة ثمانية أشهُر. عندما اعتُقلت كنت تلميذاً في الصفّ الثاني عشر وقد خسرت دروساً كثيرة جرّاء الاعتقال. بعد الإفراج عنّي قرّرت ألا أعود إلى المدرسة. حاليّاً أنا أعمل في النظافة ولا أعلم إن كنت سأعثر على عمل آخر. هذا الاعتقال دمّر مستقبلي".فضح مركز "بتسيلم" الحقوقي الإسرائيلي روتين التعذيب الذي يمارسه "الشاباك" الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه يشمل تقييداً مؤلماً، وعزلاً عن العالم الخارجيّ، وحرماناً من الماء والطعام والنوم ودخول المرحاض.
وقال في تقرير: "في يوم الأحد، 22 آب 2021، جاء يزن الرّجبي (22 عاماً) ومحمد الرّجبي (20 عاماً) إلى المسكوبيّة في القدس بناءً على استدعاء من "الشاباك". فور وصولهما، اقتيدا إلى قسم "الشاباك" حيث جرى التحقيق معهما تحت التعذيب طيلة 42 يوماً. وقد شملت أساليب التعذيب إجلاس كلّ منهما مقيّداً إلى كرسيّ صغير لأكثر من يوم كامل وحرمانهما من النوم المتواصل. كذلك جرى حبس أحدهما داخل خزانة خشبيّة وهو مقيّد وأُبقِيَ هناك لوقت طويل حتى أغمي عليه".
وأضاف: "كما نقل المحقّقون الشابين إلى سجون مختلفة وحبسوهما في زنازين فيها "عصافير" - كما يُلقَّب المتعاونون مع "الشاباك" - قاموا بتهديدهما وعزلهما بهدف استدراجهما إلى الإدلاء بمعلومات أو الاعتراف بالتهم الموجّهة إليهما".
وأشار إلى أن "المحقّقين اتّهموا كلّاً من يزن ومحمد الرّجبي بالمشاركة في مواجهات وقعت في حيّ سلوان في القدس في تمّوز 2021، بينما أنكر الاثنان هذه التهمة. بعد تحقيق دام عشرين يوماً، وبعدما لم يعد قادراً على تحمّل التعذيب، اعترف محمد الرّجبي بأنّه رشق حجراً واحداً. رغم ذلك، أخضع محمد لتحقيق إضافيّ استمرّ 22 يوماً أخرى حاول المحقّقون خلالها إجباره على الإدلاء باعترافات أخرى. أمّا يزن الرّجبي فقد اعترف بأنّه رشق حجرَين وبهذا انتهى التحقيق معه ونُقل بعد 42 يوماً إلى سجن مجدو. وُجِّهت للشابين تهمة المشاركة في أعمال شغب ومحاولة الاعتداء على شرطيّ، وحُكم على كل منهما بالسّجن لمدّة ثمانية أشهر".
وذكر أنه "بعد الإفراج عنهما في آذار 2022، أدلى الاثنان بإفادتيهما أمام بتسيلم".
وقال "بتسيلم": "التحقيق مع يزن ومحمد الرّجبي تحت التعذيب لم يكن بمبادرة شخصيّة من هذا المحقّق أو ذاك، وإنّما هو جزء من نهج التحقيقات الذي يعتمد أسلوب حبس المحقّق معه معزولاً عن العالم في ظروف شديدة القسوة ومُهينة، والتحقيق معه وجهاً لوجه لوقت طويل وسط استخدام العُنف. محققو "الشاباك" يطبقون نهج التحقيقات هذا لكنّ سُلطات أخرى تشارك فيه وتكرّسه عبر إتاحة استخدامه، بضمنها سُلطة السّجون التي توفّر ظروف السّجن القاسية والقضاة الذين يمدّدون فترات الاعتقال على ذمّة التحقيق المرّة تلو الأخرى وسط تجاهُل تامّ لما يتعرّض له المعتقل، وكذلك جهاز إنفاذ القانون الذي يوفّر لمحقّقي الشاباك حصانة تحميهم من المُساءلة القانونيّة".
ونقل عن يزن الرّجبي قوله: "في يوم الأحد الموافق 22.8.2021 نحو السّاعة 6:00 صباحاً، توجّهتُ إلى محطّة الشرطة في المسكوبيّة في القدس بعد أن تلقيتُ استدعاء من "الشاباك". اعتقلوني فورَ وصولي إلى هناك. جلبوا لي ملابس ارتديتها بدل ملابسي ثمّ أدخلوني إلى زنزانة كنت فيها لوحدي. بعد ساعة تقريباً، أخذوني إلى التحقيق. اتّهمني المحقّقون بإطلاق النار على مركبات لحرس الحدود وللشرطة في 9.7.2021 لكنني أنكرت ذلك. أصلاً كنتُ في حيّ الطور في ذلك اليوم حيث ذهبت مع أخي لزيارة صديق لنا ولم أشارك في المُواجهات التي اندلعت في سلوان يومذاك. أصيب في تلك المواجهات شابّ (19 عاماً) من أقاربي في ظهره برصاص الشرطة".
وأضاف: "قلت هذا كلّه للمحقّقين، لكن رغم ذلك واصلوا التحقيق معي حتى السّاعة 23:00. كان هناك 12 محقّقاً يتناوبون على التحقيق معي، 6 يستبدلون 6 في كلّ مرّة. كانوا ينهالون عليّ بالأسئلة دون توقّف وطوال ذلك الوقت كنت جالساً على كرسيّ بينما كانت يداي مكبّلتين إلى الخلف ورجلاي مقيّدتين أيضاً. لم يضربوني أثناء التحقيق لكنّهم كانوا يشتمون عائلتي وأمّي. لم يسمحوا لي بدخول المرحاض ولم يجلبوا لي طعاماً ولا ماء رغم أنّني طلبت منهم ذلك. أحد المحقّقين قال لي: إنّ لديهم أموراً أهمّ من الماء والمرحاض".
وتابع: "في اليوم التالي لم يحقّقوا معي فاسترحت من الجلوس على الكرسيّ. في الصّباح جلبوا لي بيضة مسلوقة وحبة شوكولاتة. كان في الزنزانة صُنبور مياه. الزنزانة نفسُها كانت تكفي للنّوم فقط، إذ كانت صغيرة جداً إلى درجة أنّني كنت مجبراً على طيّ جسمي وقت النوم ولم يكن متسع لمدّ الرِّجلين. لا يوجد فيها متّسع لمدّ الرّجلين. في الزنزانة أيضاً مرحاض "عربي" دون مقعد ومغسلة صغيرة. كان السّقف منخفضاً لدرجة أنني لم أتمكّن من الوقوف منتصباً فكنت مجبراً على الانحناء".
وأشار إلى أنه "في يوم الثلاثاء عند السّاعة 8:30 صباحاً، أخذوني إلى التحقيق مرّة أخرى. عرفت الوقت لأنّ أحد المحقّقين أخبرني به. أجلسوني مرّة أخرى على الكرسيّ مكبّل اليدين إلى الخلف والرّجلين إلى الأمام. بقيت في هذه الوضعيّة لمدّة يومين وهُم يحقّقون معي طوال الوقت ويُمطرونني بالأسئلة. في هذه المرّة أيضاً كان عدد المحقّقين ستّة وكانوا يتناوبون كلّ أربع ساعات. كانوا يضغطون عليّ طوال الوقت كي أعترف بأنّني شاركت في إطلاق النّار في 9.7.2021. قلت لهم: إنّني كنت عند صديق لي في حيّ الطور لدى حصول المواجهات، وإنني تلقيتُ هناك نبأ إصابة أحد أقاربي في المواجهات الجارية في الحيّ ثم نبأ إخلائه إلى مستشفى المقاصد القريب من منزل صديق لي فذهبت إلى هناك فور سماعي النبأ. قلت للمحقّقين: إنّ بإمكانهم فحص كاميرات المراقبة المنصوبة في الشارع".
وقال: "طوال هذه الجولة من التحقيقات، والتي استمرّت يومين، لم يسمحوا لي بالدخول إلى المرحاض فاضطررت إلى التبوّل في ملابسي. كذلك لم يسمحوا لي بتبديل ملابسي فبقيت مع البول والغائط في ملابسي داخل غرفة التحقيق. كان المحقّقون يحفظون مسافة بيني وبينهم بسبب رائحة الغائط ويرشّون العطر في الغرفة. لم يُسمح لي بتبديل ملابسي إلّا بعد أن عُدت إلى الزنزانة وعندئذٍ غسلت جسمي بمياه المغسلة".
وأضاف: "خلال الأسبوع الأوّل من اعتقالي حبسوني في خزانة خشبيّة منخفضة ومغلقة داخل إحدى غرف التحقيق. أجلسوني في الخزانة مقرفصاً ورأسي بين رجليّ المكبّلتين. لم أستطع رفع رأسي. كذلك كانت يداي مكبّلتين إلى الخلف. لا أذكر كم من الوقت أبقوني داخل الخزانة - ربّما ساعتين أو أكثر. عندما فتح المحقّقون الخزانة كنت غائباً عن الوعي. أعتقد أنّ المحقّق يعرف كم من الوقت بالضّبط يمكن للإنسان أن يصمد داخل خزانة كهذه. الأمر أشبه بطنجرة ضغط. من شدّة الضغط شعرتُ بأنّ رأسي يكاد ينفجر وظهري يكاد ينكسر. عندما استفقت رأيت المحقّقين الستّة الذين أدخلوني إلى الخزانة. باشر هؤلاء التحقيق معي فوراً ولكن حول موضوع آخر. في هذه المرّة اتّهموني بأنّني جمعت تبرّعات نقديّة من شبّان في سلوان من أجل شراء مفرقعات في اليوم الذي قامت فيه البلدية بهدم دكّان أحد الأهالي بحجّة البناء غير المرخّص. لا أذكر تاريخ الهدم لكنّني أذكر أنّني كنت في ذلك اليوم في يافا، في مكان عملي. كنّا نعمل في مدّ المواسير في موقع بناء قرب شاطئ البحر. حتى أنّني التقطت صورة "سِلفي" في الموقع نفسه. لم أقل ذلك للمحقّقين لأنّني احتفظت بحقّ الصّمت ورفضت الإجابة عن جميع أسئلتهم".
وتابع: "أثناء التحقيقات جلبوا إلى غرفة الحقيق معتقلاً آخر يُدعى م. ج. (20 عاماً). قال لي: "أنا آسف، قلت لهُم تحت ضغط التعذيب: إنّك شاركت في الأحداث في الصّيف". كان يبكي ويصرخ عندما قال لي ذلك. جلب المحقّقون شابّاً آخر يُدعى ح. ع. (19 عاماً) قال أيضاً لهُم: إنّني جمعت أموالاً لشراء مفرقعات".
وذكر الرجبي أنه "بعد اعتقالي بأسبوعين تقريباً نقلوني إلى سجن مجدو وهناك وضعوني في غرفة مع ستّة أشخاص آخرين. كنت على يقين بأنّهم "عصافير" (متعاونون مع الشاباك) لأنّهم حاولوا ابتزاز اعتراف منّي. في البداية حاولوا ذلك من خلال استدراجي في الحديث وعندما أخفقت محاولتهم تلك أدخلوا إلى الزنزانة تسعة أشخاص آخرين قالوا لي: إنّني أنا نفسي متعاون مع الشاباك وهدّدوني. كان بعضهم يحمل شفرات وحاولوا ترهيبي لكي أعترف. بعد ذلك جاء شخص آخر وناولني دفتراً وهو يأمرني بأن أكتب أسماء الشباب الذين يرشقون حجارة في سلوان. قلت له: إنّني لا أعرف عمّ يتحدّث".
وقال: "بعد أن أمضيت ثلاثة أيّام في الزنزانة مع "العصافير" جلبوني إلى المحكمة لتمديد فترة اعتقالي ثمّ أخذوني إلى سجن عسقلان. هناك أدخلوني إلى غرفة كبيرة كان فيها عدد كبير من المعتقلين. طلب أحد المعتقلين أن أساعده في طيّ الغسيل وبينما كنت أساعده أخذ يستدرجني في الكلام لكي أدلي بمعلومات. أراد منّي أن أعترف بأنّني أطلقت النار على مركبة لحرس الحدود، وبأنّني اشتريت مفرقعات. عندما عدت إلى الغرفة وجدتهم قد أعلنوا أنّني متعاون مع "الشاباك"، لأنّني رفضت أن أقول لماذا اعتقلوني وماذا حدث في غرفة التحقيق. عزلني "العصافير" في غرفة منفردة وقالوا لي: "ستبقى هنا إلى أن تعترف أمامنا بماذا فعلت. نحن نريد أن نحميك". في حمّام الغرفة كانت مياه باردة فقط. احتجزوني هناك لمدّة أربعة أيّام. كنت وحيداً تماماً هناك. أكلت فقط الطعام الذي جلبوه لي لأنّ "العصافير" منعوني من الخروج من الغرفة".
وأضاف: "عندما عدت إلى الزنزانة تقدّم إليّ أحد المعتقلين وناولني هاتفاً. قال لي: إنّه يمكنني التحدّث مع عائلتي، فقلت له: إنّني لا أذكر رقم هاتف والدي ولا رقم هاتف والدتي أو رقم أيّ من إخوتي. في تلك اللحظة ضربني أحدهم على عُنقي بينما كان يقف خلفي. عندما التفتّ تبيّن لي أنّه أحد المحقّقين في المسكوبيّة. لم أفهم كيف ظهر فجأة. يبدو أنّه كان ينتظرني هناك مع "العصافير". قيّد المحقّق يديّ ورجليّ ثمّ اقتادني إلى سيّارة خاصّة وعصب عينيّ بوساطة قطعة قماش. في داخل السيّارة لفّ حزام الأمان حول عُنقي وأقفله. طوال الطريق من عسقلان إلى القدس شعرت بأنّني أختنق. كان في السيّارة شخصان آخران أحدهما كان يجلس إلى جانبي. أثناء السّفر واصل المحقّقون الثلاثة التحقيق معي. قالوا لي: "هيّا اعترف وتخلّص من هذا العذاب"، لكنّني احتفظت بحقّ الصّمت طوال الوقت".
وتابع الرجبي: "أعادوني إلى المسكوبيّة وهناك استمرّ التحقيق. أجلسوني مرّة أخرى على الكرسيّ طوال يوم ونصف اليوم واضطررت مرّة أخرى إلى التبوّل في ملابسي. عند هذا الحدّ قرّرت إنهاء الأمر. قلت للمحقّقين: "أعترف بأنّني ألقيت حجرين خلال مواجهات جرت في المسجد الأقصى ولم أفعل شيئاً آخر سوى ذلك". في تلك اللّحظة انتهى العذاب وتوقّفت التحقيقات وبعد بضعة أيام، بعد 42 يوماً من يوم اعتقالي، نقلوني إلى سجن مجدو. وفي 17.12.2021 حكموا عليّ بالسّجن الفعليّ لمدّة ثمانية أشهر والسجن مع وقف التنفيذ لمدة ستّة أشهر أخرى".
وقال الرجبي: إن "ما تعرضتُ له أثناء التحقيقات كان تجربة قاسية جدّاً ومؤلمة.. كنت معزولاً عن العالم وعانيت من أوجاع في الرأس والبطن والعُنق بسبب الوضعيّات التي قيّدوني بها لساعات طويلة. كنت آكل مرّة واحدة في اليوم، في أحسن الأحوال. بل مرّت عليّ أيّام لم أذق فيها أيّ طعام، ربّما ثلاثة أيّام كهذه. منذ الإفراج عنّي لا أبصر بشكل جيّد".
أما محمد الرجبي، فقال: "اعتقلوني فوراً وأدخلوني إلى زنزانة كان فيها شخص آخر أظنّه كان من العصافير (أي المتعاونين مع "الشاباك") لأنّه كان يحاول أن يستدرجنّي لأبوح بتفاصيل شخصيّة أو باعتراف. في تلك اللّيلة أخذوني إلى التحقيق. كان هناك عشرة محقّقين. اتّهموني بأنّني رشقت حجارة وألقيت مفرقعات وعبوات حارقة نحو مستوطنين في سلوان في 7 و9 تمّوز 2021".
وأضاف: "لم يضربوني خلال التحقيق، كانوا يصرخون عليّ ويشتمونني فقط بينما كنت جالساً على كرسيّ مقيّد اليدين إلى الخلف ومقيّد الرّجلين إلى الأمام. قال لي المحقّق مراراً: "هيّا اعترف وإلّا ستبقى جالساً على هذا الكرسيّ إلى الأبد". حقّقوا معي طيلة عشرين يوماً وفي كلّ جلسة تحقيق كنت أظلّ جالساً على ذلك الكرسيّ طيلة ساعات. كانوا يأتون لي بالطعام مرّة واحدة في اليوم، لدى انتهاء التحقيق. وكان هناك يومان لم أتناول فيهما أيّ طعام لأنّ التحقيق استمر كثيراً. قال لي المحقّق: "نريد إنهاء التحقيق. لا طعام". وحتى عندما أعادوني إلى الزنزانة لم يجلبوا لي شيئاً لآكل. قالوا: إنّ الطعام قد نفد. كنت أعاني من آلام شديدة في المثانة بسبب حصر البول حيث منعوني من دخول المرحاض. التبوّل كان أوّل شيء أفعله في كل مرة كانوا يعيدونني فيها إلى المعتقل وكان ذلك مصحوباً بآلام أكثر شدّة".
وتابع: "بعد تحقيق دام عشرين يوماً بشكل متواصل اعترفت بأنّني رشقت حجراً واحداً. اعترفت لأنّني سئمت وكنت متعباً ومنهكاً. فقد عانيت طوال هذه الأيّام من أوجاع بسبب حرماني من دخول المرحاض ومن الطعام الكافي ومن النوم، إضافة إلى الجلوس مقيّداً لساعات طويلة على الكرسيّ، ربّما عشر ساعات أو 15 ساعة في اليوم".
وأشار محمد الرجبي إلى أنه "بعد أن اعترفت نقلوني إلى سجن مجدو وهناك وضعوني في غرفة "العصافير". وقد حاول هؤلاء استدراجي إلى الإدلاء بمزيد من المعلومات. زعموا أنّهم من "التنظيم" (الذارع العسكريّة لحركة "فتح") وأنّهم يساعدون الأسرى ويُريدون أن يعرفوا كلّ شي عنّي لكي يتمكّنوا من حمايتي داخل السّجن. احتجزوني في تلك الغرفة مدّة يومين. كانوا يهدّدونني بالضرب وكنت أخاف أن يفعلوا ذلك".
وقال: "بعد بضعة أيّام أعادوني إلى المسكوبيّة وهناك استأنفوا التحقيق معي وأنا "مشبوح" على الكرسيّ كلّ يوم، مثلما فعلوا في جولة التحقيقات الأولى. أمطرني المحقّقون بالمزيد والمزيد من الأسئلة وكنت أقول لهُم كل الوقت: "لقد اعترفت بأنّني رشقت حجراً واحداً. هذا كلّ ما لديّ لأقوله". في تحقيقات الجولة الثانية هذه كانوا يسمحون لي بدخول المرحاض حين أطلب ذلك، ليس فور الطلب وإنّما بعد مضيّ ساعة أو ساعتين على الأكثر".
وأشار محمد الرجبي إلى أنه "بعد انتهاء فترة التحقيقات الثانية نقلوني إلى سجن مجدو. حكموا عليّ بالسّجن لمدّة ثمانية أشهُر. عندما اعتُقلت كنت تلميذاً في الصفّ الثاني عشر وقد خسرت دروساً كثيرة جرّاء الاعتقال. بعد الإفراج عنّي قرّرت ألا أعود إلى المدرسة. حاليّاً أنا أعمل في النظافة ولا أعلم إن كنت سأعثر على عمل آخر. هذا الاعتقال دمّر مستقبلي".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف