- تصنيف المقال : صدى الجاليات
- تاريخ المقال : 2015-08-31
تشير جميع المصادر والمراجع التي وصلنا إليها بأن المهاجرين الأوائل من الفلسطينيين العرب الذين قدموا إلى الولايات المتحدة الأمريكية كانوا في أواخر القرن الثامن عشر أي في أواخر حكم الدولة العثمانية بوطننا العربي ، وأثبتت جميع الدراسات أن دوافع الهجرة وأسبابها هي نفس الدوافع ، وهي سياسية واقتصادية واجتماعية، وهي التي دفعت المهاجرين الأوائل من أهلنا للهجرة ، وقد كان أغلب المهاجرين من الفلسطينيين هم من إخواننا المسيحيين وثم انتقلت الهجرة إلى جميع المجتمع الفلسطيني وإن كانت في مناطق أكثر من نظيرتها مثل رام الله وبيت لحم وبيت جالا ، حيث كانت هجرتهم إلى أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية
عانى المهاجر الفلسطيني في بداية اغترابه وواجه مشاكل عديدة وقد تحدثت عن هذا الموضوع بإسهاب في كتابي الذي سيبصر النور في مطلع العام القادم وهو عن الفلسطينيين وهجرتهم إلى أمريكا وإنخراطهم في المجتمع الأمريكي.
من ذلك الوقت من بداية الهجرة حاول المهاجر الفلسطيني الأول تحسين الوضع الاقتصادي من خلال عمله بالتجارة وإن كانت أعمال تجارية بسيطة ومن ثم ناضل من أجل أبناءه في محاولة لتحسين وضعهم التعليمي حتى لا يعانوا كما عانى أبائهم. وهنا ظهرت ثقافة عند المهاجر الفلسطيني والعربي وهي الذوبان والاندماج التي عاش فترة زمنية في صراع وتوهان في كيفية التعامل في هذا المجتمع الجديد الذي هاجر إليه إلا انه كان ميال دوما وخصوصا في الحقبة الماضية لعدم الانخراط أو الاندماج في المجتمع الأمريكي خوفا من الذوبان ومن اجل الحفاظ على هويته الثقافية والدينية وانتمائه القومي لعروبته وإسلامه ، حيث آثر أن يبقى بعيدا عن الدخول في الحياة السياسية في المجتمع الجديد.
إلا أن هذه النظرة بدأت تتلاشى شيئا فشيئا وظهرت بشكل جلي وواضح في السبعينيات من القرن المنصرم وبدأ تأسيس مراكز وأندية ومؤسسات للجالية تتبلور وتلعب دورا في خدمة القضية الفلسطينية بأساليب وأنماط مختلفة.
شكلت هذه المؤسسات مجموعة من السياسيين والمثقفين والطلبة والناشطين وبدعم من رجال الأعمال والتجار وكان لها دورا طليعيا في كثير من الأوقات كإقامة المظاهرات أو الحفلات أو استضافة سياسيين من الخارج لعقد ندوات ولقاءات مع أبناء الجالية حيث لم يكن في ذلك الوقت فضائيات عربية أو وسائل تكنولوجيا حديثة كالإنترنت تخدم التواصل بين المغترب وأهله في الوطن.
تفاوت عمل المؤسسات الجاليوية وكيفية عملها وأساليبها بحيث ذهب البعض إلى بناء تحالفات مع مؤسسات حقوقية ومنظمات تؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وان كان الكثير من هذه التحالفات بناها اليساريون الفلسطينيون أمثال المرحوم سمير عودة وغيره في الولايات الأخرى إلا أن هذه التحالفات التي ما زلنا نعمل من خلالها كانت أكثرها عملا على ارض الواقع في مدينة شيكاغو التي يسكنها أكثر من مئة وخمسين ألف فلسطيني باختلاف مشاربهم السياسية والفكرية فهي تعتبر قلعة الأمل الوطني الموحد للجالية الفلسطينية في امريكا بالرغم من وجود نشاطات كثيرة في باقي المدن والتجمعات التي يقطنها الكثير من الفلسطينيين مثل نيويورك ونيوجرسي ودالاس وهيوستن وسان فران سيسكو ومدن أخرى لا متسع لذكرها فيها نشاطات وعمل أيضاً.
تجلى العمل الوطني والجاليوي في مدينة شيكاغو وبنفس وحدوي لمجموعات كبيرة من المثقفين والناشطين السياسيين وأكاديميين عملوا تحالف فيما بينهم ضمن إطار مرجعيته منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد. وعلى كافة الأصعدة بدءا من boycott divestment sanction وحققوا نجاحات وانتصارات في كبرى الجامعات الأمريكية وذلك بالمقاطعة الأكاديمية لدولة العدو الإسرائيلي.
ولم يتوقف العمل السياسي والجاليوي بإقامة مظاهرات وندوات تثقيفية لأبناء الجالية، إلا أن هذه النشاطات التي لم ننتقص منها ومن أهميتها ليس بالكافية في جالية يقدروا عدد الخريجين من أبناءها من حملة الشهادات من الجامعات الأمريكية في مختلف المجالات من أطباء ومحاميين ومهندسين وأكاديميين وغير ذلك بالآلاف وأكثرهم من مواليد أمريكا (عرب امريكان ) هذه الطاقات التي لو اجتمعت ضمن مشروع واضح ومنظم في خدمة قضايانا العادلة والدفاع عن حقوقنا لأصبح لنا كلمة وتأثير داخل المجتمع الامريكي.
قال الحكماء سابقا : أن تنير شمعة خير من أن تلعن الظلام ، فأن نبقى نتحدث عن دور الصهاينة ومدى تأثيرهم في المجتمع الأمريكي من خلال سيطرتهم على الإعلام أو على هوليوود أو على الكونغرس أو السيناتور أو التجارة، كل ذلك لا يغير شيئا من واقعنا.
إن التغيير يكمن في كيفية الاندماج في المجتمع الأمريكي ومؤسسات المجتمع المدني ورفع سقف المطالب لخدمة جاليتنا من أنصار الحزبين الذين يتهافتون للانتخاب دون تحقيق أي مكاسب أو مطالب لجاليتنا. فبالرغم من أهمية المشاركة بالانتخابات أي كانت بلدية أو ولاية أو سيناتور أو رئاسة إلا أن ذلك يجب أن يكون ضمن ترتيبات ومطالب لخدمة الجالية ليس للمشاركة فقط.
نحن اليوم في جالية كبيرة التعداد يصل أكثر من نصفها من العرب أمريكان نتطلع أن يكون لنا دورا في الحياة السياسية في المجتمع الأمريكي.
لقد أثبتنا الكثير من الذي يمكن أن نعمله إذا تمت المشاركة الحقيقية منا جميعا ، فلنستبدل بعض المفاهيم لدى البعض منا حيث يقولون صوتي لن يغير شيئا آو الذي سينجح لن يعيد لنا القدس أو يحرر فلسطين. هذه الثقافة اليائسة و السلبية ستجعلنا دوما في الركب الأخير للشعوب في المجتمع الامريكي.
لقد ذهبتُ قبل أربعة أعوام للمشاركة في احد نشاطات بلدية بربانك الينيوي والتي يشكل العرب ما يصلوا الى 19% من تعداد سكانها وكنت أنا وصديق لي العرب الوحيدين في هذا الاحتفال ، وقد شاركت في نشاط مماثل لنفس البلدية قبل 3 شهور وكان أكثر من 30 شخص في هذا النشاط معظمهم من حملة الشهادات وخريجين الجامعات الأمريكية وكان لهم دورا مميزا في هذا اللقاء الذي يترتب علينا من أجل خدمة قضيتنا والدفاع عن حقوقنا كعرب وزيادة وتعميق التحالفات مع المؤسسات والمنظمات التي تشكل دعما لقضيتنا الفلسطينية مثل :
freedom road socialist organization ,
Illinois Coalition for Immigrant and Refugee Rights,
Committee to Stop FBI Repression,
Chicago Alliance Against Racist and Political Repression,
Anti War Committees in Chicago andMinneapolis.
Committee to Stop FBI Repression,
Chicago Alliance Against Racist and Political Repression,
Anti War Committees in Chicago andMinneapolis.
مجموعة من الأفكار والأطروحات من أجل النهوض بجاليتنا حتى يكون لها دورا في صنع القرار ومستقبلا لأبنائنا في أمريكا :
- توسيع لجان العمل الوطني التي تعمل في تنظيم كثير من المظاهرات والاحتجاجات والندوات لخدمة القضية وتعرية الوجه البشع للاحتلال والتي يديرها مجموعة من الناشطين في الساحة الأمريكية.
- العمل على تعميق فكرة الـBDS بالمقاطعة السياسية والاقتصادية والأكاديمية لدولة الكيان الإسرائيلي.
- المشاركة في الانتخابات في كافة مجالاتها ودعم المرشحين الأكثر اعتدالا اتجاه قضايانا القومية وقضيتنا الفلسطينية وحقوق المهاجرين.
هذه المجموعة من الأفكار والأطروحات التي نحاول طرحها وتعميمها على أبناء جاليتنا بلغة حوار مشترك نتبادل فيه الأفكار البناءة من اجل النهوض بجاليتنا حتى يكون لها دورا في صنع القرار ومستقبلا لأبنائنا في أمريكا يحافظون فيه على ثقافتهم وانتمائهم الديني ويستطيعون خدمة قضيتهم دون الذوبان.
في الحلقة القادة سيكون مناقشة دور المؤسسات السياسية والدينية وتوظيفها في خدمة الناشئة من أبناء الجالية.
بقلم :
رهيف عوض الله الكوك ، باحث وناشط سياسي يقيم في شيكاغو
الناطق باسم شبكة الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية