قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يائير لابيد، حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات عامة مبكرة، في ظل الأزمات المتواصلة التي تشل الائتلاف الحكومي الهش الذي كان قد فقد الأغلبية في ظل اتساع الفجوات بين كتله المختلفة وانشقاق أعضاء كنيست عن حزب "يمينا".

وأعلن بينيت ولابيد في بيان مشترك أنهما قررا طرح مشروع قانون لحل الكنيست لتصويت الهيئة العامة للكنيست، خلال الأسبوع المقبل، وتنفيذ اتفاق التناوب على منصب رئيس الحكومة بين الاثنين، بحيث يكون وزير الخارجية، لابيد، رئيسا لحكومة انتقالية.

يأتي ذلك إثر استنفاد وفشل جميع محاولات إنقاذ الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الهش؛ فيما شدد البيان على أن بينيت يجري محادثات مع رؤساء الكتل الائتلافية لإبلاغهم بمخرجات الاجتماع الذي عقده مع لابيد. فيما عقد الاثنان مؤتمرا صحافيا مشتركا أوضحا من خلاله دوافع القرار.

وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن بينيت يدرس أحد خيارين، إما الابتعاد عن المشهد السياسي لفترة زمنية معينة، وإما إمكانية خوض الانتخابات المقبلة ضمن حزب "يمينا" على الرغم من الخلافات الداخلية الكبيرة التي شقت صفوف الحزب منذ انضمامه إلى الائتلاف الحكومي الحالي.

وأشارت التقارير إلى أن بينيت هو من اتخذ هذا القرار في ظل فشله في حشد حزبه لدعم الائتلاف الحكومي، على الرغم من أن البيان المشترك شدد على أن القرار اتخذ بالتنسيق بين بينيت ولابيد، اللذين اجتماعا قبل وقت قصير من إصدار البيان المشترك الذي مثّل نوعا من المفاجئة في ظل المساعي التي بذلاها لإنقاذ الحكومة.

وأفاد البيان بأنه "بعد استنفاد محاولات الحفاظ على الائتلاف، اتفق بينيت، ولابيد، على تقديم مشروع قانون (حل الكنيست) الأسبوع المقبل للمصادقة عليه في الكنيست، وبعدها سيتم تنفيذ (اتفاق) التناوب بطريقة منظمة".

"اتخذنا القرار السليم"
وفي مؤتمر صحافي مشترك عددا خلاله إنجازات الحكومة الأقصر عمرا في تاريخ إسرائيل، أكد بينيت أن لابيد سيتولى قريبا رئاسة الحكومة، مشددا على أن "عملية تسليم مهام المنصب ستتم بسلاسة وبشكل منظم لضمان مصلحة إسرائيل القومية"، وأنه سيقوم بمساعدة لابيد في إنجاز مهامه خلال فترة الحكومة الانتقالية.

وأوضح بينيت أنه اتخذ القرار بعد اجتماعه مع أوساط أمنية وقانونية، يوم الجمعة الماضي، والذين بدورهم أوضحوا له أن "إسرائيل ستدخل في حالة من الفوضى الشاملة إذا لم يتم تمديد أنظمة الطوارئ في "يهودا والسامرة" (قانون الأبرتهايد) حتى نهاية الشهر الجاري".

وقال بينيت، "أيقنت أن إسرائيل ستدخل في فوضى قانونية عارمة وقررت ألا أسمح بذلك واتخذت هذا القرار".

وأضاف، "هذه لحظة غير سهلة لكننا اتخذنا القرار الصحيح. قررنا حل الكنيست وتحديد موعد لإجراء الانتخابات، ونعتبر أن هذا القرار هو القرار السليم بالنسبة لإسرائيل".

من جانبه، قال لابيد، "يجب ألا نسمح لقوى الظلام بتفكيكنا وعلينا العودة إلى فكرة إسرائيل الموحدة"، وأضاف، "حتى إذا ذهبنا للانتخابات خلال شهور فهناك تحديات تواجه إسرائيل لا يمكن أن تنتظر"، وتابع، "يجب التعامل مع غلاء المعيشة وإدارة النزاع مع إيران و(حماس) و(حزب الله)".

وقال لابيد، إنه لن ينتظر حتى إجراء انتخابات جديدة كي يبدأ في معالجة التحديات التي تواجهها إسرائيل بمجرد توليه منصب رئيس الحكومة الانتقالية، وأضاف، "علينا معالجة ارتفاع تكاليف المعيشة، وأن نخوض حملات المواجهة ضد إيران و(حماس) و(حزب الله)، ومجابهة القوى التي تهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة غير ديمقراطية".

انتخابات في تشرين الأول المقبل
وسيؤدي حل الكنيست إلى الذهاب لانتخابات عامة مبكرة هي الخامسة منذ نيسان العام 2019، ومن المتوقع أن تنظم في 25 تشرين الأول المقبل، لتنجح بذلك الضغوطات التي مارستها المعارضة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، على حكومة بينيت ــ لابيد غير المتجانسة.

ولا يتوقع أن تتمخض الانتخابات الإسرائيلية المقبلة عن انفراجة في المشهد السياسي الداخلي، في ظل الاحتمالات المرتفعة باستمرار حالة "عدم الحسم" وفشل معسكر نتنياهو - الذي يضم أحزاب "الليكود"، "شاس"، "يهدوت هتوراة"، الصهيونية الدينية – بالحصول على أغلبية في الكنيست، كما تفشل بذلك الأحزاب التي تتشكل منها الحكومة الحالية، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة.

ويعتبر فشل الائتلاف الحكومي في تمرير قانون "الأبرتهايد"، الذي يقضي بسريان القانون الإسرائيلي على المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، أحد أبرز الأسباب التي دفعت بينيت إلى اتخاذ قرار حل الكنيست.

وكشف موقع صحيفة "هآرتس" عن أن بينيت اجتمع مع المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف – ميارا، يوم الجمعة الماضي، وأدرك عدم إمكان تمديد "أنظمة الطوارئ" في الضفة الغربية (قانون الأبرتهايد).

وأوضحت المستشارة القضائية للحكومة، خلال اجتماعها مع بينيت، أنه "إذا تم حل الكنيست بحلول نهاية الشهر الجاري، بالتزامن مع انتهاء صلاحية أنظمة الطوارئ، فإنه سيتم تمديدها تلقائيا".

وأشارت "هآرتس" إلى اجتماع "صعب" عقده بينيت مع وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، لبحث إمكانية حل الائتلاف الحكومي.

وأوضحت التقارير أن شاكيد وسائر قادة كتل الائتلاف لم يكونوا على علم بقرار بينيت قبيل إصدار البيان المشترك مع لابيد بدقائق قليلة.

وفي تعليقه على قرار بينيت ولابيد، قال وزير القضاء، جدعون ساعر، "كما حذرت - أدى عدم مسؤولية بعض أعضاء الكنيست في الائتلاف إلى نتيجة حتمية. الهدف في الانتخابات القادمة واضح - منع نتنياهو من العودة إلى السلطة ورهن الدولة لمصالحه الشخصية".

من جانبه، اعتبر وزير الدفاع، بيني غانتس، أن "الحكومة قامت بعمل جيد للغاية خلال العام الأخير. من المؤسف أن تنجر البلاد إلى الانتخابات لكننا سنواصل العمل كحكومة مؤقتة تعمل بنجاعة قدر الإمكان"، وأضاف، إنه "لا يحكم على القرار".

نتنياهو: واثقون من الفوز في الانتخابات
من جانبه، اعتبر نتنياهو، في خطاب مصور أصدره عقب بيان بينيت - لابيد، أن "حكومة بينيت فشلت بشكل كبير أمنيا وسياسيا واقتصاديا"، مشددا على أن "الحكومة الحالية فقدت قدرتها على الحكم"، وأكد أنه واثق من قدرة معسكره على الفوز في الانتخابات.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي عقده من الكنيست، في وقت لاحق، إنه "سأشكل حكومة وحدة قومية واسعة برئاسة (الليكود)"، معتبرا أن حكومة بينيت ــ لابيد كانت "أكثر الحكومات فشلا في تاريخ إسرائيل".

وأضاف، إن سقوط الحكومة "القائمة على أصوات داعمي الإرهاب، والتي تفشل في الحفاظ على الأمن الشخصي للمواطنين والتي تفرض الضرائب والتي وصل خلال ولايتها غلاء المعيشة إلى معدلات قياسية، يمثل بشرى سارة للشعب الإسرائيلي".

واعتبر نتنياهو أن "شيئا كبيرا حدث هنا اليوم. الناس يبتسمون الليلة لأنهم يشعرون أننا نتخلص من أسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل". وأكد نتنياهو أن معسكره يستعد للانتخابات المبكرة، وقال، إنه "لا يلغي فكرة تشكيل حكومة بديلة في ظل الكنيست الحالي".

وفيما شدد رئيس القائمة الموحدة التي تشارك في الائتلاف الإسرائيلي، على أنه سيعمل جاهدا حتى يكون جزءا من الائتلاف الإسرائيلي المقبل، قال نتنياهو، إنه لن يجلس مع منصور عباس في نفس الائتلاف الحكومي، منتقدا الأحزاب اليمينية التي شاركت في الائتلاف الحالي.

وكان لابيد وبينيت قد شكلا ائتلافا لم يكن مرجحا تشكيله، في حزيران 2021، بعد عامين من الجمود السياسي ما أنهى بقاء رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، لفترة قياسية في حكم إسرائيل؛ وبدأ الائتلاف المكون من ثمانية فصائل في التفكك عندما انسحب منه عدد من الأعضاء، وكانت أغلبيته في الكنيست ضئيلة ودب فيه الانقسام وسرعان ما فقد الائتلاف أغلبيته البرلمانية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف