لاحظت مصادر سعودية أن الحفاوة التي قوبل بها الملك السعودي في واشنطن «عكست حرص البيت الأبيض على إذابة الجليد مع المملكة وإعادة فتح صفحة جديدة بين البلدين»
مثلت زيارة الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى الولايات المتحدة الأميركية وعقده لقاء قمة، طال انتظاره، في البيت الأبيض مع الرئيس باراك أوباما، فرصة لتقريب وجهات النظر حول القضايا الخلافية بين البلدين وعلى رأسها الملف النووي الإيراني.
وقبل أيام قليلة من تصويت مرتقب للكونغرس على الاتفاق النووي مع إيران، جاءت القمة الثنائية بين سلمان وأوباما لتكون بمثابة فرصة للأخير للحصول على دعم المملكة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، خاصة وأنه يواجه معركة شرسة مع الجمهوريين الرافضين للتصويت عليه في الكونغرس.
وكان من المفترض أن يتمّ هذا اللقاء منذ القمة التي جمعت أوباما وقادة الدول الخليجية في كامب ديفيد في أيار/ مايو، لكن الملك السعودي اعتذر آنئذٍ عن الحضور، وأوفد بدلاً منه وليَي العهد محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، في خطوة نُظر إليها على نطاق واسع على أنها «رفض دبلوماسي لاستراتيجية أوباما بشأن إيران»، على رغم نفي كلٍ من الحكومتين لهذا التفسير.
يذكر أن السياسات السعودية والأميركية تبدو متعارضةً حول عدد من القضايا الإقليمية، وخاصة بشأن الحرب الدائرة في سوريا، إضافة إلى خلافات بدأت تطفو على السطح بشأن سبل معالجة الأزمة اليمنية. فضلاً عما تعتبره الرياض «الانفتاح المتسرع والزائد عن الحدّ لإدارة أوباما تجاه إيران، دون مراعاة مصالح حلفائها الخليجيين».
الموقف من اليمن
وخلال الزيارة، أعرب الملك سلمان عن دعمه للاتفاق النووي مع طهران، كما كان متوقعاً. لكن المراقبين قالوا إن إعلان تأييده للاتفاق لم يكن مجاناً، بل «أتى بعد حصوله على تعهدات من أوباما بمواجهة طموحات طهران التي لا تخفيها في المنطقة». ويبدو أن التفاهم الأميركي السعودي، في هذا الإطار، شمل أساساً اليمن، الذي يعتبر بمثابة «حديقة خليفة للمملكة العربية السعودية». وقد نفى مسؤولون أميركيون وجود خلافات حول الأزمة في هذا البلد، خاصة في ما يتعلق بالمعطيات التي تتحدث عن رفض أميركي لتحرير العاصمة صنعاء.
وأكد البيان المشترك أن هناك تماهٍ في المواقف بين الإدارتين تجاه اليمن، حيث شدّد الطرفان على الحاجة الملحة إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، بما في ذلك القرار رقم 2216، وذلك لتسهيل التوصل إلى حل سياسي على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج الحوار الوطني.
وشدد الجانبان من خلال البيان المشترك (5/9)، على أهمية الاستمرار في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين لما فيه مصلحتهما. و«من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وعلى وجه الخصوص مكافحة الأنشطة الإيرانية المزعزعة لاستقرار البلدان العربية».
وأعرب الزعيمان عن حرصهما على تجاوز الأزمة الإنسانية في اليمن. وشدد الملك سلمان على التزام السعودية بالاستمرار في مساعدة الشعب اليمني، والعمل مع شركائها في الائتلاف الدولي قصد السماح بالوصول غير المقيد للمساعدات إلى الناس الذين تأثروا من اليمن.
وتقود المملكة العربية السعودية تحالفاً عربياً ضد الحوثيين في اليمن، وقد تمكن هذا التحالف أخيراً من تحرير عدة مدن في الجنوب. وبناء على هذه القمة، توقع متابعون أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الضغوط على الحوثيين، بما فيه ربما إعلان معركة تحرير صنعاء، لإجبارهم على الجلوس إلى طاولة الحوار لحل الأزمة سياسياً.
ولم تخل القمة من حديث عن تعزيز العلاقات العسكرية بين الطرفين، في ظل تنامي التحديات الأمنية في المنطقة. كما أكد الجانبان، من خلال البيان المشترك، على «أهمية التوصل إلى حل دائم للصراع السوري على أساس مبادئ جنيف 1».
وتُرجم تعزيز التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن، وفق صحيفة «نيويورك تايمز»، عبر إتمام صفقة عسكرية تبلغ قيمتها مليار دولار بهدف «تقوية القدرات الدفاعية للمملكة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وفي الحرب باليمن». وكشفت الصحيفة الأميركية عن تفاصيل الصفقة العسكرية، التي من المرتقب أن يوافق عليها الكونغرس في الأيام القادمة.
استعادة الثقة مع الخليجيين
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبر في تصريحات صحافية سبقت لقاءه مع العاهل السعودي، أن قرار الأخير زيارة الولايات المتحدة مؤشر على الصداقة بين أميركا والسعودية. وأنه والملك السعودي يشتركان في أهداف عامة منها «حل الأزمة الإنسانية في اليمن والتصدي لأنشطة إيران التي تزعزع الاستقرار في المنطقة، وأنهما سيواصلان التعاون لمواجهة الإرهاب في العالم بما في ذلك قتال داعش».
ولاحظت مصادر سعودية أن الحفاوة التي قوبل بها العاهل السعودي خلال الزيارة، «عكست حرص البيت الأبيض على إذابة الجليد مع المملكة وإعادة فتح صفحة جديدة بين البلدين»، بعد حالة التوتر والبرود التي اعترت العلاقات بينهما على خلفية توقيع الاتفاق النووي مع إيران، الذي رحبت فيه السعودية بحذر بالغ.
من جهته، أوضح سلمان أنَّ العلاقات بين البلدين «ليست نافعة لهما فحسب، بل للعالم أجمع»، داعياً الرئيس الأميركي لزيادة التعاون مع بلاده «ليس في الحقل الاقتصادي فحسب، بل السياسي والعسكري والدفاعي كذلك». وأضاف الملك من المكتب البيضاوي «إن علاقتنا تاريخية بالفعل، وتعود إلى لقاء الملك عبد العزيز بالرئيس فرانكلين روزفلت عام 1945».
وقال محللون إن وزن السعودية الإقليمي، وخصوصاً بعد حرب اليمن، سيدفع الولايات المتحدة إلى تقوية التعاون معها إلى مستويات غير معهودة، «خوفاً من زيادة رهان الرياض على روسيا وفرنسا ودول جنوب شرق آسيا».
واشنطن تبلغ الكونغرس تحضيرات لتسليم السعودية أسلحة متطورة
بعد ساعات من لقاء القمة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والملك سلمان بن عبد العزيز، أبلغت الخارجية الأميركية الكونغرس نية إدارة أوباما بيع أسلحة متطورة للرياض تصل قيمتها إلى بليون دولار، ستساعد في حرب اليمن ومواجهة «داعش».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «الصفقة العسكرية لن تكون الأكبر في تاريخ الصفقات العسكرية، لكنها تأتي في وقت تحاول فيه إدارة أوباما تقديم جميع التطمينات لدول الخليج حول الاتفاق النووي الإيراني وبأنه لن يمسّ بأمن واستقرار الخليج».
وأضافت الصحيفة أن «الصفقة لن تشمل طائرات عسكرية متطورة، من طراز إف 35»، والتي لن يتم بيعها إلا لإسرائيل. وستشمل الأسلحة التي تتوقع الإدارة موافقة الكونغرس عليها خلال فترة لا تتخطى شهراً ونصف شهر، «ذخيرة دقيقة التوجيه وأنظمة أقمار اصطناعية لتحديد الموقع من طراز «بوينغ»، كما ستشمل صواريخ لطائرات إف- 15».
وكان الكونغرس وافق الأسبوع الماضي على منح السعودية ٦٠٠ صاروخ من طراز «باتريوت- باك ٣» تصنعها شركة «لوكهيد مارتن»، كما يجري التفاوض مع الشركة حول سفن حربية.
أزمة المهاجرين تمزّق نسيج الاتحاد الأوروبي
الانقسامات الأوروبية العميقة حول التعاطي مع طوفان المهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، باتت تهدّد بتمزيق الاتحاد الأوروبي، ليس لأن تدفق مئات الآلاف منهم يهدد النسيج الاجتماعي لدوله فحسب، بل لأنه أحدث إرباكاً وتفاوتاً في السياسات، على نحو يمكن أن يقوّض العمل الجماعي في مواجهة الأزمة، ويصرف النظر عن ملفات حيوية مثل إصلاح منطقة اليورو ومعالجة ديون اليونان.
وبدا التفاوت في السياسات جلياً، في استقبال ألمانيا طوفاناً من المهاجرين بالترحيب، فيما أبدت بريطانيا على مضض، استعدادها لاستقبال مزيد منهم، في حين أظهر استطلاع في فرنسا نشرته مجلة «لو باريزيان» أن غالبية المواطنين هناك تعارض تخفيف قواعد اللجوء في البلاد.
وفي وقت تواصل توافد المهاجرين بالقطارات من هنغاريا عبر النمسا إلى ميونيخ، حيث يجري توزيعهم على ولايات ألمانية أخرى، تبنى الائتلاف الحكومي بقيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سلسلة قرارات تتضمن تقليص الإجراءات الروتينية لتسهيل إقامة أماكن لإيواء اللاجئين، وزيادة التمويل للولايات الاتحادية والبلدات وتسريع وتيرة معاملات اللجوء. وتخطط برلين للاستفادة من المهاجرين لسد نقص في اليد العاملة.
في الوقت ذاته، قال وزير المال البريطاني جورج أوزبورن (7/9)، إن حكومة بلاده ستستخدم جزءاً من الموازنة المخصصة للمساعدات الخارجية لتأمين نفقات إيواء اللاجئين الوافدين من سورية، وذلك في محاولة لتهدئة المخاوف من تأثير هذا الأمر على الخدمات العامة. يأتي ذلك بعد تراجع لندن عن رفضها استقبال مزيد من المهاجرين وإبداء استعدادها لاستقبال «آلاف أخرى» من السوريين تجاوباً مع مشاعر مواطنين تأثروا بصورة الطفل السوري الغريق على شاطئ تركي.
وفي أعقاب الصدمة الناجمة عن صور جثة الطفل السوري، وضعت السلطات الأوروبية في قمة أولوياتها محاربة «جيش من 30 ألف مهرب» تشتبه بأنهم يتاجرون بتهريب البشر.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف