استقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس، من منصبه كرئيس تنفيذي لحزب المحافظين، مشيراً إلى أنه سيبقى في منصبه حتى انتخاب بديل له، وذلك بعد سلسلة فضائح هزت حكومته وأدت إلى موجة استقالات في فريقه الحكومي.
وأعلن جونسون البالغ من العمر 58 عاماً من أمام مقره في 10 دوانينغ ستريت "واضح أن إرادة الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين أن يكون هناك زعيم جديد لهذا الحزب وبالتالي رئيس جديد للوزراء".
وسُيعلَن موعد بدء الترشح لقيادة الحزب الأسبوع المقبل، كما قال، بعد ثلاث سنوات مضطربة من الحكم، خرجت خلالها بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعانت من جائحة كوفيد وفضائح متزايدة.
وقال إنه سيبقى في منصب رئيس الوزراء حتى انتخاب بديل منه، في وقت كشف فيه أحد مساعديه أن جونسون يعتزم الاستمرار في عضوية البرلمان عندما يتنحى عن منصب رئيس الوزراء.
وبعد أن قاوم دعوات من حكومته تطالبه بالاستقالة قال إنه يشعر "بالحزن ... إزاء التنحي عن أفضل وظيفة في العالم" مبرراً تمسكه بالمنصب حتى اللحظات الأخيرة بإنجاز المهمة التي فاز بها في انتخابات عامة هيمنت عليها مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في كانون الأول 2019.
قال جونسون "لقد حاولت إقناع زملائي بأن تغيير الحكومة سيكون شيئاً غريباً عندما يأتي في وقت نقدم فيه الكثير ولدينا مثل هذا التفويض الواسع".
وأضاف "من المؤسف أنني لم أنجح في هذه المناقشات، وبالطبع من المؤلم أنني عجزت عن أن أستشف بنفسي زيف الكثير من الأفكار والمشاريع".
ولم يبد جونسون انفعالاً يُذكر أثناء حديثه، وبدلاً من ذلك سلط الضوء على سلسلة النجاحات في قضايا كثيراً ما يستشهد بها، مثل الخروج من الاتحاد الأوروبي وتوزيع لقاحات كوفيد-19.
ولم يعتذر عن الفضائح التي أنهت رئاسته للوزراء في نهاية المطاف، بدءاً من الحفلات الصاخبة في مكتبه أثناء العزل العام وصولاً لطريقة التعامل مع شكاوى الاعتداءات الجنسية في الحزب.
ولم يُبدِ جونسون الندم ليزيد الشعور بالألم بين أعضاء البرلمان من حزبه الذين أغضبهم بالفعل بإعلان نيته البقاء بدلاً من تسليم السلطة على الفور لمن يقوم بأعماله لحين اختيار خليفة.
وقال أندرو بريدجن النائب عن حزب المحافظين وأحد منتقدي جونسون "كان خطاب استقالة قصيراً وغريباً لم يرد فيه ذكر لكلمة الاستقالة أو التنحي ولو لمرة واحدة. لم يرد فيه تعبير عن الاعتذار ولا الندم".
وأضاف "لم يقدم اعتذاراً عن الأزمة التي تسببت فيها أفعاله لحكومتنا وديمقراطيتنا".
ووقف حلفاء جونسون القلائل المتبقون في حزب المحافظين إلى جانب زوجته كاري التي كانت تحمل طفلتهما رومي، أمام مقر الحكومة.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة (ذا ميرور) أن جونسون، سيقيم حفلاً كبيراً في مقر إقامته الرسمي بتشيكرز للاحتفال بزفافه من زوجته كاري في وقت لاحق من الشهر الجاري.
ونقلت الصحيفة عن مصادر رفيعة المستوى في حزب المحافظين، قولها إن أحد أسباب بقاء رئيس الوزراء هو إقامة الحفل "الفخم". وسيستمر جونسون في منصبه حتى اختيار رئيس وزراء جديد.
وتزوج جونسون من كاري (34 عاماً) في حفل سري محدود أقيم العام الماضي في كاتدرائية ويستمنستر بوسط لندن في خضم جائحة كورونا.
وقالت الصحيفة إن حفل الزفاف من المقرر أن يقام في 30 تموز ومن المتوقع أن يكون "حدثاً أكبر بكثير وأكثر بريقاً"، قبل إجراء انتخابات قيادة الحزب في الصيف، حيث سيحل الفائز مكان جونسون لدى انعقاد المؤتمر السنوي للحزب مطلع تشرين الأول، حسبما نقلت هيئة بي بي سي ووسائل إعلام أخرى.
ويبرز اسما وزير الدفاع بن والاس، وريشي سوناك الذي مهدت استقالته من منصب وزير المال الثلاثاء الطريق أمام موجة الاستقالات الأخرى، من بين الشخصيات الأوفر حظاً لخلافة جونسون بحسب استطلاع اجرته يوغوف شمل أعضاء حزب المحافظين.
واعتبرت وزيرة الخارجية ليز تراس، وهي أيضاً مرشحة محتملة، إن جونسون اتخذ "القرار الصائب". وقطعت الوزيرة زيارة إلى إندونيسيا للمشاركة في اجتماع وزاري لمجموعة العشرين.
وكتبت في تغريدة "نحن الآن بحاجة للهدوء والوحدة ومواصلة الحكم حتى إيجاد زعيم جديد".
لكن في الساعات المحمومة التي سبقت إعلان جونسون الاستقالة، قال زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر إن البلاد لم تعد قادرة على الانتظار.
وأكد ستارمر الحاجة "إلى تغيير حقيقي في الحكومة" وطالب بحجب الثقة في البرلمان، ما قد يؤدي إلى انتخابات عامة بدلا من أن "يبقى (جونسون) متشبثًا لأشهر وأشهر".
من بين تلك الشخصيات غريغ كلاك، المعارض الشرس لبريكست على عكس جونسون.
وكُلفت شاليش فارا التي لم يُسند إليها من قبل منصب حكومي، حقيبة إيرلندا الشمالية، في وقت يشتد النزاع بين الحكومة وبروكسل على خلفية قواعد التجارة لمرحلة ما بعد بريكست في تلك المنطقة الحساسة.
دولياً، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يتطلع إلى مواصلة التعاون الوثيق مع الحكومة البريطانية، وذلك بعد ما أعلن رئيس وزرائها استقالته.
وقال بايدن في بيان "بريطانيا والولايات المتحدة أقرب الأصدقاء والحلفاء، ولا تزال العلاقة الخاصة بين شعبَينا قوية وراسخة".
بينما اعتبر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي سابقاً في ملف بريكست ميشال بارنييه أن "رحيل جونسون يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع بريطانيا".
وأعرب عن أمله أن تكون هذه الصفحة "بناءة بشكل أكبر وأكثر احتراماً للالتزامات المعلنة، خصوصاً في ما يتعلق بالسلام والاستقرار في شمال إيرلندا، وأكثر ودية مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي. لأن هناك أموراً أكثر بكثير يمكن القيام بها معاً".
من جهته، أطلق الرئيس السابق لهيئة بريكست في البرلمان الأوروبي، غي فيرهوفشتاد، تغريدة جاء فيها "عهد بوريس جونسون ينتهي بشكل مُخزٍ، على غرار ما حصل مع صديقه دونالد ترامب".
وأعرب عن أمله أن يشكل تنحّي جونسون "نهاية حقبة من الشعبوية عبر الأطلسي" قائلاً إن "العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تضرّرت بشكل كبير من جراء خيار جونسون فيما يتعلق ببريكست. الأمور لا يمكن إلا أن تتحسن!".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف